رأى

مصيدة المستشفيات الخاصة

أحمد إبراهيم

بقلم: أحمد إبراهيم

كاتب صحفي

كلمة «صيدة» فى عنوان المقال وصف مهذب وبسيط لما يحدث فى المستشفيات الخاصة، عفواً «الاستثمارية»، والمفروض إبداله بكلمة «مجزرة»، لأن الخارج منها مولود.

المواطن المصرى الذى يسوقه حظه السيئ إلى الذهاب مضطراً لمستشفى خاص أياً كان مستواه، سوف يموت إما بالمرض أو بفاتورة علاجه، لأنه يدفع عشرة أضعاف ما يحصل عليه من خدمة طبية.

المستشفيات الخاصة المصرية هدفها الأساسى جمع الأموال وليس الربح فقط، ولذلك يومياً نسمع ونقرأ حكايات مخزية للأطباء الذين يحولون المرضى من المستشفيات الحكومية إلى عياداتهم ومستشفياتهم الخاصة ويتقاضون أجورهم الباهظة دون إيصالات أو فواتير، وما تفعله المستشفيات حدث عنه ولا حرج، والوقائع عديدة لمواطنين فى حكم الموتى ومع ذلك يتم وضعهم فى غرف العناية أو على أجهزة التنفس الصناعى لزيادة قيمة الفاتورة، ثم حجز الجثمان لحين سدادها.

سمعت كثيراً عن تسعير قيمة العلاج من خلال وزارة الصحة، بل إن د. حمدى السيد، نقيب الأطباء الأسبق، قال لى إن قانون النقابة ينظم أجور الأطباء والمستشفيات الخاصة لضمان عدم مغالاتهم، ولكن لا يتم احترام ذلك، ولا أظن أن هناك رقابة مالية عليهم.

المستشفيات الخاصة فى مصر دولة داخل الدولة ومجال مهم للبزنس اجتذب أيضاً رجال الأعمال، مثل الكافيهات والمطاعم والتوكيلات التجارية.

وعلى مدار عشرات السنوات الماضية، كان يتم إفشال منظومة العلاج الحكومى لصالح الخاص ولم ولن ينصلح حال الصحة فى أى دولة يختلط فيها العام بالخاص، وأن يجمع الأطباء بين العمل فى نفس الوقت بين المستشفيات الحكومية والخاصة، لأنه يؤدى إلى تضارب مصالح والغلبة تكون للمصلحة الخاصة على حساب مصلحة الوطن والمواطن.

كما أن فضيحة تجارة الأعضاء البشرية التى تسىء لسمعة الطب المصرى أبطالها المستشفيات الخاصة، والتجربة الوحيدة التى حققت نجاحاً مبهراً فى مصر هى مركز الكلى بالمنصورة، حينما وضع مؤسسه د. محمد غنيم نظاماً صارماً وهو تفرُّغ الأطباء للعمل وغلق عياداتهم الخاصة مع زيادة أجورهم، مشاكل الصحة فى مصر أسهل بكثير من مشاكل التعليم.

فلدينا 110 مستشفيات جامعية وحوالى 530 مستشفى لـوزارة الصحة 6000 وحدة صحية بالقرى والمدن على مستوى الجمهورية، بالإضافة إلى أن معظم الوزارات والمؤسسات والنقابات، وحتى الجمعيات الخيرية تمتلك مستشفيات، كل ذلك يعمل بأقل من نصف طاقته وخدمته غير جيدة ويضطر المواطنون للذهاب مجبرين للمستشفيات الخاصة.

البنية الأساسية فى مجال الصحة تكاد تكون الأفضل عالمياً، ولدينا إنفاق كبير جداً ولكنها تحتاج إلى منظومة إدارية جيدة تُحسن استغلال وتوظيف هذه الإمكانيات حتى تكبح جماح العلاج والأجور بالقطاع الخاص.

حتى نكون منصفين، مؤكد هناك مستشفيات خاصة ما زالت تعامل المواطنين برحمة ولكنه استثناء لا يقاس عليه، كما أن إصلاح الطب يبدأ بزيادة أجور الأطباء حتى يعيشوا بكرامة تجعلهم يغلقون عياداتهم الخاصة، ويتفرغون للعمل الحكومى، وأظن أن المواطن الذى يدفع مئات الآلاف مجبر للمستشفيات الخاصة لن يتأخر فى المساهمة للمستشفيات الحكومية لتطويرها وزيادة الأجور من أجل الحصول على خدمة طبية محترمة.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى