رأى

الغذاء حياة شعوبنا.. والوقود الحيوي قدر هذه الشعوب

مقال الدكتورة «شكرية المراكشي» رئيس شركة مصر تونس للتنمية الزراعية

مع تناقص موارد الطاقة هذه الايام، اتجهت الكثير من الدول إلى البحث عن مصادر بديلة للوقود وإيجاد الحلول لتجاوز مشكلة عدم الوفرة في الوقود الأحفوري، لذلك كان الوقود الحيوي هو البديل الأمثل على اعتبار انه الطاقة المستدامة من الكائنات الحية سواءً الحيوانية منها أو النباتية.

تابعونا على قناة الفلاح اليوم

تابعونا على صفحة الفلاح اليوم على فيس بوك

هو يعتبر الوقود الحيوي من أهم مصادر الطاقة المتجددة على خلاف غيره من الموارد الطبيعية، مثل النفط والوقود النووي، لذلك سعت كثير من الدول لزراعة أنواع معينة من النباتات خصيصا لاستخدامها في مجال الوقود الحيوي، من عدد من المحاصيل النباتية والطحالب والبكتيريا ومنها: الذرة وفول الصويا في الولايات المتحدة الأميركية، وقصب السكر في البرازيل، وزيت النخيل في شرق آسيا واللفت والشعير وغيرها كجيل اول.

شاهد: وقود الجاتروفا.. الوقود الحيوي المستخرج من نبات الجاتروفا

اما الجيل الثاني فيعتمد على المخلفات النباتية كسيقان القمح والذرة ونشارة الخشب، حيث يتم الحصول على الوقود السليلوزي والايثانول والميثانول الحيوي والهيدروجين الحيوي.

اما الجيل الثالث فيستخدم الطحالب لإنتاج الوقود الحيوي، لاحتوائها على نسبة جيدة من الزيوت تصل إلى 60% من وزنها.

اليوم فنحن امام الجيل الرابع الذي يعدُ أحدث اتجاه عالمي لإنتاج الوقود الحيوي، ويعتمد على إجراء تغيير في جينوم أحد الكائنات الدقيقة، وهي بكتيريا تسمى Mycoplasma Laboratorium، بحيث تصبح قادرة على إنتاج الوقود من غاز ثاني أكسيد الكربون.

شاهد: كيف تحصل على شتلات الجاتروفا من مركز البحوث الزراعية؟

لكن استغلال الأراضي لزراعة محاصيل الطاقة، وتحويل الحقول الزراعية المنتجة للمحاصيل الغذائية المخصصة للاستهلاك البشري أو الحيواني إلى حقول لإنتاج الوقود الحيوي، يتسبب في خلل في التنوع الزراعي العالمي، ونقص كثير من الغابات والمحميات الطبيعية، وزيادة في معدلات انجراف التربة، واستهلاك كميات هائلة من المياه العذبة.

قدرت بعض الدراسات أن إنتاج لتر واحد من الوقود الحيوي يحتاج إلى 5000 لتر ماء، وأن إنتاج 13 لتراً من الإيثانول يحتاج – مثلا – إلى 231 كيلوغراماً من الذرة.

كما انه يتسبب في ارتفاع مستوى تلوث المياه والهواء الناجم عن الكميات الكبيرة من المبيدات الزراعية والأسمدة التي تتطلبها زراعة محاصيل الطاقة، ويكون لها تاثير سلبي على جودة التربة وانهاكها، هذا الى جانب القيد الأخلاقي، حيث ان بعض الدول النامية غير المنخرطة في إنتاج الوقود تدين تلك الدول المنتجة للوقود الحيوي في محافل دولية لإنتاجه من المنتجات الزراعية، لما يتضمنه من تحويل غذاء الإنسان إلى غذاء للآلة في الوقت الذي تعاني فيه الكثير من الدول أزمات غذائية وصلت إلى حد المجاعات.

شاهد: زراعة الجاتروفا في الأراضي الهامشية والري على مياه البحر لإنتاج الوقود الحيوي

لكن ماذا يفعل صانعو قرار دولنا النامية اذا اصبحت سيارات المستقبل الحديثة تعمل بالوقود الحيوي؟، ماذا يفعلون أمام الأعداد المتزايدة  من البشر؟

لدينا صحراء في كل دولنا العربية اراضى ملحية ومياه مالحة ومياه معالجة وانواع متعددة من النباتات الملحية،  وبالتحديد في مصر لدينا آلاف الخبراء متعددي التخصصات.

شاهد: تكلفة زراعة فدان بالجاتروفا والعائد السريع للمزارع أو المستثمر

متى يتم الاستفادة من تلك الموارد في إنتاج الوقود الحيوي لإضافة أغذية جديدة؟

من الضرورة تشجيع الاستثمار فى صناعة  انتاج الزراعات غير التقليدية للغذاء وللوقود الحيوى من موارد صحراء مصر، واقامة نماذج رائدة تعتمد اساسا على الاستغلال الامثل والمستدام للموارد الطبيعية المتاحة، وخاصة الموارد الطبيعية الهامشية من تلك الاراضى شديدة الملوحة ومياه البحر الاحمر ومياه الابار شديدة الملوحة والنباتات الطبيعية المحبة للملوحة لإنتاج الأعلاف الحيوانية التي نستوردها من الخارج لانتاج بعض الاغذية  للانسان ونباتات طبية وعطرية لصناعة الدواء والوقود الحيوي (البيو ديزل) والألياف.

شاهد: استخلاص الزيت من بذور الجاتروفا

وبالتالي تعظيم الاستفادة من منتجات النباتات الملحية النامية فى البيئات الملحية لسواحل ووديان البحر الاحمر فى المناطق المهمشة من مصر لانتاج البيوجاز من المخلفات العضوية، وانتاج الملش لتغطية التربة وإنتاج الكومبوست العضوى.

تطور استخدام الوقود الحيوي ومبادرات الدول الأوروبية

في عام 2010 الزم القانون الاوربي كل مستهلك للوقود وبأية طريقة كانت على استهلاك ما مقداره 5,75% من مجموع استهلاكه من الوقود الحيوي على ان تتصاعد هذه النسبة الى 20% عام 2020، وبدأت الشركات الاوروبية على استئجار اراض أفريقية لزراعة هذه النباتات.

كما ان العديد من دول العالم بدأت التخطيط لزيادة نسبة خلط الوقود الحيوي في استخداماتها للوقود البترولي، منها دول أوروبية ودول آسيوية، وهناك مبادرات لاستخراج الإيثانول من المنتجات غير الغذائية، وتعتبر كندا دولة رائدة في استخراج الإيثانول من نشارة الأخشاب.

شاهد: زراعة الجاتروفا بمياه الصرف الزراعي

كما تم تشييد محطة “غرين سكاي” (Greensky) في لندن لمعالجة المخلفات العضوية لانتاج الوقود الحيوي، حيث تعمل هذه المحطة على معالجة نحو 500 ألف طن من المخلفات التي تنتجها مدينة لندن والمخلفات النباتية المختلفة لإنتاج ستين ألف طن من وقود الطائرات في مفاعلات الوقود الحيوي.

كيف يمكن لدولنا النامية الاستفادة من  الخبرات الدولية في مجال الوقود؟، ما المتاح لدينا من الموارد والخبرات المحلية في مجال الزراعة الملحية كمصدر لإنتاج الغذاء والوقود الحيوى؟ هل يمكن أن تكون مصر  من الدول المنتجة للوقود الحيوي؟

هناك مبادرات رائدة في بعض الدول العربية مثل  دولة الإمارات، الجزائر، السودان، سلطنة عمان، الاردن ومصر الا ان هذه المبادرات ينقصها الكثير..

شاهد: الجاتروفا.. إنتاج الشجرة أكثر من 8 كيلو بذور سنوياً

مبادرة مصر في  الجوجوبا

إن أفضل الزيوت لاستخلاص الديزل الحيوي ومادة الجليسرين هو زيت شجرة “الجوجوبا” التي لا تحتاج في زراعتها الى كمية ماء كبيرة، ثم يلي ذلك زيت النخيل وزيت الذرة.

اقرأ المزيد: زراعة وإنتاج الجوجوبا

اقرأ المزيد: دراسة: نباتات الجوجوبا المذكرة أكثر من المؤنثة حال الزراعة بالبذور

اقرأ المزيد: مراحل استخلاص زيت الجوجوبا

مبادرة الجاتروفا  (الذهب الأخضر)

أهمية الجاتروفا في إنتاج الوقود الحيوي

 شجرة الجاتروفا التي بدأت تُثبت أنه من الممكن تخفيض كلفة إنتاج الوقود الحيوي منخفض الكربون، ودعم مقاصد الاستدامة والتنمية، من دون تعريض الأمن الغذائي العالمي للخطر.

شاهد: الجاتروفا لإنتاج الوقود الحيوي بمصر

تشير التقارير إلى أن الهكتار من فول الصويا يمكن أن يعطي 375 كيلو جرام من الوقود الحيوي والهكتار من محصول بذور اللفت يعطي 1000 كيلو جرام، الهكتار من الجاتروفا فيعطي 3000 كجم من الوقود الحيوي، وهذه الكمية تعادل 300% مما تنتجه بذور اللفت، ونحو 800% مما يعطيه هكتار فول الصويا.

اقرأ المزيد: الاستثمار في زراعة الجاتروفا.. الاستخدامات والأرباح

من المزايا المهمة لنبتة الجاتروفا، إمكانية زراعتها في ظروف بيئية قاسية كارتفاع درجات الحرارة، وشُح المياه وقلة الأسمدة، علاوة على ذلك، ونظراً لأن نبات الجاتروفا ليس صالحا للأكل وينمو على أراضٍ غير صالحة لمحاصيل الأغذية، فإن توسع زراعته لا ينافس الإنتاج التقليدي للأغذية. هناك توجه لدى شركات الطاقة العالمية إلى الاستثمار في الجاتروفا في تايلاند والفلبين وخاصة الهند.

اقرأ المزيد: زراعة الجاتروفا.. البترول الأخضر

نباتات تروى بمياه الصرف الصحي المعالج

ـ الغابات الخشبية – الاحزمة الخضراء حول المدن – محاصيل الوقود الحيوى – نوع من الغاب (البوص) فى الملاحات.

اقرأ المزيد: زراعة الجاتروفا بمياه البحر أو الصرف الصحي وفي الأراضي الهامشية تحقق أعلى الأرباح

ـ من النباتات الزيتية الغذائية المزروعة المتحملة للملوحة الكانولا والدخن والقرطم والذرة البيضاء الرفيعة، وقد تم  إدخال  العديد من الأنواع النباتية الموسمية والمعمرة  التى تتحمل الملوحة فى كثير من الدول العربية والتى تزرع فى الموسم الشتوى والموسم الصيفى، منها نباتات حولية ومعمرة منها: السورجم – الكينوا – الدخن – حشيشة السودان – الراى جراس – البانيكم – البنجر (الشمندر العلفى والسكرى) – البرسيم الشجيرى.

ـ الشجيرات العلفية  منها – القطف بانواعه – السيسبان – الاكاسيا بانواعها – الليوسينا – البروسوبس بانواعه.

ـ النباتات المحبة للملوحة التي تنفع غذاءا وعلفا  (الهالوفيت) ساليكورنيا.

اقرأ المزيد: التكنولوجيا الحيوية والقطاع الزراعي في البلدان النامية

فوائد زراعة النباتات الملحية في الأراضي القاحلة لإنتاج الوقود الحيوي كأحد مصادر الطاقة المتجددة

1ـ توفير المياه العذبة: هذه النباتات تستعمل للوقود الحيوى وبعضها للغذاء، ويجب الا تتم زراعتها فى اراضى جيدة وخصبة، ولا تروى بمياه عذبة بل تكون زراعتها في الأراضي القاحلة عالية الملوحة أو مرتفعة القلوية وهامشية، وبالتالى إضافة مساحات جديدة تحسب ضمن الأراضي الزراعية المنتجة وذات العائد الاقتصادي المرتفع – ربط المزارعين بالقرى وبالأراضي المستصلحة بما يحد من الهجرة من الريف للمدن وتوفير العديد من فرص العمل.

اقرأ المزيد: الكانولا من المحاصيل الزيتية غير التقليدية لإنتاج الزيوت 

2ـ تحسين الميزان التجاري وإضافة موارد جديدة للميزانية لم تكن متاحة من قبل، وكذلك توفير قدر من استهلاكنا للبترول والمساهمة في سد الفجوة الغذائية.

3ـ تسهم تقنيات الزراعة الملحية في تحقيق انتاج الوقود الحيوي والغذاء من خلال تحسين كفاءة الانتاج لبعض المحاصيل الزراعية المتحملة للملوحة، وزيادة كفاءة استخدام الموارد المائية العذبة المحدودة.

4ـ توفير فرص أفضل للاستفادة من الأراضي عالية الملوحة لإنتاج محاصيل زراعية متحملة للملوحة تحقق عائدا اقتصاديا هاما، وانتاج الوقود الحيوي باستخدام انواع من النباتات غير التقليدية، حيث يتم فيها استخدام انواع جديدة من المحاصيل غير التقليدية مثل:

ـ الجاتروفا والجوجوبا والخروع والتى تروى بمياه الصرف الصحى والصرف الزراعى.

– النباتات الطبيعية المحبة للملوحة النامية فى الملاحات وعلى شاطىء البحار والبحيرات والبرك.

– النباتات المزروعة المقاومة للملوحة التى تروى بمياه مالحة وتزرع فى اراضى مالحة.

مثل هذه المشاريع تكون بحاجة الى التشاركية والتكامل ما بين القطاعين الحكومي والخاص لتنفيذ كثير من الأفكار والمشاريع الريادية التي تعود بمردود اقتصادي ممتاز للبلاد وتسهم في التنمية الاقتصادية وتقليل نسب البطالة.

مع أهمية استغلال قمة المناخ التي عقدت في شرم الشيخ COP27 مؤخرا، وخرجت بتوصيات مهمة بهدف تقليل نسبة الملوثات الحيوية، حيث أن مثل هذه المشاريع تعتبر الذراع الأول للحصول على تمويل خارجي بغية تنفيذها على أرض الواقع.

إن أهمية استثمار الأفكار والمشاريع الريادية للنمو باقتصاد وبيئة الوطن وضرورة نقل فكرة البيئة المستدامة، والتركيز على دور الجامعات، والمراكز البحثية، لتطوير الجانب الريادي وسعيها رغم كل الظروف نحو تطوير الجانب الريادي، والابتكار بهدف العمل على تنشئة بيئة عمل ريادية.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى