صحة

زيوت الأسماك وفوائدها

إعداد: د.هدى حسين عمارة

باحث بقسم قسم بحوث تكنولوجيا اللحوم والأسماك بمعهد بحوث تكنولوجيا الأغذية – مركز البحوث الزراعية

تمتاز الأسماك بأنها مصدر للبروتين الحيوانى الغنى بالأحماض الدهنية غير المشبعة وبصفة أساسية نوع الأوميجا-3 وكذلك الأحماض الأمينية الأساسية، ولهذا يعتبرها كثير من علماء التغذية البديل الرخيص لـ”اللحوم”، بالإضافة إلى بساطة طرق إعدادها فإنها تمتاز بأن بروتيناتها من أسهل البروتينات هضما وبصفة خاصة الأسماك الفقيرة فى الدهن (ذات اللحم الأبيض) لانخفاض المحتوى من الأنسجة الضامة ولقصر طول الألياف الداخلة فى تركيب العضلات.

تابعونا على قناة الفلاح اليوم

تابعونا على صفحة الفلاح اليوم على فيس بوك

تختلف الأسماك من ناحية التركيب الكيماوي وفقا للعديد من العوامل منها النوع  والعمر والجنس وموسم الصيد ودرجة حراره المياه وطبيعة التغذية ويعتبر المحتوي الدهني هو أكثر مكون يتأثر بهذه العوامل ولذلك يعتبرهو الاساس لتصنيف الاسماك، حيث أن الاختلاف في كمية البروتين بين الأنواع المختلفة ضعيف سواء أسماك مياه عذبة  أو أسماك مياه مالحة.

تصنف الأسماك وفقا لمحتواها من الدهن إلى أسماك فقيرة فى الدهن (أقل من 2,5%) مثل أسماك البلطى والمبروك (مياة عذبة) وأسماك الدنيس والقاروص (مياة مالحة) / أسماك متوسطة الدهن (أقل من 6%) مثل أسماك البياض والمرجان / وأسماك دهنية (أعلى من 6% وأقل من 25%) مثل السردين والتونة والماكريل والهارنج ويتركز الدهن فى الأسماك الفقيرة فى الدهن فى التجويف البطنى والكبد بينما يخزن فى خلايا دهنية تتوزع فى الأنسجة المختلفة فى الأسماك الدهنية.

نعلم جميعا أن الدهون هى مصدر الطاقة الأساسى إلا أنها مصدر لعديد من المغذيات كالفيتامينات الذائبة فى الدهن مثل: “فيتامين أ” و”فيتامين د” و”فيتامين ك”، وكذلك العديد من الصبغات الذائبة فى الدهن مثل صبغة الكاروتينات وأيضا مصدر للمركبات الحيوية ذات النشاط البيولوجي التي تدخل في تركيب وصيانة انظمة الاغشية  الخلوية وتحت الخلوية وتركيب الهرمونات الاسترودية.

تعتبر الدهون من المكونات الهامة والحرجة للمتابعة فى المنتجات اثناء الإنتاج والتخزين والتسويق وهى المكون الرئيسى المسؤول عن إكساب الطعم المميز والمرغوب لمعظم المنتجات حيث أن أفضل أنواع الأسماك للتصنيع ( مملح – مخلل – مدخن – معلب) هى الأسماك الدهنية بينما الأسماك الفقيرة فى الدهن يمكن تجفيفها أو تدخل فى تصنيع (البرجر- اللانشون – السجق).

يمكن استخلاص زيت السمك بطرق عديدة سواء كان الاستخلاص علي الساخن باستخدام الحرارة كما في طريقة سوكسلت وذلك من خلال استخدام مذيبات عضوية مثل الهكسان أو الايثير البترولي والمستخلص الناتج يعرف بالمستخلص الإثيري والذي يتضمن الجزء القابل للذوبان في المذيب العضوي مثل الدهن الخام والاستيرولات وبعض الصبغات وكذلك free fatty acid, cholesterol esters وهذه الطريقة تقليدية وتستغرق وقت طويل حوالي من 6-18 ساعة وتستهلك كمية كبيرة من المذيبات، وتشترط أن تكون العينات جافة وتم تقدير الرطوبة بها.

يوجد العديد من طرق الاستخلاص للدهن علي البارد ومن أشهرها طريقة (Folch,Bligh and Dyer ,and Matyash)، وتعتبر طريقة فولش أفضلهم في حالة أرتفاع المحتوي الدهني أكثر من 2% وتمتاز طريقة ماتياش عن كلا الطريقتين بأن المذيب المستخدم وهو Methyl tert butyl ether (MTBE) أقل كثافة وتتواجد به الدهون المستخلصة ويمثل الطبقة العلوية السهلة الفصل.

بينما الطرق الاخري يمثل المذيب والدهن الطبقة السفلية الاكثر كثافة ولهذا يفقد جزء منها الملاصق للوسط المائي  ونجاح عملية الاستخلاص يعتمد أختيار المذيب المناسب، حيث أن المذيبات القضبية تستخلص الدهون القضبية بينما المذيبات غي القضبية تستخلص الدهون المتعادلة والشموع وغيرها like dissolve like.

من عيوب الطرق التقلدية لانتاج زيوت الأسماك باستخدام الحرارة أن الزيوت الناتجة تحتوي علي العديد من نواتج الأكسدة وكذلك بعض الشوائب الغير مرغوب فيها لذلك ينصح باستخدام تقنيات حديثة لتحسين جودة الزيوت الناتجة وإكسابها ثبات ضد الأكسدة من علي سبيل المثال (LC-MS) Liquid Chromatography-Mass Spectrometry.

تمتاز دهون الأسماك بارتفاع محتواها من الأحماض احادية عدم التشبع وبصفة أساسية حامض الأوليك C18:1 والذى له دور فعال فى خفض معدل الإصابة بأمراض القلب الوعائية، وكذلك حماية الجسم من الإصابة بمقاومة الأنسولين وتحسين الاستجابة للالتهاب مما يقلل من تكون الصفائح الدموية ويحمى الجسم من التجلطات ويقلل من خطر الإصابة بتصلب الشرايين.

أيضا تمتاز دهون الأسماك بأنها غنية بالدهون القطبية (الفوسفوليبيدات) وبصفة أساسية الفوسفاتيديل كولين والفوسفاتيديل إيثانول أمين والغنية بالأحماض الدهنية عديدة عدم التشبع والتى لها دوراهاما في تركيب الطبقة المخاطية للقولون.

كما انه يعمل علي خفض التوتر السطحي للاغشية مما يمنع من دخول البكتريا، وأيضا لها دور في تحفيز الجهاز المناعي وإنتاج الخلايا البلعمية التي تقوم بإلتهام الأجسام الغريبة وتعمل علي ترطيب الأسطح ولهذا في ضرورية حتي تؤدي الرئة وظيفتها وتساعد في مرونة الاغشية الخلوية واحتفاظ الخلايا بالنفاذية الاختيارية.

أثبتت الددراسات أن لها دور منشط للذهن وتحافظ علي وظيفة الذاكرة وكذلك لها تأثير فعال في علاج اضطراب فرط الحركة ونقص الإنتباه عند الأطفال (مركب الفوسفاتيديل سيرين)، وكذلك تقليل مستوي الكورتيزول الناتج عن الإجهاد وايضا لها دور فعال فى نقل الأوميجا-3 إلى جميع أعضاء الجسم أكثر كفاءة من نقل الجلسريدات الثلاثية.

تدخل فى تركيب الجدار الخلوى وتعمل على حماية العضيات ودعم صحة المخ وتحسين النقل العصبى من خلال تعزيز مركب الأستيل كولين ودعم وظيفة الكبد الصحية حيث تحميه من تراكم الدهون وتحوله إلى كبد دهنى مما يفقده وظيفته فى التخلص من الكوليستيرول وتوجيهه إلى هرمونات hسترويدية وتحويله إلى فيتامينات مثل “فيتامين د”.

تمتاز دهون الأسماك بإحتوائها على العديد من الأحماض الدهنية عديدة عدم التشبع وبصفة أساسية من نوع الأوميجا-3 مثل حمض اللينولينكC18:3  وeicosapentanoic acid ) EPA C20:5 and docosahexanoic acid DHA C22:6 ولها العديد من الفوائد الصحية وبصفة أساسية فى تعزيز صحة القلب من خلال خفض نسبة الجلسريدات الثلاثية وخفض مستوى الكوليستيرول الضار مما له من دور فعال كمضاد للتجلط antithrombotic agent ومضاد للإلتهابات anti inflammatory.

تحمي من تأثير الالتهابات وأضطرابات المناعة الذاتية من خلال تأثيرها علي زيادة الليكوترين من النوع 5. والتحكم في تكوين الايكوسانويدات وتثبيطها مما يقلل من انطلاق الاصول الحرة في الدم وتجنب اضرارها وكذلك مضاد لتصلب الشرايين anti atherogenic، حيث لها تأثير موسع للاوعية الدموية وكذلك لها تأثير مثبط لتكوين الإيكوسانويدات التشنجية الوعائية وتعمل مباشرة علي الكلي وتقلل انتاج رنين البلازما مما يخفض لزوجة الدم ويخفض اشتجابة الجهاز الوعائي لمضيقات الأوعية، وبالتالى يحافظ على صحة القلب والمخ والكبد ومجدد للخلايا العصبية.

أيضا تعمل هذه الاحاض الدهنية كباديء للعديد من مضادات الالتهابات حيث تقلل من انتاج وأرتباط حمض الاراكيدونك كذلك فإن البروستجلاندينات والليكوترينات التي يتم إنتاجها من EPA بواسطة إنزيمات الأكسدة الحلقية أقل تحفيزا للإلتهابات من تلك المشتقة من الاراكيدونك n-6.

نعلم أن مرض الشريان التاجي هو مرض قلبي شائع وفيه تصبح الأوعية الموية المغذية للقلب غير قادرة علي إمداد القلب بالدم والاوكسجين والمغذيات الكافية وذلك بسبب الترسيبات المحتوية علي الكولستيرول فتعمل هذة الاحماض علي منع ترسيب الدهون الثلاثية الكولستيرول وايضا تزيد من وقت النزف وتقلل أو تثبط تراكم الصفائح الدموية، وبالتالي تنخفض لزوجة الدم وتزداد سيولة غشاء الخلية.

لعلنا نتسال هل المعاملات الحرارية أثناء الإعداد أو الطهي سوف تؤثر علي هذه الاحماض أم لا؟

إن استخدام الحرارة أمر ضروري لإعداده ليصبح مقبول حسيا وكذلك أمن صحيا ولقد لوحظ أن استخدام الحرارة سواء أثناء الشواء أو التسوية علي البخار أو التحمير له تأثير مزدوج حيث له دور إيجابي في إيقاف عمل الإنزيمات والقضاء علي مسببات الأمراض، وأيضا زيادة الاستساغة مما يجعلها أكثر تقبلا ولكن من الجانب الأخر فإن الحرارة تحدث بعض التغيرات الكيموفزيائية غير المرغوب فيها والتي تظهر في صورة أكسدة للدهون.

أثبتت الدراسة التي تمت علي تدخين كلا من أسماك القرموط والبياض علي الساخن (تجفيف °C 30 لمدة ساعة يليها مرحلة طبخ علي °C50 لمدة ساعة ايضا ثم مرخلة تدخين علي °C80 لمدة ساعة) كان لها تأثير سلبي علي الاحماض الدهنية أحادية عدم التشبع أكثر من تأثيرها علي تلك عديدة عدم التشبع حيث انخفضت من 35.41% إلي %31.82 بعد التدخين وذلك في أسماك البياض.

بينما انخفضت بمعدل أقل في أسماك القرموط ولك لإنخفاض نسبة الدهن في القرموط وعلي النقيض كان التخزين المجمد علي °C18 – لمدة 5 شهور التأثي العكسي، حيث انخفضت عديدة عدم التشبع PUFA بمعدل أكثر من أحادية عدم التشبع MUFA وبناء علي ذلك فإن المنتجات التي تم إعدادها علي البارد مثل الأسماك المملحه أو المخللة أوالمتخمرة هي الأكثر أحتفاظا بمعظم إن لم يكن كل محتواها من هذه الأحماض الدهنية.

يعتبر الجمبرى من أكثر الأغذية البحرية ارتفاعا فى محتوى الكوليسترول حيث يحتوى 100جرام /178ملجم إلا أن الفوسفولبيدات تعتبر هى المكون الرئيسى حيث تمثل (51,4% – 71,5%) من الدهون الكلية، كما أن نسبة الدهن فيه منخفضة حوالى (1,33%) ونسبة الأوميجا-3 به عالية، ولذلك هو مصدر جيد فوسفوليبيد والأوميجا-3 ومنخفض السعرات الحرارية وتناول 100 جرام من الجمبرى يمد الجسم بأكثر من 180 ملجم من الأوميجا-3 من احتياجاته  بينما الإحتياجات اليومية على الأقل 150 ولذلك فهو مفيد صحيا مقارنة بجمبرى المياة العذبة الذى تسود فيه الأحماض الدهنية من نوع الأوميجا-6 وكذلك ترتفع فيه نسبة الدهن إلى 3,18% مما يفسر قصر فترة التخزين له مقارنة بجمبرى المياة المالحة.

لهذا تنصح منظمة الأغذية العالمية بتناول الأغذية البحرية وبصفة أساسية الأسماك الدهنية مرتين أسبوعيا للمحافظة على صحة القلب، حيث تبين أن تناول أسماك السلمون ثلاث مرات إسبوعيا ولمدة 8 أسابيع أدي إلى انخفاض ضغط الدم وانخفاض الكولستيرول الكلي وكذلك مستوي الدهون الثلاثية.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى