رئيس التحرير

يا وزير الري.. حديقة عفلة تبيع المياه والتاريخ!!

بقلم: د.أسامة بدير

تقع حديقة عفلة بالقناطر الخيرية على الجسر الأيسر لفرع دمياط بين قناطر فم فرع دمياط القديمة وقناطر فم فرع دمياط الجديدة، وهي مُقامة على مساحة 13 فدانا.
تتمتع الحديقة بمجموعة من الأشجار النادرة التي استوردها محمد علي باشا من الخارج لزراعتها في حدائق القناطر ويصل عمرها إلى 200 عاما.

تابعونا على قناة الفلاح اليوم

تابعونا على صفحة الفلاح اليوم على فيس بوك

بالأمس القريب كنت بصحبة صديقي المهندس أحمد مصطفى – رجل أعمال مصري أمريكي-، في زيارة لأحد الأصدقاء بالقناطر الخيرية وهو الدكتور محمدي عبدالحميد..

اصطحبنا الصديق المُضيف، إلى حديقة عفلة بالقناطر الخيرية من أجل الاستمتاع بالطقس الدافيء على ضفاف النهر الخالد “نهر النيل العظيم” الذي اختلط مع عراقة التاريخ وما شيده محمد على باشا من فرع دمياط بين قناطر فم فرع دمياط القديمة وقناطر فم فرع دمياط الجديدة، حيث كان المنظر خلاب بكل ما تحمله الكلمة من معنى.

قررت أن اجري حوارا بالفيديو مع الصديقين العزيزين على أن تكون الخلفية هي القناطر وجريان المياه وانسيابها عبر فتحات بوابات الكوبري الذي تم إنشائه في عهد محمد علي باشا، ومواصلة سيرها إلى ما بات يعرف باسم الكوبري الجديد.. حقا منظر رائع يُشيد بجهود المصريين في المحافظة على المياه وضمان حسن استغلالها على مر العصور، فضلا عن آصالة وعراقة التاريخ الذي يربط بين الماضي والحاضر، في دعوة صريحة إلى تنشيط السياحة لمصر والترويج لمناخ مصر المشمس في ظل أجواء طقس الثلوج والصقيع والأمطار والغيوم التي تضرب أمريكا وأوروبا في ذلك الوقت من العام.

دقائق معدودة فقط تفصلنا عن مشهد عبثي لم أعرفه ولم أتعرض له في حياتي قبل ذلك في أي بلد في العالم كله.. بمجرد إعداد الكاميرا للتصرير وجلوس الصديقان في أماكنهما تمهيدا لبدأ حوار سوف أجريه معهما حول الاستثمار الزراعي بمصر وكيفية جذب رجال الأعمال لمصر.

فجأة وجدت 5 رجال يطالبون بإيقاف التصوير الذي لم يبدأ بعد، ولما سألت عن السبب قال كبيرهم أن هذا ممنوع بحجة أنه لابد من الحصول على إذن على اعتبار أننا دخلنا الحديقة مقابل رسم مالي قدره 20 جنيها للفرد كزائرين فقط، والآن أنتم تستخدمون كاميرا فيديو للتصوير، وبالتالي وجب عليكم دفع الرسوم المقررة لذلك.

دارت مناقشات تنوعت بين الحدة واللين بشكل سريع بيننا وبين مسئولي الحديقة، وفي النهاية علمنا أنها تعليمات مزيلة بقرارات من وزير الري بأنه حال التصوير بكاميرا الفيديو لابد من دفع رسوم قدرها 50 ألف جنيها!

رغم أننا حاولنا أن نوضح لمسئولي الحديقة أننا لا نقوم بتصوير فيلم سينمائي أو إعلانات.. فقط نناقش أحد القضايا الهامة التي تهم مصر وهي الاستثمار في مجال الزراعة بهدف الترويج السياحي للمنظر الجميل الذي سيظهر في الخلفية، وأن الحوار كله سينشر على قناة الفلاح اليوم على اليوتيوب وهي قناة تقدم إرشادات زراعية للفلاحين والمستثمرين بمصر وخارجها.

اقتناعي الشديد بأن مسئولي حديقة عفلة بالقناطر الخيرية ينفذون تعليمات فوقية صاغها وقررها مسئول أعلى منهم جعلني أقوم بلملمة معدات التصوير في دقائق معدوة واصطحاب الصديقين العزيزين إلى خارج الحديقة، وجميعنا الحسرة والألم والدهشة يعتصرون قلوبنا على جهل وتخلف من باتوا يديرون هذا الوطن الغالي وطفح عليهم ضحالة الرؤية والبصيرة التي اقتصرت فقط على جمع الأموال بأي طريقة حتى ولو كانت بشكل يُهين شعبهم ويُدنس كرامتهم.

استغرب صديقي المصري الذي يحمل الجنسية الأمريكية مما حدث وقال لي أن البيت الأبيض في أمريكا مفتوح للزيارة يوميا دون أي مقابل ودون تصاريح أو إجراءات .. ما الذي يحدث بمصر؟.. إن هؤلاء المسئولين يضربون السياحة في مقتل .. أنهم لا يفقهون شيئا.. نحن المصريين أصحاب هذه الحديقة .. لماذا ندفع تذكرة دخول أساسا؟ .. ولماذا يمنعون التصوير بالفيديو؟!! أمور غريبة..!!!.

الشاهد من هذه الواقعة أن الدكتور هاني سويلم وزير الموارد المائية والري، عليه أن يراجع هذه التعليمات البالية والقرارات الغبية التي أخرت ولا زالت تؤخر مصر عشرات السنين، وجعلت من ممتلكات الشعب مصادر جباية لحفنة من المسئولين يحصدون منها المكافأت والحوافز الشهرية والسنوية.

 لقد حان الوقت أن تتخلص مصر من إرهاب قرارات الجباية، وطمس معالم تاريخها بحفنة من الأموال، وتصدير قبح وتخلف بعض القيادات التي لا تنظر إلا أسفل أقدامها.

يا سادة، نحتاج إلى نهضة حقيقية جادة تنتشل هذا الوطن من أوضاع إلى آخرى أفضل وأحسن لملايين المصريين وهذا لن يحدث إلا بالتخلص من ترسانة ضخمة تملأ آلاف الصفحات من الأوراق في صورة قوانين وتعليمات وقرارات، اتُخذت في غفلة من الزمن ومن دون دراسة ولا أدنى وعي بنتائجها الكارثية على الاقتصاد الوطني، بالإضافة إلى أنه حان الوقت للتخلص من بعض القيادات التي سيطرت عليها الرجعية والجمود وبراثن الجباية والاستغلال لأصول الشعب ومقدراته في وضعية تُهين جميع أبناء الوطن وملاك موارده وأصوله.

انتظر من وزير الري الدكتور “هاني سويلم”، اتخاذ موقف جاد حيال ما حدث في حديقة عفلة بالقناطر الخيرية والإساءة لسمعة مصر وتاريخها بحجة أنها تعليمات من الوزير..

للتواصل مع الكاتب
[email protected]

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى