تحقيقات

خبراء يتوقعون بعد الزيادة الـ5 للوقود عزوف الفلاحين عن الزراعة والاتجاه إلى تبوير الأراضي

كتب: أسامة بدير أثار قرار الحكومة بزيادة أسعار الوقودالسولار والبنزين” للمرة الخامسة على التوالى غضب قطاع كبير من المزارعين وسط توقعات خبراء الاقتصاد الزراعى بزيادة فى أسعار السلع الغذائية جراء هذا القرار بنسبة تتراوح بين 20 ـ 30%، فى الوقت الذى يعانى فيه القطاع الزراعى أساسا من عدة مشاكل خطيرة أهمها دخول مصر رسميا فى مرحلة الشح المائى، بالإضافة إلى التبعات السلبية للتغيرات المناخية التى أثرت على إنتاجية معظم المحاصيل الزراعية ما أدى إلى ارتفاع جنونى فى بعض المحاصيل خلال فترات معينة من العام كما حدث فى محاصيل البطاطس والطماطم وأخيرا الليمون.

و”الفلاح اليوم” يرصد فى هذا التحقيق ردود الأفعال الأولية على قرار زيادة أسعار الوقود من جانب الفلاحين وخبراء الاقتصاد الزراعى وبعض المسؤولين، وتأثيره على الأوضاع الاجتماعية للفلاحين والزراعة المصرية والصادرات الزراعية.

الفلاحون يصرخون

أشار سيد أبوفرج، مزارع بقرية أم خنان بالجيزة، لـ”الفلاح اليوم“، إلى أن زيادة أسعار السولار للمرة الخامسة فيه ظلم كبير على الفلاحين، لافتا إى زيادة تؤدى إلى ارتفاع تكلفة جميع عمليات خدمة الأرض وبالتالى ارتفاع الأسعار.

وقال رجب محمود، فلاح بقرية ميت رهينة بالبدرشين، لـ”الفلاح اليوم“، “والله كده حرام، كل حاجة زادت على الفلاح الغلبان، واحنا تعبنا وانا هبطل زراعة خلاص لم تعد تأتى بهمها” على حد قوله.

وأكد محسن أبوالفضل، مزارع بقرية أبورجوان قبلى بالجيزة، لـ”الفلاح اليوم“، على أن المزارع هو أضعف فرد المجتمع تحمل الكثير يزرع وينتج من أجل أن يعيش الملايين، ورغم ذلك كل شوية ترفع عليه الحكومة مستلزمات الإنتاج الزراعى… ماذا نفعل؟.

وأوضح أحمد السيد، مهندس زراعى، لـ”الفلاح اليوم“، أن قرار زيادة أسعار الوقودالسولار والبنزين” الذى اتخذته الحكومة للمرة الخامسة هو قرار خاطىء ومتسرع للغاية، مشيرا إلى أنه سيكون له عواقب سيئة على الفلاحين والزراعة.

ولفت حمدي الغرباوي نقيب الصيادين، إن ارتفاع أسعار السولار سيؤثر سلبا على رحلات مراكب الصيد وسيرفض الصيادون العمل بسبب الخسائر الفادحة من جراء زيادة سعر السولار، مطالبا بدعم وقود مراكب الصيد للحفاظ على الإنتاج.

وأوضح السيد مصطفى، مهندس زراعى، لـ”الفلاح اليوم“، أن حالة من الغليان تجتاح الشارع المصري بسبب ارتفاع سعر الوقود الذي سيؤثر حتما على السلع الغذائية ، لافتا إلى توقعات بارتفاع أسعار اللحوم والدواجن والأسماك والفاكهة والخضروات، مؤكدا أن الحكومة دائما ما تأتى على الفلاح وتحمله فاتورة ما تسميه برنامج الاصلاح الاقتصادى وفى النهاية تهوى بشريحة الفلاحين التى تمثل أكثر من نصف سكان المجتمع 57% تحت خط الفقر.

كوارث بانتظار القطاع الزراعي

قال الدكتور جمال صيام أستاذ الاقتصاد الزراعي بجامعة القاهرة، فى الوقت الذى تكون فيه الزراعة وإنتاج الغذاء في كل العالم مدعومة، ولابد من التعامل معها معاملة خاصة، نجد يحدث عكس ذلك بمصر، لافتا إنه سيكون هناك تأثير كبير على المزارعين جراء ارتفاع أسعار الوقود ينسبة حوالى 30%، مشيرا إلى أن الوقود يمثل نسبة لا تقل عن 20% من مدخلات عمليات الإنتاج الزراعي.

وأضاف صيام، أنه سيكون هناك زيادة من 15% لـ20 في تكلفة الإنتاج الزراعي، وأن المشكلة ليست في الزيادة المتوقعة بنسبة 20%، لكن الأزمة الكبيرة في الواقع الأكثر مشقة على المزارعين، فنسبة الـ20% هي زيادة فقط في مستلزمات الإنتاج، لكن هناك تكاليف أخرى تسويقية كالنقل والتخزين والتبريد، والتي ايضا ستشهد زيادة.

وتوقع أستاذ الاقتصاد الزراعى، زيادة في أسعار المنتجات للمستهلك بنسبة تصل إلى 15%، مؤكدا أن هذا الارتفاع في الأسعار له تأثير عكسي أيضا على المنتج، لأنه سيقلل الطلب على منتجه، وهنا تقع الكارثة، حيث ارتفاع أسعار المدخلات، مع قلة الطلب على منتجاته، ليدخل دورة الركود التضخمي، التي تعد أخطر أنواع التضخم.

وحذر علاء عبدالحليم الخبير الاقتصادى، من فقدان الزراعة المصرية مزايا التنافسية في الصادرات الزراعية، بسبب ارتفاع التكلفة الإنتاج الزراعى، فكيلو الطماطم سيرتفع مقارنة بأسعاره في الدول المنافسة، هذه الزيادة سفقد مصر جزءا من التنافسية أمام المنافسين في السوق العالمية، خاصة أن أسعار الوقود ارتفعت 5 مرات خلال السنوات القليلة الماضية.

وأكد محمود الحسيني عضو المجلس التصديري للحاصلات الزراعية، على أن ارتفاع اسعار البنزين والسولار سوف يؤثر بشكل كبير علي اسعار السلع والحاصلات الزراعية، مشيراً الي ان الحاصلات الزراعية سوف تتحمل أعباء كبيرة من جراء هذا الارتفاع في اسعار السولار خاصة ان السولار يستخدم في عمليات الري وعمليات تجهيز الاراضي الزراعية وكذلك عمليات نقل الحاصلات الزراعية، لافتا أن جميع السلع الغذائية من المؤكد ان اسعارها سوف تزيد خلال الفترة القادمة خاصة التي يتم جلبها من المحافظات.

وأشار الباحث خيري طلعت، أن القطاع الزراعي يعتمد في الري ونقل المحاصيل على السولار، لافتا أن سعره تضاعف عدة مرات خلال السنوات الأخيرة ما أدى بالضرورة لارتفاع أسعار المحاصيل الزراعية وزيادة كلفة الشحن وتراجع عوائد دخل الفلاح السنوي.

السياسات الزراعية

وطالب الدكتور رشاد عبده الخبير الاقتصادي، بضرورة دعم الفلاح وزيادة قدراته التنافسية بمساعدته في فتح أسواق لتصدير منتجاته، هذا بالإضافة إلى الاهتمام بتطوير منظومة البحث العلمي الزراعي في ظل وجود المراكز البحثية الزراعية في إيجاد سبل التنمية وإحداث طفرة باستنباط سلالات وأصناف تزيد من إنتاجية الفدان.

وشدد عبده، على ضرورة تثبيت السياسات الزراعية، وأن يكون هناك دعم حقيقي للفلاح وليس بالضرورة أنا يكون دعم مادي، مضيفا أنه من الممكن دعم الفلاح بالعمل على خفض تكاليف مستلزمات الإنتاج وفتح أسواق خارجية لتصدير حاصلاته الزراعية.

عزوف الفلاحين

وأكد الدكتور نادر نور الدين الخبير الزراعي وأستاذ الموارد الزراعية بجامعة القاهرة، أن الوقود يدخل ضمن مستلزمات الإنتاج الزراعي وهو ما يزيد من تكلفة الزراعة بعد قرار الحكومة بزيادة أسعار الوقود وأن هذه الزيادة الهائلة التي طرأت على مستلزمات الإنتاج الزراعي ستعمل على عزوف الفلاحين عن الزراعة والاتجاه إلى تبوير الأراضي الزراعية والبناء عليها لتحقيق مكاسب مادية كبيرة وهو ما يهدد بوصول التعديات إلى مليون فدان بعد أن وصلت 180 ألف فدان في الوقت الحالي.

وأضاف حسين عبدالرحمن أبوصدام، نقيب الفلاحين، فى تصريحات لـ”الفلاح اليوم“، أنه بعد قرار زيادة أسعار الوقود زاد سعر ساعة حرث الأرض من 110 إلى 130 جنيها وزاد سعر ساعة الري من 10 جنيها إلى 15 جنيها وساعة التسوية بالليزر من 200 جنيه إلى 230 جنيها، مما سيلحق خسائر فادحة بالفلاحين إذا لم تتحرك الحكومة لرفع أسعار بيع المحاصيل لتتناسب مع الزيادات الكبيرة في أسعار الوقود.

وتابع: أن زيادة أسعار قيمة الأراضي الزراعية وارتفاع سعر الأسمدة ومياه الري ستؤدي إلى عزوف الفلاحين عن الزراعة والاتجاه إلى الحرف الأخرى ما يهدد خطة الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الزراعية الأساسية وكذلك ارتفاع أسعار السكر المنتج من قصب السكر بسبب ارتفاع تكلفة النقل من محافظات وجه قبلي إلى المصانع ما سيزيد من الأعباء على المواطن.

وأكد نقيب الفلاحين، أنه ستكون هناك زيادة في أسعار الألبان والجبن والسمن المرتبطة بالزيادة المضاعفة عن الأسعار القديمة مما سيترتب عليه أزمة كبيرة في الأسعار بالأسواق.

الحماية الاجتماعية

وأوضح الدكتور خالد عبده مدير مركز الدراسات الاقتصادية الزراعية بزراعة القاهرة، فى تصريح لـ”الفلاح اليوم“، أن 80% من المزارعين يملكون أقل من 3 أفدنة، و95% أقل من 5 أفدنة، ودخل زراعة تلك المساحات 30% من دخل هذه الأسرة، وباقي الإنفاق يتم توفيره من خلال العمل بـ”اليومية”، بالإضافة إلى وجود جمود في الأجور، ما يتسبب في رفع معدل البطالة.

قال الدكتور أحمد جمال الدين، أستاذ الاجتماع الريفى ووكيل مركز البحوث الزراعية الأسبق، أن الحماية الاجتماعية تعتبر عاملاً أساسياً فى تحقيق السلام الإجتماعى، وضرورة لتماسك المجتمع الريفى، مشيرا أنها أحد آليات تنمية المجتمعات ودعامة قوية من دعائم الاستقرار المجتمعى وتقليل الصراع بين شرائح المجتمع، وتمكين الفقراء – خاصة – بعد تطبيق برامج الخصخصة، والإصلاح الاقتصادى، والتكيف الهيكلى.

وأضاف وهبة، فى تصريحات لـ”الفلاح اليوم“، أن إشكالية زيادة تكاليف الإنتاج الزراعى بشكل مستمر على المزارعين تقتضى بالضرورة أن يقابلها تطبيق آلية الحماية الاجتماعية على اعتبار أنها مجموعة الآليات والأنشطة المترابطة الهادفة إلى تحقيق الاستقرار الاقتصادى والاجتماعى بتحرير الإنسان من ضغوط الحاجة والعوز والحرمان، والحد من خسائره وحمايته من الأزمات بكافة أشكالها، واتخاذ التدابير التى تؤهل الإنسان للحصول على إحتياجاته الأساسية من الغذاءوالتعليم والصحة، وضمان الحد الأدنى لمستوى المعيشة، بما يؤدى إلى إعلاء قيم المواطنة، وإزكاء روح التكافل الاجتماعى وترسيخ الشعور بالإنتماء.

وأوضح وكيل مركز البحوث الزراعية الأسبق، أنه نظراً لأهمية القطاع الريفى فى الاقتصاد القومى، واهمية رأس المال الاجتماعى متمثلاً فى العنصر البشرى وهم الفلاحين، فهم الثروة البشرية والسواعد المنتجة لمعظم ما يحتاجه المواطن المصرى من غذاء وكساء، وحرص الدولة بشكل عام ووزارة الزراعة بشكل خاص على الإرتقاء بجودة حياة الفلاح من خلال توفير سبل الحماية الاجتماعية له ولأسرته إيماناً بدوره وتقديراً وإعتزازاً بمكانته فلابد من مراعاة أى إجراء تتخذه الحكومة صوب ملايين المزارعين مراعاة للجوانب الاجتماعية التى تؤثر بشكل مباشر على العملية الإنتاجية الزراعية سلبا أو إيجابا.

الزراعة تبحث

وتواصل “الفلاح اليوم“، مع الدكتور محمد القرش، المتحدث الرسمى لـوزارة الزراعة، للتعرف على تعليق الوزارة على قرار الحكومة الخاص بزيادة أسعار السولار والبنزين بنسبة 30% على اعتبار أنهما يمثلان حوالى 22% من مدخلات عمليات الإنتاج الزراعي، فرد قائلا: “أن الوزارة بصدد إعداد دراسة لرصد آثار ذلك القرار على الزراعة والفلاحين والغذاء”، مؤكدا أن الدراسة لن تستغرق وقتا طويلا.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى