رأى

زراعة المصريين القدماء.. مصدر الحكمة في الأرض

مقال الدكتورة «شكرية المراكشي» الخبير الدولي في الزراعات البديلة ورئيس مجلس إدارة شركة مصر تونس للتنمية الزراعية

يُعتبر تاريخ الزراعة في مصر القديمة من أقدم تاريخ للزراعة في العالم، وله دور كبير في تطور الزراعة على مستوى العالم. فقد كانت مصر القديمة تعتمد على نهر النيل وفيضاناته السنوية في تروية الأراضي وزراعتها، مما جعلها مصدرا مهما للمعرفة والتقنيات الزراعية للحضارات الأخرى.

تابعونا على قناة الفلاح اليوم

تابعونا على صفحة الفلاح اليوم على فيس بوك

لقد تأثرت الحضارات القديمة المجاورة والتي تطورت في مناطق ذات انهار رئيسية مثل نهري دجلة والفرات، بتقنيات الزراعة المصرية، وبالتالي كان لمصر القديمة دور هام في انتشار ممارسات الزراعة وزيادة الإنتاج الزراعي في مناطق أخرى من العالم القديم.

إذن، يمكن القول بأن مصر القديمة كانت البادرة في تطوير تقنيات الزراعة والزراعات المختلفة، وكانت نقطة انطلاق لتطور الزراعة في العالم بأسره. فهي تعتبر واحدة من أقدم الحضارات الزراعية في العالم، وقد ساهمت بشكل كبير في تأسيس وتطوير ممارسات الزراعة.

نهر النيل والأراضي الطينية الخصبة كانتا عاملين رئيسيين في إمكانية تطور الزراعة. كما يعتبر نهر النيل من أهم المصادر المائية في مصر، وكان له تأثير هائل على نجاح الزراعة. فيضانات النيل السنوية كانت توفر طبقة رملية غنية بالمواد الغذائية على الأراضي الزراعية، مما ساهم في تحسين جودة التربة وزيادة إنتاجية المحاصيل.

طوال العصور، قام المصريون القدماء بتطوير تقنيات زراعية متقدمة. كانوا يستخدمون نظام ري الأراضي بالترشيح والري الفيضي لتحسين توزيع المياه وتجنب التعرض الزائد للمحاصيل، وزرع المصريون القدماء مجموعة واسعة من المحاصيل والنباتات، بما في ذلك الحبوب مثل القمح والشعير، والفواكه مثل العنب والتين، والرمان والخضروات مثل الفول والثوم. كانوا يتمتعون بتنوع زراعي يسهم في تحقيق التنوع الغذائي.

كانت مصر القديمة مركزا تجاريا حيويا، حيث كانت تشهد تدفق التجار والقوافل التجارية من جميع أنحاء المنطقة. كان المصريون يتبادلون المنتجات الزراعية مع الحضارات الأخرى، مما ساهم في انتقال وتبادل التقنيات الزراعية. بفضل هذه العوامل، كانت مصر القديمة رائدة في مجال الزراعة، ولعبت دورا هاما في نقل ممارسات الزراعة إلى مناطق أخرى حول العالم.

ازدهرت حضارة عريقة في أعماق الأراضي النيلية الخصبة،  فقدمت للإنسانية إرثا لا يُضاهى في مجال الزراعة. لدى المصريين القدماء، عقائد دينية وتقاليد ثقافية مبهرة، لم يكتفوا ببناء الأهرامات الرائعة والعظيمة، بل قاموا أيضًا بتطوير أساليب زراعية رائدة وتنوعت فيها المحاصيل بشكل استثنائي.

في هذه السلسلة من المقالات، سنتوغل عبر أرجاء الزمن لاستكشاف كنوز الحضارة المصرية القديمة في علم الزراعة، ونتبع خطى العلماء والفلاحين الذين سبقوا عصرهم بآلاف السنين. إن زراعتهم المبتكرة لم تقتصر على إنتاج الخبز والحبوب فقط، بل شملت مجموعة واسعة من الخضروات، الفواكه، الأعشاب الطبية، والنباتات العطرية التي لا زالت جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية.

سنقوم بتسليط الضوء على كل جانب من جوانب هذا الإرث الزراعي، حيث سنلقي نظرة عميقة على أنواع المحاصيل التي نعتمد عليها اليوم والتي كانت موجودة في أرض مصر القديمة. سنستعرض أهمية هذا الإرث في تطوير الزراعة الحديثة، وكيف يمكننا الاستفادة من حكمتهم وتجاربهم في مجالات الزراعة المتنوعة.

فلنتنقل معا عبر الزمن، ولنكتشف كيف كانت زراعة المصريين القدماء ليست مجرد فن، بل هي علم تربع على مر العصور، يتيح لنا فهما أعمق لجعل الأرض تنبت حياة وثراء.

بدأت الحضارة المصرية القديمة في وادي النيل قبل أكثر من خمسة آلاف سنة قبل الميلاد، وقد تركت وراءها إرثا ثقافيا وزراعيا هائلا لا يزال يلهمنا ويثير فضولنا حتى اليوم. فعظمة هذه الحضارة لم تقتصر فقط على بناء الأهرامات والمعابد الرائعة، بل تمتد أيضا إلى فهمها العميق للزراعة والاستخدام الذكي للموارد الطبيعية.

كان المصريون القدماء روادا في مجال الزراعة، فقد تمكنوا من استغلال نهر النيل بشكل مثالي لري أراضيهم وجعلوا منه مصدرا رئيسيا للحياة الزراعية. ولكن الإنجازات الزراعية البارزة للمصريين لم تكتف بذلك، فقد كانوا أيضاً روادا في زراعة مجموعة واسعة من النباتات التي تشمل الخضروات والفواكه والأعشاب الطبية والعطرية.

تعتبر هذه الزراعات التقليدية التي كانت موجودة لدى المصريين القدماء مصدر إلهام حقيقي لنا اليوم. فمن خلال دراستهم وتطبيقهم لتقنيات الزراعة القديمة، نجد الكثير من الأساليب والممارسات التي يمكننا أن نستفيد منها في الزراعة المعاصرة.

سلسلة المقالات التي سأقدمها ستستكشف عمق هذا الإرث الزراعي لدى المصريين القدماء، حيث سنلقي نظرة على مجموعة متنوعة من الزراعات التي كانت معروفة في تلك الحقبة الزمنية. سنتعرف على أنواع النباتات التي كانوا يزرعونها، والتقنيات التي استخدموها في زراعتها وتسويقها، وكيف أثرت هذه الزراعات على حياتهم اليومية وثقافتهم.

من خلال استكشاف هذا الموضوع، سنتعلم كيف كان المصريون القدماء يجمعون بين المعرفة العلمية والحكمة العملية لإنتاج محاصيل غذائية متنوعة ومستدامة، وكيف يمكننا أن نستلهم من تجاربهم القديمة لتحسين ممارساتنا الزراعية في الوقت الحاضر.

معا، سنقوم في هذه السلسلة من المقالات برحلة استكشافية عبر زمن الحضارة المصرية القديمة، لنلقي نظرة عميقة على مفهوم الزراعة وتطورها على مر العصور. في العصر الحديث، وبفضل التطور التكنولوجي والعلمي، أصبحنا معتمدين بشكل كبير على استيراد تقاوي الخضار والفواكه من الخارج، مما يدفعنا إلى التساؤل: هل فعلا نحن بحاجة إلى الاعتماد على الخارج لتوفير ما نحتاجه من مواد زراعية؟

بينما يظهر العالم الحديث الاعتماد على الاستيراد كخيار ملائم لتلبية احتياجاته، سنبين في هذه السلسلة من المقالات كيف كانت جميع هذه الأصناف الزراعية، التي نعتمد عليها اليوم، متوفرة بالفعل لدى المصريين القدماء. سنقدم الأدلة والأبحاث التي تثبت أن الزراعة لم تكن مجرد وظيفة اقتصادية لهم، بل كانت أسلوب حياة وفلسفة تفاعلية مع الطبيعة.

من خلال استعراض أنواع النباتات والمحاصيل التي كانت موجودة في عصر المصريين القدماء، سنعمق فهمنا للتنوع الزراعي الغني والمتنوع الذي كان يميز حضارتهم. سنستخلص الدروس والتعليمات من تجاربهم، ونبحث في كيفية استفادتنا من هذا الإرث في تطوير زراعتنا الحديثة، لتحقيق الاستدامة وتحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال الزراعة.

فلنرافق بعضنا البعض في هذه الرحلة الشيقة عبر الزمن، لنكتشف سويا كيف كانت حكمة الزراعة المصرية القديمة تتجلى في أراضي النيل، وكيف يمكننا أن نستلهمها في عصرنا الحديث للنهوض بزراعتنا وتحقيق الاكتفاء الذاتي، حكمة كانت تتجلى في تفاعلهم الفطري مع بيئتهم الطبيعية، وفي فهمهم العميق لتدفقات نهر النيل وتأثيرها على حياة النباتات والحيوانات والبشر. كان المصريون القدماء يعتمدون على تقنيات زراعية متقدمة لاستغلال الفيضانات السنوية للنيل وتنمية الأراضي، مما أتاح لهم إنتاج محاصيل متنوعة وغنية بالموارد الغذائية.

أحد أبرز العناصر التي يمكننا أن نستلهمها من زراعة المصريين القدماء هو الاستدامة. كانت زراعتهم مبنية على دورات زراعية متوازنة وتنظيمية للموارد، حيث كانوا يستخدمون تقنيات الري الحديثة لتسهيل توزيع المياه على المحاصيل بطريقة فعالة. هذا التركيز على الاستدامة يمكن أن يلهمنا في عصرنا الحديث لتطبيق ممارسات زراعية تهدف إلى الحفاظ على الموارد الطبيعية والبيئة.

كما يمكننا أن نستلهم من المصريين القدماء التنوع الزراعي وتعدد المحاصيل. كان لديهم مجموعة متنوعة من المحاصيل الغذائية والصناعية، مما جعلهم غير تابعين لمحصول واحد وقابلين للتكيف مع التغيرات البيئية والظروف الاقتصادية. بالتالي، يمكننا أن نقتدي بهذا التنوع في زراعتنا الحديثة لتعزيز الأمن الغذائي وتقليل المخاطر المحتملة.

لا يقتصر التأثير الذي يمكننا أن نستلهمه من زراعة المصريين القدماء على الجانب التقني فحسب، بل يمتد أيضا إلى الجانب الثقافي والروحي. كان للزراعة دور كبير في الحضارة المصرية القديمة، حيث كانت مرتبطة بالعديد من الآلهة والمعتقدات الدينية. يمكن لهذه الروح الزراعية أن تلهمنا لتقدير أهمية العمل الزراعي والارتباط العميق بالطبيعة في حياتنا اليومية.

باستلهامنا من حكمة الزراعة المصرية القديمة، يمكننا أن نتجاوز مجرد الزراعة كوسيلة للحصول على الغذاء، ونرى فيها أداة للتوازن البيئي والثقافي والاقتصادي. إذا استطعنا تطبيق هذه الدروس والقيم في عصرنا الحديث، فإننا بالتأكيد سنكون على الطريق الصحيح نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي في زراعتنا والمساهمة في بناء مجتمعات مستدامة. دعونا نبدأ هذه الرحلة الشيقة سويا عبر الزمن، لنكتشف سويا أسرار وحكمة زراعة المصريين القدماء وكيف يمكننا استلهامها لتحسين زراعتنا في العصر الحديث.

سنتجول في متاهات التاريخ، حيث سنزور حقول القمح المتداولة على ضفاف النيل ونستمع إلى أسرار كيف كان المصريون القدماء يمارسون فنون الزراعة بأبهى صورها. سنلتقي بشخصيات تاريخية مثل الفلاحين والعلماء القدامى ونتعرف على أساليبهم وتقنياتهم الرائدة.

خلال هذه الرحلة، سنستكشف مختلف النباتات والمحاصيل التي كانت مزروعة في مصر القديمة، بدءا من الحبوب وصولا إلى الفواكه والأعشاب الطبية، وسنكتشف كيف كانت تلك المحاصيل جزءا لا يتجزأ من حياة المصريين القدماء.

سنتعمق في تفاصيل الأساليب الزراعية التي استخدمها المصريون القدماء، وكيف كانوا يتعاملون مع التحديات البيئية والمناخية بحكمة وإبداع. كما سنبحث في كيفية استلهامنا من هذه الخبرات والتقنيات لتحسين زراعتنا وتحقيق الاكتفاء الذاتي في عصرنا الحديث. فلنتوجه معا نحو أفق الزمن، لنكتشف سويا أسرار زراعة المصريين القدماء ونستلهم حكمتهم لنرتقي بزراعتنا ونحقق الاكتفاء الذاتي في مجال الزراعة.

كان لدى المصريين القدماء مجموعة واسعة من المحاصيل المزروعة، بما في ذلك القمح، والشعير البلدي، والشعير الأسمر، والأرز، والقلقاس والثوم والبصل والكراث والكمون الابيض والاسود والخردل والهندبة والينسون والكسبرة والحلبة وحب العزيزوالخس والملوخية والقرطم، والنعناع كان مستخدما لأغراض طبية وكان يعتقد أنه يساعد في علاج العديد من الأمراض. والكركديه كان يستخدم لتحضير المشروبات الغنية بالفيتامينات والمعادن. ونباتات الزينة والعطرية، اللبان كان يستخدم كعطر وله فوائد طبية معروفة.

البخور كان يستخدم في الطقوس الدينية والطبية. و العنبر كان يستخدم كعطر وكمادة طبية. والسلجم وكانوا يستخرجون الزيت من بذوره والسمسم وكانوا يزرعونه لاجل زيته والترمس والفول والحمص والعدس وكثير من انواع الخروع وكان في الوجه البحري ومصر الوسطى كروم واجام ورياض، والزيتون كان نادرا ولا ينزرع الا في بعض الجهات المخصوصة، والرمان ومن الازهارالورد ورجل اليمامة وهو ازرق بنفسجي والقرطم وفي الغالب نرى رسومات على احجار مقابرالموتى ،ان من الاموات من يقبض على زهرة منفردة ومنهم من يكون بيده باقة مشكلة.

ولم يكتفوا بزراعة المحاصيل فقط، بل كان لديهم أيضا تربية الحيوانات مثل الأبقار والأغنام والخنازير والأرانب لاستخدامها في الزراعة والغذاء والنقل.

كما كانوا يستخدمون السماد العضوي مثل السماد النباتي والقش المحروق والبقايا العضوية الأخرى لتحسين خصوبة التربة وزيادة إنتاجية المحاصيل. ولديهم معرفة دقيقة بالتربة والمناخ والمواسم الزراعية، وكانوا يتبعون تقويما زراعيا دقيقا لضمان نجاح محاصيلهم.

هذه بعض النباتات والمحاصيل التي كانت مزروعة في مصر القديمة، وكانت تمثل جزءا أساسيا من الاقتصاد والحياة اليومية للمصريين القدماء.

هكذا يتضح لنا ان المصريين القدماء كانوا يمارسون فنون الزراعة بأبهى صورها، وكانت تلك الخبرات والتقنيات الرائدة تساهم في ازدهار حضارتهم واستقرارها على مر العصور.

في مقدمة هذه السلسلة، سنستكشف كيف كان المصريون القدماء يمارسون فنون الزراعة بأبهى صورها، ولن نتوقف عند تلك الزراعات التقليدية والمعروفة فقط، بل سنتحدث أيضا عن الزراعات الجديدة التي قد تبدو مستحدثة في عصرنا الحالي، ولكنها في الحقيقة كانت موجودة منذ الآف السنين لدى أجدادنا المصريين.

على الرغم من أن الزراعة في مصر القديمة تميزت بمحاصيلها التقليدية مثل القمح والشعير والأرز، إلا أن هناك أدلة تشير إلى وجود زراعات أخرى كانت مزروعة ومستخدمة منذ العصور القديمة. مثلا، كانت هناك زراعة الكتان التي كانت تستخدم لإنتاج الملابس والمواد النسيجية، وزراعة السكريات كالسكر والعسل كمصادر للطاقة والحلوى.

بالإضافة إلى ذلك، كان المصريون القدماء يعرفون ويستخدمون العديد من الأعشاب الطبية والنباتات الطبيعية في الطب الشعبي والعلاجات التقليدية، مثل الألو فيرا والشمر والزعتر والنعناع. وقد كان لهذه النباتات دور هام في الطب والعلاج والصحة العامة للمصريين القدماء.

لذلك، في هذه السلسلة، سنقوم بتوضيح كيف كانت هذه الزراعات الجديدة موجودة منذ الآف السنين لدى أجدادنا المصريين، وكيف تركوا بصمتهم في تاريخ الزراعة والطب الطبيعي، وكيف يمكننا الاستفادة من هذا الإرث في عصرنا الحالي لتعزيز صحتنا واستدامة الزراعة.

مع توسعنا في مدى استيعابنا للزراعة المصرية القديمة، ندرك الآن أنّ الثروة الزراعية الغنية التي تزخر بها الأراضي المصرية القديمة لم تقتصر على الحبوب والفواكه التقليدية التي نعرفها اليوم. بل، كان للمصريين القدماء تنوع زراعي يتجاوز حدود الزمن، حيث كانوا يمتلكون معرفة عميقة بمجموعة واسعة من النباتات والمحاصيل، يستفيدون منها في حياتهم اليومية.

لكن المثير للاهتمام هو اكتشاف أن الزراعات الحديثة التي نستورد تقاويها اليوم، كانت أيضا جزءا من تراث المصريين القدماء قبل قرون. هذا التفاعل المستمر مع الزراعة وتقاويها يظهر لنا استدامة هذه الزراعات والتكيف المستمر مع تطور الاحتياجات والظروف.

إن هذه السلسلة من المقالات ستكون رحلة استكشافية عبر الزمن لنلقي نظرة عميقة على تنوع الزراعة المصرية وتطورها. سنقدم دليلا وافيا على وجود وتاريخ هذه الزراعات منذ العصور القديمة، وكيف أن المصريين القدماء كانوا يمارسون الزراعة بمهارة وحكمة.

سيتضح لنا مدى تقدم الحضارة المصرية القديمة في فهم الزراعة كفن وفلسفة، وكيف يمكن لتلك الحكمة أن تلهمنا في العصر الحديث للتحسين المستمر لزراعتنا والاستفادة من تراثنا الزراعي الغني.

شجرتي الاترج والاثل

في أعماق تاريخ مصر القديمة تتلألأ قصصٌ عن شجرة الاترج، النبات الذي شكّل جزءا مهما من حضارة مصر القديمة هذا النبات الذي كان ينمو في أرض الفراعنة ويشكل رمزا للثراء والديانة. بين الأساطير والحقائق التاريخية، نستكشف في هذا النص الغني تفاصيل شجرة الاترج وأهميتها الكبيرة في حياة المصريين القدماء، وكيف كانت تعكس تراثا عميقا استمرت لعدة آلاف من السنين، كما تبرز شجرة الأثل بكل رونقها وأهميتها الفريدة في حياتهم. سوف نغوص في أغوار هذا التراث العظيم الذي امتزجت فيه أغصان الطرفا مع حياة الناس ودياناتهم وحتى في صناعة الحروب.

سنرافقكم في هذه الرحلة التاريخية لاستكشاف دور شجرة الأثل ايضا في مصر القديمة، حيث تظهر أهميتها في مختلف جوانب الحياة، سواء كانت في صناعة السلاح أو في الاحتفالات الدينية، مشيرين إلى تراث غني يعكس عظمة هذه الحضارة الفريدة.

1- شجرة الأترج

يطلق عليها في مصر والعراق “أترج” وفي الشام “كباد”، وثمرتها تشبه فاكهة الليمون إلا أنها أكبر منه بكثير، ولونها يميل إلى البرتقالي الذهبي والأخضر، ولها رائحة مميزة ذكية.

تقدم “الأترجة” للأكل بعد نزع قشرتها عن شحمها ثم فصلها عن ليمونتها ليتم أكلها فيما بعد على شكل شرائح، وهناك من يقوم بتقطيع الشحم مع الليمون وغمسه بالماء مع السكر أو العسل وغرفه في أوان صغيرة ليتم تناوله، بينما يعمل البعض من هذه الفاكهة “المربّى”.

للأترجة فوائد صحية للإنسان يؤكدها المتخصّصون في التغذية ،مبينين أنها مصدرا جيدا للفيتامينات والمعادن خاصة فيتامين “ج” بوصفها من الحمضيات، كما أنها غنية بالألياف، وقاتلة للبكتيريا، ومضادة لأعراض البرد والأنفلونزا.

الأترج شجرة من الحمضيات ينتمي للفصيلة السذابية، اسمه بالإنكليزية (Citrum)، واسمه العلمي باللاتينية  (Citrus medica), ورد ذكره في الطب النبوي  عن أنس عن أبي موسى الأشعري قال رسول الله: “مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة، طعمها طيب، وريحها طيب، البخاري (5111، 7121)، مسلم (797).

يصل ارتفاع شجرة الأترج إلى خمسة أمتار ناعم الأغصان والورق أزهاره بيضاء وثمرته تشبه الليمونة يعرف الأترج بعدة أسماء وفقا للمنطقة التي يكثر فيها ففي الجزيرة العربية يدعى ترنج وفي بلاد الشام ترنج أيضا وكباد وفي مصر والعراق أترج كما يسمى تفاح العجم وتفاح ماهي وتفاح آدم وليمون اليهود لأنهم يحملونه في آعيادهم.

يعرف الأترج علميا باسم CITRUS MEDICA كانت واحدة من النباتات التي كانت مزروعة ومستخدمة في مصر القديمة. تعتبر شجرة الأترج من الأشجار النافعة والمهمة في البيئة المصرية وغيرها من المناطق في إفريقيا. ولها العديد من الاستخدامات في الزراعة والصناعة والطب، وكانت مهمة جدا للمصريين القدماء.

كانت تستخدم في تحسين التربة والتربية الحيوانية، حيث كانت تساعد في تقليل تآكل الأرضي وتوفير الظل للمحاصيل والحيوانات. كانت الأفرع تستخدم في صناعة الأثاث والأدوات المنزلية مثل الأواني والأدوات الزراعية. 

كانت أجزاء شجرة الأترج مستخدمة في الطب التقليدي لعلاج العديد من الحالات، مثل الإسهال والتهابات الجلد والتهابات الفم واللثة. بالتالي، تشير الأدلة إلى أن شجرة الأترج كانت موجودة ومزروعة في مصر القديمة، وقد كان لها دور هام في الحياة اليومية والاقتصادية والطبية للمصريين القدماء.وقد كانت معروفة لدى اليهود منذ زمن موسى عليه السلام وكانوا يسمونها هادارو يذكر ان الشجرة استجلبت من اسيا في عصر العائلة الثانية عشر ويوجد في متحف اللوفر اترجة  من ذلك العصر.

فوائد الأترجة للصحة عديدة ومذهلة أهمها:

1ـ تعزيز عمل جهاز المناعة: بسبب احتواء الأترجة على مستويات عالية من فيتامين ج، فإن تناولها يساعد على تقوية جهاز المناعة في الجسم وزيادة إنتاج كريات الدم البيضاء، والتي تعتبر خط الدفاع الأول في الجسم ضد الأمراض.

2ـ محاربة السرطان: من فوائد الأترجة أنها قد تساعد بفاعلية على الوقاية من الإصابة بمرض السرطان، خاصة سرطان الثدي، وذلك بسبب احتوائها على كميات كبيرة من مضادات الأكسدة الهامة التي تعمل على محاربة الجذور الحرة في الجسم.

3ـ السيطرة على ضغط الدم: يساعد محتوى الأترجة العالي من البوتاسيوم وفيتامين ج على تحسين مستويات ضغط الدم في الجسم وتخفيف الضغط عن الأوعية الدموية، وبالتالي فإن تناول الأترجة يساعد على تقليل فرص الإصابة بأمراض القلب والشرايين والجلطات.

4ـ مسكن طبيعي للألم: لفاكهة الأترجة خصائص مسكنة للألم، لذا تجد البعض يستخدم الأترجة كمسكن طبيعي للآلام المختلفة، إذ يستخدم عصير الأترجة أو زيت الأترجة العطري لتسكين الألم المزمن، كما في حالات الصداع أو الآلام الناتجة عن التهاب المفاصل.

5ـ لصحة الجهاز الهضمي: يساعد عصير الأترجة على موازنة مستويات الحموضة في القناة الهاضمة، كما يساعد كذلك على تحسين عملية الهضم عامة، والتخلص من المشاكل الهضمية المختلفة، مثل الإمساك والغثيان.

6ـ لصحة القلب: إن الحمضيات بكافة أنواعها، مثل الأترجة، مفيدة بشكل كبير في حماية القلب من الأمراض المختلفة، والتقليل من فرص الإصابة بالجلطة أو النوبة القلبية.

7ـ تخفيف الالتهابات: تتسبب الالتهابات المتكررة برد فعل سلبي من قبل الجسم، مثل الإصابة بأمراض مختلفة كأمراض القلب والسرطانات، وأحد أهم الأسباب وراء الالتهابات المتكررة في الجسم هو الشوارد الحرة، وتناول الأترجة الغنية بمضادات الأكسدة يساعد على محاربة هذه الشوارد وبالتالي تخفيف الالتهابات.

الموطن الاصلي للأترج

موطنها مصر منذ بداية الاسرة الثانية عشر.

المحتويات الكيميائية لثمار الأترج

تحتوي قشور ثمرة الأترج على زيت طيار ومادة الليمونين والذي يشكل نسبة 90% من محتويات الزيت و تحتوي القشور على فلافونيدات و كومارينز و تربينات ثلاثية وفيتامين C و كاروتين ومواد بكتينية.

ماذا قال الطب القديم عن الأترج؟

ورد ذكره في حديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: “مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة طعمها طيب و ريحها طيب”.

قد قيل أن بعض الملوك الأكاسرة سجن بعض الاطباء، و أمر ألا يقدم لهم من الأكل إلا الخبز وإدام واحد، فاختاروا الأترج و سئلوا عن ذلك فقالوا “لأنه في العاجل ريحان و منظره مفرح، وقشرة طيب الرائحة ولحمه فاكهة وحماضه إدام و حبه ترياق وفيه دهن”.

لقد عرف العرب الأترج منذ زمن بعيد و تغنى به شعراؤهم في مختلف العصور منهم ابن الرومي الذي قال فيه في معرض الحديث عن أحد ممدوحيه. (كل الخلال التي فيكم محاسنكم تشابهت منكم الاخلاق والخلق ، كأنكم شجر الأترج طاب معاً حملا و نوراً وطاب العود والورق).

قال الأطباء العرب فيه الكثير حيث قسموه إلى أربعة أصناف: قشر ولب وحمض وبذر ولكل منها منافع وخواص وقالوا إن من منافع قشره أنه إذا جفف وسحق ثم جعل بين الملابس أو الفراش منع السوس ورائحته تطيب رائحة الهواء وتزيل الوباء ، ويطيب النكهة إذا أمسكها في الفم، ويحلل الرياح، وإذا أضيف إلى الطعام أعان على الهضم.

عصارة القشرة الطازجة تنفع من نهش الافاعي شرباً، كما ينفع القشر ضماداً على الجروح وإذا أحرق قشره بعد جفافه فإن رماده طلاء جيدا للبهاق. أما لبه فملطف للمعدة، وحماضه قابض وكاسر للصفراء، ومسكن للخفقان الحار، يفيد اليرقان شرباً، يقطع القيء، و مشه للأكل، يحبس البطن ينفع الإسهال والصفراوي، ينفع طلاؤه من الكلف، مقو معدي  يسكن العطش.أما بذره فينفع من السموم القاتلة إذا شرب منه وزن مثقالين مقشراً بماء فاتر، ملين للطبيعة مطيب للنكهة.

قالت طائفة من الحكماء “جمع الأترج أنواعاً من المحاسن والإحسان فقشره مشموم، وشحمه فاكهة وحماضه إدام و بذره دهان.

وقال ابن البيطار “قوة الأترج تلطف و تقطع و تبرد و تطفئ حرارة الكبد وتقوي المعدة وتزيد في شهوة الطعام وتقمع حدة المرة الصفراء وتزيل الغم العارض منها، ويسكن العطش ويقطع الإسهال وحماضه نافع من الخفقان وحب الأترج ينفع من لدغ العقارب.

ماذا قال الطب الحديث عن الأترج؟

يستخدم الأترج في الطب الحديث كفاتح للشهية وطارد للأرياح  ومهضم و منبه للجهاز الهضمي ومطهر ومضاد للفيروسات وقاتل للبكتريا ومخفض للحمى، ويستخدم كمضاد للبرد والأنفلونزا والحمى ولعدوى الصدر والحنجرة بالميكروبات ويقوي جهاز المناعة, كما يساعد في موازنة ضغط الدم.

2ـ شجرة الأثل (أو النضّاو أو الفارق أو الطرفاء) هي نوع من الأشجار. وتنتمي إلى الفصيلة الطرفاوية (Arecaceae)، وهي نباتات مزهرة معمرة تنمو في المناطق الجافة والصحراوية. وتشتهر بمظهرها الجميل وفوائدها المتعددة.

أشار هيرودوت إلى شجرة الأثل او الطرفا  ووصفها بالتفصيل. وقد ذكر أن شجرة الأثل هي شجرة مهمة في مصر، واخبر انها كانت تنبت في مصر وايده كون انجر انه وجد بقايا من هذه الشجرة في تربة قديمة واكتشف شوينفورت فروعا كاملة منها كانت في تابوت رجل يدعى كنت من العائلة المتممة للعشرين ووجد ايضا فلندس بترى شيئا من بقاياها في مقبرة من مقابر هوارة التي تاسست في عصر اليونان او الرومان.

وقال بليتارك في رسالته عن ايزيس واوزيريس ان الطرفا كانت تختص باوزيريس فهي مقدسة ويؤيده كونها وردت في نصوص ديانتهم ففي الباب الثاني والاربعين من كتاب الموتى مذكوران المعبود الكبير حال في الشجرة فضلا عن كوننا نجدها مذكورة مع السدرة بصفة انهما مقدستان في القسم السابع عشر من الوجه البحري وفي كتاب دميخن عن كتاب دندرة لمريت  ان المصريين القدماء كانوا يتخذون محاربهم من خشب الاثل وعن الدنكميلر انهم كانوا يزرعون منه اجاما بدليل عبارة اوردها صاحب هذا الكتاب نقلا عن الاثار “وهذا تعريبها ومياهه وحقوله واجمته الثلجية الخ” وقد ورد في لوحة 24 من ورقة ابرس ان ثمر الطرفا ينفع من التجشي الخبيث.

هيرودوت، المؤرخ اليوناني القديم، أشار إلى شجرة الأثل أو الطرفا ووصفها بالتفصيل في كتابه “تاريخيات”. وأكد أن شجرة الأثل كانت شجرة مهمة في مصر القديمة، حيث كانت تنمو بكثافة في المناطق المصرية. وقد أوضح هيرودوت أن شوينفورت وجد بقايا من شجرة الأثل في تربة قديمة، واكتشف فروعاً كاملة منها في تابوت رجل يدعى كنت، من العائلة المتممة للعشرين. وتم العثور أيضاً على بقايا منها في مقبرة هوارة التي تأسست في عهد الفراعنة.

بالإضافة إلى ذلك، أشار هيرودوت إلى أهمية شجرة الأثل في الديانة المصرية القديمة، حيث كانت تعتبر مقدسة ومرتبطة بالآلهة، وكانت تظهر في نصوص ديانتهم وفي العديد من الكتب المقدسة مثل كتاب الموتى. وعلاوة على ذلك، كان يُستخدم خشب الأثل في صناعة المحارب وفقًا لمصادر أخرى.هذه الأدلة توضح بوضوح أن شجرة الأثل كانت جزءًا مهمًا من الحضارة المصرية القديمة، وأنها كانت تزرع وتستخدم في العديد من الجوانب الحياتية والدينية والثقافية للمصريين القدماء.

اسمه العلمي (Tamarix)

شجرة دائمة الخضرة، ويمكن أن تتساقط أوراقها في بعض الأحيان، وتنمو شجرة الأثل في أقسى الظروف المناخية، إذ إنّها تنمو في التربة مالحة، وغالبا ما تشكل غابات كثيفة، كما أنّ لها جذور كبيرة، وتصل إلى أعماق مميزة في التربة، وذات أغصان نحيفة، وعدد قليل من الأوراق.

وتُعرف بأسماء أخرى مثل شجرة ملح البحر والتمركس، وهي من الأشجار جميلة المنظر والقوية، كما أنّها لا تلحق الأضرار بالنباتات التي حولها، أو بالبيئة التي توجد فيها، وذلك على عكس بعض الآراء التي ترى أنّها السبب وراء نشوب الحرائق في بعض الغابات.

قد ورد ذكر شجرة الأثل في القرآن الكريم في سورة سبأ الآية 16 في قوله تعالى “فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ”وفي تفسير الآية قيل إن الأثل هو شجرة الطرفاء، في حين ذهب مفسرون آخرون إلى أنه شبيه بالطرفاء غير أنه أكبر منه.

تصنيف شجرة الأثل

الاسم الشائع: الأثل، تاماريسك (Tamarisk). الاسم العلمي: تاماريكس (Tamarix). ا

العائلة: تاماريكاساي (Tamaricaceae)

التصنيف: الشجيرات.

نوع النبات: نبات معمر.

الوصف العام لنبات الأثل تتميز شجرة الأثل بالعديد من الصفات، ومن ضمنها ما يأتي:

الأثل شجرة حجمها متوسط إلى صغير، ولها أوراق وأغصان مميزة تمنحها ذات الشكل الذي تكون عليه شجر الصنوبر، غالبا ما تفرز أوراقها مادة شبيهة بالملح، خاصة خلال ارتفاع درجات الحرارة في أثناء النهار، كما أنها من الأشجار التي تستهلك المياه بكثرة، وهي شجرة تنتج أزهار وردية اللون أو بيضاء خلال فصل الشتاء، ويمكن أن تزهر في أوقات أخرى.

غالبا ما يكون لون اللحاء في الفروع الصغيرة بنيا محمرا، ولكن مع تقدم الشجرة بالعمر يميل لونه ليصبح أرجوانيا مُزرقا، كما يميل إلى أن يصبح مجعدا.

  تعد شجرة الأثل من الأشجار متوسطة الحجم إلى كبيرة، كما توجد منها أشجار صغيرة الحجم في بعض المناطق من العالم، يتراوح طول الشجرة من 1-18 م، وهو ارتفاع كبير، وبتجمع أشجار الأثل مع بعضها بعض في منطقة واحدة، يمكنها أن تشكل غابة كثيفة من هذا النوع من الأشجار.

أماكن انتشار نبات الأثل تنتشر شجرة الأثل في العديد من المناطق والبيئات، ومنها المناطق الصحراوية، والمناطق شبه القاحلة من مناطق البحر الأبيض المتوسط، كما توجد في المناطق الوسطى من قارة آسيا، وكذلك شمال الصين. كما تنمو أشجار الأثل في المناطق الجبلية والساحلية، وقد أُدخلت إلى أمريكا الشمالية، حيث جرى زراعتها في كل من ولاية ساوث كارولينا، وكاليفورنيا.

أنواع نبات الأثل يوجد في الطبيعة ما يقارب 50 نوعا من نبات الأثل، وكل واحد منها يتميز بخصائص ومميزات تختلف عن الآخر، ولعل من أبرزها:

الأثل تشينينسيس (Tamarix chinensis) وهو من الأشجار التي لا تتمتع بالصلابة المعروفة عن هذه الشجرة، وهي شجرة غير كثيفة الأوراق والأغصان، وغالبا ما تنمو أزهار وردية في نهاية أغصانها الطويلة. الأثل سالتسيدار (Tamarix ramosissima) يحتوي هذا النوع من الأشجار على أوراق خضراء رمادية، وأزهار باللون الوردي والأبيض، ويتراوح طولها من 4.57- 6.09 م ويفضل النمو في الأراضي الرطبة، والرملية، وحول البحيرات.

الأثل الفرنسي (Tamarix gallica) يوجد هذا النوع من أشجار الأثل في البرية في كل من فرنسا، وشمال إفريقيا، وعلى الساحل الجنوبي الغربي للمملكة المتحدة، ويتراوح طولها من 0.60-3.04 م وذات أزهار وردية شاحبة اللون.

الأثل كشغر (Tamarix hispida) ويوجد هذا النوع في آسيا الوسطى، ويمتاز بأنّ له أوراق خضراء مزرقة، غالبًا ما تظهر في الخريف، كما أنّها من الأشجار الطويلة شديدة الصلابة. ال

أثل أوديسانا (Tamarix odessana) يمتلك هذا النوع أوراقا رمادية وخضراء ناعمة وذات شكل مستدير، كما أنّ له أزهارًا بيضاء، ووردية كبيرة الحجم، وتوجد في مناطق جنوب شرق أوروبا، وآسيا الصغرى، بالقرب من الأنهار، والبحيرات، والجداول.

استخدامات وفوائد نبات الأثل

 هناك بعض الفوائد والاستخدامات الشائعة لنبات الأثل، يعد نبات الأثل من النباتات الغنية بمركبات البوليفينول، وهي مادة تمتلك خصائص طبية ذات قيمة عالية

الاستخدامات الشائعة له غالبا ما يُستخدم نبات الأثل من قبل السكان المحليين في العديد من دول قارتي آسيا وإفريقيا، للكثير من الأغراض الطبية، مثل: معالجة الجروح، والالتهابات، واضطرابات الكبد، واضطرابات الجهاز الهضمي، ومشاكل الأسنان.

تعتبر شجرة الأثل رمزا للوفرة والثراء والنمو، وكانت تلعب دورا هاما في الثقافة والتقاليد والعادات في العديد من المجتمعات الشرقية والشمال الإفريقي. كما تعتبر بلا شك جزءًا لا يتجزأ من البيئة الطبيعية والثقافية في المناطق التي تنمو فيها، وتحظى بشعبية كبيرة بسبب فوائدها المتعددة وجمالها الطبيعي.

زراعة نبات الأثل

 شجرة الأثل من الأشجار التي يفضل زراعتها في فصل الخريف، كذلك يمكن زراعتها في فصل الربيع. شجرة الأثل من الأشجار التي تقاوم درجات الحرارة المنخفضة، لذلك يمكن زراعتها في المناطق الباردة أو المتجمدة.

وهي من الأشجار التي يفضل زراعتها في التربة الجافة، وأن يكون لديها تصريف للمياه الزائدة عن الحاجة، ولا تنجح زراعتها في التربة الرطبة. كما يفضل عدم زراعتها بالقرب من المنازل، أو أماكن العيش المكتظة، بسبب أزهارها المتساقطة، والتي تنتشر في كل مكان.

تحتاج شجرة الأثل إلى كمية كافية من أشعة الشمس، لكي تنمو وتزهر بشكل صحيح. وتفضل أشجار الأثل الري الوفير بعد الزراعة، لذا يجب الحرص على ريّها باستمرار، وبعد مرور سنة على الزراعة، لن تكون بحاجة إلى الكثير من السقي.

يعد التقليم والعناية بالشجرة من أهم الخطوات التي تلي الزراعة، حيث يساعد على المحافظة على شكل معين للشجرة، فضلًا عن أنّه يضمن أن تزهر زهورها، أما التقليم فيُفضل القيام به بعد تفتح الزهور في فصل الربيع، وفي نهاية فصل الصيف، لتلك الأشجار التي تزهر في الصيف.

بهذه السطور، نحيي رمزية شجرتي الأثل والاترج، التي أضاءتا سماء تاريخ مصر ببريقهما وتألقهما الفريد. ففي أغصانهما، نجد تراثًا ثريًا من الإبداع والحكمة، حيث تجسدت قصص الصمود والازدهار والحضارة العريقة. كما ترسخت قصص النضال والإيمان في جذورهما، مهيمنة على أرض مصر بكل جلال وبهاء.

ومع وداعنا لهذه الشجرتين العظيمتين، نحمل معنا ذكرياتهما الجميلة والملهمة، ونعد بأن نحتفظ بتاريخهما العريق ونستلهم من دروسهما لبناء مستقبل أفضل. فلنحتفظ بروح الإبداع والصمود التي علمتنا إياها شجرتا الأثل والاترج، ولنستمر في احترام وحماية تراثنا الثقافي والبيئي، كي نحافظ على غنى وتنوع طبيعتنا ونرسخ قيم الاستدامة والتقدير للطبيعة.

مع وقوفنا على ختام رحلتنا في عالم شجرة الاترج والأثل في أرض الفراعنة، يتجلى أمامنا تاريخ عظيم يعكس بريق حضارة مصر القديمة. لقد رافقتنا الشجرتان الفريدتان في رحلة استكشاف حيث تجلى دورهما في صناعة الحضارة وحياة الناس. شجرة الأثل، بكل أغصانها وثمارها، أضاءت مشهد الحياة اليومية والدينية، بينما شجرة الاترج برغم تشابهها مع شجرة الليمون، تحمل تاريخا فريدا وتنوعا في استخداماتها.

في الختام، نترك هاتين الشجرتين وراءنا وكأننا خرجنا من بوابة زمنية، حاملين معنا حكايا الحضارة المصرية وتراثها العظيم. وفي انتظار المزيد من رحلات الاستكشاف والتعرف على أسرار الطبيعة والتاريخ، نغلق صفحة هذه الرحلة مع فائق الاحترام والتقدير للتراث العظيم الذي انبتته هذه الشجيرات العريقة في أرض الكنانة.

فلنرتقي سويا بموروثنا الثقافي والبيئي، ولنبني مستقبلنا على أسس تحترم التنوع وتعزز العطاء، كما فعلت شجرتا الأثل والاترج في عهد الفراعنة.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى