رأى

هل يوجد إرشاد زراعي في مصر؟

د. مدحت عزت عبدالوهاب
د. مدحت عزت عبدالوهاب

بقلم: د. مدحت عزت عبدالوهاب

يمثل الإرشاد الزراعي ركنا هاما وأساسيا داخل نظام المعلومات والمعرفة الزراعية الريفية وفي نفس الوقت يمثل حلقة الوصل بين مختلف أجهزة البحث العلمي المعنية بتوليد المبتكرات الزراعية وتوفير الحلول للمشاكل التي تواجه الريفيين، سواء التابعة لـوزارة الزراعة، أو لـوزارة البحث العلمي، أو تلك التابعة للجامعات، وبين كافة سكان المجتمعات الريفية العاملين منهم بالزراعة وأصحاب المهن الاخرى.

يعمل الإرشاد الزراعي على تحديد الاحتياجات والمشكلات الفعلية لسكان المجتمعات الريفية المحلية، ونقلها إلى الأجهزة المعنية، ومن ثم يعود إليهم بأفضل الحلول العلمية والعملية، في صورة توصيات معتمدة قابلة للتطبيق، وذات مردود اقتصادي، وذلك بهدف بناء قدرات الريفيين ومساعدتهم ليعتمدوا على أنفسهم في حل مشكلاتهم، وتعلم كل ما هو مناسب ومفيد لهم ولأسرهم ومجتمعاتهم ووطنهم، ومن ثم النهوض بمستوى معيشتهم.

تمثل الفقرة السابقة ملخصا للمقدمة التي اعتدت على البدء بها عند تدريس مقرر مقدمة في الإرشاد الزراعي لطلاب المستوى الثاني بكلية الزراعة جامعة القاهرة. ولكن سؤالهم المتكرر دائما بعد سماعها هو  “وهل يوجد إرشاد زراعي في مصر؟”

وبرغم انكار الكثير من المتخصصين وغير المتخصصين في الإرشاد الزراعي لوجود الإرشاد الزراعي، أو ادعائهم بانه “لم يعد لدينا إرشاد زراعي” وخاصة الحكومي منه. إلا ان الواقع يفرض علينا الاعتراف بوجود جهاز للإرشاد الزراعي تابع لـوزارة الزراعة المصرية ممثل على كافة المستويات بدءا من المستوى المركزي بالقاهرة وحتى مستوى القرية، فضلا عن نخبة من الباحثين والعلماء المتخصصين بـالإرشاد الزراعي والمنتشرين في كليات الزراعية بالجامعات المصرية ومراكز البحوث المختلفة.

ولكني في نفس الوقت لا يمكنني أن أنكر تدهور وتدني الخدمات الارشادية المقدمة من خلال الجهاز الإرشادي الرسمي / الحكومي وانخفاض فاعليتها وكفاءتها. وذلك نتيجة للعديد من المشكلات والمعوقات الحادة والمزمنة التي يعاني منها جهاز الإرشاد المصري. وهو ما انعكس على انخفاض مستوى استفادة ورضا المزارعين وسكان الريف عنها فضلا عن تدني مستوى ثقتهم فيها، وعزوفهم عن المشاركة في هذه الأنشطة الإرشادية القليلة جدا في غالب الاحيان.

وبالرغم من عدم خضوع القطاع الخاص وتجار المستلزمات الزراعية لنظام محدد ولا لمعايير علمية ولا لرقابة مؤسسية في تقديم المعلومات الزراعية. إلا ان الكثير من المزارعين وسكان الريف لجأوا اليهم طلبا للمعلومات الزراعية، ليس لثقتهم بها ولكن لغياب البديل وتراجع دور الإرشاد الحكومي.

وبرغم هذه الحالة المتردية للخدمات الإرشادية إلا أن هناك إمكانيات وفرص كامنة يمكن استغلالها في اصلاح وتحديث الخدمات الإرشادية المقدمة في مصر ورفع فعاليتها وكفاءتها، من خلال نموذج مقترح مبني على التعددية في تقديم الخدمات الإرشادية ومعتمدا على الطلب المحلي وإشراك جميع الاطراف المعنية في كل مراحل بناء البرامج الإرشادية بداية من التخطيط وحتى التنفيذ.

للتواصل مع الكاتب
[email protected]

*كاتب المقال: أستاذ مساعد الإرشاد الزراعى فى كلية الزراعة بجامعة القاهرة.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى