حوار

رئيس قسم الألبان بزراعة الأزهر: من المستحيل إنتاج لبن خام آمن صحيا فى مصر

اللبن معجزة إلهية يعجز الإنسان تخليقه 

لبن الشوارع الأكثر تعرضا للغش

يفضل تناول الألبان المتخمرة عن اللبن السائل

المواد المشعة خطر قاتل على الألبان

المبيدات تسبب مشاكل خطيرة لصناعة الألبان

حوار أجرته: جيهان رفاعى

تعتبر الألبان ومنتجاتها أحد المجالات الهامة في العلوم الزراعية والتي تلقى إهتماما كبيراً مـن القائمين في مجالات التصنيع الغذائي، كما تعتبر الألبان ومنتجاتها من المصادر الأساسية للغذاء لإحتوائها على المكونات الأساسية التي يحتاجها الجسم في بنائه والقيام بوظائفه الحيوية من بروتينات ودهون وسكريات وأملاح معدنية وفيتامينات، ويعتمد نجاح صناعة الألبان ومنتجاتها والمشروعات المرتبطة بها إلي حد كبير على درجة جودة اللبن المستخدم في الصناعة من الناحيتين الصحية والكيماوية، وكذلك العناية المبذولة في عمليات الإنتاج والتصنيع.

وفيما يلي حوار أجرته “الفلاح اليوم“، مع الدكتور علي إبراهيم بحبو، أستاذ ورئيس قسم الألبان بكلية الزراعة جامعة الأزهر (فرع أسيوط):

س: بداية ممكن نتعرف من سيادتك على نشاطك العلمي؟

عدد الأبحاث العلمية التي إشتركت فيها حوالي 27 بحث، وعدد رسائل الماجستير التي أشرفت عليها 11 رسالة، تم مناقشة 6 رسائل منها، وعدد رسائل الدكتوراة التي أشرفت عليها 6 رسائل تم مناقشة 4 رسائل منها، كما تم مناقشة 7 رسالة ماجستير، و4 رسائل دكتوراه مختلفة.

س: نريد من سيادتك فكرة عامة عن اللبن وأهميته في تغذية الإنسان؟

اللبن هو الإفراز الطبيعي للغدد الضرعية للثدييات، الذي نحصل عليه من: الحلب الكامل المنتظم النظيف، لحيوان واحد أو عدة حيوانات، من حلبة واحدة أو عدة حلبات، غير منزوع منه أو أضيف له أىٍ من مكوناته، ويعتبر اللبن من المعجزات الإلهية التي لم ولن يتمكن الإنسان من تخليقه، كما يعتبر اللبن الغذاء الطبيعي الأمثل الذي أوجده الله سبحانه وتعالى ليعتمد عليه المولود حتى سن الفطام، كما أنه غذاء صالح للمرضى والمسنين، واللبن بجانب طعمه المقبول يحتوى على مركبات الدهن والبروتين والسكر والأملاح المعدنية والفيتامينات بنسب ملائمة لاحتياجات الجسم، لذلك يطلق عليه الغذاء الكامل، كما يعتبر اللبن من أهم مصادر التغذية والحماية المناعية لصغار الأبقار، ويبدأ الضرع في إفراز اللبن قبل الولادة بفترة قصيرة للتحضير لوجود مولود جديد، وعند الولادة يبدأ الضرع في إفراز سائل لبنى يسمى بالسرسوب ويعرف بلونه المصفر، مائل للملوحة، يحتوى على بروتينات الشرش بكمية كبيرة وكمية لا بأس بها من الأجسام المضادة للمساعدة على حماية الحيوان الرضيع حتى يكتسب نظام المناعة الخاص به الحماية الطبيعية، وخلال 72 ساعة من الولادة يبدأ تحول السرسوب إلى التركيب الطبيعي للبن الذي يستخدم كمصدر للتغذية.

س: تكلم عن غش اللبن، وهل توجد طرق بسيطة يمكن من خلالها الكشف عن غش اللبن منزليا؟

يعرف غش اللبن علي أنه نزع أي مادة من مكونات اللبن أو إضافة أي مادة غير مكونات اللبن الطبيعية، والغش إما طبيعي بتغيير أحد خواص اللبن الطبيعية مثل نزع كمية من الدهن أو إضافة ماء إلي اللبن أو إضافة لبن فرز أو إضافة ماء ولبن فرز أو نزع دهن وإضافة ماء، أو كيماوي بإضافة بعض المواد الكيماوية مثل الأمونيا وكربونات أو بيكربونات الصوديوم والصودا الكاويه لمعادلة الحموضة في اللبن، أو بإضافة الأمونيا أو الفورمالين أو البيروكسيد أو حامض السلسليك أو المضادات الحيوية بهدف إطالة مدة حفظه، وأخطر هذه المواد الأمونيا والفورمالين، وقد تم مناقشة رسالة ماجستير تحت إشرافنا للكشف عن غش الألبان بمحافظة أسيوط سواء للبن المنتج داخل المزارع أو اللبن المتداول داخل المحلات، وكذلك اللبن المباع في الشارع، وقد تبين لنا أن اللبن المباع في الشوارع الأكثر في الغش يليه اللبن المتداول داخل المحلات ثم اللبن المنتج داخل المزارع، وقد تبين أيضا أن وسائل الغش في هذه الألبان تتمثل في الغش بإضافة ماء أو لبن فرز أو نزع جزء من القشدة مع إضافة مواد رابطة مثل النشا والجيلاتين بهدف زيادة الربح أو بإضافة مواد حافظة مثلا لفورمالين أو بعض المواد الكيماوية مثل فوق أكسيد الهيدروجين أو الكربونات والبيكربونات أو حامض البوريك والبوراكس، وتضاف هذه المواد لإطالة مدة حفظ اللبن، وقد يتم الغش بغلي اللبن وبيعه على أنه طازج لإطالة مدة حفظ اللبن أيضاً.

ولمعرفة غش اللبن منزليا بطريقة بسيطة فإذا كانت اللبن مغشوشا بإضافة البيروكسيد يكون طعمه مر، وإذا كان الغش بإضافة مادة قلوية يكون الطعم لاذع، أما عن الرائحة فيكشف عنها برج اللبن جيدا بعد سد فوهة الكوب بواسطة راحة اليد ثم يتم شم الرائحه الناتجة وملاحظة وجود روائح غريبة من عدمه، وعن نسبة الدهن أو دسامة اللبن فيتم ذلك بوضع نقطة من اللبن على سطح أملس كالظفر فإن تفرطحت وشغلت مسطحًا كبيرًا كان اللبن قليل الدهن أما إذا شغلت شكلاً كرويًّا كان اللبن كثير الدهن، ويمكن أيضا وضع بعض نقط من اللبن في راحة اليد ثم فركها جيدًا براحة اليد الأخرى حتى تجف فإن كثر لمعان سطح راحة اليد دل ذلك على كثرة الدهن.

س: هل يمكن أن يعتمد البالغين على التغذية على اللبن فقط مثل الأطفال؟

لا يمكن أن يعتمد البالغين على اللبن فقط كغذاء، حيث يعتبر اللبن أفضل غذاء للطفل، لأنه يحتوى على جميع المكونات الغذائية مثل الكربوهيدرات والدهن والبروتين والأملاح المعدنية وذلك بالكميات التي يحتاجها الطفل في مرحلة النمو، وبصفة خاصة يعتبر اللبن غنى بالأملاح المعدنية وخاصة الكالسيـوم الذي يلزم لنمو الهيكل العظمى للطفل، كما يعتبر اللبن مصدر غنى بـالفيتامينات التي تلزم نمو الطفل بالإضافة إلى ذلك يكون اللبن ذو مذاق مستساغ وسهل الهضم ولا يحتاج إلى مجهود في إعداده، وبالطبع فإن لبن الأبقار لا يتفق في تركيبه مع لبن الأم كما أن خثرة لبن الأم تكون أضعف قواما من خثره لبن الأبقار، ولذلك يلزم تعديله وكذلك معاملته معاملة تقلل مـن صلابة الخثرة الناتـجة منه مثل التجنيس أو المعاملـة الحراريـة أو إضافـة الإنزيمات.

أما بالنسبة للبالغين فيعتبر اللبن غذاء مثالي كما هو للصغار، إلا أنه يجب أن يكون واضحا أن الفرد البالغ لا يمكن أن يحصل على كل احتياجاته الغذائية اليومية من اللبن كما هو الحال بالنسبة للأطفال الرضع حيث أن اللبن يحتوى على نسبة عالية جدا من الماء، أي أنه غذاء مخفف للبالغين، حيث يحتاج الفرد البالغ حوالي 8-11 رطل لبن لكي يفي بإحتياجاته اليومية، هذا بالإضافة إلى أن جوامد اللبن تعتبر غنية جدا بالبروتين أكثر مما يحتاجه الفرد البالغ كما أن هذه الجوامد تعتبر غذاء مركز قليلة الفضلات بينما يحتاج الإنسان إلى تناول غذاء يحتوى على بعض من الألياف وذلك لتحسين عملية الهضم والإخراج، ومن هنا يفضل بالنسبة للأفراد البالغين أن يستخدم اللبن في الغذاء بالإضافة إلى الأغذية الأخرى.

س: أيهما أفضل للمستهلك اللبن السائل الخام أم اللبن المعامل حراريا؟

بطبيعة الحال فإن اللبن الخام أفضل من الألبان المعاملة الأخرى، ولكن ذلك يتطلب إجراءات صحية صارمة في جميع مراحل الإنتاج، ولكن نظرا للظروف الموجودة في مصر فإنه من المستحيل إنتاج لبن خام آمن صحيا، ويلاحظ أن هذا اللبن يتم تداوله في بعض البلاد المتقدمة وسعره يفوق اللبن المعامل بوسائل الحفظ المختلفة، وتعتبر المعاملات الحرارية المختلفة مثل البسترة والتعقيم والمعاملة الحرارية فوق العالية أفضل المعاملات الحفظية للبن في مصر، كما تعتبر المعاملة بالحرارة فوق العالية أفضل الطرق نتيجة لإرتفاع درجة الحرارة وقلة مدة التسخين مما يؤدي إلى أكبر تأثير ميكروبي وأقل تأثير كيماوي، إرتفاع قابليته للحفظ حيث يمكن أن يظل محتفظاً بخواصه في الجو العادي مدة لا تقل عن 3 أسابيع وقد تصل إلى 6 شهور في الثلاجة، وفي دراسة تمت تحت إشرافنا على القدرة الحفظية للبن المبستر واللبن المعامل بالحرارة فوق العالية أظهرت نتائج التقييم الحسي أن عينات اللبن المبستر يمكن أن تكون صالحة لمدة 15 يوم بالتخزين على درجة حرارة 8ºم فى حالة العبوات المغلقة، بينما كانت 8 أيام فقط في حالة العبوات المفتوحة، أما التخزين على درجة حرارة 25ºم فيمكن أن تكون العبوات صالحة حتى 8 أيام من التصنيع في حالة العبوات المغلقة أما في حالة عبوات اللبن المبستر المفتوحة فقد كانت فترة الصلاحية 4 أيام فقط، أما بالنسبة للبن المعامل بالحرارة فوق العالية فى العبوات المغلقة كانت الفترة الحفظية 126 يوم بالتخزين على درجة حرارة 8ºم، بينما كانت فى حالة العبوات المفتوحة 21 يوم فقط، وبالتخزين على درجة حرارة 25ºم كانت عبوات عينات اللبن المغلقة صالحة حتى 110 يوم بعد التصنيع، أما العبوات المفتوحة فكانت صالحة حتى 15 يوم فقط ثم تبدأ درجات الجودة الحسية في الإنخفاض.

س: نستمع كثيرا بين المستهلكين أن اللبن المعلب مدة حفظه طويلة لأنه يحتوي على مواد حافظة، ما صحة ذلك؟

تعتبر معاملة اللبن بالحرارة فوق العالية أفضل الطرق الحفظية حيث وجد أن التغيرات التي تحدث في اللبن نتيجة أي معاملة حرارية ترتبط أساساً بطول فترة التعرض للحرارة عنها بدرجة حرارة التسخين، ومن الملاحظ أن معظم عبوات اللبن المنتجة حاليا في السوق المحلي والمتوفرة في علب كرتون هي أساسا معاملة بهذه الطريقة، وتتميز بطول مدة حفظها في الثلاجة لمدة 6 شهور كما يمكن حفظها بدون ثلاجة لمدة طويلة تصل إلى ثلاثة أسابيع، ومن الخطأ القول أن سبب طول مدة حفظ هذه الألبان هو وجود مواد حافظة لأن طول مدة الحفظ يرجع أساسا إلى زيادة درجة حرارة التسخين والتي تكون 135-150°م لمدة 2-6 ثوان، وبالتالي اللبن المعقم الناتج يكون نكهته وقيمته الغذائية تقارب مثيلتها في اللبن المبستر وفي نفس الوقت أفضل من اللبن المعقم بالطريقة التقليدية، وتجرى عملية التعقيم على اللبن أولاً ثم يتم تعبئته في عبوات معقمة مبدئياً في جو معقم، ويتم التسخين بطريقة مباشرة حيث يسخن اللبن بالتلامس المباشر بينه وبين البخار فوق المحمص إما بحقن بخار تحت ضغط عالى داخل اللبن أو بضخ اللبن على صورة فيلم  من أعلى لأسفل داخل حجرة بها ضغط عالي من البخار فوق المحمص، أو يتم التسخين بطريقة غير مباشرة عن طريق التسخين بالتلامس غير المباشر بين مادة التسخين واللبن بواسطة أسطح المبادلات الحرارية ،والميزة الأساسية للتسخين المباشر هو بقاء المنتج على درجة حرارة التسخين لمدة قصيرة، وهذا يعنى بالنسبة للبن كمادة حساسة للحرارة عدم حدوث تلف في مكوناته.

س: كيف يمكن التغلب على حدوث إسهال لبعض الأفراد نتيجة شرب اللبن السائل؟

يعانى بعض الناس وخاصة الشرقيين من حساسية سكر اللاكتوز بـاللبن حيث تفتقر أجسامهم إلى وجود إنزيم اللاكتيز، وبالتالي لا يمكنهم هضم سكر اللاكتوز أو أي منتجات لبنية تحتوى عليه، لذلك يفضل تناول الألبان المتخمرة مثل اللبن الزبادي بدلا من اللبن السائل حيث يكون قد تحول جزء من سكر اللبن إلى حامض لاكتيك، علاوة على الأهمية الغذائية والطبية لهذه المنتجات المتخمرة لأنها تحتوي على جميع مكونات اللبن بنسبة أكثر تركيزاً عما في اللبن الخام مما يعطيها قيمة غذائية عالية، كما تحتوي على جميع العناصر الغذائية كالدهن والبروتين والكربوهيدرات والفيتامينات والأملاح المعدنية، كما تقدم للجسم مكونات اللبن المعقدة مثل البروتينات في صورة مبسطة يسهل هضمها وتمثيلها، وتناول الألبان المتخمرة يومياً ولفترة طويلة يساعد في التخلص من بكتريا التعفن التي تنمو في الأمعاء، وتستخدم أيضا كعامل مساعد في علاج بعض الأمراض كالدوسنتاريا والسل والنزلات المعوية والإمساك والإسهال، وقد ساعد ذلك على تقبل الإنسان لطعم الألبان المتخمرة، ولهذه الألبان أهمية كبرى حيث أن وجودها بما تحتويه من حموضة مرتفعة في الأمعاء يزيد من قابلية الكالسيوم للإمتصاص كما أن بعض الكائنات الحية الدقيقة الموجودة بها قد تستوطن في الأمعاء نتيجة التغذية عليها لفترة طويلة وهذه تقاوم البكتريا التعفنية التي عادة ما تنشط في الأمعاء والتي قد تفرز بعض المواد التي لها تأثير ضار على جسم الإنسان.

س: ما الأمراض التي يمكن أن تنتقل عن طريق اللبن الملوث، وكيفية الوقاية منها؟

تتميز الأمراض التي تنتقل عن طريق اللبن بسرعة الإنتشار والظهور بين عدد كبير من الحالات والتي تستخدم اللبن الناتج من جهة معينة، وتقع الأمراض التي تنتشر بواسطة اللبن تحت مجموعتين: أمراض تنتقل من الحيوان إلي المستهلك، أمراض تنتقل من الإنسان إلي المستهلك، والأمراض التي تنتقل من الحيوان إلى المستهلك يتم من خلالها إنتقال مسبب المرض من خلال الحيوان إلى اللبن بطريق مباشر أو غير مباشر، ثم تجد هذه الألبان طريقها إلى المستهلك مما يؤدى إلى إصابته بالمرض، ومن هذه الأمراض سل الماشية، الحمى المالطية (الإجهاض المعدي)، الجمرة الخبيثة (الحمى الفحمية)، حمى الضرع، الجدري، الحمى القلاعية (مرض القدم والفم)، حمى Q، مرض اللبن، النزلات المعوية، أما الأمراض التي تنتقل من الإنسان إلى المستهلك فيتم من خلالها إنتقال مسبب المرض من خلال الإنسان إلى اللبن بطريق مباشر أو غير مباشر، ثم تجد هذه الألبان طريقها إلى المستهلك مما يؤدى إلى إصابته بالمرض، ومن هذه الأمراض سل الإنسان، حمى التيفود، حمى الباراتيفود، الدوسنتاريا، الدفتريا، الحمى القرمزية، الأمراض الوبائيـة والإسهال الصيفي، ويوجـد عدد من الأمراض تصيب الرضع نتيجة تناولهم اللبن الخام والمنتجات اللبنية التي تم صنعها من لبن لم يتم بسترته أو تم تداوله بطرق غير صحية وذلك بعد إنتاجه مما تسبب عنه التلوث الميكروبي، لذلك يجب على صاحب المزرعة ضرورة الإشراف الدقيق والرقابة المحكمة لجميع خطوات عملية إنتاج اللبن، كما أن ممارسـة إنتـاج اللبن الصحي، التـداول والتخزين الجيدين، وكذلك البسترة الإجبـارية قد نجحت في تقليل أعراض بعض الأمـراض التي تهدد الرضـع مثل السـل والبروسيللا “الحمـى المتموجـة” والحمى التيفودية، ومن هنا يشترط أن يكون جميع العاملين بهذه المزارع على درجة كافية من الوعي الصحي والتدريب الجيد على إجراء خطوات عمليات الإنتاج بكفاءة، كما يجب أن تولى السلطات المسئولة العناية الكافية لرقابة هذه المزارع ومتابعة الإنتاج والنقل والتوزيع لما تنتجه من اللبن سواء الموزع في السوق أو المخصص لمصانع البسترة.

س: من الأمراض الشائعة في الماشية مرض إلتهاب الضرع، حدثنا عن هذا المرض والتغيرات التي تحدث في اللبن الناتج منها، والضرر من استخدامه؟

إلتهاب الضرع هى حالة مرضية تنشأ عن دخول بعض أنواع الميكروبات إلي الغدد اللبنية عن طريق جرح بـالضرع ينتج عنه إلتهاب فى تلك الغدد مما يؤدى إلي إفراز لبن يحتوي على عدد كبير من الميكروبات المسببة للإلتهاب وكرات الدم البيضاء والحمراء وخلايا أنسجة الغشاء الطلائى، ويتميز المرض بوجود إحتقان وإحمرار فى الضرع قد يكون مصحوبا بإرتفاع درجة حرارة الحيوان وتوتر نفسي فى حالة الحيوان وتألم عند لمس الضرع أو الحيوان، ومع تقدم الحالة يحدث تليف وتحجر في الأنسجة وتغير فى شكل الضرع وقد تفقد الغدد الصماء قدرتها على إفراز اللبن.

أما عن التغيرات التى تحدث للبن فهي إنخفاض كمية اللبن الناتج، تغير الصفات الظاهرية والحسية للبن حيث يكون مدمما وصديديا وله رائحة نفاذة وقد يكون مزرقا مائيا، زيادة العدد الكلى للبكتريا باللبن عن 10000 ميكروب فى الملليلتر، زيادة كرات الدم البيضاء والحمراء وخلايا الأنسجة الطلائية، تحول تفاعل اللبن من الحامضى إليالقلوى، تغير التركيب الكيماوي للبن حيث تقل الجوامد اللادهنية والكازين واللاكتوز وحمض الستريك وأملاح الفسفور والكالسيوم والبوتاسيوم والماغنسيوم فى حين تزيد نسبة الألبيومين والجلوبيولين والدهن وأملاح الصوديوم والكلور والكبريت، ويلاحظ أن هذه الزيادة فى بعض المركبات ونقصها فى البعض الآخر يعمل على ثبات الضغط الأسموزى للبن.

أما عن الضرر من إستخدام اللبن الناتج من ماشية مصابة بإلتهاب الضرعمن الناحية الصحية فهي وجود الميكروبات السبحية المحللة للدم يؤدى إلى إلتهاب الحلق المعدى أو الحمى القرمزية، وجود الميكروبات العنقودية المسببة للتسمم الغذائى تنتج توكسينات تسبب التسمم الغذائى للإنسان بالرغم من غلى اللبن قبل شربه لأن هذه السموم تتحمل درجات الحرارة العالية، أما الضرر الناتج من الناحية التصنيعية فتشمل ضعف قوة تحمل اللبن للحرارة حيث يكون عرضة للتجبن عند غليه وبذلك لا يصلح لـصناعة الألبان التي تسخن لدرجة حرارة عالية مثل اللبن المعقم أو المركز، صعوبة إستخدام البادئات فى صناعة اللبن الزبادي أو الجبن وذلك لأن بعض أنواع الميكروبات المسببة لإلتهاب الضرع تفرز مواد حيوية مضادة لنشاط بكتريا حمض اللاكتيك الخاصة بالبادئ، زيادة طراوة الخثرة الناتجة بإضافة المنفحة، فساد الجبن الناتج أثناء التسوية نتيجة لزيادة عدد البكتريا غير المرغوب فيها بـاللبن حيث يؤثر كثير منها على البروتين بطريقة يتولد بها طعم غير مقبول وروائح كريهة بـالجبن.

س: تكلم عن تأثير كلا من المضادات الحيوية والمبيدات على الألبان؟

بدأت مشكلة بقايا المضادات الحيوية في اللبن ومنتجاته في الظهور عند إستخدام البنسلين في علاج الحيوان، وكان أول هذه المشاكل هو ظهور طفح جلدي مفاجئ لبعض مستهلكي الألبان نتيجة لحساسيتهم للبنسلين، وقد إتضح بعد ذلك أن هذا اللبن كان ناتجا من حيوانات عولجت بالبنسلين، كما تسبب المضادات الحيوية المستخدمة في علاج ماشية اللبن العديد من المشاكل في الصناعات اللبنية التي يستخدم فيها البادئات البكتيرية مثل الألبان المتخمرة والجبن وصناعة الزبد حيث تعمل هذه المضادات الحيوية على إبطاء أو وقف نشاط أو قتل بكتريا البادئات مما يمنعها من القيام بنشاطها الفسيولوجي المرغوب، ويجب أن يستبعد لبن الماشية المعالجة بـالمضادات الحيوية من عمليات التصنيع طوال فترة العلاج، وعند إيقاف العلاج لا يستخدم لبن هذه الماشية إلا بعد مرور 72 ساعة على تناولها آخر جرعة من المضاد الحيوي.

أما بالنسبة للمبيدات فكما هي سامة للآفات سامة أيضا للإنسان، ورغم أهمية إستخدامها للقضاء على الآفات إلا أنها تشكل خطورة شديدة جدا على الصحة العامة للإنسان، وهي عادة تصل إلى اللبن عن طريق عليقة الحيوان التي يتناولها بعد تلوثها نتيجة الرش بـالمبيدات وبالتالي تجد طريقها للإنسان، والمشاكل التي تسببها المبيدات لـصناعة الألبان تماثل تماما تلك التي تسببها المضادات الحيوية، سواء ما تسببه من أمراض حساسية للإنسان أو مشاكل إعاقة عمل بكتريا البادئات ولكنها تتفوق على المضادات الحيوية من حيث تعددها وإنتشارها لدرجة أن المسجل منها حاليا في وكالة حماية البيئة الأمريكية يصل إلى حوالي 32000 مركب وتحدد هذه الوكالة عادة الجرعة الآمنة من بقايا المبيدات المحتمل وصولها للأغذية المختلفة.

س: ما العوامل المؤثرة على إستهلاك الألبان ومنتجاتها في مصر؟

يمكن تصنيف العوامل المؤثرة على إستلاك الألبان ومنتجاتها في مصر إلى عوامل سكانية واقتصادية واجتماعية، وتتمثل هذه العوامل في أن الألبان ومنتجاتها تعتبر غذاء رئيسي للكثير من الفئات خاصة أهل الريف والبدو والعرب الرحل أما سكان الحضر فيعتمدون بدرجة أقل على الألبان ومنتجاتها من المزارع حول المدن ومن المصانع، وتختلف هذه العوامل في درجة تأثيرها على السلوك الإستهلاكي للفرد والمجتمعات، ويعتبر النمو السكاني من أهم العوامل المؤثرة على إستهلاك الألبان ومنتجاتها، كما يلاحظ تأثير الأعمار على الإستهلاك حيث يزداد لدى الأطفال ويقل نسبياً بتقدم العمر ويزداد ثانية لدى الأعمار الكبيرة، كما أن تزايد الوعي الغذائي وتطور مجال الإعلام قد ساعد في زيادة استهلاك الألبان ومنتجاتها، بالإضافة إلى أهمية الناحية الاقتصادية أيضا في نسبة الاستهلاك لما لها أهمية كبرى في القدرة الشرائية للألبان ومنتجاتها.

س: ما السياسات المؤثرة على إنتاج وتصنيع وتسويق واستهلاك الألبان ومنتجاتها؟

تلعب السياسات التي تنتهجها الدول عموما دوراً كبيراً في مسار الحياة الاقتصادية والاجتماعية وغيرها من أوجه الحياة، وفى بلدان الوطن العربي إنتهجت الحكومات العديد من السياسات الإنتاجية والتجارية التي كان لها أثارا إيجابية وأخرى سلبية على قطاع الثروة الحيوانية بصفة عامة وعلى قطاع الألبان بوجه خاص، ويمكن إيجاز أهم السياسات التي أثرت إيجابياً على قطاع الألبان ومنتجاتها في أن الدولة قد أولت الجاموس إهتماماً خاصاً لكونه المنتج الرئيسي للألبان وذلك من خلال تشجيع البحوث التطبيقية والإرشاد الزراعي، كما شجعت الدولة تكثيف الإنتاج الحيواني في الأراضي الجديدة وشجعت بوجه خاص توجيه الإستثمار في تلك الأراضي، وإهتمت سياسة الدولة أيضا بالتصنيع التقليدي لمنتجات الألبان بواسطة المرأة الريفية.

ومن أهم السياسات التي أثرت سلباً على قطاع الألبان عدم الإهتمام الكافي بتقوية برامج الإرشاد الحيواني، تعثر برامج التأمين على الماشية وعدم شمولها للقطاع الأكبر من حيوانات اللبن، عدم كفاية مساهمات برامج تمويل المشروعات الصغيرة على مستوى القرى مقارنة مع الآمال المعقودة عليها، عدم كفاية برامج توعية المزارعين في مجالات الإهتمام بصحة الحيوان وعدم تمكنها من خلق الصلات المطلوبة ما بين المزارعين والأطباء البيطريين، إضافة إلى عدم إيلاء العناية الكافية للأطباء البيطريين.

س: ما مقترحات سيادتك لتطوير إنتاج الألبان في مصر؟

تنصب معظم مقترحات تطوير إنتاج الألبان في مصر في كيفية التغلب على أهم مشاكل الإنتاج مثل ضعف الإنتاجية والقدرات الوراثية للحيوان، قلة وعي المنتجين، ضعف التمويل والتدريب والإرشاد والدعم، تدنى نوعية المنتجات اللبنية وصغر الحيازات وتدهور المراعي الطبيعية، وتتضمن تلك المقترحات تحسين الصفات الوراثية لقطيع الألبان وإحلال كامل للأبقار المهجنة محل المحلية من خلال برنامج متكامل للتحسين الوراثي بهدف زيادة إنتاجية الجاموس، رفع الإنتاجية لمحاصيل العلف خاصة البرسيم والذرة الرفيعة وتشجيع قيام مزارع الألبان المتخصصة في الأراضي حديثة الإصلاح والتوسع في زراعة الأعلاف الخضراء مثل السيلاج وتشجيع زراعة الذرة الرفيعة والصفراء، توفير الرعاية الصحية والبيطرية للحيوانات، تخفيض الفائدة على القروض المخصصة لمشاريع الألبان، تشجيع نشاط الصندوق الإجتماعي في مجال قروض الحلابة وإزالة المعوقات لتشجيع الخريجين لإقامة مشاريع الألبان.

س: تكلم عن تأثير المواد المشعة على الألبان؟

هناك دائما خطورة من إحتمال إنتقال المواد المشعة وغالبا الناتجة من اليورانيوم إلى الأغذية المختلفة، ومنها اللبن ومنتجاته، ومن المعروف أن الإشعاعات المباشرة مثل أشعة جاما وأشعة بيتا تقوم بهدم الأنسجة الحية للجسم، وقد كانت بداية مشكلات المواد المشعة بعد إجراء تجارب التفجيرات الذرية والهيدروجينية حيث تسبب الغبار الذري في تلويث الحبوب والتربة وكذلك تساقط أمطار محملة بالغبار الذري، وتعتبر حوادث المفاعلات الذرية المستخدمة في إنتاج الطاقة الكهربائية مثل مفاعل تشرنوبل في الإتحاد السوفيتي السابق من أهم مصادر التلوث الإشعاعي التي يجب أن تؤخذ في الإعتبار، وأهم المواد المشعة الناتجة هي  اليود 131،  الاسترنشيوم 90، السيزيوم 137 والباريوم، وتصل المواد المشعة إلى اللبن عن طريق تناول الماشية لنباتات نمت في تربة سبق تلوثها بمواد مشعة، ومن مخاطر اليود المشع أنه يتراكم في الغدة الدرقية للإنسان،  أما مادة الاسترنشيوم فإنها تتراكم في العظام، وبصفة عامة فإن معاملة التربة الملوثة بالاسترنشيوم المشع بالجبس تخفض كثيرا من نسبة التلوث وتمنع وصول المادة المشعة للنبات ومنها لـماشية اللبن، وقد تم إعداد طرق للتخلص من اليود والاسترنشيوم المشعين في اللبن وذلك بتمرير اللبن خلال مبادلات كاتيونية وأنيونية وهي تشبه في ذلك أجهزة تحويل الماء العسر إلى ماء يسر.

س: نسمع كثيرا عن استخدام نظام تحليل نقاط مراقبة المعدلات الحرجة للمخاطر في مصانع الألبان (HACCP)، نرجو توضيح ذلك؟

تحليل المخاطر ونقاط التحكم الحرجة (هاسب) هو نظام تحكم ورقابة على إنتاج اللبن ومنتجاته آمن صحيا عن طريق القضاء على المخاطر الصحية التي تهدد سلامة المنتج والمستهلك أو إستبعاد هذه المخاطر أو تقليلها إلى الحدود التي يمكن قبولها، وقد بدأت فكرة البحث عن نظام لإنتاج غذاء آمن مع بداية الرحلات الأولى لرجال الفضاء الأمريكيين عام 1959م حيث طلبت معامل الجيش ووكالة الفضاء الأمريكية من إحدى الشركات إنتاج أغذية لرجال الفضاء تكون خالية من المخاطر الصحية حتى لا تؤدي إلى مشاكل صحية للرواد في رحلاتهم الفضائية ورغم ذلك لم يعلن عن هذا النظام إلا في أوائل السبعينات، وفي سنة 1997م صدر نظام الهاسب الرسمي عن لجنة الكودكس لتطبيق نظام الهاسب مع دلائل إرشادية للتطبيق، وفي سنة 2005م صدرت المواصفات الدولية للنظام، وقد بني الهاسب على ثلاث مبادئ وهي تحديد وتقييم المخاطر المتعلقة بـالغذاء والضارة بصحة المستهلك، تحديد نقاط المراقبة الحرجة في إنتاج الغذاء، وضع الأنظمة الكافية للمراقبة والتحكم في هذه النقاط الحرجة. ويعتبر الهاسب نظام وقائي الغرض منه منع أسباب المخاطر قبل حدوثها وهو يختلف عن أنظمة المراقبة والتفتيش التقليدية التي تتعامل مع المنتج النهائي وإستبعاد المنتج المعيب.

وقد تم تطبيق هذا النظام في رسالة دكتوراة تحت إشرافنا في إحدى مصانع الألبان في مصر على تحسين السلامة والجودة للزبادي والجبن الأبيض في مصر، وقد تم تحديدها في عدة نقاط: تنفيذ برنامج نظام تحليل المخاطر في مصانع الزبادي التجارية، وتقييم برنامج نظام تحليل المخاطر خلال مراحل معينة من عملية تصنيع الزبادي، وقد أمكـن وضع المخاطـر المرتبطة بكل خطـوة من خطوات عمليـة التصنيع وكل الإحتياطات التي تمنع المخاطر، بالاضافة الى تطبيق آساليب التحكم أثناء الإنتاج التي تصفضوابط الرقابة والإجراءات عند رصد الحدود الحرجة من نقاط التحكم الحرجة خاصة التي تحدد أي انحراف عن المعدل المسموح به.

س: بصفتك رئيس لقسم الألبان بجامعة الأزهر، هل يوجد تعاون مع أقسام الألبان بالجامعات الأخرى والمراكز البحثية ومصانع الألبان، وهل تنتهي علاقتكم بالطلبة بمجرد حصولهم على درجة البكالوريوس؟

بطبيعة الحال لابد من التعاون مع أقسام الألبان بالجامعات الأخرى والمراكز البحثية من خلال الإشراف المشترك على طلاب الماجستير والدكتوراه وورش العمل والمؤتمرات العلمية الدورية وتبادل الرؤى في أحدث الأبحاث في مجال الألبان، كما يتم التعاون والتنسيق أيضا مع بعض مصانع الألبان لتدريب الطلاب على الأجهزة الحديثة والإنخراط في الجانب العملي التطبيقي بالإضافة إلى الرحلات العلمية لكثير من المصانع في المحافظات المختلفة، أما عن الخريجين فنحن على صلة بهم ومتابعتهم من خلال إيجاد فرص عمل في بعض الشركات المتعاونة معنا علاوة على التسجيل في الدراسات العليا لمن يرغب في ذلك.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى