تحقيقات

إنذار لمن يهمه الأمر.. ارتفاع أسعار الأسمدة الكيماوية سيقضي علي الزراعة المصرية

مزارع ينثر السماد على زراعته

كتبت: هند محمد تواصل الحكومة ضغطها على المزارع باستمرار من خلال زيادة أسعار مستلزمات الإنتاج الزراعى بشكل يكاد يكون كل شهرين أو ثلاثة، فبينما يستعد المزارع لموسم شتوى جديد، إذا بالحكومة ترفع أسعار الأسمدة الكيماوية للمرة الثالثة فى أقل من عام بمقدار مائتى جنيه للطن.

خبراء الزراعة يقولون أنها زيادة غير مبررة، وتضرر بالمزارع والإنتاج الزراعى، وأن الدولة استجابت للأصوات العالية لشركات إنتاج الأسمدة على حساب الطرف الأضعف فى المعادلة هو المزارع.

بينما يذكر آخرون، أن الزيادة طفيفة، مقارنة بإجمالى التكاليف، وأن الدولة وقفت بجوار المزارع ضد الشركات المنتجة للأسمدة، التى كانت تطالب بأضعاف هذه الزيادة.

الفلاح اليوم” يرصد رأى الخبراء والمهتمين بإشكالية رفع أسعار الأسمدة الكيماوية، وتأثيرها على زراعة المحاصيل الشتوية.

“بدأت لجنة الأسمدة، التابعة لوزارة الزراعة، بتطبيق قرار الحكومة برفع أسعار الأسمدة بواقع 200 جنيه للطن، طبقاً لتوصية اللجنة العليا للأسمدة التى تشارك فيها الوزارة، والمصانع المنتجة، والجهات المعنية، ويقضى القرار برفع سعر أسمدة اليوريا من 2959.6 جنيه إلى 3200، وأسمدة النترات إلى 3100 جنيه للطن”.

الفلاح لا يجنى من زرعته إلا طبخته

فى البداية يرى أحمد منسى، رئيس جمعية المحاصيل الحقلية بالإسماعيلية وعضو الاتحاد الزراعى المركزى وأمين الفلاحين الأسبق، أن الزيادة الأخيرة فى أسعار الأسمدة غير مبررة حيثُ سبقها زيادة أخرى فى بداية الموسم الصيفى الماضى، لافتاً إلى أن أسعار الحاصلات الزراعية الشتوية لم يطرأ عليها أى زيادة فى حين أن جميع مدخلات الانتاج الزراعى ارتفعت، وهذا سيؤثر على الفلاح الذى أصبح غير قادر على تحمل أى أعباء إضافية ويتسبب ذلك فى بوار الأرض الزراعية.

وطالب الحكومة بزيادة أسعار توريد الحاصلات الزراعية وخاصة القمح والإعلان عنها حفاظاً على الفلاح والزراعة المصرية.

بينما أكد عادل جودة، نقيب الفلاحين بالمنوفية، أن ارتفاع أسعار الأسمدة سيقضى على الزراعة فى مصر، مضيفاً أن الجمعيات الزراعية لا توفر الاحتياجات الفعلية للمزارعين من الأسمدة، مما يضطرهم إلى اللجوء لشرائها من التجار بأسعار أعلى من السعر الرسمى حفاظاً على زراعاتهم من التلف ما يكبدهم خسائر فادحة فى النهاية، مضيفاً كما أن بعض الجمعيات الزراعية فى القرى البعيدة مثل: قريتى منشية السادات وكفر حجازى بمحافظة المنوفية تقوم بتسليم الأسمدة للفلاحين بالصفيحة، وهذا يعنى أن الشيكارة تقسم على من أكثر من مزارع.

وتابع: وتتجاوز تكلفة الفدان الواحد من الأسمدة فى زراعة المحاصيل الشتوية الألف جنيه، هذا فضلاً عن تكلفة الرى بـالمياه الجوفية والتى تقدر بـ15 جنيهاً فى الساعة، حيثُ يستغرق رى الفدان نحو 6 ساعات في اليوم، وبذلك تبلغ تكلفة المياه للفدان الواحد فى الزراعة الشتوية نحو 600 جنيه، بالإضافة إلى تكلفة تأجير ماكينة الرى والتى تقدر بـ150 جنيهاً فى اليوم وتكلفة العمالة والتى تقدر بنحو 150 جنيهاً للعامل الواحد فى اليوم.

وأكد جودة أن الفلاح أصبح معدماً حيثُ إن العائد من الزراعة لا يغطى تكاليف إنتاجه، قائلاً: الفلاح أصبح لا يجنى من زرعته إلا طبخته.

توقعات بأزمة قريبة فى الأسمدة

أما فى الوجه القبلى فيقول عادل الشريف، نقيب الفلاحين بسوهاج، أن زيادة سعر الأسمدة يمثل عبئاً كبيراً على المزارعين، وخاصة أصحاب الحيازات الصغيرة، حيثُ إنه لا زيادة فى أسعار المنتج النهائى برغم زيادة تكاليف الإنتاج، وذلك لأن الزيادة تذهب إلى التجار الذين يستغلون ظروف الفلاح الصعبة ويحصلون على المحصول منه بسعر زهيد.

وأوضح الشريف، أن القمح يعتبر هو المحصول الشتوى الرئيسى فى الصعيد، حيثُ إنه يزرع الخضروات فى نطاق ضيق، مطالباً بزيادة سعر الأردب من 580 – 780 جنيهاً، وكذلك قصب السكر الذى يعد محصولاً شتوياً وصيفياً فى آن واحد لأنه يمكث 5 سنوات فى الأرض.

وأشار محمد أبو عرب، نقيب الفلاحين بكفر الشيخ، أن الفلاح محاصر حالياً من الارتفاع المستمر فى أسعار جميع مستلزمات الإنتاج الزراعى وليست الأسمدة فحسب، وأنه أصبح يعانى من ارتفاع تكاليف الإنتاج مما يهدد استمراره فى الإنتاج، فالمزارعون لا يستطيعون زراعة القمح حالياً بعد وصول سعر شيكارة الأسمدة الرسمى بـالجمعيات الزراعية إلى 250 جنيهاً، فضلاً عن أن معظم المزارعين لا يملكون حيازة زراعية مما يضطرهم إلى شرائها من السوق السوداء، كاشفاً أن التجار يتعمدون تعطيش السوق بعد أى زيادة فى أسعار الأسمدة.

ولفت أبو عرب إلى أن الزيادة فى أسعار الأسمدة لاتقابلها زيادة فى أسعار توريد الحاصلات الزراعية، حيثُ لم يتم الإعلان عن أى زيادة فى أسعار توريد القمح حتى الآن، وهذا يهدد إنتاج رغيف الخبز الذى يمثل قوت الشعب الضرورى.

وشدد النائب رائف تمراز، وكيل لجنة الزراعة والرى بمجلس النواب، على ضرورة أن تواكب ارتفاع أسعار الأسمدة زيادة فى أسعار الحاصلات الزراعية بما يحقق هامش ربح مناسباً للفلاح، وذلك لتحقيق عدالة اجتماعية وتوفير حياة كريمة للفلاح حتى يستطيع الاستمرار فى الإنتاج والحفاظ على الأرض الزراعية وعدم التوجه إلى تبويرها أو البناء عليها.

وتنبأ تمراز، بحدوث أزمة قريبة فى الأسمدة خلال الموسم الشتوى القادم نتيجة لتصدير مصانع الأسمدة لمعظم إنتاجها الآن بحجة أن الجمعيات الزراعية ليس لديها أماكن لتخزين المنتج، مناشداً وزارة الزراعة اليقظه لذلك، حيثُ إن الفلاح فى أشد الحاجة الآن إلى يد العون والمساعدة لكى يستمر فى الإنتاج.

شركات الأسمدة تتلاعب بالحكومة

كشف الدكتور نادر نور الدين، الأستاذ بكلية الزراعة جامعة القاهرة، أن شركات الأسمدة توجه معظم إنتاجها للتصدير الآن ما ينذر بحدوث أزمة فى الزراعة الشتوية، ويجب على الدولة وقف التصدير لحين توفير احتياجات السوق المصرية وتصدير الفائض فقط، وصدور قرار وزارى بحظر تصدير الأسمدة ومنتجاتها الوسطية أيضاً لأن الشركات تتغلب على تنفيذ القرار الوزارى بمنع تصدير الأسمدة أو الالتزام بنسب التصدير المقررة، بتصدير المنتجات الوسيطة لإنتاج السماد (اليوريا والنترات) مثل الأمونيا السائلة والتى زادت صادراتها منها إلى 200% عن العام الماضى لأنه لا يوجد عليها حظر.

ونوه نور الدين، إلى أن زيادة معدلات تصدير الأسمدة للخارج بسبب انخفاض الجنيه مقابل الدولار، أصبحت أسعار الأسمدة المصرية منافسة فى السوق العالمية، لذا يجب على الدولة أن تلزم شركات الأسمدة بالكميات المخصصة للتصدير فقط، حفاظاً على احتياجات السوق المحلية من الأسمدة التى تحتاجها الزراعة لإنتاج الغذاء فى مصر.

وتابع: أن قلة المعروض من الأسمدة جاء من الشركات بهدف الضغط على الدولة للموافقة على زيادة أسعار الأسمدة بعد زيادة أسعار الطاقة، لافتا إلى أن الفترة القادمة سوف تشهد ضخ كميات كبيرة من الأسمدة فى الأسواق بعد موافقة الحكومة على الزيادة.

وقلل من أثر ارتفاع أسعار الأسمدة على المحاصيل الشتوية، فالزيادة قليلة جداً وكانت أقل من المتوقع لأن شركات الأسمدة طلبت زيادة ما بين 30 – 40% والزيادة تمت بمبلغ بسيط من 200 : 240 للطن، معتقداً أن هذا يُعد نجاحاً للدولة حيثُ استطاعت تقليص طموحات شركات الأسمدة التى كانت تصر على أن تصل الزيادة إلى أكثر من 30%، ولكن الدولة قامت بتقنين الزيادة  إلى 5 : 7 % فقط، لافتاً إلى أن هذه الزيادة لن تؤثر كثيراً على تكاليف الزراعة ومدخلاتها؛ لأن الفلاح عادةً يضيف عند زراعة الخضروات والفاكهة وأغلب المحاصيل ما بين 4 : 6 شكائر أسمدة فقط للفدان، وهذا يعنى أن الزيادة تتراوح ما بين 80 : 100 جنيه فقط من إجمالى تكاليف الزراعة للفدان، مشيراً حيثُ إن إجمالى تكاليف الإنتاج للفدان الواحد لا تقل عن 6000 جنيه والأسمدة لا تمثل أكثر من 5% منها، حيثُ إن الجزء الأكبر منها يعود إلى إيجار الأرض الزراعية الذى يصل إلى 5 آلاف جنيه للفدان فى السنة، وبالتالى فإن زيادة 200 جنيه فى سعر طن الأسمدة يعادل 200 جنيه فقط إضافة فى تكاليف الإنتاج، وهذا يعتبر أقل التكاليف التى يتحملها الفلاح بعد زيادة أسعار السولار وتكاليف الرى والكهرباء والتقاوى والمبيدات والتعبئة والنقل وماكينات الحصاد وغيرها.

وأكد نور الدين، على أن هذه الزيادة الطفيفة فى أسعار الأسمدة ليس لها أى تأثير على أسعار المنتج الزراعى سواء خضروات أو فاكهة ولا تسبب أى معاناة للفلاحين.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى