صحة

اليقطين: كنز الطبيعة بين الغذاء والدواء وفرص الاستثمار الواعدة

إعداد: د.عبدالرحيم أحمد أحمد محمد الديوى

باحث بمعهد بحوث تكنولوجيا الأغذية  مركز البحوث الزراعية

نبات اليقطين.. (غذاء – دواء – استثمار)

The Bottle Gourd “Lagenaria siceraria”

(Food – Medicine – Investment)

الوصف النباتي لنبات اليقطين

ينتمي اليقطين إلى العائلة القرعية Cucurbitaceae التي تشمل أيضًا القرع العسلي والكوسة والخيار والبطيخ… إلخ.

اسمه العلمي Lagenaria siceraria ويتبع جنس Lagenaria المشتق من الكلمة اللاتينية Lagena وتعني الزجاجة، ويطلق عليه باللغة الإنجليزية Bottle Gourd بمعنى قرع الزجاجة.

نبات عشبي حولي زاحف أو متسلق، والأوراق بسيطة وكبيرة الحجم مغطاة بزغب قطيفي كثيف، ويصل عرض الورقة إلى 40 سم. وهو وحيد الجنس والمسكن، أي يحمل الأزهار المذكرة والمؤنثة على نفس النبات. وتوجد أصناف كثيرة من ثماره متباينة في شكل الثمرة وحجمها، وأشهرها ذات الثمار الأسطوانية الطويلة التي تأخذ شكل الزجاجة غالبًا.

نبذة تاريخية عن موطنه وتاريخ زراعته

تنتشر زراعة اليقطين في أجزاء كثيرة من العالم في المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية، وفي المناطق الجافة وشبه الجافة، وتعتبر قارة أفريقيا الموطن الأصلي له، ومنها انتقل إلى قارة آسيا والأمريكيتين منذ أكثر من 9000 عام.

ويعد نبات اليقطين من أقدم النباتات التي زُرعت في العالم، وقد ثبت عن علماء الآثار أن محصول اليقطين تم استخدامه منذ 12 ألف عام على الأقل، وقد عرف في مصر الفرعونية منذ 3000 – 3500 عام قبل الميلاد، وزُرع في تايلاند منذ 6000 – 10000 عام قبل الميلاد، وفي المكسيك منذ 5000 – 7000 عام قبل الميلاد، وفي بيرو منذ 4000 – 5000 عام قبل الميلاد، كذلك وُجد في أوروبا في شمال جبال الألب في عهد الإمبراطورية الرومانية في القرن الأول الميلادي.

الأهمية الاقتصادية لنبات اليقطين (The Bottle Gourd)

يعتبر نبات اليقطين من المحاصيل غير التقليدية الواعدة ذات الاستعمالات المتعددة، ويمكن زراعته تحت الظروف غير المناسبة لزراعة باقي محاصيل العائلة القرعية التي ينتمي إليها، مثل ظروف الإجهاد المائي، والحرارة العالية والمنخفضة، والملوحة، وانتشار فطريات التربة المسببة لمرض الذبول الوعائي.

ويُزرع اليقطين من أجل بذوره لاستخلاص الزيت منها الذي يضاهي زيت عباد الشمس، ويمكن استخدامه في الطهي وفي إنتاج السمن النباتي والطحينة، وفي إنتاج الشمع والصابون، ويعد من أفضل الزيوت التي يمكن استخدامها للعناية بالشعر والبشرة. كذلك تستخدم بذور اليقطين الأخضر كتسالى فيما يعرف باسم “لب الخشب”.

ويعتبر أيضًا أحد محاصيل الخضر عالميًا حيث تستهلك ثماره الخضراء التي تؤكل مطبوخة بعد تقشيرها وهي ذات قيمة غذائية عالية جدًا.

كما تعتبر ثماره ذات طعم حلو ولحمها لين وسهل الهضم، ويمكن أن يُستخدم في الحشو والتخليل وعمل العصائر الطازجة والمعلبة وبعض الأطباق الحلوة، ويمكن عمل مربى من ثماره، كذلك يمكن إضافتها مع أي فاكهة أخرى عند عمل المربى، كما يمكن استخدامها في صناعة الآيس كريم، ويمكن أن تسهم من خلال تصديرها في زيادة حصيلة الدولة من النقد الأجنبي، لذلك فهو يعتبر من المحاصيل التي تزيد من الدخل القومي من العملة الصعبة.

بالإضافة إلى الاستعمالات السابقة، يمكن إضافة مسحوق لب البذور إلى دقيق الخبز فيحسن من جودته ومن قيمته الغذائية، كذلك يمكن استخدام عروش النبات وبقايا الثمار الجافة وناتج استخلاص الزيت في أعلاف الحيوانات، كذلك يمكن استخدام الأوراق في الطهي سواء طازجة (يتم حشوها مثل ورق العنب) أو جافة (مثل الملوخية أو خلطها مع الملوخية لزيادة وتنويع القيمة الغذائية)، كذلك يمكن استخدام ثماره الجافة في أعمال الفن والديكور، وبالرغم من هذه الفوائد المتعددة إلا أنه لم يتم استغلاله في مصر بشكل جيد.

الأهمية الغذائية والطبية لنبات اليقطين

تعتبر ثمار وبذور وأوراق اليقطين ذات أهمية غذائية وطبية عالية جدًا لاحتوائها على نسبة عالية من البروتين والبكتين والألياف والبيتاكاروتين والعناصر المعدنية (مثل الكالسيوم والمغنيسيوم والبوتاسيوم والحديد) والفيتامينات المهمة (فيتامين ب المركب وفيتامينات A, D, E, K وفيتامين C) والعديد من المركبات الفينولية والفلافونويد والأيزوفلافون والأحماض الأمينية الضرورية للجسم والأحماض الدهنية المشبعة والغير مشبعة المفيدة جدًا للجسم (منها أوميجا 3 وأوميجا 6)، وذلك بعد إجراء التجارب والتحاليل الكيميائية والبيولوجية عليها، وثبت علميًا أنها تحتوي على كمية هائلة من المركبات الفعالة المفيدة للإنسان غذائيًا وطبياً.

وثماره غنية بالألياف التي تنشط حركة الأمعاء وبالتالي تساعد في علاج الإمساك والانتفاخ وعسر الهضم وتعطي إحساسًا بالشبع، فتلعب دورًا مهمًا في إنقاص الوزن والتخسيس الآمن.

وتناول ثمار نبات اليقطين يفيد في علاج حالات قرح المعدة، وتحتوي أيضًا على بعض المركبات التي تعمل على زيادة إنزيمات الهضم في الجهاز الهضمي وبالتالي تزيد من كفاءة هضم وامتصاص الطعام.

تتميز أيضًا ثمار وبذور اليقطين باحتوائها على نسبة عالية من الكولين Choline مقارنة مع أي محصول خضري آخر، وهو مهم جدًا لتنشيط وظائف المخ وتقوية الذاكرة.

تحتوي كذلك ثمار وبذور اليقطين على نسبة عالية من مضادات الأكسدة التي تثبط وتقلل من الأثر الضار للشقوق الحرة الشاردة، وبالتالي تلعب دورًا مهمًا في الوقاية من الإصابة بالأمراض السرطانية وتقوية جهاز المناعة.

يعتبر نبات اليقطين ذو تأثير مضاد للدهون Anti-lipids نظرًا لاحتوائه على مركبات فعالة تخفض نسبة الكوليسترول الضار في جسم الإنسان.

ومن ناحية أخرى، تناول بذور اليقطين يعمل على تزويد الجسم بالسعرات الحرارية فهي غنية بالأحماض الدهنية الأحادية غير المشبعة (45%) مثل الأوميجا 3 التي تقلل من الكوليسترول الضار في الدم وتزيد من الكوليسترول النافع، مما يجعلها تحافظ على الجسم من مرض الشريان التاجي والسكتة الدماغية، وبالتالي تقلل من فرصة الإصابة بأمراض القلب وانسداد الشرايين.

كما تعزز نمو المخ في الجنين في رحم الأم الحامل وتحميه من العيوب الخلقية، ومن ثم تساعد في زيادة نسبة الذكاء لدى الأطفال، وتحارب العديد من الأمراض النفسية مثل التوترات العصبية وتحد من الاكتئاب وغيره.

وتعتبر بذور اليقطين غنية بالبروتينات (24%) والأحماض الأمينية، ومن أهمها التربتوفان اللازم لإنتاج الميلاتونين والسيروتونين الذي يعزز النوم والراحة والسعادة لجسم الإنسان ويعالج من حدوث الأرق.

تعتبر بذور وثمار نبات اليقطين غنية بالمعادن والعناصر المفيدة لجسم الإنسان وأهمها الزنك الذي يساعد على تنظيم وتقوية جهاز المناعة ويقلل من خطر حدوث الالتهابات الفيروسية مثل البرد والإنفلونزا، كما يساعد الزنك في إنتاج اللازمة لنمو الخلايا، ومن ثم يعمل على حماية الجنين من مخاطر نقص الوزن، وحينما يتناول الإنسان مائة جرام من بذور نبات اليقطين الأخضر يوميًا فهي كافية لأن توفر نصف الاحتياجات اليومية لجسم الإنسان من الزنك، كما تحتوي ثمار وبذور اليقطين على مركبات تقوم بمنع تحول هرمون التيستوستيرون إلى هرمون الديهيدروتيستوستيرون الذي تؤدي زيادته إلى تضخم البروستاتا.
كما تتميز ثمار وبذور نبات اليقطين بارتفاع محتواها من عنصر البوتاسيوم والمغنيسيوم وانخفاض محتواها من الصوديوم، الأمر الذي يساعد في تنظيم ضغط الدم.

وقد ثبت علميًا أن مستخلص بذور نبات اليقطين وكذلك مستخلص مطحون الأوراق يثبط نمو العديد من الميكروبات مثل بكتيريا إيشريشيا كولاي والسالمونيلا وفطريات الفيوزاريوم والأسبرجلس.

وفي الطب الشعبي القديم تم العثور على فوائد عصير أوراق نبات اليقطين واستخدامها لتقليل الصلع وتساقط الشعر، وزيت بذوره كذلك، ووجدوا كذلك أن أزهار ثمار اليقطين تستخدم كترياق لإزالة أثر السموم.

وأخيرًا قام العالم (كارن وآخرون) عام 2013م بعمل تجربة على 100 شخص متطوع قاموا بتناول عصير ثمار نبات اليقطين على معدة فارغة يوميًا لمدة 90 يومًا، فلاحظوا حدوث انخفاض في نسبة السكر والكوليسترول في الدم، وتحسن في وظائف الكبد والكلى، وأوصى بأن هذا العصير يمكن أن يعالج الأضرار المترتبة على زيادة تناول الوجبات السريعة الغنية بالكربوهيدرات والدهون، ومن ثم لاحظوا أنه يساعد في إنقاص الوزن الزائد في الجسم بطريقة صحية وآمنة.

أهمية التوسع في زراعة نبات اليقطين كمحصول ثمري وبذري

يعتبر نبات اليقطين أحد محاصيل الأمن الغذائي في المستقبل، حيث يتميز عن باقي القرعيات بإمكانية زراعته تحت الظروف غير المناسبة لزراعة باقي محاصيل العائلة القرعية، مثل: الإجهاد المائي، الحرارة العالية والمنخفضة، الملوحة، وانتشار فطريات التربة المسببة لأمراض الذبول الوعائي.

كذلك يمكن زراعته على التكعيبات في الحدائق المنزلية، مما يعني إمكانية زراعته على نطاق واسع في مصر.

ومن ناحية أخرى، يتميز نبات اليقطين كمحصول ثمري عن الكوسة بإمكانية إنتاجه على مدار فترة زمنية أطول يمكن خلالها سد العجز في إنتاج الكوسة، كما أن ثماره الطازجة يمكن تخزينها لفترة أطول في جو الغرفة، وكذلك تتحمل عمليات النقل والشحن.

يتميز محصول ثمار نبات اليقطين بقلة المبيدات المستخدمة في إنتاجه؛ مما يساعد في المحافظة على صحة وسلامة الإنسان والبيئة.

الفرق بين اليقطين والقرع العسلي

هناك خطأ كبير شائع في إطلاق لفظ أو مصطلح “اليقطين” على “القرع العسلي”، وهذا خطأ جسيم في التسمية وفي جمع وتدوين الاسم وإثباته في الموارد والمكتبات والمواقع الإلكترونية ومواقع البحث الإلكتروني، مما يقع فيه الكثير من الباحثين والمهتمين في هذا الشأن.

وخلاصة القول في هذا الشأن أن لفظ أو مصطلح “اليقطين” لا يطلق على نبات القرع العسلي.

🔹 تابعونا على قناة الفلاح اليوم لمزيد من الأخبار والتقارير الزراعية.
🔹 لمتابعة آخر المستجدات، زوروا صفحة الفلاح اليوم على فيسبوك.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى