رأى

«الزراعة التجديدية» ضرورة مع التغير المناخي

مقال الدكتورة «شكرية المراكشي» رئيس شركة مصر تونس للتنمية الزراعية

في أوائل الثمانينيات بدأ معهد رودال في استخدام مصطلح «الزراعة التجديدية»، وشكلت دار نشر رودال جمعية الزراعة التجديدية، التي بدأت في نشر كتب الزراعة التجديدية في عامي 1987 و1988. إلا أن المعهد توقف عن استخدام المصطلح في أواخر الثمانينيات، ولم يعد المصطلح للظهور إلا بشكل متقطع في 2005 و2008، إلى أن أصدروا ورقة بيضاء عام 2014، بعنوان «الزراعة العضوية التجديدية وتغير المناخ».

تابعونا على قناة الفلاح اليوم

تابعونا على صفحة الفلاح اليوم على فيس بوك

ذُكر في ملخص الورقة: «استطعنا حجز أكثر من 100٪ من المستويات الحالية السنوية لانبعاثات CO 2 مع التحول إلى مارسات الإدارة العضوية الشائعة وغير المكلفة، وهو ما نصطلح عليه باسم «الزراعة العضوية التجديدية». ووصفت الورقة ممارسات زراعية مثل تناوب المحاصيل، واستخدام السماد العضوي، وتقليل الحرث، وهي ممارسات تشبه أساليب الزراعة العضوية.

مؤسسة «رودال» هي مؤسسة أمريكية غير تجارية تدعم أبحاث الزراعة العضوية وتسعى إلى نشر «ثورة خضراء» مستديمة، تلبي الاحتياجات العالمية للتغذية السليمة وايضا تسعى الى الحد من انتشار المجاعات، كما أنها تحاول جاهدة لإيجاد حلول بيولوجية مستدامة لتغير المناخ.

لتحقيق هذا الهدف تؤكد مؤسسة «رودال» على اتباع الممارسات الزراعية السليمة وذلك باشتراك وتعاون الفلاحين لاستخدام تقنيات مثمرة لزيادة الأمن الغذائي على كل المستويات.

يدور عمل المؤسسة حول الحاجة إلى بدائل زراعية منتجة بدلا من المبيدات الحشرية ومبيدات الأعشاب والأسمدة والتي تعرف بثمنها الباهظ، علاوة على ذلك أثبتت العديد من الدراسات أن هذه المبيدات لها تأثيرات خطيرة وغير متوقعة على النظم البيولوجية للإنسان.

بالتعاون مع المزارعين ونخبة من العلماء الزراعيين على الصعيدين الدولي والمحلي في ولايتي بنسلفانيا وماريلند تمكن باحثو المؤسسة من تكرار التجارب في مناطق جغرافية مختلفة وإفادة المزارعين بفرص وأساليب جديدة لتحسين الإنتاج العضوي والزراعة العضوية.

الزراعة التجديدية اذن هي نهج يهدف لإعادة تأهيل الأنظمة الغذائية والزراعة والحفاظ عليها. يركز هذا النهج على تجديد التربة السطحية، وزيادة التنوع البيولوجي، وتحسين دورة المياه، وتعزيز خدمات النظام البيئي، ودعم الترابط الحيوي، وزيادة المرونة في مواجهة التغير المناخي، وتقوية صحة وحيوية التربة الزراعية.

تشمل ممارسات هذا النهج إعادة تدوير أكبر قدر ممكن من نفايات المزرعة وإضافة القليل من الأسمدة الطبيعية من مصادر خارج المزرعة.

عادة ما تقوم الزراعة التجديدية في المزارع الصغيرة والحدائق على فلسفات مثل الزراعة المعمرة، وعلم البيئة الزراعي، والتكثيف الزراعي، (دمج اشجار مع زراعة المحاصيل الموسمية) والترميم البيئي (تجديد النظم البيئية المتدهورة)، والإدارة الشاملة. فيما تميل المزارع الكبيرة إلى أن تكون أقل ارتباطاً بالفلسفة، وغالباً ما تستخدم ممارسات «عدم الحراثة » أو الحراثة بالحد الأدنى.

عند الاعتماد على الزراعة التجديدية يزداد العائد بمرور الوقت. ذلك أنه مع تعمق التربة السطحية، سيزداد الإنتاج وتقل الحاجة إلى إضافة سماد خارجي. يعتمد الإنتاج الفعلي على محتوى التربة وهيكلها والقيمة الغذائية الموجودة في مواد التسميد الطبيعية التي تحتويها التربة، وتعتمد الزراعة التجديدية على مختلف الممارسات الزراعية والبيئية، مع التركيز بشكل خاص على الحد من إزعاج التربة وممارسة التسميد الكيماوي باستخدام المعادن البحرية.

أدت الابحاث إلى ابتكارات في ممارسات عدم الحراثة، مثل القطع والنشارة (رش النشارة أو بقايا الأشجار والنباتات فوق التربة) في المناطق الاستوائية. وتغطية التربة بالنشارة هي ممارسة زراعية تجديدية تخنق الأعشاب الضارة وتضيف مغذيات إلى التربة أسفلها.

الزراعة الإصلاحية هي تقنية تعيد بناء كمية ونوعية التربة السطحية، مع استعادة التنوع البيولوجي المحلي ووظيفة الموارد المائية.

مبادئ الزراعة التجديدية

زيادة خصوبة التربة والعمل مع أنظمة كاملة (بشكل شمولي)، وليس مع أجزاء معزولة، لإجراء تغييرات على أجزاء معينة. تحسين النظم البيئية الزراعية بأكملها (التربة والمياه والتنوع البيولوجي). ربط المزرعة بالنظام البيئي الزراعي الأكبر وبمنطقتها.

تكون الممارسات فيها على سبيل المثال لا الحصر: تصميم الزراعة المستدامة وتربية الأحياء المائية مع التاكيد على الإيكولوجيا الزراعية، هذا بالاضافة الى شبكة التربة الغذائية وبالتالي الوصول الى الزراعة، المحافظة على الموارد، والزراعة دون حرث، أو الحد الأدنى من الحرث، ومحاصيل المراعي ومحاصيل التغطية ومحاصيل التغطية متعددة الأنواع، المحاصيل العضوية السنوية وتناوب المحاصيل وسماد عضوي، وشاي السماد العضوي، وروث الحيوانات والسماد الحراري والزراعة التسلسلية الطبيعية والزراعة المتعددة الأنواع والغرس المتعاقب للمزارع المتعددة وزراعة الحدود بما يناسب لتوطين الملقحات والحشرات المفيدة الأخرى والفحم الحيوي / وتربية الأحياء المائية البيئية، كل هذه الممارسات تعمل على تقليب باطن الأرض دون سطحها. ومع هذه المنظومة استغلال ثروه حيوانية متكاملة يكون الرعي فيها مدارا بشكل جيد، وشامل.

من الممارسات الحديثة: شبكات الغذاء البديلة التي تُعرّف بالقرب المكاني بين المزارعين والمستهلكين وهي الحدائق المنزلية، للتخفيف من الآثار السلبية للصدمات الغذائية العالمية وتقلبات أسعار الغذاء، وبالتالي هناك اهتمام كبير بالحدائق المنزلية كاستراتيجية لتعزيز الأمن الغذائي والتغذية للأسر وتنمية وتطوير الأفراد والمزارع والمجتمعات باستمرار وتطوير علم البيئة الزراعية باستمرار.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى