صحة

«اللبن».. والحر الشديد

إعداد: أ.د.وفاء محمود سلامة

رئيس بحوث بقسم بحوث تكنولوجيا الألبان بمعهد بحوث تكنولوجيا الأغذية بمركز البحوث الزراعية

على مدى عقود، ظل العلماء يحذرون مما قد يحدث لدرجات الحرارة حول العالم، حيث فشل العالم في التخلص من عادة الوقود الأحفوري، وكبح التلوث الناتج عن ارتفاع درجة حرارة الكوكب.

نحن الان تتكشف أمامنا رؤية تغير المناخ التى ستستمر في التفاقم وتتطور الى الأسوأ، حيث إن ما نراه الآن من ارتفاع جنونى فى درجة حرارة الجو هو مجرد مقدمة لما يمكن أن يحدث إذا لم تنجح الجهود المبذولة للحد من الانبعاثات، حيث يشهد عدد من دول العالم ارتفاعا كبيرا في درجات الحرارة، التى تجاوزت 50 درجة مئوية في بعض الدول.

تابعونا على قناة الفلاح اليوم

تابعونا على صفحة الفلاح اليوم على فيس بوك

يعد تأثر البشر بالطقس القاسي هذا العام (2023م) صارخا بالفعل، فمع الارتفاع في درجات الحرارة في الوقت الحالي يجب توخى الحذر، حيث أنه من الممكن أن يؤدي إلى كثير من المشاكل الصحية، ومن أكثر المخاطر التي يتعرض إليها الإنسان خلال الجو الحار ضربة الشمس، التي تنتج عن التعرض المباشر لأشعة الشمس خاصة في وقت الظهيرة، والتى تعتبر أكثر تأثيرا على كبار السن، ولهذا يُنصح بعدم الخروج خلال فترات النهار.

كما يعد الإغماء من أهم الأعراض التي تصيب الأشخاص في درجة الحرارة المرتفعة، ويحدث هذا نتيجة كثرة الحركة والنشاط الزائد أثناء الجو الحار مما يصيب الإنسان بالإجهاد والشعور بالدوار ينتج عنه الإغماء.

أيضا ارتفاع درجة حرارة الجسم فى الجو الحار يجعل القلب يقوم بمجهود أكبر لتبريد الجسم، وهذا يؤدي إلى زيادة معدل ضربات القلب مما يؤدى الى زيادة تدفق الدم بالشرايين، وزيادة في سرعة الدورة الدموية بالجسم مما يتسبب في التعرق الزائد والانخفاض في معدل ضغط الدم، وهذا يؤدي إلى الشعور بالإجهاد والتعب والهبوط.

لهذا يجب تخفيف درجة حرارة الجسم بأي طريقة حيث تسعى أجسامنا جاهدة للحفاظ على درجة الحرارة عند حوالي 37,5 درجة مئوية، سواء كنا في عاصفة ثلجية أو موجة حر، فهذه هي درجة الحرارة التي تعمل عليها أجهزة الجسم.

تنصح العديد من الجهات والهيئات الصحية بالقيام بالعديد من الخطوات للوقاية من مخاطر حرارة الجو التى من اهمها على الاطلاق شرب كمية كافية من الماء والعصائر على مدار اليوم، مما يحافظ على ترطيب الجسم والوقاية من الجفاف.

فى هذا الصدد تطالعنا الابحاث العلمية ومنها ما ذكره احد اساتذة الجامعات المصرية، وهو بحث علمى جديد لاكتشاف أفضل مشروب يحميك من الجفاف، وفى نفس الوقت يعد هذا المشروب صديق لمرضى السكر وكذلك لخسارة الوزن.

من المعروف أن من أهم العوامل التى تجعل الجسم صحى ويعمل بكفاءة هو أن يظل هذا الجسم رطب لفترة طويلة بمعنى أنه يحتفظ بكمية من الرطوبة داخل الجسم بصورة كافية ومدة أطول وتسمى هذه الحالة To stay hydrated.

تحدث العلماء عن هذا الموضوع (رطوبة الجسم) كثيرا وما ينبغى فعله حتى يظل الجسم محتفظ برطوبته بدون جفاف، ومن الاشياء التى ينبغى على الانسان ان يقوم بها حتى يظل الجسم طوال الوقت فى صورة رطبة وليس به جفاف شرب من 2 – 3 لتر ماء يوميا.

لكن فى الحقيقة هذا الامر ليس بهذه البساطة لأنه عندما يشرب الإنسان هذه الكمية الكبيرة من الماء فإن الجسم يفقدها بسرعة ولا يحتفظ بها، وبالتالى فإن شرب الماء مهم، لكن الزيادة منه ليست هى التى تحمى  الجسم من الجفاف.

لذلك قام العلماء بالبحث عن تحديد أفضل المشروبات التى تقى الجسم من الجفاف لأطول فترة ممكنة لان الماء ليس كافى من اجل تحقيق ذلك الغرض (المحافظة على ان يظل الجسم رطب لأطول فترة ممكنة). حيث تم اجراء بحث فى كبرى جامعات انجلترا بواسطة فريق من العلماء الانجليز حالوا التوصل الى منح رقم معين لكل مشروب قيد الدراسة يسمى بمؤشر رطوبة الجسم Beverage Hydration Index (BHI)، وهو رقم يعبر عن “مقدار قدرة المشروب على جعل الجسم محتفظ بالماء بأطول وقت ممكن ولا يفقد منه بسرعه”.

هذا الرقم اعتمد فى اجرائه والحصول عليه على اجهزة وطرق قياس حديثة ومتطورة جدآ لتعطى نتائج تعتمد على دراسة العلاقة بين الاداء والوظيفة.

تم فى هذا البحث استخدام 13 مشروبا من اكثر المشروبات التى يتم تناولها يوميا وهما الماء، ماء به غاز، كولا، كولا دايت، البيرة، عصير برتقال، القهوة، شاى ساخن، شاى بارد، مشروبات رياضية، لبن كامل الدهن، لبن خالى الدهن.

بدأ العلماء فى قياس مؤشر احتفاظ الجسم برطوبته BHI عن طريق تناول الاشخاص قيد الدراسة لكميات متساوية من هذه المشروبات السابقة. بعد ان تم منح رقم لكل مشروب تم تقسيم ارقام هذه المشروبات الى 3 مجاميع  وهى:-

ـ المجموعة الاولى وهى low Beverages Hydration Index وهى المجموعة المنخفضة فى المؤشر.

ـ المجموعة الثانية وهى ال control وهى المجموعة القياسية أو الحالة القياسية.

ـ المجموعة الثالثة وهى الHigh Beverages Hydration Index وهى المجموعة المرتفعة فى المؤشر.

حدد العلماء مجموعة المشروبات المنخفضة المؤشر عن الماء (الحالة القياسية) ومنها على سبيل المثال مشروب القهوة والذى ادى الى ان الجسم يحتفظ بالماء فى وقت قصير. أما مجموعة المشروبات المرتفعة المؤشر عن الماء (الحالة القياسية) ومنها اللبن سواء الكامل او الخالى الدهن، حيث أدى اللبن الى ان يكون الجسم رطب لفترة اطول من الماء بكثير مما قد يؤدى الى حماية الجسم من الجفاف.

توصل العلماء فى نتائج دراستهم الى ان اللبن بصفة عامة سواء كامل او خالى الدهن هو افضل مشروب لحماية الجسم من الجفاف، كما انه يساعد على انخفاض الوزن والسكر التراكمى للانسان وان اللبن الكامل افضل فى المحافظة على رطوبة جسم الانسان من اللبن خالى الدهن.

الاسباب التى جعلت اللبن أفضل من الماء فى ترطيب الجسم وحمايته من الجفاف تعود الى التركيب الفريد  للبن، حيت يحتوى اللبن على  مجموعة إلكتروليتات متزنة اتزان شديد مع بعضها وفى صورة دقيقة، وهذا يجعل إلكتروليتات الجسم مضبوطة وفى حالة اتزان.

تساعد الإلكتروليتات المتزنة في توازن كمية الماء بالجسم، كما ان اللبن الكامل يحتوى على دهن وبروتين وعندما يتم تناوله ووصوله الى معدة الإنسان يتم خروج الماء منه بالتدريج وببطء ولا يفقد الماء بسرعة من الجسم مما يؤدى كل ذلك الى ترطيب الجسم.

من كل ذلك نستطيع ان نقول أن اللبن يعد أفضل مشروب (افضل من الماء نفسه) لحماية الجسم من الجفاف حيث يجعل الجسم يحتفظ بالماء بأكبر قدر ممكن، وبالتالى فهو يقلل الاحساس بالعطش فى ظل هذا الحر الشديد الذى يشهده العالم اجمع.

لذا ننصح بشرب اللبن بدلا من الماء فى الجو الحار، وكذلك ختم وجبة السحور فى موسم الصيام باللبن وليس الماء، اذ انه يساعد الصائم ايضا على عدم الشعور بالعطش طوال فترة الصيام.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى