«عيش الغراب» مشروع واعد واستثمار ناجح
إعداد: د.حسن إسماعيل
قسم بحوث تكنولوجيا الحاصلات البستانية بمعهد بحوث تكنولوجيا الأغذية – مركز البحوث الزراعية
عُرِف فطر عيش الغراب منذ القدم كغذاء مستساغ طيب المذاق ودواء، وحظي قديمًا لدى الكثير من الشعوب والحضارات القديمة بالاهتمام لدرجة أن بعض الشعوب أطلقوا عليه “غذاء الآلهة” كما عرف لدى قدماء المصريين. أما اليونانيون والرومانيون فقد كانوا يقومون بتغذية الجنود عليه قبل المعارك لإمدادهم بالقوة والحيوية، وكذلك اليابانيون والصينيون الذين يطلقون عليه “غذاء الصحة والجمال” أو “إكسير الحياة”. وكانوا يجمعونه ثمار الفطر النامي بريًا من الغابات الطبيعية، وقد ذكره أبقراط لأول مرة عندما كتب عن فوائده الطبية عام 400 قبل الميلاد.
جولة مع عيش الغراب عبر التاريخ
يعتبر الصينيون أول من بدأ بزراعة فطر عيش الغراب، من خلال زراعة النوع الأوركيولاريا أو “آذان الشجرة”، وقد تم زراعة بعض الأنواع الأخرى مثل فطر الفلاميولينا، وفطر عيش الغراب الشيتاكي، والذي يعتبر من أفضل الأنواع غذائيًا وصحيًا. ثم تبعهم الأوروبيون وقاموا بزراعة فطر عيش الغراب البوتون أو الأجاريكس الأبيض والبني، وكذلك نجحت زراعة الفطر المحاري أو الأويستر. ثم شهد القرن العشرون نجاح الكثير من عمليات زراعة أنواع برية صالحة للأكل، وزراعتها على نطاق تجاري. وهناك أيضًا العديد من الأنواع السامة غير المأكولة والتي قد تؤدي إلى الوفاة خلال 24 ساعة.
وقد تحولت زراعة عيش الغراب إلى علم قائم بذاته، وصناعة مستقلة يتم التداول فيها في عالم المال والأعمال. وقد قامت العديد من الجامعات والمراكز البحثية والشركات باستنباط وإنتاج سلالات جديدة عالية الإنتاج، تتناسب مع بعض الظروف المناخية غير المواتية التي تؤثر في كفاءة الإنتاج وجودته. ويُعرف أكثر من 5000 نوع من الفطر على مستوى العالم، وحوالي 200 نوع على النطاق التجاري عالميًا، أما ما يتم زراعته في مصر فيتراوح بين 2 إلى 7 أنواع أشهرها المحاري والأجاريكس، بالإضافة لبعض السلالات الجيدة والجديدة التي تم جلبها من دول أخرى كالصين وفرنسا وهولندا.
القيمة الغذائية والطبية
فطر عيش الغراب غني بالبروتين الكامل الذي يحتوي على جميع الأحماض الأمينية الأساسية التي يحتاجها الجسم ولا يستطيع تخليقها، إلى جانب الفيتامينات، الإنزيمات، المضادات الحيوية الطبيعية، أنواع خاصة من السكريات، والألياف. كما يتميز بانخفاض الدهون والكربوهيدرات، ما يجعله غذاءً مثاليًا لمرضى السمنة والسكري وأمراض القلب والكبد والكلى.
أهمية فطر عيش الغراب كمشروع اقتصادي
1- مشروع واعد ومربح وآمن بيئيًا: لا ينتج عنه مخلفات ضارة ويمكن تنفيذه بسهولة من المنزل أو وحدات صغيرة، ما يجعله مناسبًا للشباب والخريجين.
2- الطلب المتزايد عليه في الأسواق المحلية والعالمية نظرًا لقيمته الغذائية والطبية.
3- منتجات ثانوية مفيدة: المتبقي بعد الإنتاج يصلح كعلف حيواني غني بالبروتين أو كسماد عضوي ممتاز.
استخدامات صناعية وطبية
1- يدخل في تحضير أدوية ومضادات حيوية خاصة من أنواع معينة مثل الجانوديرما.
2- يُستخدم كبديل للبروتين الحيواني ويدخل في تدعيم بعض المنتجات الغذائية مثل المخبوزات والمربى كمصدر بروتين وبعض العناصر الحيوية الهامة.
3- يُنصح به غذاءً صحيًا لمرضى الجهاز الهضمي والكلى.
4- دوره في استمرار النظام البيئي وتجديده حيث يقوم بتحليل بقايا الخشب والأوراق للأشجار الخشبية بالغابات. أما من المشاكل التي يساهم فطر عيش الغراب في التغلب عليها بطريقة غير مباشرة فهي المساعدة على تقليل الآثار الناتجة عن ظاهرة الاحتباس الحراري عن طريق التخلص من المخلفات الحقلية وكذلك مخلفات مصانع الأغذية بتنمية الفطر بدلًا من حرقها أو تراكمها وانتشار القوارض والآفات الزراعية.
5- إعداد العديد من الأطباق الغذائية الشهية والصحية المتميزة.
دور مركز البحوث الزراعية
يقوم معهد بحوث تكنولوجيا الأغذية التابع لمركز البحوث الزراعية بدور محوري في:
• نشر ثقافة تنمية وزراعة عيش الغراب.
• تدريب الشباب على الأساليب العلمية الحديثة وأفضل أساليب إنتاجه.
• تغيير الثقافة الغذائية للمستهلك المصري تجاه هذا المنتج الصحي والاقتصادي.
🔹 تابعونا على قناة الفلاح اليوم لمزيد من الأخبار والتقارير الزراعية.
🔹 لمتابعة آخر المستجدات، زوروا صفحة الفلاح اليوم على فيسبوك.