رأى

الزراعة البيئية

مقال لـ«الدكتور ربيع مصطفى».. أستاذ النباتات الطبية والعطرية بمركز البحوث الزراعية

مع بداية خلق الإنسان وتواجده على سطح الكرة الأرضية وهو يبحث عن طعامه وقوت يومه وذلك من كل شيء يحيط به من بيئته التي يعيش فيها وبما تحويه هذه البيئة من أشجار وحيوانات وعناصر البيئة المختلفة.

تابعونا على قناة الفلاح اليوم

تابعونا على صفحة الفلاح اليوم على فيس بوك

مع تطور الإنسان وتعرفه على وسائل الزراعة المختلفة إلى إن وصل إلى استخدام المركبات الكيماوية سواء في التغذية أو مكافحة الآفات والأمراض التي تعترض حياة النبات وهذه المركبات تعرف عليها من حاجة النبات إليها على هيئة مركبات عضوية، وللتسهيل تم تصنيعها على هيئة مركبات كيماوية صناعية، واعتبر الكثير هذه مرحلة من مراحل التطور الزراعي  والصناعى وكانت لهذه المرحلة مساؤها وأخطارها على البيئة والإنسان نفسه فأصبح ينتج ما يدمره أو يعجل القضاء عليه ويفسد عليه بيئته ومعيشته.

الشمس والقمر

حديثا عاد الإنسان إلى ما كان يعيش عليه الإنسان الأول الذي يطلق عليه البدائي من استخدام الوسائل البيئية المختلفة في الزراعة والتي كانت تعطى لهذا الإنسان مقومات الصحة والعافية فكان يتميز هذا الإنسان الأول بطول فارع وجسم قوى وصحة عافية.

كل هذا كان يستمده من مقومات البيئة التي تحيط به من شمس ساطعة لها التأثير على كل العمليات الحيوية والكيماوية بالنبات مثل عمليات النتح والبناء الضوئي وغيرها من العمليات الهامة لحياة النبات وبناءه والأكثر من هذا طول فترة الإضاءة والإظلام لها اكبر الأثر على تغيير مسار حياة النبات وانتقاله من مرحلة إلى الأخرى كانتقال النبات من مرحلة النمو الخضري إلى مرحلة النمو الزهري، ويستمر النبات في إعطاء نموات خضرية دون أن يزهر وهذا مستحب للنباتات التي يتم استهلاك الأجزاء الخضرية منها مثل الخس والكرنب والريحان والبردقوش وغيرها ومثل هذه النباتات يقال عنها إنها نباتات ورقية.

كلما كانت الظروف الجوية مناسبة لإطالة فترة النمو الخضري كلما كانت لها جدوة اقتصادية،  وعلى العكس من ذلك  يكون غير مستحب للنباتات التي يستهلك منها الأجزاء الزهرية والثمرية مثل القرنبيط والبروكلى وشيح البابونج والأقحوان كنباتات زهرية والبسلة والفراولة كنباتات ثمرية.

هناك تأثير قوى للشمس يغفلة الكثير من المزارعين وهو التأثير على الكائنات الحية الموجودة في التربة، حيث يجب تهوية التربة جيدا بعد كل موسم زراعة المحصول وذلك بعد قلب التربة، فهذا يساعد في القضاء على الكائنات الحية المرضية المجودة في التربة مثل فطريات أعفان الجذور والنيماتودا والتي أصبحت الغالبية العظمى من مزارعنا نادرا ما تكون خالية منها.

يرجع ذلك بكل تأكيد بإهمال عملية تشميس للتربة بعد جني المحصول، وهناك فائدة أخرى لعملية التشميس للتربة وهو إعطاء ظروف مناسبة للكائنات الحية الدقيقة للنمو والتكاثر والتي تقوم بتحليل المواد العضوية المعقدة إلى مركبات بسيطة يسهل على النبات امتصاصها والاستفادة منها في العمليات الحيوية.

ليس تأثير الشمس هو الأكثر فإن للقمر تأثير لا يقل أهمية من تأثير الشمس فنجد أن لظاهرة المد والجزر للقمر التأثير الواضح على المزروعات فنجد أن سُرعة نمو بذور النباتات على الحال التي يكون عليها القمر، فالبذور المزروعة في النصف الأول من الشهر العربي القمري (عندما يكون القمر هلالا إلى أن يصير بدرا مُكتمل النور) تنمو أسرع من المزروعة في النصف الأخير منه (عندما يدخل القمر في مرحلة المُحاق وهو فقدانه لنوره حتى ذهابه).

يعود السبب في ذلك إلى تأثير المد والجزر الذي تحدثه جاذبية القمر على سطح الأرض، وذلك حسب الأبحاث التي أجرتها عالمة البيولوجي الأمريكية (جين جوي)، علما أن العرب اكتشفوا هذه العلاقة بالخبرة والتجربة منذ قديم الزمان ولذلك كانوا يزرعون بذور النباتات في النصف الأول من الشهر القمري بالإضافة إلى قيامهم بتنقية المزارع من الحشائش والأعشاب الضارة ابتداءً من اليوم السابع عشر وحتى آخر يوم في الشهر القمري لتأخير نموها ثانية قدر الإمكان.

ان النباتات الورقية مثل السبانخ والنعناع وغيرهم يناسبه العمليات الزراعية من زراعة وري وعزيق وتسميد وحتى الحصاد تكون في أوقات مناسبة من صعود القمر وهبوطه وهذه المواعيد لا تتناسب قطعيا مع المحاصيل الأخرى مثل النباتات البذرية كالقمح والترمس وغيرهم وكذلك المحاصيل الجذرية مثل البطاطس والفول السوداني وغيرهم فلكل محصول من هذه المحاصيل السابقة مواعيد خدمة مناسبة  مع حركة القمر أن ملائمتها أعطى محصول عالي وهذا ما يسمية البعض الأجندة الزراعية أو الكونية وهذا يبعث في الذاكرة أمثالنا الشعبية القديمة عن شهور السنة المصرية القديمة والتي قالها المصري القديم صاحب معجزة الأهرام ونظرية التحنيط والعلاج بالأعشاب حيث قال:

ـ عن شهر بابه وهو شهر أكتوبر قال أن (صح زرع بابه غلب النهابة) وفية يحث المزارعين على الزراعة في هذا الشهر.

ـ كذلك شهر برهمات وهو شهر مارس قال فيه في برهمات (روح الغيط وهات) وهو يدلل على كثرة إنتاج الأرض في مثل هذا التوقيت وتكون مونتاجات خضرية تؤكل مثل البصل الأخضر والفول البلدي والخس والحمص وغيرهم.

ـ كذلك في شهر بشنس وهو مايو قال (بشنس يكنس الغيط كنس) وهو يحث المزارعين على حصاد المحاصيل الشتوية في مثل هذا التوقيت وذلك استعدادا للمحاصيل الصيفية.

كما انه من الممكن استخدام طاقة القمر لتحديد مواعيد الخدمة الزراعية لكل محصول من خلال الاجندة الكونية لتحدد لنا موعد عمليات الخدمة من بداية زرع البذور حتى قطف المحصول مرورا بمواعيد الرى وجميع مراحل الخدمة، حيث يوفر القمر من خلال طاقة هائلة يرسلها للأرض وهذه الطاقة تختلف في تأثيرها حسب وضع القمر امام الأبراج في دورانه الشبة دائرى صاعدا أم دورانا هابطا امام الابراج محدثا المد والجزر الذي يرفع فيه ملايين من الأطنان من المياه بارتفاع من متر إلى مترين وهذه الطاقة تؤثر في المياه والتربة والضوء والحرارة والتي تعتبر أهم عناصر العملية الانتاجة.

كما إنه عند صعود القمر يرسل طاقة تؤثرفى المياه فتصعد العصارة النباتية في النبات ويعتبر هذا وقت مناسب لأخذ العقل الطرفية عند الاكثار وفترة مناسبة ايضا لمقاومة بعض الآفات المحبة للسكر العالى مثل الندوة المتأخرة في الطماطم وامراض الصدا وعند صعود العصارة تنشط هذه الافات لوجود السكر العالى بالعصارة النباتية.

هنا يكون هو الوقت المناسب لمقاومة الآفه فيوفر جهدا واستخداما لأقل نسبة من المبيدات وفترة صعود القمر تعتبر فترة مناسبة لجمع المحاصيل الورقية لزيادة تركيز المواد الفعالة بأوراق النباتات الطبية العطرية، والتي تؤثر في التربة بما تحتويه من تنوع حيوى ينشط ويزيد من سرعة الايونات في التربة، وبالتالى تذوب كثير من العناصر الغذائية بسهولة لانها تعتبر فترة جيدة للزراعة في الارض المستديمة مباشرة وهى ايضا فترة جيدة لعمليات تقليم الاشجار خاصة العنب والتين والسدر. وهنا ايضا لابد من التعرض لإنتاج منتج آمن من خلال اتباع اساليب الزراعة العضوية التي لا تستخدم فيها أى اسمدة كيميائة أو مبيدات.

ـ لتعرف على تأثير القمر والأبراج الفلكية على زيادة الإنتاج الزراعي وأن العلم لا حدود له، وبما أن الأفلاك جزء من مكونات الكون من حولنا لذا فقد قام الكثير من العلماء بدراسة تأثيرها على المحاصيل الزراعية فوجدوا لها أعظم الأثر، وهذا ما سيوضحه أن هناك تأثير كبير من حركة القمر والأبراج الفلكية على نوعية المحاصيل المنزرعة، حيث أن البحوث والدارسات التي أجريت في كل من ألمانيا والهند ومصر بشأن القمر والأبراج ينجم عنها تأثير إيجابي علي عملية الزراعة وزيادة الإنتاجية من خلال ما يسمي بالزراعة البيو ديناميكية التي تقوم بدورها باستخدام الطاقات الحيوية في الكون ونقلها إلي النبات، كما يتم استخدام مستحضرات بخلاف المبيدات والأسمدة حيث أنها تعد نوع من الطاقة الحيوية.

ـ تعتمد الزراعة البيو ديناميكية علي الأجندة الكونية التي تعتمد على الزراعة في توقيتات محددة تكون فيها علاقة القمر بأحد الأبراج الفلكية ذات تأثير علي إنتاجية محصول ما، أو صنف زراعي ما، وتعتمد الأجندة الكونية على كل من الشمس والأبراج الفلكية، وقد كان الصينيون أول من استخدمها، حيث قسموا السنة إلي أربعة أقسام ولكل قسم تأثيره الخاص علي الإنسان والنبات، كما كان عند العرب منجمون يهتمون بالزراعة وحياة النباتات، حيث تتأثر النباتات بالقمر والنجوم والأبراج.

لم يختلف الحال عند الأوربيين، حيث اهتم المنجمون هناك بتأثير القمر علي الإنتاج الزراعي، واستكشاف المياه الجوفية، وتأكيداً على تأثير القمر علي حياة الإنسان نجد أن هناك جوانب كثيرة تتأثر بالقمر والأبراج والشمس ومنها نجد أن علاقة القمر بالأبراج الفلكية يمكن أن تحدد شكل الرمال علي شواطئ البحار والمحيطات مما يعني أنه لكل برج طاقة كامنة فيه تختلف من برج لآخر وأن هناك طاقات تصل إلى الأرض وتؤثر علي كائناتها كما أن لهذه الطاقة تأثير في ارتفاع مياه البحار والمحيطات قد تزيد عن 6 أمتار في بعض الأحيان.

ـ لتحديد تأثير علاقة القمر بالأبراج الفلكية علي النباتات فقد أثبتت الدراسات أن هناك أربعة أنواع من النباتات هي النباتات الورقية، والنباتات الثمرية، والنباتات الجذرية، والأزهار، وكل من هذه الأنواع يتأثر بعنصر محدد هو الماء، والحرارة، والأرض، والضوء علي التوالي.

تصل قمة التأثير للقمر علي إنتاجية هذه النباتات عندما يكون القمر أمام أبراج السرطان، والحوت، والعقرب في حالة النباتات الورقية، وأمام أبراج الأسد، والحمل، والقوس في الحالة الثانية، وأمام الثور، والعذراء، والجدي في حالة النباتات الجذرية، وأمام أبراج الجوزاء، والميزان، والدلو في الحالة الأخيرة، إذ اكتشف أن الإنتاجية يمكن أن تزيد بما يزيد على 25% – 39%، وقد تم بالفعل زيادة إنتاجية زراعات السمسم بنسبة 46% في المنيا، وزيادة 39% في لوزة القطن، وزيادة 25% في إنتاج القمح.

درجات الحرارة والرياح والرطوبة 

من المعروف أن لدرجة الحرارة والرياح تأثير مباشر على العمليات الحيوية بالنبات مثل النتح وامتصاص العناصر الغذائية لهذا يتم إضافة الأسمدة الغذائية في بداية شهر الربيع والذي يطلق علية بداية موسم النشاط مع ارتفاع درجة الحرارة يزداد امتصاص العناصر الغذائية وكذلك تأثير درجة الحرارة على نشاط الكائنات الحية الموجودة في التربة وخاصة النافعة منها الأمر الذي يسرع من تحليل المادة العضوية وتيسير العناصر الغذائية ويساعد ذلك توفر نسبة الرطوبة المناسبة.

نجد كذلك أن اختلاف درجات الحرارة ما بين الليل والنهار وخاصة انخفاض درجة حرارة والليل له الأثر على جودة الكثير من المحاصيل مثل الفاصوليا ونجد أن كمية البرودة التي تتعرض لها البراعم لكي يتم كسر طور السكون وإنتاج زهري وثمري جيدين كما هو حادث لأشجار العنب والكمثرى والمشمش وغيرها.

من هذا كله نجد أن النبات والعناصر البيئية المحيطة بة هي المقومات الرئيسية في نظم الزراعة القديمة والحديثة والاستفادة من كل العوامل البيئية المحيطة بالنبات لدفعة لكي يعطى أعلى معدل في النمو الأمر الذي ينعكس على المحصول النهائي.

نجد أن إمداد النبات بالمركبات العضوية فقط مثل ما ينادى بة البعض دون الاهتمام بإضافة أو تنمية الكائنات الحية الدقيقة الموجودة في التربة الأمر الذي يؤدى إلى عدم تكسير هذه المركبات العضوية إلى مركبات سهلة للنبات في الامتصاص والاستفادة منها.

المكافحة الحيوية 

المكافحة الحيوية عنصر مهم من عناصر المكافحة المتكاملة للآفات وهي استخدام الكائنات الحية كبديل آمن عن المبيدات في مقاومة الآفات بصورها البكتيرية – الفطرية – الفيروسية – الحشرية، والاتجاه العام للمكافحة المتكاملة يبدأ من المزارع من خلال العمليات الزراعية لخدمة أرضه من نظافة الحشائش والعزيقة – الحرث – الري بمعدلات معتدلة وكذلك استخدام الفرمونات أمثلة فرمونات التشويش حيث تنشر مركباً عطرياً برائحة الإناث فيتم تشتيت الذكور فلا يتم التزاوج أو الفرمونات الجنسية حيث توضع فرمون برائحة الأنثى في مصائد تقع فيها الذكور وتحد من تزايد أعداد الحشرات. وكذلك تقنية تعقيم الذكور… إلخ.

المكافحة الحيوية تبدأ من المشتل، ويمكن دعم الجهود البحثية والإنتاجية من خلال ما يأتي:

1ـ لابد من إعداد المشتل الذي تزرع به البذور جيدا وأن يكون نظيفا وتعلق به الألواح الصفراء كجاذبات لونية للذبابة البيضاء وهي أخطر الأسباب المرضية.

2ـ زراعة نباتات تطرد الذبابة.

وجد أن نبات الكارفيلا يفرز مركبا يطرد الذبابة البيضاء لمسافة 16 مترا مربعا عن النباتات ولذلك ينصح بزراعته في أصيص وتوزيعه بالمشتل أثناء عملية الشتل، بل يمكن زراعة بالحقل بين المحاصيل المعرضة للإصابة بالذبابة البيضاء (الأسبرين والخميرة والثوم) بدائل للمبيدات.

أعتقد أن النبات يمكن أن ينافس الإنسان على الأسبرين فالأسبرين بديل آمن للمبيدات الكيماوية الأسبرين هو أكثر الأدوية استخداما للإنسان سواء للصداع أو لسيولة الدم ومنع الجلطات باختلاف النسب. وجاء اكتشافه ليؤكد أن النبات سينافس الإنسان على استخدام الأسبرين. ويمكن النظر إلى مايأتي:

1ـ تعامل البذور بـ3 جرام أسبرين تذاب في لتر ماء أو أقل ويضاف إليها قليل من السكر كمادة لاصقة أو العسل وتخلط بها البذور فتقاوم مرض موت البادرات بالمشتل ومقاومة عفن الجذور.

2ـ نصف قرص أسبرين يرش به النبات مذابا في 20 لتر ماء يعالج عفن الجذور وتبقع الأوراق.

3ـ يرش بالمعدل السابق نفسه 3 مرات بين كل رشة 10 أيام ليقي النبات من الفيوزاريوم.

4ـ الأسبرين مع المضاد الحيوي الاستربتومايسين يعالج مرض القمة النامية بالنخيل.

هل من وسائل أخرى؟

ـ هناك منقوع الثوم فباستخدام (300 جرام ثوم مفروم بالإضافة إلى 100 جرام بصل مفروم –  12 مل من الصابون السائل – 3 جرامات كركم – 100 غرام أوراق نبات النسيم) ينقع في 5 لتر ماء مدة 48 ساعة، يؤخذ المنقوع ثم يخفف 5 أضعاف بعد تصفيته ويرش به النبات للوقاية من الحشرات القشرية – المن – الذبابة البيضاء.

ـ كذلك تستخدم الخميرة البيرة رشاً على الأوراق بعد تخفيفها لمدة 6 – 12 ساعة وتخفف بالماء وملعقتي عسل لمقاومة الذبابة البيضاء والمن أيضاً.

ـ تقاوم الديدان والحفارات بالطعوم المحتوية على الجبس أو الشبة المطحونة مع النخالة.

هذا بالإضافة لوجود الكثير من المركبات العضوية الآمنة لمقاومة الحشرات والآفات عموماً تباع بالأسواق، وقام قسم وقاية النبات بهيئة الزراعة بالاهتمام بهذا المجال ولدية الكثير من المركبات العضوية الآمنة ولهم تقديرنا لهذا الاهتمام.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى