رأى

استدامة نظم الإنتاج الحيواني

بقلم: أ.د.عبدالمنعم صدقي

أستاذ بمعهد بحوث الإنتاج الحيواني – مركز البحوث الزراعية

نظرا لندرة الموارد الحالية والزيادة المتوقعة في الطلب على المنتجات الحيوانية فإن زيادة الكفاءة في استخدام الموارد تعد عنصر رئيسي لتحسين الاستدامة البيئية لقطاع الثروة الحيوانية. ما زال يعيش 1,2 بليون شخص في فقر مدقع. يعيش واحد من كل خمسة أشخاص في المناطق النامية على أقل من 1,25 دولار يوميا. تنتمي الغالبية العظمى ممن يعيشون على أقل من 1,25 دولار يوميا بجنوب آسيا وإفريقيا. غالبا ما توجد معدلات الفقر العالية في الدول الصغيرة والهشة وتلك التي تعاني من النزاعات.

تابعونا على قناة الفلاح اليوم

تابعونا على صفحة الفلاح اليوم على فيس بوك

هناك واحد من كل أربعة أطفال دون الخامسة من العمر في العالم يعاني من قصر القامة مقارنة بعمره. سيتفاقم تدهور الأراضي في مواجهة النمو السكاني، والاستهلاك غير المسبوق وتغير المناخ، ما لم تتخذ إجراءات عاجلة ومتضافرة. هناك حاجة لزيادة الموارد العلفية 2,5 مرة عن 2030 لمناخ مشابه لما كان عليه (1998-2011)  وهناك حاجة إلى 3,5 أضعاف العلف في حالة الجفاف.

تتميز الثروة الحيوانية في مصر بتفتيتها حيث يمتلك أصحاب الحيازات الصغيرة أكثر من 80٪ من الحيوانات خاصة الجاموس والأبقار ويحتفظ أكثر من 70٪ من المزارعين الريفيين الذين لا يمتلكون أرضا قطعان صغيرة من الماشية أو الأغنام والماعز وقطعان صغيرة من الدواجن ولا تتلقى هذه القطعان التغذية والرعاية المناسبة والمنتظمة وتبقى على قيد الحياة من خلال الحصول على تغذيتها من الموارد المتاحة بيئيا.

الموارد الوراثية المحلية تعد ثروة قومية يجب الاهتمام بها وتنميتها والحفاظ عليها حيث أنها الأكثر مقاومة للأمراض والتغيرات المناخية، وكذلك الأكثر تأقلما مع نظم التغذية المتاحة لدى صغار حائزي الثروة الحيوانية في مصر وتختلف أهمية الموارد الوراثية الحيوانية طبقا للاحتياجات المصرية، حيث تعتبر بعض السلالات أكثر أهمية ومساهمة فى الدخل القومي كما أن الموارد الوراثية هى الإرث الحيوي للمجتمع وتمثل جزء من حضارته وقوته الناعمة وهي ايضا  أساس التحسين الوراثى عند إستنباط سلالات جديدة.

إن فقدان الأصول الحيوانية يعني الانهيار في فقر مزمن وله آثار طويلة الأجل على سبل عيشهم. كما انها الوسيلة الرئيسية لمواجهة تحديات التغيرات المناخية والزيادة السكانية وللحفاظ علي الموارد الوراثية المحلية  مردود  اقتصاديا  في الناتج القومي الإجمالي من الثروة الحيوانية.

إن هذا النوع من الإنتاج مستدام من الناحية البيولوجية لأن جميع المدخلات من الموارد المتجددة، حيث يكون العلف اللازم لتغذية الحيوانات والدواجن ناتجا من المحاصيل الحقلية أو المخلفات الناتجة عن الزراعات أو الصناعات الغذائية محليا، ولا يعتمد بشكل مباشرة على الاستيراد لكن المشكلة لهذه القطعان هو ضعف انتاجيتها نسبيا ولا يتم تسويقها بصورة ملائمة مما ينعكس بالسلب على حياة صغار المربين.

تقليديا، كان منتجو الثروة الحيوانية قادرين على التكيف مع مختلف التغيرات البيئية والمناخية. ومع ذلك فإن التوسع السكاني، والتوسع الحضري، والنمو الاقتصادي، وزيادة استهلاك الأغذية الحيوانية وزيادة التسويق التجاري جعل آليات التكيف التقليدية أقل فعالية نتيجة لذلك، أصبح تحديد استراتيجيات المواجهة وإدارة المخاطر أمرا مهما للغاية.

هناك العديد من الخيارات التكنولوجية لتحقيق الاستدامة كالمحاصيل الأكثر مقاومة للجفاف وذات الاحتياجات المائية المنخفضة والتعديلات السلوكية كالتغييرات في الخيارات الغذائية وممارسات إدارة المزارع المختلفة وبدائل السياسات كالتخطيط وتطوير البنية التحتية هذه الخيارات قد تكون مناسبة على المدى القصير، والبعض الآخر على المدى الطويل أو كليهما.

يجب تحسين كفاءة استخدام الموارد الطبيعية وهي النسبة بين استخدام الموارد كمدخل لأنشطة الإنتاج ومخرجات الإنتاج، ويمكن أن يمتد المفهوم إلى كمية الانبعاثات الناتجة عن وحدة الإنتاج كانبعاثات غازات الاحتباس الحراري لكل وحدة حيوانية منتجة.

تراعي الاستراتيجية إنتاجية أعلى لكل وحدة مساحة من الارض الزراعية مع الاستخدام الامثل للموارد المائية وكفاءة الأعلاف وتقليل الفاقد على طول السلسلة الغذائية ويتم ذلك من خلال تحسين الإدارة والتكنولوجيا وصحة الحيوان والسلالات المنتجة. يعد تحسين الكفاءة التحويلية للأعلاف في أنظمة الإنتاج الحيواني استراتيجية عنصرأساسي لتحسين الاستدامة البيئية لقطاع الثروة الحيوانية.

توفر استراتيجية التنمية الزراعية المصرية 2030 إطارا منطقيا يؤدي لتطبيق نظم الترقيم والتسجيل ثم التوصيف المظهري والوراثي للموارد الحيوانية والدواجن المصرية كما ان الاستخدام المستدام للموارد الوراثية الحيوانية مع نشر التراكيب الوراثية الحيوانية المتميزة والمتأقلمة بيئيا تتجنب الآثار السلبية المتوقعة للتغيرات المناخية والوبائية ويجب تطبيق هذه السياسات على كل أنواع الثروة الحيوانية كالحيوانات المنتجة للألبان وكذلك المنتجة للحوم الحمراء والبيضاء وبيض المائدة.

يجب أن تنطوي خطة العمل لتحقيق استراتيجية تنمية الثروة الحيوانية على عدد من المحاور التقنية والاجتماعية والاقتصادية. كما يجب أن تتضمن تحليل للأداء الحالي لقطاع الثروة الحيوانية، وإمكانياته وقيوده. ويلي ذلك مرحلة الحلول من خلال:

1ـ حصر وتوصيف الموارد الوراثية الحيوانية في مصر.

الحفاظ على الموارد الوراثية الحيوانية المحلية.

التحسين الوراثي والبيئي والاستخدام المستدام للموارد الوراثية الحيوانية.

نشر الوعي بأهمية الحفاظ على الموارد الوراثية الحيوانية المحلية واستخدامها المستدام وتعزيز حماية التنوع البيولوجي من خلال إنشاء نظم مناطق محمية موسعة أكثر فعالية، ووقف تحويل الأراضي الطبيعية، واستصلاح الأراضي المتدهورة على نطاق واسع، والتعويض عن التنوع البيولوجي في الأماكن التي لا يمكن فيها تجنب التحويل.

اعتماد أنماط الاستهلاك التي تتميز بانخفاض نصيب الفرد، بما في ذلك اعتماد الأنظمة الغذائية الأقل تسبباً في تدهور الأراضي، مثل النظم الغذائية الأكثر اعتماداً على الخضروات، والمساكن ووسائل النقل والنظم الصناعية المنخفضة الاستهلاك للطاقة والمعتمدة على مصادر الطاقة المتجددة.

تعزيز المساواة بين الجنسين والسعي نحو تحسين فرص الحصول على التعليم، وتنظيم الأسرة الطوعي، والرفاه الاجتماعي لكبار السن من السكان.

الحد من فاقد الأغذية وهدرها وإنشاء النظم المستدامة لإدارة النفايات والصرف الصحي، وإعادة استخدام المواد، وإعادة تدويرها.

اعتماد نظم أكثر كفاءة في استخدام الأراضي والطاقة والمياه والمواد وأقل انبعاثات لإنتاج الأغذية والألياف والطاقة الحيوية والتعدين وغير ذلك من السلع.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى