«نبات البردي» لتنقية مياه الصرف الصحي بالدقهلية.. وصناعة ورق البردي بالشرقية

بقلم: أ.د. إنجي خيري فايد

رئيس بحوث بمعهد بحوث الارشاد الزراعي والتنمية الريفية – مركز البحوث الزراعية

يقول المولى عز وجل في احكم اياته (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ۗ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (53) سورة فصلت.

ومن ايات الله في خلقه نبات البردي Cyperus papyrus وهو الاسم العلمي للنبات وهو اصل كلمة paper  الانجليزية وتعني الورق، الذي استخدمه المصري قديما في تدوين تاريخه العريق وحضارته التي ما زالت تبهر العالم باسره.

تابعونا على قناة الفلاح اليوم

تابعونا على صفحة الفلاح اليوم على فيس بوك

ارتبط هذا النبات الذي ابدع الله في خلقه وسخره لخدمة الانسان في كثير من سبل الحياه بالهوية المصرية، فذلك النبات ريزومي معمر ينمو تحت ضوء الشمس الساطع في المستنقعات التي تغمرها الفيضانات وعلى جوانب البحيرات في جميع أنحاء إفريقيا، والذي يتراوح ارتفاعه ما بين 4 ـ 6 متر.

اكتشف عن طريق عدة دراسات قدرة نبات البردي على تنقية مياه الصرف الصحي، وقد اجرى علماء مصر الاجلاء دراسات وتجربة رائدة في هذا المجال تجسدت في محطة تنقية مياه الصرف الصحي في قرية سماحة بمركز اجا بمحافظة الدقهلية، حيث تم زراعة نبات البردى فى مياه الصرف الصحى، وأثبتت النتائج العلمية أن نبات البردى قام بامتصاص كميات كبيرة من المعادن الثقيلة، وكذلك كميات كبيرة من النتروجين والفسفور بالإضافة إلى التخلص من الروائح الكريهة.

يعد ذلك احد الحلول منخفضة التكلفة في مواجهة تحدي ندرة المياه في الدولة، حيث تعتمد مصر وفقا لاحصاءات منظمة الاغذية والزراعة الفاو  على مياه الري من نهر النيل بنسبة 76,82٪ من إجمالي المياه العذبة التي تصل مصر.

نظرا لأن نهر النيل يمثل 92,8٪ من المياه العذبة، فإنه يكاد يكون المصدر الوحيد للأراضي الصالحة للزراعة في جميع أنحاء مصر. كما ان زراعة نبات البردي في مياه الصرف الصحي تنقي مياه الصرف الصحي الذي يلجأ للري بها بعض المزارعين في بعض الاحيان بدون معالجة.

كما يستخدم اللب الابيض الداخلي لنبات البردي  ايضا في صناعة الورق.

لقد كان نبات البردي سببا في إنعاش قرية القراموص مركز أبوكبير بمحافظة الشرقية اقتصاديا، والقضاء على البطالة فيها، حيث قام علماء مصر بإدخال زراعة نبات البردي وصناعة اوراقه بقرية القراموص في ورش مخصصة لصناعة اوراق البردي الحقوها ببيوتهم، وبيع الورق المصنع في هذه الورش لطلبة الفنون الجميلة والسائحين، فأزدهرت زراعة نبات البردي في حقول المزارعين وصناعة اوراقه في الورش الملحقة ببيوتهم في قرية القراموص وقضى ذلك على البطالة في القرية، وارتفع المستوى الاقتصادي لأهل القرية من جراء زراعة نبات البردي وتصنيع اوراقه.

لكن مع ارتباط زراعة نبات البردي بتصنيع ورق البردي وبعض المنتجات اليدوية البسيطة فقط دون أي صناعات اخرى رغم تعدد استخدامات نبات البردي في الصناعات الدوائية، والاغراض البيئية، وفي معالجة مياه الصرف الصحي، عزف كثير من مزارعي القراموص عن زراعة البردي مع تقلص الطلب على ورق البردي من قبل السائحين، سواء لوجود بدائل من دول اخرى مثل الصين وسنغافورا او تدهور السياحة في مصر.

لذا، أدعو الى الاهتمام بنبات البردي على الصعيدين البحثي والتطبيقي.