رأى

الرقمنة وتغذية القطعان الحية

أ.د.عبدالمنعم صدقي

بقلم: أ.د.عبدالمنعم صدقي

رئيس بحوث بمعهد الإنتاج الحيواني بمركز البحوث الزراعية

استكمالا لسلسلة التحول الرقمي في المجال الزراعي والذي بداتها منذ الاسبوع الماضي استكمل اليوم المقالة الثانية عن عنصر هام ومؤثر في الإنتاج الحيواني وهو الرقمنة وتغذية القطعان الحية.

مع زيادة عدد سكان العالم يجب تكثيف الإنتاج الحيواني لتوفير المزيد من المنتجات الحيوانية مع الاهتمام بالاستدامة البيئية والصحة العامة. إن الاستراتيجيات التقليدية التي يستخدمها المربين كالفحص المرئي للقطعان الحية وفحص الاعلاف بالمعامل تشهد تحولا رقميا من خلال توفير التكنولوجيا كطريق لتحقيق الهدف بالحلول “الذكية” ما يساعد المربين في تعزيز انشطتهم بشكل متميز من ناحيه جودة الأعلاف ومجال صحة القطعان الحية.

يشير مصطلح (PLF) Precision Livestock Farming إلى استخدام التقنيات الرقمية لتوظيف المعرفة والبيانات من أجل تطوير توصيات فعالة ذات فوائد يمكن التحقق منها. سيتطلب تنفيذ تقنيات PLF في المزارع زيادة التعاون بين المربين وعلماء الانتاج الحيواني والمهندسين لضمان إمكانية استخدام التقنيات في ظروف واقعية بالمزرعة.

المستشعرات البيولوجية تراقب صحة الحيوان وسلوكه مما يسمح للمربين بمراقبة القطعان الحية وبصورة فردية ايضاً ودمج هذه البيانات للتحليلات وتحويل نتائجها لتطبيقات متاحة للمستهدفين. تتم معالجة البيانات من أجهزة الاستشعار باستخدام تقنيات معالجة البيانات الضخمة مثل نمذجة البيانات. تستخدم هذه التقنيات الخوارزميات لفرز مجموعات البيانات الكبيرة والمعقدة لتزويد المربين ببيانات ذات صلة بيولوجيًا وقابلة للاستخدام.

تتيح تقنية Blockchain إمكانية تتبع المنتجات الحيوانية من المزرعة بمدخلات الانتاج إلى المائدة وهي ميزة هامة في مراقبة تفشي الأمراض ومنع الخسائر الاقتصادية ذات الصلة والأوبئة الصحية المتعلقة بالأغذية. تستدعي هذه التقنيات نماذج البيانات التي يمكنها فرز كميات كبيرة من البيانات أثناء احتساب متغيرات محددة وضمان التشغيل الآلي وإمكانية الوصول مع دقة البيانات. تتمتع تقنية blockchain بالقدرة على تحسين إمكانية تتبع المنتجات الحيوانية وشفافيتها ولكن هناك حاجة إلى مزيد من البحث لتحقيق إمكاناتها الكاملة.

*تحذير هام للغاية: يجب معالجة المشكلات المتعلقة بخصوصية البيانات والأمان والتكامل قبل أن يكون هناك قواعد بيانات متعددة ولا يتاح الاطلاع علي تلك البيانات الا لمجموعة معروفة وذلك للتامين الداخلي لتلك البيانات.

تعد تغذية القطعان اهم مدخل من مدخلات الإنتاج الحيواني حيث تمثل حوالي 65% من تكلفة الانتاج ولان التغذية الصحيحة تؤدي لمخرجات ايجابية من ناحية زيادة الكفاءة التحويلية ومعدل النمو للقطعان الحيه والذي ينعكس علي تحقيق عائد اكبر. قد يكون من الصعب اكتشاف التباين في جودة المواد الخام للأعلاف التي تؤثر على أداء الحيوان او تساهم في انخفاض مناعته وبالتالي سهوله تعرضة للامراض.

هناك أجهزة محمولة تعمل بـالأشعة تحت الحمراء ما يمكن من فحص الأعلاف والمقارنة بينها واختيار الافضل وفقا لمعايير علمية التي تم تحويلها الي تطبيق من خلال قراءة الجهاز. ايضاً اكتشاف مشكلات الأعلاف وتعديلها او اصلاحها مبكراً، حيث تقوم الأجهزة بمسح عينات من العلف وإرسال المعلومات للهاتف المحمول للمربي ما يتيح الوصول إلى المعلومات الغذائية أثناء تواجدهم في مواقعهم (مزرعة – منشأة – منزل).

يوفر هذا الاسلوب طريقة أكثر ديناميكية للتحكم في جودة العلف عن الطرق التقليدية والتي تتطلب في كثير من الأحيان إرسال عينات لفحصها في المعمل وهي عملية مكلفة وطويلة. كما تمنح هذه القدرات المربين تحكمًا أفضل في الاعلاف لتربية قطعانهم والتنبؤ بالإنتاج والربحية العالية لقطعانهم الحية بمزارعهم.

استنادا لتحليلات الأحماض الأمينية يمكن فحص محتوي الأعلاف منها بما يوفر لمربي ومنتجي الدجاج معلومات دقيقة حول حالة الأعلاف وجودتها بفحص عينات من مكونات الأعلاف قبل التصنيع للتحقق من مدي مطابقتها للمعايير الموضوعة وذلك من خلال اجهزة قياس مطورة لفحص الأعلاف بعد خروجها من المصنع وفي المزرعة ويتم تسجيل نتائج الفحص بالاجهزة وتسجيل البيانات الضرورية وتقييمها تلقائيا وإتاحة النتائج بسهولة عبر تطبيق على هاتف ذكي أو جهاز آي باد أو كمبيوتر محمول بحيث يكتشف النظام التغييرات في المعلومات الهامة في الوقت الفعلي ثم يقدم البرنامج توصيات يومية للتغذية مع التركيز بشكل أساسي على تحسين جودة المنتج بما يؤدي لزيادة الإنتاجية.

يوجد في الجهاز الهضمي للطيور وظائف مناعية هامة وكثير من الأمراض المعدية منشاها القناة الهضمية، ولفهم العمليات المعقدة في الجهاز الهضمي بشكل أفضل تعمل احدي الشركات على تطوير نموذج محاكاة للقناة الهضمية في نطاق تحالف الابتكار “البكتيريا الجيدة والنشاطات الحيوية في الصناعة” بتمويل من المؤسسة الألمانية الاتحادية للتعليم والبحوث ويهدف النموذج إلى بيان التفاعلات بين مكونات العلف والجهاز المناعي والذي سيمكن من اختبار إضافات الأعلاف مثل البروبيوتيك.

من خلال المستشعرات الحيوية داخل مزارع دجاج التسمين يتم معرفة المتوسط العام للقطيع المربي من خلال موازين حساسة منتشرة بالعنبر ويتم نقل تلك البيانات ومعالجتها ومعرفة هل هي متوافقة مع المتوسط العام للسلالة وفق عمرها وبناء عليه يتم تحليل المشكلة لاسبابها وتتم معالجتها.

قد تظهر تلك المستشعرات الحيوية ان الخلل في معدل النمو او متوسط الوزن راجع الي تغير في درجات الحرارة والرطوبة ونسبة الغازات بالعنبر لتتم معالجة تلك البيانات والتدخل لتعديل درجات الحرارة وغيرها وفقا لاحتياجات السلاله في هذا العمر.

لقد سبقتنا دول عديدة في مجال رقمنة تغذية القطعان الحية وعلي سبيل المثال في قطعان ماشية اللبن يتم تحديد الاحتياجات الحافظة وفقا لوزن الحيوان والاحتياجات الانتاجية وفقا للانتاجية من اللبن ويتم وضع شريحة معلقة في رقبة الحيوان chips بها جميع البيانات الخاصة به والتي من خلالها يتم حصول الحيوان علي مقرراته من العلف دون زيادة او نقص وفقا لفتح وغلق العلافات المرتبطة ببيانات الشريحة.

وفق هذا النظام لايكون هناك فاقد في الأعلاف بحصول الحيوان اكثر من احتياجاته او انخفاض انتاجيته لحصوله علي اقل من احتياجاته الغذائية.

هناك حاجة إلى مزيد من البحث لتحقيق الإمكانيات الكاملة لرقمنة تغذية القطعان الحية وضرورة توفر الأدوات اللازمة لتحقيق المستهدف كتطور هام وملح للإنتاج الحيواني.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى