تقارير

«التأمين الغذائي» بمصر.. استراتيجيات وآفاق مستدامة

إعداد: د.شكرية المراكشي

الخبير الدولي في الزراعات البديلة ورئيس مجلس إدارة شركة مصر تونس للتنمية الزراعية

في ظل تحقيق الأمن الغذائي في مصر، تتجسد التحديات والمحددات التي تعترض الطريق كمعادلة معقدة، يجب حلها بتظافر الجهود والمبادرات المستدامة (مصر)، بلد الإرث الزراعي العريق والحضارات القديمة، تواجه اليوم تحديات جديدة تتعلق بتوفير الغذاء لشعبها بشكل مستدام ومواتٍ.

تابعونا على قناة الفلاح اليوم

تابعونا على صفحة الفلاح اليوم على فيس بوك

على مدى العقود الماضية، شهدت مصر مسيرة تطور زراعي ملحوظة، لكن مع زيادة السكان وتغيرات البيئة وتحولات السوق العالمية، تتعاظم أهمية ضمان توافر الغذاء بكميات كافية وبأسعار معقولة لجميع الطبقات الاجتماعية.

تنوّعت المساعي لتحقيق هذا الهدف النبيل، حيث يسعى القائمون على القرار إلى تنظيم القطاع الزراعي وتحفيز الإنتاجية وتنويع المحاصيل، بالإضافة إلى تعزيز البحث الزراعي وتبني التكنولوجيا الحديثة في المزارع المصرية.

مع التحديات البيئية والمؤسسية والتقنية التي تحاكي الواقع المصري، يبرز دور الزراعة المستدامة وحماية الموارد الطبيعية كأساس لضمان إنتاجية زراعية متواصلة وتحقيق الأمن الغذائي للأجيال الحالية والمستقبلية.

إن مصر، بحكم تاريخها وثقافتها الزراعية الغنية، تقف على مفترق طرق، حيث يتعين عليها التوجه نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي في الغذاء بطريقة مستدامة ومواكبة للتحولات العالمية، فقط حينها يمكن أن نضمن استقرارا غذائيًا يعزز مكانة مصر في المجتمع الدولي ويؤمّن رفاهية شعبها.

اقرأ المزيد: «الأمن الغذائي» في مواجهة التغيرات المناخية

الأمن الغذائي يتطلب نهجا شاملا ومتوازنا يضمن توافر السلع الغذائية بكفاءة وفعالية في الأسواق المحلية طوال العام. يجب أن يكون هذا النهج شاملا، محققا للعدالة الاجتماعية وموجهاً نحو تحقيق الاستدامة البيئية والاقتصادية.

يمثل الأمن الغذائي ركيزة أساسية لتعزيز الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، حيث يسعى إلى ضمان توافر السلع الغذائية بأسعار معقولة وقيمة غذائية ملائمة للجميع، دون تمييز اقتصادي أو اجتماعي. كما يهدف إلى تلبية احتياجات الإنسان بصورة مستدامة، مما يسهم في تعزيز صحته وقدرته على أداء مهامه بفاعلية. يتطلب تحقيق الأمن الغذائي نهجا شاملا يجمع بين الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، مع التركيز على تحقيق التوازن بين تلبية الاحتياجات الحالية والحفاظ على قدرات الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتها.

تحليل الأمن الغذائي يتطلب فهما شاملا للعوامل المتعلقة بالإنتاج والتوزيع والوصول إلى الغذاء لجميع أفراد المجتمع:

1ـ يعتمد بشكل أساسي على القدرة الشرائية للأفراد، حيث يجب أن تكون الأسعار متاحة ومعقولة بحيث يمكن للجميع شراء الغذاء اللازم.

ـ توفير السلع الغذائية بأسعار مناسبة يعزز الإنتاج الزراعي المحلي ويعمل على تحسين دخل الفلاحين والمزارعين، مما يعزز الاقتصاد المحلي.

2ـ يسهم في تعزيز الاستقرار الاجتماعي والسياسي، حيث يقلل من حدوث الاضطرابات والاحتجاجات الناتجة عن نقص الغذاء.

ـ يؤدي الأمن الغذائي إلى تحسين صحة الفرد وتعزيز قدرته على العمل والمشاركة الاجتماعية بشكل فعال.

3ـ يجب أن يكون إنتاج الغذاء مستداما لضمان استمرارية توفيره في المستقبل، مما يتطلب ممارسات زراعية مستدامة وحماية البيئة.

ـ تعزيز الزراعة العضوية واستخدام التقنيات الحديثة لتحسين إنتاجية المحاصيل يمكن أن يقلل من الضرر البيئي ويساهم في الحفاظ على البيئة.

توفير الأمن الغذائي يعتبر أولوية سياسية في الحكومة، ويتطلب التعاون بين القطاعين العام والخاص لضمان تنفيذ السياسات والبرامج ذات الصلة.

كما يجب أن تتبنى السياسات الغذائية الشاملة والمتكاملة التي تهدف إلى تحقيق الأمن الغذائي بشكل شامل ومستدام.

بشكل عام، فإن الأمن الغذائي يعتبر تحديا متعدد الأبعاد يتطلب تنسيق وتعاون بين مختلف الأطراف المعنية، بما في ذلك الحكومة والمجتمع المدني والقطاع الخاص، لضمان توفير الغذاء الكافي والمغذي للجميع دون تمييز وبطريقة مستدامة ومنصفة.

اقرأ المزيد: الأمن الغذائي والزراعة المستدامة المُوفرة وصديقة البيئة

مشاكل توفير الغذاء أصبحت إحدى أخطر التحديات التي يواجهها المجتمع، حيث أصبح إنتاج الغذاء غير قادر على مواكبة الاحتياجات الضرورية للمواطنين، وتزايد استيراد كميات كبيرة من المواد الغذائية الأساسية أصبح سمة بارزة في الاقتصاد المصري. يترتب على هذا الوضع تحديات ذات أبعاد اقتصادية واجتماعية وإنسانية.

في سياق أضيق وأعمق، يرتبط توفير الغذاء بشكل وثيق بعملية التنمية، التي تتطلب تخصيص موارد وإمكانيات يمكن استثمارها بشكل فعال لتحقيق معدلات نمو مستدامة. تضييق نطاق هذه المشكلة أفقيا ورأسيا يرتبط بشكل وثيق بالتنمية، حيث تتطلب التنمية الاستثمار في الموارد والإمكانات لتحقيق معدلات نمو ملائمة، مع مراعاة أبعاد القضية الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية للأمن الغذائي.

إن زيادة إنتاج السلع الغذائية لا تكفي لحل المشكلة بمفردها، بل يتعين مصاحبتها بجهود لمعالجة قضية الفقر. يجب تحسين دخل الفقراء بحيث يصبح لديهم القدرة المالية على شراء الغذاء الضروري. ورغم توفر الغذاء في الأسواق، يظل الفقراء غير قادرين على الوصول إليه.

لذا، يجب أن يكون لزيادة إنتاج الغذاء، خاصة في القطاع الزراعي، تأثير إيجابي على تحسين دخل الطبقات الفقيرة. يجب أن تتضمن الجهود المبذولة استراتيجيات فعالة لمكافحة الفقر، مما يضمن أن يكون التحسين في إنتاج الغذاء متناسبًا مع تحسين وضع الفقراء وقدرتهم على تأمين احتياجاتهم الغذائية.

حل مشكلة العجز الغذائي في مصر يتعدى مجرد توفير الكميات اللازمة من الطعام، بل يتطلب توفير الاحتياجات الغذائية الضرورية للفئات الفقيرة. إذ يُظهر عدم حصول الطبقات الفقيرة على الكميات الملائمة من الطعام تأثيرات سلبية على الاستقرار والظروف الاقتصادية والاجتماعية، ويؤثر مباشرة على الصحة وكفاءة الإنتاجية لهذه الفئات.

في هذا السياق، تشهد القرية المصرية تحولا من وحدة إنتاجية تفوق احتياجاتها الاستهلاكية إلى وحدة تعتمد بشكل كبير على الاستيراد. يتسبب هذا التحول في زيادة العبء على الدولة لتلبية احتياجات الغذاء للقرى، مما يؤدي إلى ارتفاع نسبة الاستيراد من الخارج. يظهر بوضوح أن القرى المصرية تعتمد بشكل كبير على استهلاك حبوب الطعام واللحوم والدواجن المستوردة، بينما كانت في السابق تعتمد على إنتاجها الخاص لهذه المواد الغذائية.

تصاعد هذا الاتجاه يشير إلى ضرورة وجود استراتيجيات فعّالة لتعزيز الاكتفاء الذاتي وتحسين قدرات الإنتاج الداخلي. يتعين أيضًا على الدولة تبني سياسات تشجع على التنويع الاقتصادي وتعزز الإنتاج المحلي لتحقيق استقرار في التوازن الغذائي وتقليل الاعتماد على الاستيراد.

في السنوات الأخيرة، أصبح انخفاض نسبة الاكتفاء الذاتي للقمح أكثر وضوحًا، مما يعني أن نسبة الاستيراد ارتفعت بشكل ملحوظ. في عام 1980، كانت معظم السلع الغذائية غير متاحة محليا، باستثناء الأرز والخضراوات والفواكه. ومع مرور الوقت، انخفضت نسبة الاكتفاء الذاتي للقمح إلى حوالي 25% في عام 1982.

في السنوات التالية، شهدنا تحسنا تدريجيا، حيث بلغت نسبة الاكتفاء الذاتي من القمح حوالي 53% في عام 2008. في عام 2022، شهدت نسبة انخفاض نسبة الاكتفاء الذاتي ارتفاعا إلى حوالي 64%.. ومع اقترابنا من الوقت الحالي، عام 2024، أصبح من الواضح أن نسبة الاكتفاء الذاتي تتراجع بشكل أكبر، مما يعزز الاعتماد على الاستيراد يتطلب هذا الانخفاض تحليلا دقيقا للتحديات التي تواجه إمكانية تحقيق استدامة وأمان في إمدادات القمح، مع النظر في السياسات الاقتصادية والتنموية ذات الصلة.

اقرأ المزيد: «الزراعة الذكية» وتقنيات المستقبل لتحقيق الأمن الغذائي

تطور الفجوة الغذائية في محاصيل الحبوب

         السنة    انتاج الحبوب

مليون طن

الاحتياجات الفعلية

مليون طن

الفجوة

مليون طن

        1981 8         14.5          6.5
         1995    16          24          8
        2003 18         28          10
        2008   20         32          12
         2017         18.5         40          21.5

 الفجوة الاستراتيحية لمحاصيل الحبوب والسكرية

         المحصول          مليون طن
         القمح          10.8 مليون طن
         ذرة صفراء         9.2 مليون طن
        زيوت نباتية     1.8 مليون طن تمثل 95% من جملة الاستهلاك
         سكر 900 لف طن بنسبة 29% من حجم الاستهلاك البالغ 3.1 مليون طن ويبلغ الانتاج المحلي مليون طن سكر من قصب السكر 1.3 مليون طن سكر من محصول بنجر السكر
    اللحوم الحمراء استهلاك محلي 1.1 مليون طن

نستورد 350 الف طن لحوم مجمدة

نستورد 150 الف طن لحوم حية

إنتاج محلي 600 الف طن.

الوضع الراهن للأمن الغذائي في مصر

نصيب الفرد من الغذاء 

اقرأ المزيد: بالأرقام.. كشف حساب لوزير الزراعة لتحقيق الأمن الغذائي لملايين المصريين (فيديو)

ـ بلغ نصيب الفرد من الغذاء الصافي النباتي والحيواني والسمكي حوالي 718.7 كيلو جرام في العام بمعدل 1969 جرام في اليوم وهذا يعادل نحو   3960 سعرا حراريا.

ـ يحتوي الغذاء اليومي علي 123.4 جراما من البروتين منها 94.6 بروتين نباتي بنسبة 76.7% وحوالي 28.8 جرام بروتين حيواني وسمكى بنسبة 23.8 % كما يحتوي الغذاء اليومي على 64.5 من الدهون .

ـ تعتبر المنتجات الغذائية النباتية هي المصدر الرئيسي الذي يتناوله الفرد في مصر حيث بلغ نصيب الفرد منها حوالي نحو 596.7 كيلو جرام في السنة بمعدل 1634.8 جرام في اليوم تمثل نحو 83% من الغذاء الكلي وتمثل بنحو 3630 سعراً حراريا أى بنسبة 91.6% من الغذاء اليومي.

ـ بالنسبة للمنتجات الغذائية الحيوانية فقد بلغ نصيب الفرد منها نحو 109.5 كيلو جرام في العام أى بمعدل 300 جرام في اليوم بنسبة 15.2% وهذا المقدار يحتوي على قدر بسيط من السعرات الحرارية يبلغ نحو 300 سعرا حراريا بنسبة 7.6%.

اقرأ المزيد: «المرأة الريفية» والأمن الغذائي

ـ كما يشمل غذاء الفرد على نحو 22.4 جراما من البروتين الحيواني في اليوم تمثل نحو 18.1% من البروتين الكلي (النباتي والحيواني) ولا يزيد مقدار الدهون في الغذاء الحيواني للفرد عن 18.6 جراما تمثل نحو 28.8% من الاحتياجات الغذائية  للفرد في اليوم .

ـ بلغ نصيب الفرد من المنتجات السمكية نحو 12.5 كجم في العام بمعدل 34.2 جرام في اليوم بنسبة 1.8% من الغذاء اليومي وهذا المقدار يشمل على نحو 30 سعرا حراريا تمثل نحو 0.8% ونحو 6.4 جراما من البروتين هذه المعدلات تنخفض بنسب كبيرة عن المعدلات العالمية.

يمكن تلخيص مشاكل الزاعة المصرية والتي لها تاثيرات سلبية على التنمية والانتاج وتحقيق الامن الغذائي قيما يلي:

مشاكل الزراعة في مصر تعتبر عائقا كبيرا أمام تحقيق التنمية وضمان الأمان الغذائي. وتؤثر سلبا على التنمية وتحقيق الأمن الغذائي. تشمل هذه المشاكل:

ضيق  وتفتت الأراضي:

ـ الرقعة الزراعية الضيقة لم توفر السعة الكافية لتلبية احتياجات الزراعة.

ـ حيازات أرض صغيرة ومتفتتة تزداد تفتتا مع مرور الوقت، مما يؤدي إلى زيادة الفاقد في الأراضي الزراعية.

ـ صعوبة استخدام الأساليب العلمية والتكنولوجية بسبب هذا التفتت والتشتت.

النمو السكاني المتزايد: زيادة عدد السكان تزيد الضغط على الموارد الزراعية المحدودة.

تنوع محصولي:

ـ زراعة محاصيل متنوعة في وحدات إنتاج صغيرة قريبة من بعضها تؤدي إلى بعثرة محصولية.

ـ تلك الوحدات الصغيرة قد تكون كفيلة بتلبية احتياجات الكفاف فقط دون تحقيق كفاية للسوق.

الزراعة التقليدية وقصور الإنتاجية:

ـ الاعتماد الكبير على الزراعة التقليدية التي تعتمد على العمل البشري والحيواني.

ـ قصور في الإنتاجية للكثير من المحاصيل يمكن تحسينها باستخدام التقنيات والأساليب العلمية الحديثة.

تلك المشاكل تعيق التحول نحو زراعة فعّالة ومستدامة، وتتطلب استراتيجيات شاملة لتحسين إدارة الموارد واستخدام التكنولوجيا في سبيل تحقيق تنمية زراعية مستدامة وضمان الأمان الغذائي.

اقرأ المزيد: مستشار وزير الزراعة: الدولة تعاملت مع ملف التغيرات المناخية بالتوسع الأفقي والرأسي والإنذار المبكر لضمان الأمن الغذائي لملايين المصريين

المحاور الأساسية لخفض الفجوة الغذائية

المحاور الأساسية لخفض الفجوة الغذائية تمثل خطوات أساسية تهدف إلى تحسين إمدادات الغذاء وتعزيز الأمن الغذائي. ، حيث تهدف إلى تحسين كفاءة الإنتاج الزراعي واستدامته، وتحقيق تنوع في الزراعة بما يتناسب مع احتياجات السوق وتوفير الغذاء بكفاءة وبشكل مستدام. وفيما يلي توضيح لكل محور:

المحور الأول: تنظيم التركيب المحصولي وإعادة تطبيق الدورة الزراعية:

ـ يتضمن هذا المحور إعادة هيكلة وتنظيم الأنشطة الزراعية بحيث يتم توزيع المحاصيل بشكل مناسب وفقا لاحتياجات السوق وشروط البيئة.

ـ يشمل أيضا استعادة التوازن البيئي في التربة من خلال تطبيق الدورة الزراعية واستخدام ممارسات زراعية مستدامة مثل التناوب الزراعي وزراعة الغطاء النباتي.

المحور الثاني: رفع مستوى الإنتاج والكفاءة الإنتاجية:

ـ يتعلق هذا المحور بتبني تقنيات وأساليب زراعية حديثة وفعّالة مثل استخدام الأسمدة العضوية والكيميائية بشكل مناسب، واستخدام التقنيات الحديثة في الري والحفاظ على المياه.

ـ يهدف أيضًا إلى تعزيز مهارات المزارعين وتوفير التدريب والتوجيه لتحسين إدارة المزارع وزيادة الإنتاجية.

المحور الثالث: استصلاح الأراضي:

ـ يركز هذا المحور على تحسين الأراضي الزراعية واستصلاحها من خلال تنظيم الري والصرف وتحسين التربة.

ـ يتضمن أيضا تقديم الدعم اللازم لتحسين بنية البنية التحتية الزراعية مثل بناء السدود وتوفير البنية التحتية للري والصرف.

تنفيذ هذه المحاور يتطلب تعاونا فعّالا بين الحكومة والقطاع الزراعي والمجتمع المحلي، بالإضافة إلى الاستفادة من الخبرات الدولية وتطبيق أفضل الممارسات العالمية في مجال الزراعة وإدارة الموارد الطبيعية.

اقرأ المزيد: مستشار وزير الزراعة: «والله العظيم لولا فضل ربنا وإضافة مئات الآلاف من الفدادين لكانت مشكلة في الأمن الغذائي المصري»

لتحقيق المحاور المذكورة أعلاه، ينبغي اتباع الآليات التالية:

إنشاء قاعدة إنتاجية جديدة: يتعين خلق نظام إنتاجي جديد يساهم في زيادة إنتاجية الغذاء لتحقيق الأمن الغذائي، الذي أصبح ضرورة حيوية للتنمية المستدامة والسلام الاجتماعي، مع الحفاظ على البيئة.

تخفيف الضغط السكاني: يتطلب الأمر إيجاد مجتمعات متكاملة وتنموية متعددة الأنشطة، تعتبر مراكز جذب تسهم في تخفيف الضغط السكاني عن المناطق المكتظة، وتستوعب الزيادة السكانية.

تحسين شكل ملكية الأراضي: ينبغي تحسين شكل ملكية الأراضي القديمة، التي تعاني من التفتت ، من خلال نقل صغار الحائزين على وحدات مفتتة إلى أراضٍ جديدة، وتجميع الوحدات المتناثرة في وحدات اقتصادية متكاملة لضمان مستوى مرتفع من الإنتاج والدخل.

تحويل الأراضي الجديدة لمصادر إنتاجية: يجب أن تصبح الأراضي الجديدة مصدرا لإنتاج كبير من الصادرات الزراعية، مع استخدام أساليب وتقنيات زراعية حديثة في زراعة التقاوي والمحاصيل غير التقليدية والسلالات الجديدة، بالإضافة إلى إنتاج المنتجات الزراعية العضوية.

تحقيق هذه النقاط يتطلب التخطيط والتنفيذ الدقيقيين، بالإضافة إلى التعاون بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المحلي، وتوجيه الاستثمارات اللازمة نحو القطاع الزراعي لتحقيق الأهداف المرجوة في تعزيز الأمن الغذائي وتحقيق التنمية المستدامة.

الأهداف الرئيسية لتنمية محاصيل الحبوب الرئيسية تتمثل في:

زيادة إنتاج القمح:

ـ الهدف هو زيادة إنتاج القمح من 7.4 إلى 15.5 مليون طن.

ـ يتم تحقيق ذلك من خلال زيادة المساحة المزروعة على حساب المحاصيل الأخرى مثل البرسيم.

ـ يهدف إلى زيادة تغطية الإنتاج المحلي للقمح إلى 75% وترشيد الاستهلاك إلى 150 كجم قمح للفرد.

زيادة إنتاج الذرة:

ـ هناك جهود لزيادة إنتاج الذرة الشامية البيضاء والصفراء من 6.5 إلى 13.9 مليون طن.

ـ الهدف هو خفض الواردات من الذرة الصفراء بنسبة 75%، مما يتطلب تنظيمًا فعالًا لتسويق الذرة.

زراعة الأرز:

ـ الهدف هو زراعة 1.35 مليون فدان من الأرز مع زيادة إنتاجية الفدان إلى 4.00 طن.

ـ يهدف إلى تحقيق إجمالي إنتاج محلي يقدر بحوالي 5.5 مليون طن أرز.

زيادة إنتاج الذرة الرفيعة والشعير: يهدف إلى زيادة إنتاج الذرة الرفيعة إلى 1.4 مليون طن ومضاعفة إنتاج الشعير إلى 400 ألف طن.

تحسين الإنتاجية وتقليل الفاقد: الهدف هو خفض الفاقد من محاصيل الحبوب بنسبة 50%.

استصلاح الأراضي وتوسيع المساحات المزروعة:

ـ يشمل استصلاح مساحات جديدة من الأراضي الصحراوية وزيادة مساحة الزراعة بشكل تدريجي.

ـ يتطلب هذا التوسع تخطيطا جيدا مع زيادة السكان المتوقعة لضمان استمرارية الإنتاج وتلبية الطلب المحلي   على المحاصيل الغذائية.

ـ تخطيط للمستقبل: زيادة مساحة زراعة القمح تدريجيًا لتصل إلى 5 مليون فدان بحلول عام 2030.

ـ التخطيط المسبق لزيادة الإنتاج لمواكبة التوقعات السكانية المتزايدة.

تحقيق هذه الأهداف يتطلب تنفيذ آليات فعّالة واستخدام تكنولوجيا حديثة في إدارة المحاصيل وتحسين البنية التحتية لضمان الاستدامة وتحقيق أمان غذائي شامل.

اقرأ المزيد: فاتورة عالية يتكبدها الأمن الغذائي العالمي بسبب التغيرات المناخية

لتحقيق تلك الاهداف من خلال تحقيق زراعة مساحات من هذه المحاصيل كما يلي:-

المساحة الأرضية المتاحة للزراعة المصرية

  • 500.000 فدان محاصيل حقلية (صيفي وشتوي).
  • 500.000 فدان فاكهة مستديمة ونخيل.
  • 000فدان خضر صيفية وشتوية.

المساحات المستهدفة صيفي لتحقيق متطلبات الأمن الغذائي

  • قطن: 500 الف فدان تنتج 100 الف طن زيت بذرة قطن.
  • ذرة شامية: 3 ملايين فدان تنتج 10.2 مليون طن.
  • أرز: 1.4 مليون فدان تنتج 5.6 مليون طن شعير.
  • محاصيل زيتية: 200 ألف فدان.
  • قصب سكر: 300 ألف فدان، تنتج 1.2 مليون طن سكر.
  • بنجر السكر 600 الف فدان ينتج 1.62 مليون طن سكر.
  • ذرة رقيعة: 400 ألف فدان.
  • محاصيل متنوعة: 250 ألف فدان.

المساحات المستهدفة شتوي لتحقيق متطلبات الأمن الغذائي

  • قمح: 4.5 مليون فدان تنتج 15.8 مليون طن
  • برسيم: 2 مليون فدان والاعتماد على السيلاج و الاعلاف غير التقليدية والبيديلة لسد الفجوة العلفية.
  • محاصيل بقوليه: 500 ألف فدان منها 400 ألف فول بلدي تنتج 400 ألف طن.
  • بنجر سكر 600 ألف فدان تنتج 1.62 مليون طن سكر.
  • محاصيل متنوعة: 500 ألف فدان.

توفير إنتاج من الزيوت

  • زراعة 500 ألف فدان فول صويا محملة على الذرة الشامية وتوفر 60 الف طن زيت صويا بخلاف منتجات الصويا الأخرى.
  • زراعة عروة من عباد الشمس في مساحة 150 الف فدان توفر 60 الف طن زيت.
  • زراعة عروة من الفول الصويا (منفردة) في مساحة 150 الف فدان توفر 30 ألف طن زيت بخلاف المنتجات الأخرى.

بهذا يتوفر 100 الف طن زيت بذرة قطن، 90 ألف طن زيت صويا، 60 ألف طن زيت عباد شمس، بإجمالي 250 ألف طن.

سياسات تحقيق المساحات المستهدفة صيفي وشتوي

سياسات تحقيق المساحات المستهدفة صيفيا وشتويا تشمل مجموعة من الآليات والسياسات التي تساهم في تحفيز الفلاحين والمزارعين لزيادة المساحات المنزرعة:

أسعار الضمان: تحديد أسعار مضمونة للمحاصيل الزراعية من قبل الحكومة لضمان استدامة دخل المزارعين وتشجيعهم على زراعة المزيد من المساحات.

الزراعات التعاقدية: تعزيز نظام الزراعات التعاقدية بين المزارعين والشركات الزراعية أو المشترين، حيث يتم تحديد الكميات والأسعار مسبقًا، مما يوفر الاستقرار للمزارعين ويشجعهم على زراعة المحاصيل المستهدفة.

سياسات حمائية: تطبيق سياسات تحمي الإنتاج المحلي من المنافسة الخارجية، مثل فرض رسوم على الواردات أو تحديد حصص الاستيراد، لتشجيع المزارعين على زيادة المساحات المنزرعة.

دعم المنتجين ومستلزمات الإنتاج: تقديم دعم مالي أو تسهيلات للمزارعين لتوفير المعدات والأدوات الزراعية والمواد اللازمة للزراعة، مما يسهل عليهم زيادة المساحات المزروعة.

زيادة نسبة التغطية بالتقاوي المعتمدة والرقابة على المبيدات: تعزيز استخدام التقاوي المعتمدة لضمان جودة المحاصيل وزيادة الإنتاجية، بالإضافة إلى فرض رقابة على استخدام المبيدات الزراعية لضمان سلامة المحاصيل وصحة المستهلكين.

توفير الأسمدة المدعمة: ضمان توفير الأسمدة بكميات كافية وبأسعار مدعمة للمزارعين في الأوقات المناسبة، مما يعزز الإنتاجية ويشجع على زيادة المساحات المنزرعة.

أهم التحديات التي تواجه تحقيق الأمن الغذائي بمصر

 اولا: تواجه مصر تحديات كبيرة في تحقيق الأمان الغذائي، ومن بين أهم هذه التحديات تأتي محددات البحوث الزراعية والتكنولوجية. يُعَدُّ تطوير وتحديث الأداء البحثي في مجال الزراعة ضرورة حتمية لضمان استمرارية النمو الزراعي وتعزيز الأمان الغذائي في المستقبل.

للتغلب على هذه التحديات، يتطلب الأمر وضع سياسات طويلة الأجل تهدف إلى:

تطوير قدرات المراكز البحثية: تعزيز التمويل وتوفير الموارد الضرورية للمراكز البحثية لضمان قدرتها على الابتكار وتقديم حلول فعّالة لتحسين الإنتاج الزراعي.

تطوير أساليب الأداء:

ـ تحسين أساليب أداء المراكز البحثية لتكون متناسقة مع احتياجات الزراعة المعاصرة.

ـ تعزيز التعاون مع القطاع الخاص والمؤسسات الأكاديمية لضمان استفادة أوسع من الأبحاث العلمية.

تطوير الأنشطة البحثية والتدريبية والإرشادية:

ـ تعزيز البحث الزراعي لتطوير تقنيات جديدة ومتقدمة.

ـ توجيه الاهتمام نحو تدريب الكوادر البحثية وتحفيز الابتكار وتبادل المعرفة.

4ـ التركيز على خفض الفجوة الغذائية: تحديث الأبحاث لتكون موجهة نحو حلول تسهم في خفض الفجوة الغذائية وتحسين جودة الإنتاج.

بهذه السياسات، يمكن تحقيق تقدم في مجال البحوث الزراعية والتكنولوجية، وتعزيز قدرة القطاع الزراعي على تحقيق استدامة في الإنتاج وضمان الأمان الغذائي للمواطنين.

ثانيا: المحددات الفنية تتجلى في زيادة حاجة القطاع الزراعي إلى التكنولوجيات الحديثة التي تلبي احتياجات وتحديات نظم الإنتاج الزراعي المتنوعة. يشهد القطاع تزايدا في استخدام تلك التكنولوجيات التي تتنوع وتعقد مع تكثيف وتنويع عمليات الإنتاج. بشكل خاص، تشمل هذه التكنولوجيات التقدمات في مجالات التصنيع الزراعي، والتعبئة والتغليف، والتخزين.

يتعامل القطاع مع تحديات تتطلب حلاً فنيًا، ومن هنا تكمن أهمية تبني تكنولوجيات حديثة تشمل:

تكنولوجيا الإنتاج:

ـ التحول نحو أساليب إنتاج زراعي أكثر كفاءة وفعالية.

ـ استخدام التقنيات المتقدمة في مجالات الزراعة الدقيقة والزراعة الرقمية لتحسين جودة وكفاءة الإنتاج.

تكنولوجيا التصنيع الزراعي: تطبيق تقنيات التصنيع الحديثة في تجهيز ومعالجة المنتجات الزراعية.

تكنولوجيا التعبئة والتغليف:

ـ تحسين عمليات التعبئة والتغليف للمحافظة على جودة المنتجات وتمديد مدة صلاحيتها.

ـ استخدام مواد تعبئة وتغليف متقدمة للحد من فاقد الإنتاج.

تكنولوجيا التخزين: تحسين طرق التخزين واستخدام تكنولوجيا التبريد والتجميد للحفاظ على الجودة.

هذه التقنيات تعمل على تعزيز كفاءة الإنتاج، وتقليل الفاقد، وتعزيز جودة المنتجات الزراعية، مما يساهم في تحقيق أمان غذائي أكبر وتلبية احتياجات السوق المتنوعة.

ثالثا: المحددات المؤسسية تتعلق بأهمية تكامل الجهود البحثية في مجال الزراعة، حيث يمكن تحقيق أقصى استفادة من القدرات المتاحة عبر مؤسسات ومراكز البحث المختلفة. على الرغم من أن بعض المراكز تقوم بأداء ممتاز، إلا أن هناك حاجة ملحة لزيادة التكامل والتنسيق بين هذه المؤسسات البحثية.

يُعد تحسين التكامل والتنسيق بين المؤسسات البحثية الزراعية أمرا حيويا، وذلك من خلال:

صياغة برامج البحث: تعزيز تكامل البرامج البحثية بحيث تكون متناغمة مع احتياجات القطاع الزراعي وتحدياته.

تنفيذ البحوث: تعزيز التعاون في تنفيذ الأبحاث لتحقيق أقصى فائدة من الموارد والخبرات المشتركة.

متابعة البرامج البحثية: إقامة آليات فعالة لمتابعة سير البرامج البحثية بشكل دوري وتقديم التقارير اللازمة.

تقييم النتائج: إجراء تقييم دوري لنتائج البحوث لضمان تحقيق الأهداف المرجوة.

تحقيق التكامل التنظيمي: تعزيز التنسيق بين الجهات الحكومية والخاصة والمؤسسات الأكاديمية المعنية بالبحث الزراعي.

تحسين هذه العمليات يسهم في تعزيز جودة البحوث وزيادة تأثيرها في دعم التنمية الزراعية، وهو جزء أساسي من تحقيق أهداف الأمان الغذائي وتحسين قدرة القطاع الزراعي على مواجهة التحديات المستقبلية.

رابعا: المحددات البيئية تلعب دوراً حاسماً في تحقيق الزراعة المستدامة، حيث يتعين الحفاظ على البيئة واستدامة الموارد الطبيعية لضمان الإنتاج المستدام وتحقيق الأمان الغذائي. يُعد سوء استخدام الموارد الطبيعية من عوامل تسبب آثارً سلبية على جودة المياه والتربة.

لضمان الحصول على إنتاج متواصل وفعال، يتطلب الأمر:

صيانة الموارد الطبيعية: ضرورة حماية وصيانة موارد المياه والتربة من الاستنزاف والتلوث للحفاظ على توازن البيئة الزراعية.

استخدام مستدام للموارد: تعزيز الاستخدام المستدام للمياه الري وتحسين تقنيات الري لتحسين كفاءة استهلاك المياه.

تحفيز الزراعة العضوية: دعم وتشجيع الزراعة العضوية كبديل مستدام يقلل من استخدام الأسمدة الكيماوية والمبيدات.

تقليل الاستخدام الضار للكيماويات: خفض استخدام الأسمدة الكيماوية والمبيدات للحفاظ على نوعية التربة والمياه.

تطوير تقنيات الزراعة الصديقة للبيئة: تعزيز استخدام تقنيات الزراعة التي تحترم البيئة وتحقق أداءً بيئيا إيجابيا.

الحفاظ على بيئة زراعية غير ملوثة والانتقال إلى إنتاج زراعي صحي ذو قيمة مضافة يشكلان أساسا لتحقيق الزراعة المستدامة وضمان استمرارية الإنتاج الزراعي.

في ختام هذه الرحلة عبر تفاصيل قضية الأمان الغذائي في مصر، ندرك جميعا أن الطريق نحو تحقيق هذا الهدف ليس بالأمر السهل، إلا أن التفاؤل والتصميم يظلان ركيزتين أساسيتين في هذا المسار الحيوي. تأتي الجهود المستمرة والسياسات المستدامة كمفاتيح لبناء مستقبل زراعي يحمل في طياته أمانًا غذائيًا شاملاً.

تعكس مصر تفانيها في تطوير البنية التحتية للزراعة، وتبني التكنولوجيا لتعزيز إنتاجية القطاع، وتعزيز دعم المزارعين. هذه الجهود تشير إلى رؤية مستقبلية تعتمد على تحقيق التوازن بين احتياجات السكان المتزايدة والحفاظ على الموارد الطبيعية والبيئة.

إن تحقيق الأمان الغذائي ليس مجرد هدف وطني، بل هو رسالة إنسانية تجاه جميع أفراد المجتمع. يستدعي هذا التحدي الكبير تكاتف القوى والتعاون الدولي، وإشراك جميع فئات المجتمع لضمان أن يكون الطعام الصحي والمغذي حقًا أساسيًا لكل فرد.

في نهاية هذا المسار، نأمل أن تكون خطواتنا وجهودنا قد ساهمت في تخطي كل التحديات وتحقيق أمان غذائي يشعر به كل إنسان في مصر، وأن تبقى الأرض الطيبة رمزا للرخاء والإنتاج الزراعي الفعّال.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى