تحقيقات

كارثة بانتظار الذهب الأبيض.. وتوقعات بعزوف جماعي عن زراعة القطن الموسم القادم

كتب: أحمد جلال يواجه الذهب الأبيض المصرى “القطن” أزمة خطيرة خلال هذه الأيام بسبب قرارات غير مدروسة بشكل يستند إلى أساليب اقتصادية اجتماعية تراعي مصالح جميع أطراف العملية الإنتاجية الزراعية، خاصة طرفها الأساسى وهو المزارع الذى بذل الجهد والعرق وتحمل تكاليف اقتصادية دفع ثمنها من قوته وأسرته طيلة حوالى 7 شهور هى مدة زراعة محصول القطن، و”الفلاح اليوم” إذ يشدد على ضرورة مراجعة قرار تسعير محصول القطن، وقرار السماح بزراعة أصناف القطن قصير التيلة، نظرا للخطورة البالغة التى بات من المؤكد أن يتعرض لها محصول القطن المصرى صاحب الشهرة العالمية والميزة النسبية التى تميزه عن جميع أقطان العالم، بسبب مثل هذه القرارات التعسفية بحق مزارعى القطن، وإهدار لمورد أصيل من موارد الدولة.

ولذا وجب على “الفلاح اليوم“، أن يرصد تداعيات هذه الأزمة التى قد تتحول إلى كارثة تؤدى إلى ضياع البقية الباقية من الثروة البيضاء “القطن” للزراعة المصرية، وعزوف آلاف المزارعين عن زراعته الأعوام القادمة لأنه يسبب خسائر فادحة لهم.

بداية الأزمة

أصبح من المؤكد أن يواجه محصول القطن أزمة تسويقية حاليا فى محافظات الوجه البحرى بإنتاجية تقدر بـ2 مليون قنطار قطن، بسب رفض الشركات والجمعيات الزراعية التعاقد على شراء المحصول من المزارعين، لزيادة سعر الفائدة والتكلفة، ولجواء الشركات إلى استيراد الأقطان الأجنبية منخفضة السعر.

وكانت وزارة الزراعة حددت أسعار الأقطان، خلال الموسم التسويقي 2019/2018، ليتراوح السعر بين 2800 لأصناف محافظات الوجه البجري، و2600 لأصناف محافظات الوجه القبلي، في ظل تراجع البورصات العالمية، وارتفاع المعروض من الإنتاج المحلي هذا العام، وتراجع سعر بذرة القطن.

وفى سياق متصل، باستمرار أمد أزمة تسويق محصول القطن وترحيلها للعام القادم مع زيادة حدتها، قرر الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، زراعة من 10 إلى 20 ألف فدان من أصناف القطن قصير التيلة لتلبية احتياجات المصانع المحلية، عقب اجتماعه مع وزيري الزراعة، وقطاع الأعمال العام.

ردود أفعال

هاجم وليد السعدني، رئيس جمعية القطن التابعة للاتحاد التعاوني في وزارة الزراعة إتجاه  الحكومة الحالية لزراعة القطن قصير التيلة، لافتا إلى أن هناك اتجاها معاديا للقطن طويل التيلة في مصر وتوجد جهة تسعي وراء تخريبه – لا يعلمها – وتدمير محصول القطن المصري الذي كنا نتفاخر به وننافس أهم 5 دول فقط تنتجه علي الصعيد العالمي، وذلك نتيجة لتدني سعر البيع حاليا وعدم قيام الحكومة بأي شيئ لإنقاذ المحصول.

وأشار السعدنى، إلى تهاوى الأسعار المتداولة في السوق لـ2650 جنيه للقنطار، ويعتبر ذلك خطا أحمر يجب أن تتدخل فيه الدولة من خلال شركاتها التابعة لشراء الأقطان بسعر الضمان، مطالبا من رئيس الجمهورية سرعة التدخل لإنقاذ المحصول من الانقراض بمصر.

وتابع: “في ظل السعر الحالي لن يقوم الفلاح بزراعة المحصول الموسم المقبل وسيحدث عزوف جماعي عن زراعة القطن في الفترة القادمة”، رافضا سياسة الحكومة الحالية للتوسع في زراعة القطن قصير التيلة نظرا لأنه سعره سيكون أعلي من المستورد.

وتوقع رئيس جمعية القطن، عزوف من المصانع عن شراء الأقطان قصيرة التيلة، وسيتم زراعة القطن طويل التيلة، مشيرا إلى أن سياسة الحكومة الحالية ستحول مصر من التنافس مع 6 دول فقط أهمها الولايات المتحدة للتنافس مع 70 دولة.

من جانبه أكد مجدى الشراكى، رئيس جمعية الإصلاح الزراعى، أن سعر القنطار من المتوقع أن ينخفض لـ2000 جنيه لأن المخزون سيغطى السوق لفترة طويلة والكميات المتاحة تفوق طلبات السوق، مرجعا ذلك إلى التوسع فى الإنتاجية فى المحصول بنسبة 50% ووصلت المساحة لـ336 ألف فدان الموسم التسويقى الحالى 2018  بدلا من 220 ألف فدان فى 2017.

وأوضح الشراكى، أن سبب تراجع القطن هو عدم التعاقد على أقطان الوجه البحرى مثل الأصناف المزروعة فى الصعيد من خلال التعاقد على الشراء بسعر لا يقل عن 2600 جنيه للقنطار طبقا لأسعار الضمان وقد يكون الاستلام بسعر اعلى من ذلك طبقا لسعر السوق اليومى.

وأشار رئيس جمعية الإصلاح الزراعى، أنه فى ظل عدم التعاقد على القطن وتراجع سعره مقارنة مع العام الماضى، لن يكون هناك  إقبال على زراعة القطن لأن السعر المتدنى حاليا لا يشجع على الزراعة، فضلا عن وجود تلاعب من قبل بعد التجار من خلال خلط الأقطان المصرية بمستوردة رخيصة الثمن بما يهدد سمعة القطن المصرى التى بدأت استعادة مكانتها السابقة بما يخفض من سعر المصرى واتجاه التجار إلى التخزين طمعا فى الربح.

وقال نبيل السنتريسى، رئيس اتحاد مصدرى الأقطان، أن أسعار الأقطان المصرية شهدت هبوطاً خلال الأسابيع الأولى من انطلاق الموسم التسويقى لمحصول 2018، وتراجع سعر القنطار لأصناف وجه بحرى بنحو 5,6% بقرابة 150 جنيها، ليبلغ 2650 جنيهاً مقارنة بسعره التجارى المتداول به بداية الموسم البالغ 2800 جنيه.

وأكد السنتريسى، أن أسعار أصناف وجه قبلى فى المقابل لم تتراجع، وتتساوى حاليا مع الوجه البحرى رغم فارق الطول، موضحا أنها ما زالت تتجاوز سعر الحد الأدنى المعلن من الحكومة، خاصة أن المساحات المزروعة منها قليلة للغاية وعليها طلب، فيما يتجاوز إنتاج أصناف بحرى 83,3% من المحصول ولا يوجد طلب داخلى عليه.

وعدد رئيس اتحاد مصدرى الأقطان، أسباب تراجع سعر القنطار، وعلى رأسها الانخفاض العالمى لسعر البيما الأمريكى الذى يعد أحد مؤشرات تحديد أسعار الأقطان محليا ليبلغ 150 سنتا للبرة بما يعادل 2943 جنيهاً للقنطار، مقابل 165 سنتا للبرة سعره الموسم السابق بما يعادل 3237.5 جنيه للقنطار، (اللبرة = 0.323 كيلو جرام).

وتابع السنتريسى، أنه من ضمن العوامل التى ستدفع أسعار الأقطان لمزيد من التراجع هذا الموسم، زيادة المحصول عن العام الماضى بقرابة مليون قنطار، مسجلا نحو 2,4 مليون قنطار فى 2018 مقابل 1,4 مليون فى 2017، فضلا عن وجود مخزون يصل إلى 200 ألف قنطار من الموسم السابق، فى ظل تراجع استهلاك المغازل المحلية من الأقطان لأدنى مستوياته منذ سنوات ليتراوح بين 300 و400 ألف قنطار فقط، وانخفاض الطلب العالمى خلال الأونة الحالية، وتخوف أى طرف سواء المغازل أو التاجر أو الفلاح من الاحتفاظ بالمحصول لفترات طويلة لتجنب تحمل مصاريف وفوائد لتخزينه.

النقابات الفلاحية ترفض

أكد حسين عبدالرحمن، نقيب الفلاحين، أن هناك خسائر كبيرة لمزارعي القطن الموسم الجاري نتيجة تدني السعر بشكل غير متوقع، مشيرا إلي أن القطن مثل غيره من السلع يخضع للعرض والطلب وكان الإنتاج الموسم الجاري جيد وبالتالي إنخفض السعر بشكل غير مسبوق.

وأضاف عبدالرحمن، أن هناك عوامل أخري ساهمت في تراجع الأسعار مثل السعر العالمي المنافس الذي يصل لـ2000 جنيه للقنطار وزيادة الأنتاج العالمي منه، وقيام التجار بتخزين السلعة طمعا في ربح أكبر.

ولفت، إنه فى بعض الأحيان ينتج فيها الفدان 10 قناطير قطن وهناك من ينتج 15 فى مصر ولكن لا يمكن القياس عليها فى ظل تراجع الإنتاجية حاليا والظروف المناخية غير المواتية حيث تتقلص الإنتاجية إلى 5 قناطير فقط.

واعترف نقيب الفلاحين، أن بعض الفلاحين يضرون لزراعة القطن عقب حصاد القمح، وبالتالى تكون الانتاج أقل من المتوقع نظرا لأنهم يحتاجون للقمح فى توفير الطعام لأسرهم، كل ذلك يخفض من جودة القطن وكذلك عدم رعايته من قبل المزارعين نتيجة زيادة اسعار مدخلات الإنتاج مثل الأسمدة والتقاوى وكذلك زيادة مصروفات الزراعة.

وأشار، إلى أن الفدان فى بعض الأحيان يحقق عائدا 15 ألف جنيه ويصرف 12 ألفا للفدان وبالتالى يكون الربح هو 3آلاف جنيه فقط.

ونوه نقيب الفلاحين، إلى زيادة الفوائد البنكية علي قروض الشركات التجاري التي تشتري المحصول وكذلك وجود خلط من بعض التجار للمنتجات المستوردة مع المصرية ما خفض الجودة.

الخبراء يحذرون

دق عدد من خبراء وتجار القطن جرس إنذار، لتنبيه المسئولين خطورة الأوضاع التى يشهدها مزارعو القطن نتيجة تراجع الأسعار فى السوق بشكل مفاجئ، وهو أمر ليس فى صالح خطة الدولة للتوسع فى زراعته مرة أخرى والوصول به كما كان فى السابق.

وعدد المتعاملون فى تجارة القطن أسباب ذلك التراجع إلى 6 عوامل أساسية هى: ارتفاع سعر الفائدة المبالغ فيها التى يتم تحميلها على سعر القنطار، وزيادة الإنتاجية والمساحة المزروعة بنسبة 50% تقريبا، فضلا عن تراجع السعر العالمى مقارنة بالمنتج المحلى، واتجاهات كبار التجار والمزارعين للاحتفاظ بالمحصول، ووجود تلاعب وخلط للقطن المحلى بالمستورد لتصديره مرة أخرى، وعدم الالتزام بمواعيد الزراعة المناسبة فى منتصف مارس.

مطالبات بسرعة التدخل لحل الأزمة

دعا اتحاد مصدرى الأقطان الحكومة للتدخل، عبر ذراعها الشركة القابضة للغزل والنسيج، لشراء الأقطان لإحداث التوازن فى السوق، بعد أن هبط سعر قنطار الوجه البحرى عن الحد الأدنى الذى أعلنته بداية الموسم التسويقى 2019/2018 والبالغ 2600 جنيه لأصناف وجه قبلى، و2700 وجه بحري.

وحذر رئيس اتحاد المصدرين، من إعلان زراعة من 10 إلى 20 ألف فدان أقطان قصيرة التيلة، تلك الخطوة لتسبب ذلك فى خلط الأصناف من قبل المزارعين وضياع جودة الأقطان المصرية حتى وإن شددت إجراءات الزراعة، لافتا إلى أنه لتطبيق تلك الخطوة، لابد من إصدار قرار جمهورى يسمح باستيراد البذور الأجنبية، فالقانون الحالى لا يسمح بذلك.

وزارة الزراعة تنفي

ونفت وزارة الزراعة تدنى أسعار بيع القطن حاليا فى الصعيد واصفة شكاوى المزارعين من تدنى الأسعار بالأمر “المبالغ فيه”.

القطن فى أرقام

ارتفعت مساحة القطن في مصر إلي النصف تقريبا، والإنتاج زاد بقيمة مليون قنطار حيث وصلت المساحة لـ336 ألف فدان بدلا من 220 ألف فدان والإنتاجية من 1,4 مليون قنطار إلي 2,4 مليون قنطار.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى