رأى

«فلسطين» عنقاء القرن الـ21

بقلم: د.شكرية المراكشي

طائر العنقاء يعود لطائر خرافي ذكره القدماء في أساطيرهم، وقالوا إنه يعمر خمسة قرون ويقوم بحرق نفسه ليعود منبعثا من جديد من رماده.

تابعونا على قناة الفلاح اليوم

تابعونا على صفحة الفلاح اليوم على فيس بوك

تعددت الروايات حول طائر العنقاء كما هو الحال في جميع الأساطير التي هي من وحي الخيال، فنجد العديد من الحكايات حول موضوع ولادة العنقاء وانبعاثها مرة ثانية. أسطورة طائر العنقاء عند هيرودوت بعد أن زار هيرودوت مصر وشاهد صور هذا الطائر كان مقتنعا بأن طائر العنقاء أو طائر الفينيق حقيقيا وليس أسطوريا؛ لأنه روى قصته خلال حديثه عن طيور القطر المصري، وكتب هيرودوت في القرن الثالث قبل الميلاد أن هناك طائرا آخر يُدعى فونكس لم يره إلا مصورا يزور البلاد كل خمسمائة عام عند موت أبيه – على حد قول أهل هليوبوليس – بعض ريش جناحيه ذهبي وبعضه أحمر وهو يشبه النسر في حجمه وهيئته، أما طريقة موت الفونكس فلم يذكرها هيرودوت، وبعض الروايات تذكر أن هذا الطائر إذا شعر بقرب موته يجمع الأعشاب ويشعل النار فيها ويجلس فوقها ليحترق معها.

بعد أن يحترق يُخلق من الرماد طائر صغير يكبر هذا الطائر ويجمع رفات والده، لتصبح بيضة كبيرة يحملها بين مخلبيه ويطير بها إلى مصر إلى معبد الشمس ويتركها هناك ليقوم الكهنة بأداء الطقوس والشعائر المطلوبة، وفي روايات أخرى يطير هذا الطائر العجوز إلى مصر حيث يموت وتنبعث جثة هذا الطائر الصغير الذي يعيد جمع رفات الطائر الأب والده ليرجع حيث كان.

يُعد طائر العنقاء على مر العصور المصرية رمزا للتجديد والشباب، وهذا ما رواه العديد الكتاب مثل هيرودوت وغيره.

كتب هيرودوت: “هناك بعيدا في بلاد الشرق السعيد البعيد تفتح بوابة السماء الضخمة وتسكب الشمس نورها من خلالها، وتوجد خلف البوابة شجرة دائمة الخضرة، مكان كله جمال لا تسكنه أمراض ولا شيخوخة ولا موت، وفي هذا البستان يسكن طائر واحد فقط، العنقاء ذو المنقار الطويل المستقيم، والرأس التي تزينها ريشتان ممتدتان إلى الخلف، وعندما تستيقظ العنقاء تبدأ في ترديد أغنية بصوت رائع.

بعد ألف عام، أرادت العنقاء أن تولد ثانية، فتركت موطنها وسعت صوب هذا العالم واتجهت إلى فينيقيا واختارت نخلة شاهقة العلو لها قمة تصل إلى السماء، وبنت لها عشا، بعد ذلك تموت في النار، ومن رمادها يخرج مخلوق جديد، دودة لها لون كاللبن تتحول إلى شرنقة، وتخرج من هذه الشرنقة عنقاء جديدة تطير عائدة إلى موطنها الأصلي، وتحمل كل بقايا جسدها القديم إلى مذبح الشمس في هليوبوليس بمصر.

اما في الثقافة الفرعونية يختلف اسم هذا الطائر الأسطوري في المصرية القديمة عن اسمه المعروف بالعربية “العنقاء” فكان يطلق عليه اسم “بنو”، وهو مشتق من فعل أجنبي بمعنى أشرق أو برق أو لمع، كما اشتقت كلمة فونكس من اللفظ المصري “بنو” وهي تعني زاهية متلألئة، والاسم الإغريقي يكاد يحمل معنى الاسم المصري، كان لهذا الطائر قداسة وشهرة واسعة في “هليوبوليس” وكان يُعد صورة لمعبود الشمس رع، فهو يظهر في الصباح في بهاء مضيء. كما أنه هو الذي خلق نفسه في وسط المحيط الأزلي.

ظهر طائر العنقاء أو كما سمي عند المصريين القدماء “بنو” على جدران المعابد والمقابر وعلى أركان التوابيت. كان هذا الطائر يكتب أو يرسم كطائر صغير في نصوص الأهرام، أما في نصوص التوابيت فقد ظهر هذا الطائر بشكل أكبر وأوضح وكان يمثل كطائر مالك الحزين.

تروي بعض الأساطير أن لون ريش هذا الطائر كان ذهبيا أو مائلا إلى الأرجواني، وكان يظهر أحيانا على شكل إنسان برأس طائر، أيضا هذا الطائر لم يكن فقط تمثيلا لإله الشمس، وإنما كان هو نفسه معبودا يُعبد، والنصوص المصرية القديمة لا تتفق مع بعضها البعض حول ماهية هذا الطائر.

شغلت أسطورة العنقاء بعد المصريين القدماء خيال الكثير من شعوب العالم، ومن النادر أن نجد موضوعا خياليا تتناوله شعوب وحضارات مختلفة تفصل بينها عصور وأزمنة، وينسب الفضل إلى الإغريق في نقل الأسطورة المصرية إلى العالم الغربي، وكما بالغ الإغريق في هذه المعتقدات وأضفوا عليها ما يتناسب مع مخيلتهم، واعتقدوا كما اعتقد المصريون قبلهم أن عودته تنبئ بأحداث مهمة، وكان المصريون القدماء يقدمون هذا الطائر “العنقاء” قربانا إلى الإله رع، إله الشمس في الحضارة المصرية القديمة، كما كان بالنسبة لهم رمز على البعث والخلود بعد الموت.

في الثقافة الصينية يعد الصينيون طائر العنقاء رمزا من رموز الخير والبركة، كما أنه جالِبا للحظ السعيد، وعلى الرغم من أنه طائر أسطوري وخيالي إلا أنهم يتخذونه كوسيلة ورمز للحماية من الشر، وذكره الكثير من الشعراء والكتاب في قصصهم ورواياتهم، وتُعد العنقاء إلى جانب التنين ووحيد القرن الصيني والسلحفاة من الرموز المباركة.

كما أن العنقاء في الحضارة الصينية تعد رمزا من رموز الفضيلة والقوة، وقالوا إنه لم يأكل إلا قطرات الندى، وألوان أجنحة العنقاء عن الصينيين هي: الأسود والأبيض والأحمر والأخضر والأصفر وهي تُمثل الفضائل الخمس، فهي تدل عندهم على الأخلاق الفاضلة.

جاء وصف صورة وشكل العنقاء في كتبهم بأن لها رأس ديك وعنق أفعى وفم عصفور وظهر سلحفاة وذيل سمكة، ويبلغ طولها حوالي المترين، وبعضهم من يقوم بتزيين منازلهم بصورة العنقاء، كما لقبوا الفيلسوف الكبير كونفوشيوس بالعنقاء، فهي في رأيهم تُمثل الفضائل الكونفوشيوسية والتي هي الإخلاص والصدق والآداب والعدالة، ومن الكتاب الصينيين من قال إن أصل العنقاء هو الشرق.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى