تقارير

العوامل المناخية وتأثيراتها المُتداخلة على معدل البناء الضوئي في النبات

كتب: د.محمد عبدربه من الملاحظ أنه عند معدلات مناسبة من الحرارة وثاني اكسید الكربون نجد أن معدل عملیة البناء الضوئي يزداد بزیادة شدة الإشعاع الشمسي إلى حد معين (الحد الأقصى للبناء) یقل بعده معدل عملیة البناء الضوئي.

تابعونا على قناة الفلاح اليوم

تابعونا على صفحة الفلاح اليوم على فيس بوك

عند زيادة الطاقة الضوئیة إلى حد بعید نجد أن ھناك عامل آخر یبدأ في التدخل في عملیة البناء وھو الأكسدة الضوئیة بمركبات الخلیة الحیة مما یؤدي إلى استخدام الأوكسجین المتصاعد من عملیة البناء الضوئي في أكسدة الكثیر من محتویات الخلیة.

أما من حیث اطوال الموجات الضوئیة فقد بینا أن ھناك موجات تزید عندھا كفاءة البلاستیدات الخضراء في امتصاص الضوء مثل الأزرق والأحمر (466 ـ 650 مللیمكرون)، ولذلك فإن كفاءة عملیة البناء، وبالتالي تصل إلى اقصاھا عند ھذه الموجات الضوئية فيما يعرف بالضوء المناسب للتمثيل الضوئي.

عند درجات حرارة وكثافة ضوئیة ملائمة نجد ان ثاني اكسيد الكربون یعتبر العامل المحدد لسرعة عملیة التمثیل الضوئي، ویتأثر محتوى الھواء الجوي بثاني اكسید الكربون بمستوى الرطوبة الجویة، حيث أنه عند ارتفاع رطوبة الجو یزداد تركیز ثاني اكسيد الكربون، ولذلك عادة ما یلاحظ ازدیاد معدل البناء الضوئي في الأیام ذات الضباب عن غیرھا اذا كانت العوامل الأخرى غیر محددة لھذه العملیة.

وجد أن عملیة البناء الضوئي تستمر في الإسراع كلما ارتفع تركیز ثاني اكسيد الكربون بالجو إلى أن یصل 0.5%، ولكن لمدد محددة، حیث أن استمرار زیادة التركیز إلى 10% يؤدي إلى ظھور بعض الأضرار علي النباتات.

على الجانب الاخر، تختلف درجة الحرارة المثلى باختلاف طبیعة النبات وطبیعة البیئة ومدى تأقلمة معھا ورغم اتساع المدى الحراري الذي یتم عنده عملیة البناء الضوئي، الا أنه یلاحظ أن أنسب درجات حراریة بالنسبة لأغلب النباتات من 15 ـ 25 درجة مئویة، ویلاحظ أن معدل سرعة عملیة البناء الضوئي للنباتات النامیة یستمر في الارتفاع بارتفاع درجات الحرارة من 10 ـ 25 درجة مئویة بالنسبة لأغلب النباتات.

یؤدي رفع درجة الحرارة على 35 درجة مئوية إلى انخفاض سرعة عملیة البناء، ویرجع ذلك اساسا للتأثیر الضار للحرارة المرتفعة علي بروتوبلازم الخلایا الحیة خاصة الانزیمات المتواجدة بھا، كما قد یرجع التأثیر الضار إلى تراكم نواتج عملیة البناء أو قد یرجع التأثیر إلى قلة كفاءة ذوبان ثاني اكسيد الكربون في بخار الماء بغرف الثغر، وبالتالي قلة ما یصل منه إلى بلاستیدات وجد ان الكمیة اللازمة من الماء لاستمرار عملیة البناء الضوئي تقدر بحوالي 1% فقط من جملة الماء الممتص بواسطة النبات.

لوحظ أن معدل او سرعة البناء الضوئي یرتفع اذا ما حدث جفاف بسیط بالأوراق، ولكن ھذا المعدل ینخفض تماما اذا ما وجد جفاف شدید بھذه الاوراق، حیث أن فقد الماء الذي یبدأ بالخلایا الحارسة یؤدي الي الانكماش، وبالتالي قفل الثغور فیقل معدل التمثیل تبعا لذلك.

یؤدى الجفاف أیضا إلى قلة قابلیة الأغشیة البلازمیة للنفاذیة وجفاف الانزیمات النسبى والتي یلزم لھا درجة تبلل عالیة وقد یؤدي الجفاف إلى قلة سرعة تكوین المواد الكربوھیدارتیة المتكونة من عملیة البناء مما یؤدى إلى تراكمھا في الأوراق، وبالتالي بطء سرعة عملیة البناء.

عند نقص بعض العناصر مثل النيتروجين والفسفور والمغنسيوم یلاحظ قلة معدل عملیة البناء الضوئي لكونھا عوامل مساعدة لبعض الانزیمات الخاصة بتفاعلات الظلام أو لضرورة وجودھا لاتمام عملیة تفاعل الضوء مثل الكلورین والذي یؤدى نقصه إلى عدم امكان نقل الالكترونات من الماء الي كلورفیل (ب)، وقد یكون نقص العنصر مؤثرا علي بناء الكلورفیل نفسه، كما في حالة نقص الحدید أو النيتروجین أو المغنسیوم وغیرھم. كما أنه یدخل كمادة تفاعل أثناء تفاعلات الظلام.

الخلاصة: يتطلب البناء داخل النبات إلى توفر العديد من العوامل المناخية في ظروف مناسبة حسب نوع النباتات المزروعة، وعليه فإنه في بعض الاحيان نحتاج الى تدفئة او تبريد او اضاءة او تظليل لتوفير الظروف المناسبة للنباتات للمحافظة على معدلات البناء المناسبة والحصول على انتاجية مرتفعة من وحدة المساحة.

أما بالنسبة لأشجار الفاكهة والنخيل فإن مسافات الزراعة (المسافة بين النباتات والمسافة بين الخطوط) واتجاه خطوط الزراعة وطريقة التقليم تعتبر من العوامل التي تساعد على الاستفادة من العوامل المناخية في زيادة كفاءة عمليات التمثيل الضوئي بحيث يتم تجنب التظليل الزائد والذي يحجب اشعة الشمس عن بعض الافرع والتي تؤدي إلى تقليل معدلات البناء الضوئي، وان مسافة الزراعة المناسبة تسمح لكل شجرة ان تستفيد من الظروف المناخية بصورة مثلى في عملية البناء عندما تصل الاشجار الى مرحلة الإنتاج الاقتصادي.

لذلك فإن تقليل المسافات بين النباتات او تجاهل عمليات التقليم لفتح قلب الشجرة وتعريض أكبر قدر ممكن من الافرع للإشعاع الشمسي خلال اليوم من شأنه تقليل البناء، وبالتالي تقليل تخزين الكربوهيدرات وبالتالي ضعف الإنتاج.

*المادة العلمية: مدير المعمل المركزي للمناخ الزراعي بمركز البحوث الزراعية.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى