تحقيقات

معركة مُسلحة بين أهالى 12 قرية فى البحيرة بسبب «العطش»

أرشيفية

كتب: أحمد حنفى فى ظل تجاهل المسئولين لشكاواهم منذ شهور، أجبر غضبهم مهندسى شركة المياه على الانصياع لرغبتهم فى توصيل خط جديد للمياه لقراهم المحرومة فى محافظة البحيرة، إلا أن الأهالى اعترضوا خوفاً من تأثير الوصلة على حصتهم فى المياه لتنشب معركة كبرى بين سكان 12 قرية فى المحافظة، لتجسد نموذجاً صغيراً لحرب المياه المستقبلية التى تنبأ بها المختصون فى هذا الشأن.

9 قرى تابعة لمركز كفر الدوار فى البحيرة حُرمت من مياه الشرب، ما دفع سكانها إلى محاولة الحصول على حقهم بالقوة بعد أن بحت أصواتهم من الاستغاثات، ولم يكن هناك حل سوى تركيب وصلة جديدة من الخط الرئيس الواصل إلى مركز أبوحمص، ليعترض سكان المركز على تلك الخطوة وتنشب مشاجرة كبرى بين سكان المركزين من أهالى 12 قرية سقط خلالها مصابون وجرحى، وسط عجز قوات الأمن عن احتواء الموقف وفرض سيطرتها، لتنفيذ أعمال توصيل الخط الجديد، وعقب الواقعة تقدم الأهالى بمذكرة لرئيس شركة مياه الشرب ومحافظ البحيرة، يطالبون فيها بسرعة التدخل وإنهاء الأزمة القائمة بين أهالى المركزين.

أكثر من 20 ألف نسمة يقطنون فى قرى «سمون، الـ90 الكبرى، الـ90 الصغرى، سلومة، عزبة أبوسعيد، الحفناوى، شركة عواد، الشوكة، اللقانية»، التابعة لمركز كفر الدوار بـالبحيرة، جميعهم يعانون من انقطاع مياه الشرب منذ أكثر من 5 سنوات، عكفوا خلالها على طرق جميع أبواب المسئولين بالمحافظة، إلى أن توصل متخذو القرار لحل يسهم فى الحد من الأزمة بعد تفاقمها، وقرروا توسيع خط المواسير المغذى لتلك القرى، عن طريق سحب خط مياه جديد من الماسورة الرئيسية المغذية لقرى مركز أبوحمص، وظن الأهالى أن انفراجة ستحدث بعد عملية التجديد، وباتوا يحلمون بكوب مياه نظيف يُغنيهم عن قطع مسافات طويلة لشراء «جركن مياه»، إلا أن الفرحة لم تكتمل بعدما خرج عليهم سكان قرى أبوحمص معترضين، على الرغم من وجود قرار رسمى بتنفيذ المشروع، وأمام الطلب والرفض حدثت مشاجرة بين الطرفين السبت الماضى، أصيب خلالها 12 شخصاً من سكان 12 قرية، وما زالت الأزمة قائمة بين القرى المحرومة والرافضة لتوصيل المياه.

مبروك طاهر رمضان، نقيب الفلاحين بمركز كفر الدوار، أكد أن بداية الأزمة منذ 10 سنوات تقريباً، بعدما انخفض ضخ المياه داخل المواسير بشكل ملحوظ، ليفقد الأهالى مصدر المياه خلال فترة النهار: «كنا نحصل عليها طوال الليل بوفرة، وعشنا سنوات طويلة لم نشتك إلى أى مسئول وحمدنا ربنا على هذا، إلا أنه قبل 5 سنوات من الآن انقطعت المياه نهائياً عن القرى المذكورة، خاصة بعد اتساع الرقعة السكنية بالقرى فى أعقاب ثورة يناير، ولأننا آخر القرى الموجودة فى مركز كفر الدوار، وعلى حدود مركز أبوحمص، لم تصل إلينا المياه نهائياً، علماً بأن محطة إنتاج المياه المغذية لتلك القرى تبعد عنا 6 كيلومترات فقط، ويطلق على المواسير المغذية لنا خط الطوارئ للقرى المحرومة، سواء فى مركز كفر الدوار أو أبوحمص».

وأضاف أن الأهالى قضوا سنوات عديدة يشتكون مر الشكوى دون جدوى، إلى أن استجاب المسئولون بشركة مياه الشرب، وقرروا تركيب ماسورة 8 بوصة بدلاً من 6 بوصة، على أن تتم عملية ربط الخط بالخط المغذى لقرى أبوحمص، وهو ما رفضه أهالى أبوحمص خوفاً من تأثر حصتهم، وبعد اعتماد قرار تنفيذ الربط اعترض الأهالى ونشبت مشاجرة بين الطرفين، وأصيب خلالها 12 شخصاً ليستمر الوضع على ما هو عليه.

وأوضح عبدالله حبيب، مهندس، أن رحلة المعاناة تبدأ من الساعة السابعة صباحاً، حينما يضطر النساء والأطفال وأحياناً الرجال، إلى هجرة أعمالهم ودراستهم وواجباتهم اليومية، للذهاب إلى القرى التى تبعد أكثر من 5 كيلومترات للحصول على «جركن» مياه، مستخدمين العربات الكارو التى اشتروها خصيصاً لهذا الغرض، وهناك أُسر لا تمتلك أرضاً زراعية ويشترون العربة الكارو للمياه فقط: «أحد سكان القرية باع ذهب زوجة نجله بمبلغ 3 آلاف جنيه لشراء عربة كارو، لنقل وجلب المياه من القرى المجاورة، وهو حالة من آلاف الحالات التى يضطرها العطش إلى التضحية بقوت يومها، وعلى الجانب الآخر يشترى العديد من الأهالى جركن المياه الواحد بنحو 30 جنيهاً، وهو مبلغ كبير بالنسبة لسكان القرى الذين لا يمتهنون أى مهنة سوى الزراعة.. إحنا مش عايشين فى بلد يحكمها قانون وضوابط، إحنا عايشين فى فوضى كبيرة سواء من الأهالى أو المسئولين، وده اكتشفناه بعد أزمتنا التى تخلى المسئولون عنها، وتركوا سكان القرى تضرب فى بعض من غير تدخل أو حساب».

صبرى أبوعرب، رئيس الوحدة المحلية لمجلس قرية زهرة، قال: «لا يوجد مانع لدى المسئولين لتوصيل المياه للقرى المحرومة، وقدمنا الدعم الكامل لمهندسى شركة مياه الشرب والصرف الصحى، لتمكينهم من تنفيذ ربط الخط المغذى للقرى من خط مياه أبوحمص، وتكلفت أعمال التنفيذ بالمشروع حوالى 3 ملايين جنيه على نفقة الدولة، إلا أن الخطوة الأخيرة التى اعترض عليها أهالى أبوحمص، تهدد تنفيذ المشروع وتهدر الأموال التى تم إنفاقها، وخاطبنا شركة مياه الشرب لاتخاذ تدابيرها مع الجهات الأمنية، لتمكين المهندسين من تنفيذ عملية الربط لإنهاء أزمة 9 قرى تابعة لكفر الدوار».

وعلى الجانب الآخر، اعترض أهالى «بلقطر الغربية» والقرى المجاورة لها، على وصفهم بالبلطجية، حيث قال طاهر عيسى، مزارع: «إحنا بندافع عن حقنا فى مياه الشرب، ومش عاوزين نتبهدل زى قرى كفر الدوار المحرومة من المياه، لأن فيه ناس فى البلد أخبرونا إن المياه ستنقطع فور تنفيذ مشروع الربط بين المركزين، وإحنا مش مستعدين نجازف بحاجة مهمة زى المياه، وبالنسبة للمشاجرة التى نشبت بين أهالى القرى المحرومة وبينا، إحنا كنا بندافع عن مبدأ، ومش عاوزين الأمر يتصاعد أكثر من كده».

ومن جانبها، أكدت المهندسة نادية عبده، محافظ البحيرة، أن الأزمة تنحصر بين الأهالى، وتسعى الجهات التنفيذية إلى تحقيق ما يسعى إليه سكان القرى المحرومة، وطلبنا منهم أكثر من مرة التوافق فيما بينهم، إلا أن أحد الأطراف رفض الأمر تماماً، ونحن نرفض التدخل الأمنى بقوة حتى الآن، لما يتسم به الأمر من خطورة على المواطنين، وهناك مساعٍ من أعضاء مجلس النواب لاحتواء الأزمة، والسعى لإنهاء الخلاف القائم بين أهالى المركزين، وأشارت إلى أنها طلبت من الأهالى تفويض كبار العائلات من الجانبين، والاجتماع بهم فى مبنى ديوان محافظة البحيرة، لبحث سُبل حل الأزمة القائمة، وجارٍ التنسيق مع كبار العائلات لتنفيذ هذا الأمر، والإعلان عما سيسفر عنه الاجتماع.

وتضمنت مذكرة مقدمة لرئيس نيابة أبوحمص، بـالبحيرة، على خلفية أحداث الشغب التى حدثت بين أهالى 12 قرية بالمركزين من قبل المفوض من الجمعية التعاونية الإنتاجية للإنشاء والرصف والمرافق، يشكو فيها 12 شخصاً من أهالى قرية «بلقطر الغربية» والقرى المحيطة بها من تعطيل أمر شغل رقم 17 لإحلال وتجديد خط مياه مناطق ساخنة، بريف كفر الدوار منطقة (ج)، لافتاً إلى أن المقصود بالمناطق الساخنة، هى المناطق الأكثر تضرراً من انقطاع المياه، مضيفاً أنه والفريق المرافق له فوجئوا بالمشكو فى حقهم يعترضون اللجنة المشكلة لتنفيذ هذا الأمر، وذلك دون وجه حق، واستخدموا القوة فى تنفيذ هجماتهم على أعضاء اللجنة بالسلاح الأبيض، وكذا إطلاق أعيرة نارية من سلاح خرطوش فى الهواء، ما أرهب اللجنة وبث فى نفوسهم الخوف، وتابع فى مذكرته: «لم نستطع استكمال المأمورية المكلفين بها، خاصة بعد اعتدائهم على محمد سعيد عوض نعيم، الموظف المسئول عن التنفيذ، ما يمثل جريمة فى حق الموظف يعاقب عليها القانون، وقاموا بـالبلطجة واستعراض القوة بالسلاح والعصى».

من جانبه روى سالم الصاوى، شاهد عيان، مشاهد الاعتداء على اللجنة المنفذة للمشروع، قائلاً: «خرجنا مع اللجنة المنفذة لمشروع الربط بين خطى المياه، لحل أزمة انقطاع مياه الشرب لدينا، إلا أن أهالى بلقطر وآخرين قاموا باعتراضنا ومهاجمة أعضاء اللجنة، ولقرب المسافة بين قرى كفر الدوار وأبوحمص، أسرعنا بإنقاذ المهندسين وخبأناهم فى منازلنا، خشية الفتك بهم من قبل الطرف الآخر، ولم يراع المعتدون أى حقوق للموظف الحكومى، أو الأهالى الذين يريدون كوب مياه نظيفاً».

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى