رئيس التحرير

صوب الجيش أم صوب وزارة الزراعة!!

بقلم: د.أسامة بدير

ترددت كثيرا قبل كتابة سطور هذا المقال لان الإشكالية التى سوف اطرح فيها وجهة نظرى ربما لا تروق لبعض الذين تعودوا على المدح لكل ما يقوم به من يتولى سدة الأمور فى مصر، ودائما ما يتناولوا الموضوع محل النقاش من منظور آحادى قاصر على مبادىء النفعية والانتهازية والعنصرية الشخصية، فالإشكالية بطلة مقالى لهذا الأسبوع هى الصوب الزراعية.

لقد تابعت بالأمس القريب افتتاح الرئيس عبدالفتاح السيسى لعدد 1300 صوبة زراعية فى قاعدة محمد نجيب العسكرية بـمحافظة مطروح، حقيقة الأمر كنت مسرورا للغاية بهذا الإنجاز العظيم الذى بلا شك يأتى إضافة حميدة للرقعة الزراعية والإنتاج الزراعى لمصرنا الحبيبة من أجل أن نملك غذئنا الذى يعد أحد أهم عناصر قوة بلدنا من خلال ضمان توفير الأمن الغذائى لملايين المصريين الذى يمثل بعدا وطنيا أمنيا غاية فى الأهمية.

كما أن هذا المشروع الوطنى العملاق للصوب الزراعية يأتى فى اطار استراتيجية الدولة المصرية الحديثة التى تبناها الرئيس السيسى من خلال مشروع إنشاء 100 ألف صوبة زراعية خلال السنوات القادمة، كأحد أهم طرق التعامل مع الواقع المائى الجديد لمصر المتمثل فى تبعات سد النهضة الإثيوبى والتغيرات المناخية ودخول مصر فعليا فى مرحلة الشح المائى.

يقينى، أن مشروع الصوب الزراعية وما يقوم به اللواء محمد عبدالحى رئيس الشركة الوطنية للزراعات المحمية لهو بحق جهد مقدر ويأتى فى سياق تنمية ثروة مصر الزراعية.. ولقد قابلته شخصيا ولمست منه إرادة فولاذية على تحقيق نهضة القطاع الزراعى، وطالبته بالتعاون مع علماء وباحثى مركز البحوث الزراعية، لكنه أبدى قدرا من التمهل معللا ذلك بموقف ما … لا يمكننى تناوله إعلاميا.

اسمح لى عزيزى القارىء أن اطرح بعض التساؤلات التى باتت مشروعة فى هذا التوقيت والتى كنت أتمنى من جميع المستشارين لرئيس الدولة عرضها عليه ومناقشتها معه من أجل ترتيب أولويات الوطن.

س: هل مصر تحتاج لهذا العدد من الصوب الزراعية خلال هذه الحقبة؟

س: هل السوق المحلى المصرى فى احتياج لإنتاج الصوب من محاصيل الخضروات؟

س: هل يستوعب السوق المحلى إنتاج الصوب من الخضروات دون الإضرار بإنتاج صغار المزارعين؟

س: كيف يمكن تحقيق عدالة المنافسة بين إنتاج صوب الجيش بكل ما يملك من إمكانات مالية وفنية ولوجستية وأصحاب الحيازات الصغيرة من الفلاحين؟

س: هل نحن فى احتياج لمزيد من إنتاج محاصيل الخضروات؟

الشاهد، أن الواقع يؤكد على أننا لسنا بحاجة لمزيد من إنتاج محاصيل الخضروات، ويقينى أن القطاع الزراعى يعانى من مرض مزمن منذ ثلاثة عقود تقريبا يتمثل فى قصور شديد فى إنتاح تقاوى الخضروات، ما زاد من فاتورة استيرادها من الخارج لأكثر من مليار دولار سنويا ويلقى بعبء كبير على الموازنة العامة للدولة، فى الوقت الذى تملك فيه الدولة المصرية مؤسسات عريقة فى البحث العلمى الزراعى تستطيع إنتاج هذه النوعية من التقاوى وغيرها شريطة أن تتوفر الإرادة الصادقة وتتقدم المصلحة العليا للوطن على المصالح الشخصية، فضلا عن توافر الإمكانيات اللازمة للقيام بالبحوث العلمية التى حتما ستحقق طفرة كبيرة فى إنتاج تقاوى الخضروات اللازمة للإنتاج المحلى والتصدير.

لقد أكدت مرارا وتكرارا على أهمية دور وزارة الزراعة ومركزيها البحثيين المنوط لهما تحقيق النهضة الزراعية الكبرى وسد الفجوة الغذائية فى بعض المحاصيل الأكثر استهلاكا مثل محاصيل الزيوت والبقوليات والأعلاف، فضلا عن الإنتاج الحيوانى والداجنى والسمكى وتصدير فائض السوق المحلى لإنعاش الاقتصاد الوطنى بالعملة الصعبة.

يبدو لى أن صانع ومتخذ القرار أدرك بما لا يدع مجال للشك، أنه لا أمل فى وزارة الزراعة ومؤسساتها البحثية لتحقيق نهضة القطاع الزراعى، فأسند المسؤولية لرجال الجيش للمشاركة فى الإنتاج الزراعى، ورغم أننى فى هذا المقام وفى تلك المرحلة الصعبة التى يمر بها الوطن قد اتفق مع هذا التوجه، إلا أننى بالعموم لا أفضل أن يقوم رجالنا البواسل من جيشنا العظيم بمثل هذه المهام، فـالزراعة لها وزارة مستقلة ولديها باحثيها وعلمائها القادرين على انتشال القطاع الزراعى بأكلمه من كبوته فى غضون سنوات قليلة حال تذليل كافة المعوقات أمام مؤسسات البحث العلمى الزراعى فى إطار من الشفافية وعناصر الحكم الرشيد.

وأخيرا، أتوجه بتحية إجلال وتقدير لكل الشرفاء فى جيشنا العظيم ممن ساهموا فى إنشاء هذا العدد الكبير من الصوب الزراعية لتحقيق طموحات وآمال أفراد المجتمع فى العيش الكريم، وأتمنى لـوزارة الزراعة ومؤسساتها أن يكون لهم دور مؤثر فى المرحلة القادمة حتى لا نلقى بكل هموم الوطن على المؤسسة العسكرية للقيام بها.

للتواصل مع الكاتب

[email protected]

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. الاخ الكريم والأستاذ الكبير دكتور اسامه
    قراءت مقالكم الجذاب والمشوق اسلوبا وطريقة العرض للموضوع أكثر من راءعه
    ولكن مع احترامى الشديد وتقديرى للمجهود العظيم الذى قام به رجال القوات المسلحه ولكن أعتقد أن هذا الموضوع تنقصه الدراسه هل سأل الذين قاموا على إنشاء الصوب هل المناخ فى مصر يصلح معه هذا الأسلوب فى الزراعه ؟ حيث إنما نعانى فى معظم اوقات العام من الحراره والرطوبة المرتفعه إنتى عملت فى أول حياتى العمليه فى موقع الدقى مع الدكتور أيمن ابو حديد وكنا كل يوم نرش مبيدات فطريه صيفا وشتاء هناك أكثر من أسلوب زراعه يصلح فى مصر غير الصوب كما أن الصوب فى مصر تستهلك كميه كبيره من البلاستيك نظرا أقصر عمره فى مصر عن الدول التى تعانى من قصر فترة سطوع الشمس وأبنى تطول فيها فصل الشتاء وتتعرض لفترة صقيع كما يؤثر على النبات المنزرعه
    كما قلت فى مقالكم الشيق والممتع فى نفس الوقت لوتم الإستثمار فى مجال إنتاج تقاوى الخضر والمحاصبل لكان العائد افضل للمواطن بدل من استنزاف المليارات فى إستيراد التقاوى سنويا واحيانا تأتى تقاوى بها أمراض
    سيدى إن إهمال دور علماء مركز البحوث الزراعيه وعدم التنسيق معهم لأننا أكثر خبره وده لا يقلل من رجال القوات المسلحه لأننا افنينا عمرنا فى هذا المجال ربما يوجد بيننا بعض المعوقين والذين يجدون الظهور على حساب العلماء الحقيقيون وهذا نتيجة لان المدعين لهم من يحمبهم اما العلماء المخلصون ليس لهم حظ فى هذا البلد

  2. لو أسندت مهمة انتاج البذور للقوات المسلحة سيستفيد منها جميع المزارعين ويكثر الإنتاج
    وزارة الزراعة لم تكن مقصرة ولكن الفرق بينها وبين القوات المسلحة هى الإمكانات فقط
    بمعنى نصف الإمكانات التى يتمتع بها الجيش. تستطيع وزارة الزراعة أن تفعل به أضعاف ما ينتجه الجيش
    وزارة الزراعة تمتلك الخبره ولا تمتلك الإمكانات
    الجيش لايمتلك الخبره ولكنه يمتلك كل شيئ
    مع تقديري وكامل احترامى للمؤسسة العسكريه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى