رأى

تحت المجهر: الرقمنة الحكومية.. والسمسرة الأرضية.. وارتفاع تكلفة المعيشة – تحديات اليوم وحلول الغد

مقال الدكتورة «شكرية المراكشي» الخبير الدولي في الزراعات البديلة ورئيس مجلس إدارة شركة مصر تونس للتنمية الزراعية

في ظل التحولات الحديثة والتحديات الاقتصادية، يسلط هذا المقال الضوء على ثلاثة قضايا حيوية تؤثر بشكل مباشر على حياة المواطنين: الرقمنة الحكومية، إشكالية السمسرة في بيع الأراضي، وارتفاع تكلفة المعيشة.

تابعونا على قناة الفلاح اليوم

تابعونا على صفحة الفلاح اليوم على فيس بوك

نتساءل كيف يمكن للحكومات التصدي لهذه التحديات وتحقيق رفاهية المواطنين؟.

1ـ الرقمنة الحكومية

يبحث المقال في أهمية تحول الخدمات الحكومية إلى العصر الرقمي، وكيف يمكن أن تحسن هذه العملية الفعالية والشفافية. بالاعتماد على التكنولوجيا، يمكن للحكومات تحقيق التواصل الفعال مع المواطنين وتحسين تقديم الخدمات.

2ـ إشكالية السمسرة في بيع الأراضي

يتناول المقال الثاني مشكلة السمسرة في عمليات بيع الأراضي الزراعية والصناعية، وكيف يمكن أن تؤثر هذه الممارسات على التنمية والاستثمار. يستكشف الحلول الممكنة لتحقيق توازن في عمليات البيع وتعزيز الشفافية.

3ـ ارتفاع تكلفة المعيشة

يسلط المقال الثالث الضوء على تحدي ارتفاع تكلفة المعيشة، وكيف يمكن للحكومات التعامل مع الأسباب الرئيسية وتقديم حلول عملية. يناقش التوجهات المستدامة لتحقيق استقرار اقتصادي واجتماعي.

نداء إلى الرئاسة..

ندعو فخامة الرئيس وحكومته إلى النظر بجدية في هذه القضايا الحيوية، واتخاذ الإجراءات اللازمة لتحقيق التحول الحكومي الرقمي، ومحاربة السمسرة في بيع الأراضي، والتصدي لارتفاع تكلفة المعيشة. إن الاهتمام بتلك الجوانب يعزز الرخاء والاستقرار في المجتمع.

نداء خاص لرئاسة الجمهورية

نتوجه بنداء خاص إلى فخامة رئيس الجمهورية، داعين إلى تكثيف الجهود في مكافحة الفساد المحتمل في سياق الرقمة الحكومية. من خلال تبني سياسات أكثر صرامة وتعزيز الرقابة والشفافية، تسهم الرئاسة في تعزيز النزاهة والثقة في استخدام التكنولوجيا لخدمة المواطنين.

إن التفكير الاستراتيجي في تحقيق التحول الرقمي للحكومة يتطلب تكاملا لا يُحمل بالإيجابيات فقط، ولكن أيضا بالتصدي للتحديات والمخاطر. نحث على اعتماد سياسات فعّالة تضمن سلامة وشفافية العمليات الرقمية، لتحقيق تقدم حقيقي ومستدام في خدمة المواطنين.

إن الجهود المبذولة اليوم سترسم ملامح مستقبل يعتمد على التقنيات الرقمية لتحقيق التقدم والعدالة الاجتماعية.

 يشكل تفاعل رئاسة الجمهورية مع هذا النداء خطوة حاسمة نحو تعزيز النظام الرقمي بما يخدم مصلحة ورفاهية مواطنينا الكرام.

الموضوع الأول: الرقمنة الحكومية

تتزايد أهمية تطبيق الرقمنة في إدارة الخدمات الحكومية، ورغم الفوائد الكبيرة التي تقدمها هذه العمليات الإلكترونية، إلا أننا نواجه تحديات جادة تتعلق بالفساد وسوء الاستخدام. يسعى موضوعنا هنا إلى تسليط الضوء على تلك التحديات وضرورة مكافحة الرشوة والسمسرة التي تعرقل مسار التحول الرقمي.

الرقمنة هى تحويل المعلومات من شكل تقليدي إلى شكل رقمي، بينما المعاملات الرقمية الإلكترونية تشمل جميع العمليات والصفقات التي تتم بشكل إلكتروني باستخدام التكنولوجيا مثل الإنترنت والشبكات الرقمية.

اما الرقمنة الحكومية فهي تعني تحويل العمليات والخدمات الحكومية إلى صيغ رقمية، مثل تقديم الطلبات، الحصول على وثائق رسمية، والدفعات الحكومية، وذلك عبر الإنترنت أو من خلال نظم الكمبيوتر. هذا يتيح الوصول السهل والسريع للمعلومات والخدمات للمواطنين والشركات، ويزيد من كفاءة العمل الحكومي وتوفير الوقت والجهد للجميع.

النجاح في الرقمنة الحكومية يعتمد على عدة عوامل. أولاً، البنية التحتية التكنولوجية القوية والآمنة ضرورية لضمان الاستمرارية والحماية الجيدة للبيانات. ثانياً، التوعية والتدريب للموظفين والمواطنين حول كيفية استخدام هذه الخدمات بشكل فعّال. ثالثاً، الشفافية والمرونة في تصميم الخدمات لتلبية احتياجات وتطلعات المواطنين بشكل أفضل. وأخيراً، الاستجابة للتحديات التقنية والأمنية المستجدة من خلال الابتكار والتحسين المستمر.

ليكون المفهوم  أعمق لهذه النقاط الثلاث، اولا لابد ان تكون البنية التحتية التكنولوجية قوية وآمنة باستمراريتها، حيث تحتاج الحكومات إلى بنية تحتية تكنولوجية موثوقة ومستدامة تسمح بتقديم الخدمات بشكل متواصل وحماية  البيانات حماية جيدة حيث يجب وضع إجراءات أمان قوية لحماية البيانات الحكومية والشخصية للمواطنين.

ثانيا التوعية والتدريب للموظفين، يجب توفير تدريب مستمر للموظفين حول استخدام التقنيات الجديدة والخدمات الرقمية. وكذلك للمواطنين، حيث يحتاج المواطنون إلى دعم وتعليم لاستخدام الخدمات الحكومية الرقمية بكفاءة وأمان.

ثالثا الشفافية والمرونة في تصميم الخدمات والاستماع إلى احتياجات المواطنين، يجب تصميم الخدمات الرقمية بشكل يلبي احتياجات وتطلعات المواطنين بشكل أفضل وأكثر فعالية. كما يجب توفير معلومات واضحة ومفهومة حول الخدمات الحكومية الرقمية وكيفية الوصول إليها.

واخيرا الاستجابة للتحديات التقنية والأمنية وهذ يتطلب:

ـ الابتكار والتحسين المستمر: يجب تطوير استراتيجيات مستدامة لمواجهة التحديات التقنية وتطوير الخدمات الرقمية باستمرار لتلبية الاحتياجات المتغيرة.

ـ الحفاظ على الأمان: من خلال التحديث المستمر وتطوير إجراءات الأمان للتصدي للتهديدات الأمنية المتطورة.

هذه العوامل تعتبر أساسية لضمان نجاح الرقمة الحكومية وتقديم خدمات فعّالة وآمنة للمواطنين.

دور الحكومة يكمن في الإعداد والتحضير لتطبيق هذه العوامل بشكل فعّال قبل توقيع القوانين ونشرها وتنفيذ المنظومة الرقمية بعد تحديد الاحتياجات التكنولوجية والاستثمار في البنية التحتية لتأمين الاستمرارية والأمان.

ـ يجب أن تضمن الحكومة توفير البرامج التدريبية والحملات التوعوية للموظفين والمواطنين لفهم واستخدام الخدمات الرقمية.

ـ يحتاج الحكومة إلى إنشاء سياسات تعزز الشفافية في تصميم الخدمات وتقديم المعلومات بشكل واضح وسهل الوصول.

ـ يجب أن تضع الحكومة استراتيجيات لمواجهة التحديات التقنية والأمنية، وتعزيز الابتكار والتطور المستمر لتحسين الخدمات والأمان.

ـ تخصيص ميزانية كافية لتطوير وصيانة البنية التحتية التكنولوجية وتنفيذ البرامج الرقمية.

ـ وضع سياسات وقوانين تحمي البيانات الحكومية والشخصية وتحدد المسؤوليات القانونية.

ـ تنظيم برامج تدريب لموظفي الحكومة لتطوير مهاراتهم في استخدام التقنيات الرقمية.

ـ إجراء مراقبة دورية وتقييم لقياس تقدم الرقمة الحكومية وتحديد المجالات التي تحتاج إلى تحسين.

باعتبارها محركًا للتغيير وتحسين الخدمات، تؤدي الحكومة دورا حيويا في تحقيق النجاح في الرقمنة الحكومية من خلال توفير الدعم والبيئة الملائمة. الدور الرئيسي للحكومة اذن هو توفير الدعم والإرشاد والتوجيه لضمان تنفيذ ناجح للرقمة الحكومية والاستفادة الكاملة من الفوائد التي تقدمها هذه التقنيات للمواطنين والمؤسسات، ولكن حين لا تُنفذ الرقمة بشكل جيد، تُسبب بعض التحديات والمشاكل التي تؤثر على المواطنين والمصالح.

على سبيل المثال  في  بعض  الاحيان تؤدي الرقمنة الحكومية إلى الاستنزاف وعرقلة المصالح منها:

1ـ الفوارق التقنية: إذا كان هناك اختلاف كبير في مستوى الوصول إلى التكنولوجيا بين الطبقات الاجتماعية أو الجغرافيات، يتسبب ذلك في عدم المساواة في الحصول على الخدمات الحكومية الرقمية.

2ـ قلة التدريب والتوعية: عدم توفير التدريب الكافي للموظفين والمواطنين على كيفية استخدام الخدمات الرقمية بشكل صحيح يؤدي إلى عقبات في الوصول إلى الخدمات أو استخدامها بفعالية. وهذا نلاحظه في مكاتب الشهر العقاري.

3ـ قضايا الأمان والخصوصية: إذا لم تكن هناك إجراءات أمان جيدة لحماية البيانات الشخصية، يتردد المواطنون في استخدام الخدمات الحكومية الرقمية خوفًا من انتهاك خصوصيتهم.

4ـ التحول السريع: في بعض الأحيان، يكون التحول السريع إلى الخدمات الرقمية صعبا على المواطنين المعتادين على الطرق التقليدية و يؤدي إلى إحساسهم بالارتباك أو العزلة الرقمية.

لتفادي هذه المشاكل، يجب أن تكون الرقمة الحكومية شاملة ومتوازنة، مع توفير التدريب والدعم للموظفين والمواطنين، والتأكد من الاستقلالية الرقمية والأمان وحماية البيانات. تحقيق التوازن بين الرقمة والحفاظ على الوصول والمرونة للجميع أمر حاسم للنجاح الفعّال.

في بعض الحالات، تزيد الرقمنة الحكومية من فرص الفساد مثل الرشوة والسمسرة. على سبيل المثال، الموظفون الذين يديرون أو يتحكمون في العمليات الرقمية يستغلون هذه الوظائف للمطالبة بالرشاوى أو تقديم خدماتهم مقابل مبالغ مالية.

لمواجهة هذا الأمر، تحتاج الحكومات إلى تطبيق سياسات صارمة لمكافحة الفساد وتعزيز الشفافية في العمليات الحكومية. كما يجب وضع آليات مراقبة ومراجعة دورية للتأكد من سلامة ونزاهة العمليات الرقمية. بالإضافة إلى ذلك، توفير قنوات للإبلاغ عن الفساد وحماية المبلغين عنه يعزز من الشفافية ويسهم في تقليل هذه الممارسات غير القانونية.

في نهاية هذا النقاش الهام حول التحول الرقمي للحكومة وتحديات الفساد، يتبادر إلى الذهن أن الرقمنة الحكومية هي أداة قوية للتقدم والتحسين المستمر. لكنها أيضا تتطلب التزاما جادا بمكافحة الفساد وضمان شفافية العمليات.

لذا، ندعو جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك الجهات الحكومية والمجتمع المدني والمواطنين، للتعاون واتخاذ الإجراءات اللازمة لتحقيق التحول الرقمي بطريقة نزيهة وشفافة. العمل المشترك والتفاهم يشكلان أساسا لتحقيق نظام حكومي رقمي يخدم الجميع دون تمييز ويعزز الثقة في العمل الحكومي.

باعتبارنا جزءا من هذا المسار، فإن الالتزام بالمبادئ الأخلاقية وتعزيز النزاهة في استخدام التكنولوجيا الرقمية سيكون له الأثر الإيجابي المطلوب لبناء مستقبل أكثر استدامة وعدالة للمجتمعاتنا. فلنعمل معا نحو نظام حكومي رقمي يعكس قيمنا ويحقق طموحاتنا في عالم يعتمد بشكل كبير على التقنية والابتكار.

الموضوع الثاني: إشكالية السمسرة في بيع الأراضي الحكومية، سواء كانت زراعية أو صناعية

في ساحة التنمية الاقتصادية وتنفيذ المشاريع الاستثمارية، تظهر إشكالية السمسرة في بيع الأراضي الحكومية كعائق رئيسي يقف في وجه التقدم. تتسبب هذه الظاهرة في تأخير المشروعات الهامة وتقييد فرص الاستثمار، مما يعرقل جهود الحكومة نحو تحفيز التنمية المستدامة.

تحولت عمليات بيع الأراضي إلى ساحة للتلاعب والتأثير، حيث يسعى بعض الأفراد المتحكمين للحصول على مكاسب مالية غير قانونية، مستغلين السلطة والنفوذ. لذا، يتعين البحث عن حل يرتقي بعمليات بيع الأراضي إلى مستوى يضمن الشفافية والعدالة.

يدور نقاشنا حول تأثير السمسرة على التنمية الاقتصادية ويسلط الضوء على أهمية تحديد الأسعار بشكل شفاف وفعّال. كما يستعرض جهود الحكومة في مكافحة هذه الظاهرة وتحقيق بيئة استثمارية نزيهة ومنصفة.

إشكالية السمسرة في بيع الأراضي الحكومية، سواء كانت زراعية أو صناعية، تُعد من بين التحديات الرئيسية التي تعيق التطور والتقدم في تنفيذ المشاريع الهامة. في كثير من الأحيان، يتم تعطيل المسار لصالح أفراد يمتلكون السلطة أو النفوذ، يسعون للحصول على مبالغ مالية غير قانونية تحت غطاء خدمات.

هذا السلوك يؤثر على جهود الحكومة في توفير الأراضي للمشاريع الاستثمارية والتنموية. السمسرة تعيق العمل الجاد وتعرض المشروعات لتأخيرات غير مبررة وتحدّ من فرص الاستثمار والنمو الاقتصادي.

تحديد الأسعار بشكل شفاف وعادل للأراضي الحكومية يمثل حلا لهذه المشكلة، إذ يجب أن تتم عمليات بيع الأراضي وفقًا لضوابط محددة وقوانين صارمة تضمن العدالة والشفافية. تعزيز النزاهة وتقديم الدعم والحماية للمستثمرين الراغبين في الاستثمار في هذه الأراضي يساعد في تقليل السمسرة وتحقيق التنمية المستدامة.

بالإضافة إلى ذلك، تعزيز الشفافية والمراقبة الفعّالة لعمليات البيع والشراء تعطي إشارة قوية بأن الحكومة جادة في مكافحة الفساد وتعزيز بيئة الأعمال النزيهة والمنصفة.

السمسرة في بيع الأراضي الحكومية الزراعية والصناعية تشكل تحديا خطيرا يؤثر على التنمية وتنفيذ المشاريع الحيوية. وتكمن المشكلة في استغلال بعض الأفراد لمواقع القرار لتحقيق مكاسب شخصية بتسهيل بيع الأراضي بأسعار مبالغ فيها،او اقل سعرا والفرق يسلم للبائع الذي خصص وسيطا لذلك وهذا يعرقل المشاريع الاقتصادية ويضر بالمصلحة العامة.وهذا مثال يصادف العديد من المستثمرين

هؤلاء الأفراد يسعون إلى الحصول على مبالغ مالية غير قانونية تحت مسمى خدمات غير مشروعة، وبذلك يعملون على تحقيق مكاسب شخصية على حساب التنمية المستدامة وتقديم الخدمات العامة.

من أجل معالجة هذا الظاهرة، يجب تشديد الرقابة وتعزيز شفافية العمليات الحكومية المتعلقة ببيع الأراضي. ينبغي أن تقوم الحكومة بتحسين آليات المراقبة وتقديم قنوات للإبلاغ السري بحيث يكون من الممكن الإبلاغ عن أي نشاط غير قانوني. كما يجب تحسين النظام القانوني وتشديد العقوبات للتصدي لمثل هذه الممارسات وتحقيق العدالة.

تأثيرات السمسرة في بيع الأراضي الحكومية الزراعية والصناعية تكون كارثية على العديد من الأصعدة:

تأخير التنمية الاقتصادية: يتعذر تنفيذ المشاريع الحيوية والاقتصادية الهامة نتيجة ارتفاع أسعار الأراضي والتأخيرات الناجمة عن عمليات السمسرة، مما يضر بالنمو الاقتصادي والاستثمارات.

فقدان الثقة العامة: تعمل هذه الممارسات غير القانونية على زيادة عدم الثقة بين المستثمرين والجهات الحكومية، مما يؤدي في النهاية إلى انحسار الاستثمار وتقلص الفرص الاقتصادية.

تأثيرات اجتماعية واقتصادية: تلك السلوكيات تدفع بعض المستثمرين للبحث عن فرص خارج البلاد، مما يترتب عليه هجرة المهارات والاستثمارات إلى مناطق أخرى تحظى بظروف أكثر استقرارا وشفافية.

تأثير على السمعة الدولية: تلك الممارسات تؤثر على سمعة الدولة أمام المستثمرين الدوليين، مما يقلل من فرص الاستثمار ويؤدي إلى هجرة المستثمرين الراغبين في بيئة أكثر نزاهة.

من أجل تفادي هذه النتائج السلبية، يجب أن تكون الحكومة حازمة في محاربة السمسرة وتحقيق العدالة وتشديد الرقابة للحفاظ على شفافية العمليات. إن التدابير الفعّالة لمكافحة الفساد وتعزيز النظام القانوني ستسهم في الحفاظ على الثقة وتوفير بيئة استثمارية مستقرة ومشجعة.

كما ان العدالة في توزيع الأراضي الزراعية والصناعية تعد عنصراً أساسياً في تعزيز الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي. في العديد من الأحيان، يتم التمييز في توزيع الأراضي لصالح فئة محددة مما يؤثر على الفرص المتاحة للمستثمرين والمزارعين.

ـ يجب أن يتم توزيع الأراضي بطريقة تضمن الفرص المتكافئة للجميع، مع منح الأولوية لأولئك الذين يسعون لاستخدامها بطريقة تعود بالفائدة على المجتمع.

ـ ينبغي أن يكون التوزيع على أساس منصف وبعيد عن التفضيلات الشخصية أو السياسية، لتشجيع الفرص المتساوية لجميع الفئات والقطاعات.

ـ يجب أن تكون عمليات اختيار المستفيدين من الأراضي مفتوحة وشفافة، مع مراعاة معايير محددة وشفافية في الإجراءات.

ـ يجب أن يُعطى الأولوية لتخصيص الأراضي للمشاريع التي تعزز التنمية المستدامة وتحد من  الاستيراد وتسهم في رفاهية المجتمع المحلي .

ـ ينبغي توزيع الأراضي بمراعاة الاحتياجات الاجتماعية للمجتمع، مثل توفير الفرص العمل والخدمات الأساسية.

العدالة في توزيع الأراضي الزراعية والصناعية تساهم بشكل كبير في تحقيق التوازن الاقتصادي والاجتماعي. عندما يتم تخصيص الأراضي بطريقة عادلة وشفافة، يتم تعزيز فرص الاستثمار وتشجيع التنمية الشاملة والمستدامة.

الموضوع الثالث: ارتفاع  التكلفة  المعيشة

ارتفاع التكلفة المعيشية يمثل تحديا كبيرا يواجهه الأفراد والمجتمعات في العديد من البلدان. هذا الارتفاع يشمل زيادة في تكاليف السلع والخدمات الأساسية مثل الغذاء، الإسكان، والرعاية الصحية. يؤدي ارتفاع التكاليف إلى تقليل القدرة الشرائية للأفراد ويزيد من صعوبة تلبية احتياجاتهم اليومية.

هذا الوضع يؤدي إلى زيادة الضغوط المالية على الأسر، كما  يتسبب في عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي. يتأثر الأفراد من كافة الفئات بارتفاع التكاليف، ولكن يكون تأثيره أكبر على الفئات ذات الدخل المحدود.

تتأثر التكلفة المعيشية بعوامل عدة، بما في ذلك التضخم، وارتفاع أسعار الطاقة، وزيادة تكاليف الإنتاج. لذا، يعد فهم هذه الديناميات وايجاد سبل لمواجهة الارتفاعات المفاجئة في التكاليف أمورا حيوية لتحقيق استقرار مالي واجتماعي أفضل. فما هي جذور هذه الظاهرة وما هي تأثيراتها، وكيف يمكن التصدي لها بفعالية لتحقيق استقرار اقتصادي واجتماعي؟

ما سنشير إليه من عوامل يلقي الضوء على الأسباب الرئيسية وراء ارتفاع تكلفة المعيشة والضغوط التي يتحملها الشعب. توجد عدة مشاكل تعوق الاقتصاد وتؤثر على المعيشة، ومنها:

نقص الإنتاج الزراعي: يؤدي نقص الإنتاج الزراعي إلى اعتماد متزايد على الواردات الغذائية، مما يزيد من تكاليف الحياة بسبب ارتفاع أسعار السلع الأساسية.

سوء إدارة التوزيع: يتسبب سوء إدارة التوزيع في عدم توزيع السلع بشكل عادل، مما يؤدي إلى زيادة التفاوت في الوصول إلى السلع الأساسية وزيادة الأسعار.

الفساد الإداري: يؤدي الفساد الإداري إلى تدهور الإدارة المالية للحكومة، مما يتسبب في زيادة الضغوط المالية على المواطنين وزيادة الأعباء الضريبية ومضاعفة الاحتكار في السوق المحلية.

نقص التصنيع: عدم التركيز على التصنيع المحلي يزيد من التبعية على المنتجات المستوردة، مما يرفع تكاليفها.

سوء الادارة المالية: إدارة مالية غير فعّالة تؤدي إلى تفاقم المشكلات المالية واللجوء إلى زيادة الرسوم والخدمات.

 زيادة أسعار الخدمات مثل الاتصالات والكهرباء والمياه والطاقة تزيد من الضغط على الميزانية الشخصية للمواطنين.

لمعالجة هذه المشاكل، يجب وضع هيكل حكومي شفاف وفعّال يراجع السياسات ويحدد الخدمات الأساسية التي يحتاجها الشعب بشكل أساسي. كما يجب دعم الفئات الضعيفة وتقديم الدعم لمن هم في أمس الحاجة له، وتحقيق العدالة الاجتماعية من خلال تحسين التوزيع والإدارة الشفافة للموارد.

الحلول الممكنة:

تحسين الإنتاج الزراعي: دعم القطاع الزراعي وتشجيع على تبني تقنيات حديثة يساهم في تعزيز الإنتاج المحلي.

تشجيع التصنيع المحلي: دعم صناعة التحويل والتصنيع المحلي للحد من الاعتماد على الاستيراد ودعم المستثمر المحلي.

تحسين إدارة التوزيع: تحسين البنية التحتية للتوزيع وتعزيز فعالية سلسلة التوريد العادل مع المتابعة الدورية.

مكافحة الفساد: تعزيز النزاهة وتشديد الرقابة للحد من الفساد في الإدارة الحكومية.

تحسين الإدارة المالية: تطوير استراتيجيات مالية فعّالة والابتعاد عن التقنيات التي تؤدي إلى تفاقم المشكلات المالية.

تحديد الأولويات والدعم الاجتماعي: إقامة هيكل حكومي لتحديد احتياجات الشعب وتحديد الخدمات الحيوية وتقديم الدعم للفئات المستحقة.

تشجيع المشاركة المجتمعية: تشجيع على مشاركة المواطنين في عمليات اتخاذ القرار لتحقيق توازن أفضل في الخدمات والإصلاحات.

إن ارتفاع التكلفة المعيشية يمثل تحديا جوهريا يتعين على  الحكومة و على المجتمع التصدي له بكل جدية. ومع تأثيره الواسع على حياة الأفراد والأسر، ينبغي تبني الحلول التي تعالج جذور المشكلة. من خلال تحسين الإنتاج الزراعي وتشجيع التصنيع المحلي، يمكن خفض الاعتماد على الواردات وتقليل التكاليف.

بالإضافة إلى ذلك، يجب مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية في إدارة الموارد لتحقيق توزيع عادل وتقديم الدعم للفئات الضعيفة. التركيز على الأولويات الاجتماعية وتشجيع المشاركة المجتمعية يسهم في خلق بيئة أكثر استقرارا وتوازنا لتلبية احتياجات المجتمع بشكل أفضل.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى