رئيس التحرير

كلام مع وزير الزراعة!  

بقلم: د.أسامة بدير

فى سابقة ربما تعد الأولى من نوعها بـوزارة الزراعة، قام الدكتور عز الدين أبوستيت، وزير الزراعة واستصلاح الأراضى، باتصال هاتفى بالدكتور حسن محمود حسن – الطبيب البيطري – بوحدة زاوية الدراسة بمركز الفيوم للاطمئنان على صحته بعد تعرضه للإصابة أثناء مشاركته في الحملة القومية للتحصين ضد مرض الحمى القلاعية.

وكلف “أبوستيت”، رئيس الهيئة العامة للخدمات البيطرية، ومدير مديرية الطب البيطري بـالفيوم زيارة الطبيب المريض في المستشفى للإطمئنان عليه ومتابعة حالته الصحية.

يقينى، أن هذه المبادرة الحميدة والمشكورة من وزير الزراعة تضاف إلى رصيده الإنسانى، الذى طالما ناديت به كثيرا ليكون سلوك دائم لأعلى سلطة بـوزارة الزراعة فى جميع المواقف التى تواجه العاملين بالوزارة سواء كانوا باحثين أو إداريين.

لقد ضرب لنا وزير الزراعة بهذا العمل الإنسانى نموذج للقيادة الواعية التى تتابع أناس يضحون بحياتهم فى سبيل المحافظة على الأمن الغذائى لهذا الوطن، بل وغرس وتعميق روح الانتماء التى باتت مهددة بالاختفاء من المجتمع، بسبب تصرفات غير مسئولة من عصبة من قيادات وزارة الزراعة.

الشاهد، أننى أثمن لوزير الزراعة هذا السلوك الطيب الذى يدل على سلامة ومتانة تنشئته الاجتماعية، وعلاقاته وبنيته الجيواجتماعية التى ترتبط حتما ارتباط وثيق بالنسق القيمى للقرية المصرية ومفرادته الراسخة فى ظل عراقة أصوله العائلية.

وأنا هنا لست بصدد تقديم وصلة مدح قُربة لوزير الزراعة، طمعا فى منصب أو غنيمة أو رغبة فى تحقيق مطلب شخصي، فالأمر كله لا يعنينى، إنما فقط عهدت قلمى الحر دائما، وضميرى الإنسانى أن يكتب ما يستقر فى قناعتى على أنه الصواب، وما دمت أتحدث عن مواطن الخطأ فالموضوعية تقتضى تسليط الضوء على المواقف التى تستحق، وتثمن اجتماعيا فى عالمنا الإنسانى، فالمواقف النبيلة دائما ما تكون حاكمة فى بدائل الاختيار بين القيادات.

ورغم ما قلته عن هذا السلوك النموذجى الذى قام به “أبوستيت” فى هذه الواقعة، علما بأنه حق أصيل للمرؤسين، وليس منة من أحد، إنما هو واجب لكل قيادة إذا ما رغبت فى تحقيق معدلات أكبر للأداء، فإن الأمر يتطلب من وزير الزراعة أن يتعامل بنفس هذا السلوك المقدر فى جميع المواقف الإنسانية.

فمثلا، كنت أتوقع من وزير الزراعة أن يقدم واجب العزاء شخصيا لزوجة شهيد البحث العلمى الزراعى الدكتور أحمد إبراهيم السيد، الباحث بـمعهد الأراضى والمياه والبيئة، الذى وافته المنية صباح الأربعاء 9 يناير 2019، بعد صراع مرير مع المرض نهش بنيانه الجسدى وحوله إلى هيكل عظمى.

لكن شيئا من هذا لم يحدث، وربما يكون السؤال المطروح: لماذا لم يتصرف “أبوستيت” بنفس نهج تصرفه فى الحالة التى أشارنا إليها فى بداية سطور هذا المقال، رغم أن المصاب جلل والوضع أكثر صعوبة، وكان يتطلب لمسة وفاء من أعلى قيادة بالوزارة، خاصة إذا علمنا أن الدكتور أحمد إبراهيم السيد، توفى إثر إصابته بعدوة بكتيرية جأت نتيجة عمله فى بحث خاص بعزل سلالة من أنواع البكتريا الموجودة فى التربة التى يمكن استخدامها كأحد أنواع المكافحة الحيوية لأعداء النباتات بديلا للمبيدات التى تضر بصحة ملايين المصريين.

وأخيرا، أتتطلع من الإنسان قبل الوزير “أبوستيت” أن يراعى مستقبلا التعامل مع مثل هذه المواقف الاجتماعية الصعبة، التى تواجه جميع العاملين بالوزارة بشكل أكثر إنصاف وعدالة، حتى لا يكون هناك أدنى تفسير للقيل والقال، وأن تكون الشفافية هى عنوان إنسانيته من غير عنصرية أو تمييز بين جميع العاملين تحت قيادته.

للتواصل مع الكاتب

[email protected]

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى