حوار

مدير مركز الدراسات الاقتصادية الزراعية بزراعة القاهرة يقترح زيادة أسعار المياه لترشيد الاستهلاك

مضطرون لزراعة مليون فدان أرز رغم أزمة شح المياه

لا يصلح أن نحقق الاكتفاء الذاتي من القمح

نأمل أن ينقذ خزان مياه السد العالي مصر من أزماتها

لا أتوقع أن تحل مشكلة التعديات على الأرض الزراعية مستقبلا 

حوار أجرته: جيهان رفاعي

أكد الدكتور خالد أحمد عبده، أستاذ الاقتصاد الزراعي ومدير مركز الدراسات الاقتصادية الزراعية بـكلية الزراعة جامعة القاهرة، على أنه لا يمكن التعامل مع دخول مصر مرحلة الشح المائى إلا بـالمشاركة الاجتماعية، مشيرا إلى أنه طبقا لتعريفات البنك الدولي فإن نصيب الفرد سوف يكون أقل من 800 متر مكعب سنويا، لافتا إلى أن مصر أصبحت في مرحلة خطيرة لا يشعر بها رجل الشارع، لذلك لابد أن يدرك المصريين أن هناك مشكلة في المياه لكي يحافظوا عليها.

وشدد عبده، فى حوار مع “الفلاح اليوم“، على أن يتم ترشيد استهلاك الماء بخطوات عملية، منها نرفع الأسعار كي نقلل الكمية المستهلكة حسب قانون العرض والطلب، حتى يشعر المستهلك بقيمة المياه وأن بها ندرة.

وحذر مدير مركز الدراسات الاقتصادية الزراعية، من الصراع المحتمل على المياه خلال الفترة المقبلة، لافتا إلى رفع أسعار بعض المحاصيل الأكثر استهلاكا للمياه بما يعرف بمكافئ أو معادل قيمة المياه المستهلكة.

وإلى نص الحوار..

س: هل يمكن أن تلخص لنا بالأرقام الزراعة المصرية من حيث مساحة الأراضي المزروعة؟

عرف المصريون الزراعة منذ ملايين السنين، وعلى ضفاف النيل ظهرت حضارتهم التي اعتمدت على الزراعة كأحد الركائز الأساسية لبزوغ تلك الحضارة، فأين نحن الآن من هذه الحضارة وما هو واقع الزراعة المصرية الآن، ويمكن أن نعكس الإجابة على هذا السؤال من مجموعة من الإحصاءات، تمتلك مصر أراضي زراعية تقدر بنحو 9 ملايين فدان مقسمة بين 6 ملايين فدان أراضي قديمة، 3 ملايين فدان أراضي جديدة ومستصلحة، وتبلغ مساحة مصر الإجمالية نحو مليون كم2، المساحة المأهولة منها لا تتعدى 6% بما يعادل 12 مليون فدان، وبلغ تعداد مصر من السكان نحو 105 مليون نسمة الأمر الذي يعكس الضغط السكاني الكبير على الأراضي الزراعية.

س: تعاني مصر فجوة غذائية تتصاعد حدتها لأسباب عدة … ما رأيك، وما آليات حلها وصولا للأمن الغذائي؟

تعتبر الفجوة الغذائية والاكتفاء الذاتي من المحاصيل الإستراتيجية مشكلة تؤرق معظم دول العالم وخاصة الدول النامية ومنها مصر، حيث تبلغ نسبة الاكتفاء الذاتي من القمح نحو 56%، تستهلك منه نحو 14 مليون طن/سنة، وينتج منه محليا نحو 8 ملايين طن، وتبلغ نسبة الاكتفاء الذاتي من السكر نحو 66%، يستهلك منه سنويا نحو 3,2 ملايين طن وينتج منها محليا 2,2 مليون طن مقسمة بين قصب السكر والبنجر، كما لا تتعدى نسبة الاكتفاء الذاتي من الزيوت النباتية 12%، يستهلك منها 1,6 مليون طن/سنة وينتج منها محليا 200 ألف طن فقط، وتبلغ نسبة الاكتفاء الذاتي من الفول البلدي 36%، يستهلك منه 480 ألف طن وينتج منه محليا 175 ألف طن.

ويبلغ متوسط نصيب الفرد في مصر من كل مصادر البروتين (لحم أبيض – لحم أحمر – بيض – أسماك – ألبان) نحو 19 جرام/يوم، بينما المعدل اليومي 29 جم/يوم، وتبلغ نسبة الاكتفاء الذاتي من اللحوم الحمراء نحو 70%، يستهلك منها نحو مليون طن وينتج منها محليا 700 ألف طن، أما الدواجن فتنتج مصر نحو 800 مليون طائر/سنة ونحو 7 مليار بيضة، ويتم استيراد كميات قليلة من الدواجن، ويرتبط الفجوة ونسبة الاكتفاء الذاتي من محصول الذرة بإعتباره المصدر الأساسي للعلف، حيث يزرع منه نحو 1,7 مليون فدان وينتج نحو 6 ملايين طن/سنة ونستورد نحو 6 ملايين طن أخرى بنسبة اكتفاء ذاتي 50%، أما منتجات الألبان فيبلغ حجم الإنتاج السنوي نحو 6 ملايين طن ويتم استيراد 80 ألف طن لبن بودرة وهو ما يعادل 0,5 مليون طن لبن.

الزميلة جيهان رفاعي تحاور د.خالد أحمد عبده، مدير مركز الدراسات الاقتصادية الزراعية بزراعة القاهرة

ومن أسباب حدوث الفجوة الغذائية استخدام طرق بدائية في الإنتاج الزراعي والحيواني والطرق الغير سليمة في تخزين هذه المنتجات، لذلك وبنظرة عامة على الأرقام السابقة نجد أن هناك فجوة غذائية مخيفة في معظم المحاصيل الاستراتيجية الهامة وكذلك المنتجات الحيوانية، لذلك يجب على الدولة القيام بدورها بتشجيع طرق الإنتاج الحديثة والتوسع في الإنتاج سواء أفقي أو رأسي مع ضرورة التوعية الإعلامية للحد من الإستهلاك الزائد عن الحد والاهتمام بطرق التخزين السليمة وانتخاب الأصناف الزراعية عالية الكم والجودة.

س: ما الجدوي الاقتصادية من مشروع الـ1,5 مليون فدان على القطاع الريفي بعد الآراء التى شككت فيه بشأن عدم إمكانية توفير احتياجاته المائية؟

بلغت قيمة الصادرات الزراعية في عام 2015/2016 نحو 2,1 مليار دولار بما يعادل 3,5 ملايين طن، وتشير هذه الأرقام إلى أهمية الحفاظ على الرقعة الزراعية الحالية بل العمل على مضاعفة المساحة المنزرعة لتحقيق نسب مناسبة من الاكتفاء الذاتي في المحاصيل الرئيسية والاستراتيجية، ومن هذا المنطلق كان لابد من التحرك على المستويين الرأسي بمعنى زيادة إنتاجية الوحدة الأرضية من خلال البحوث والإرشاد لرفع إنتاجية المحاصيل وتعظيم العائد من الوحدة الأرضية، وفي هذا المجال يمكن رصد حالة القصور الشديدة التي تعاني منها الزراعة المصرية من تدني حالة الإرشاد الزراعي وضعف دور وثقافة المرشدين وعدم قدرتهم على توصيل المعلومات الإنتاجية والتسويقية للمزارعين للنهوض بهم … كما يلاحظ أن الميزانية المخصصة للمراكز البحثية لتقوم بدورها في تحسين الأصناف الحالية أو تربية أصناف جديدة مقاومة للملوحة والإجهاد الحراري لا تتماشى مع المشكلات المستقبلية من نقص وندرة المياه والتغيرات المناخية المتوقعة.

أما بالنسبة للتحرك على المستوى الأفقي أو محاولة الدولة جاهدة لزيادة الرقعة الزراعية الحالية من خلال استصلاح واستزراع مشروع 1,5 مليون فدان، حيث يشتمل المشروع على 17 موقع موزعة على 8 محافظات هي: الجيزة – المنيا – قنا – أسوان – الوادي الجديد – سيناء – الإسماعيلية – مطروح.

وتقع نسبة 65% من هذه المشروعات في صعيد مصر وهو ما يعكس خطة الدولة للاهتمام بـتنمية الصعيد في الفترة القادمة وهو ما يخدم خطة التنمية بشقيها زيادة الإنتاج من جهة وتوفير فرص العمل لأبناء الجنوب وتقليل الهجرة من محافظات الصعيد للقاهرة وتقليل الضغط على العاصمة، كما يلاحظ أن 88% من المساحة تعتمد في الأساس على الري من مصادر المياه الجوفية، أما النسبة الباقية 12% فتعتمد على الري من مياه النيل.

وتعتمد استراتيجية المشروع على التنوع، حيث تتعدد طرق تملك الأراضي بين الاستثمار في صورة شركات أو هيئات أو جمعيات وتعاونيات إضافة إلى تخصيص نحو 25-30% من المساحة لشباب الخريجين، وحتى يكتب لهذا المشروع النجاح يجب الاستفادة من خبرات الماضي في مشروعات مشابهة قامت بها الدولة أملا في تحقيق زيادة في الإنتاج الزراعي وحل مشكلة الغذاء ولعل من أشهرها مشروع توشكى الذي استنفذ جزء كبير من الاستثمارات دون أن تظهر له أي مردودات على أرض الواقع كما كان متوقع منه، لذا يجب التأكيد على النقاط التالية في مشروع 1,5 مليون فدان:

ـ إعداد دراسات جدوى حقيقية لكل منطقة على حدة ومن خلالها يتم تحديد التراكيب المحصولية التي تصلح للمنطقة.

ـ تخطيط الإنتاج على أساس إنتاج للتصدير بشكل أساسي، بما يعني إختيار محاصيل تصديرية عالية القيمة مثل زهور القطف والنباتات الطبية والعطرية ومحاصيل الخضر.

ـ عدم نقل الممارسات المتبعة في الأراضي القديمة والاعتماد على نظم الزراعة الحديثة وخاصة فيما يتعلق بـالري وضرورة الالتزام بطرق الري الحديثة وإدخال فكرة قيمة العائد من المتر المكعب من المياه عند اختيار وإنتاج المحاصيل.

ـ الاهتمام بـالتصنيع الزراعي والصناعات الغذائية لتقليل فاقد الحاصلات الزراعية من جهة وزيادة القيمة المضافة للمنتجات.

ـ بناء مجتمعات ريفية متكاملة في المناطق التي تم إختيارها بما يضمن الاستقرار والاستمرارية.

س: ما آثار سد النهضة على الرقعة الزراعية فى مصر؟

عندما تبدأ إثيوبيا فى عملية ملئ تخزين المياه فى سد النهضة من المقدر أن تكون نسبة ملأه تقريباً من 9 : 10 مليار متر مكعب من المياه فى العام الواحد وهذه الكمية مقسمة بالنصف على مصر والسودان، وهذا يعنى أنه ما يقرب من 1,5 مليون فدان من الأراضى الزراعية لن تصل إليها المياه، وهنا تاتى أهمية خزان مياه السد العالى والذى يبلغ حوالى 130 مليار متر مكعب من المياه ونأمل أن ينقذ مصر من أزماتها.

س: ينادى البعض لمشاركة مصر في إدارة سد النهضة؟ هل هذا سيضمن لمصر الحفاظ على حصة مياهها الأساسية من مياه النيل؟

من الضرورى أن تشارك مصر فى إدارة سد النهضة وهذا يتطلب اتفاق مسبق وتفاهم سلس بين الدولتين المصرية والإثيوبية وذلك للإشراف على كميات المياه الواردة والمنصرفة وعملية التخزين، فهذا واجب أن يحدث حيث إننا بالفعل توجد لدينا بعثات مصرية تشرف على خزانات صنار وجبل الأولياء وملكال فى جمهورية السودان، ومنوط بهذه البعثات عمل القياسات الخاصة لـنهر النيل وكميات المياه والفياضانات لتكون وزارة الرى على بينه مما يحدث.

س: دخلت مصر مرحلة الشح المائى وفقا لتصريحات مستشار رئيس الجمهورية للمشروعات القومية … هل من روشتة للتعامل مع تلك المرحلة الصعبة؟

بالنسبة للموارد المائية المصرية، تقدر حصة مصر من مياه النيل نحو 55,5 مليار متر مكعب، 85-90% منها تستخدم في الزراعة بمعدل 47 مليار متر مكعب، والحلول هي:-

ـ تحريم ومنع الري السطحي في الأراضي الجديدة.

ـ التحول التدريجي لحوالي 700 ألف فدان حدائق بالأراضي القديمة إلى نظم الري الحديثة.

ـ تقليص المساحة المزروعة بـالأرز إلى 1,1 مليون فدان.

ـ عدم زيادة مساحة القصب عن المساحة الحالية 285 ألف فدان، وهي كافية لتشغيل مصانع السكر.

ـ تطوير وتحسين نظام الري السطحي أو الري بالغمر من خلال مشروعات التسوية بالليزر أو إستخدام الآلات في ري المحاصيل بما ينعكس على خفض كمية المياه في محصول قصب السكر من 11 ألف متر إلى 8 آلاف متر.

ـ استنباط الأصناف الجديدة فقيرة الماء.

ـ إعادة استخدام مياه الصرف.

ـ التوسع في تقنين المراوي في الأراضي القديمة.

ـ تدعيم جمعيات روابط مستخدمي المياه.

كل هذا من المتوقع أن يوفر حوالي 10 مليار متر مكعب من المياه.

د.خالد أحمد عبده

لذلك لا يمكن حل ذلك إلا بالمشاركة الاجتماعية لأننا دخلنا في مرحلة الشح المائي طبقا لتعريفات البنك الدولي وهي أن نصيب الفرد سوف يكون أقل من 800 متر مكعب سنويا، ومعنى ذلك أننا في مرحلة خطيرة لا يشعر بها رجل الشارع، لذلك لابد أن يدرك الناس أن هناك مشكلة في المياه لكي يحافظوا عليها ورأيي كاقتصادي أن نرشد في استهلاك الماء كما تعلمنا في ترشيد الكهرباء لأن الناس لا تستجيب للنداءات بدون خطوات عملية، أي نرفع الأسعار كي نقلل الكمية المستهلكة حسب قانون العرض والطلب، ولكي يشعر المستهلك بقيمة المياه وأن بها ندرة لابد من وجود سياسة محاسبة الأفراد سواء بقوانين تجرم من يهدر المياه سواء برش الشوارع أو غسيل السيارات، فلابد أن يدفع المستهلك قيمة هذه المياه بأسعار مناسبة، وفي دول الخليج يحافظ الأفراد على زجاجة المياه أكثر من لتر البنزين، وفي الفترة القادمة سوف يكون الصراع من خلال المحتوى المائي وسوف يتم رفع أسعار بعض المحاصيل الأكثر إستهلاكا للماء بما يعرف بمكافئ أو معادل قيمة المياه المستهلكة.

وهناك ما يسمى البصمة المائية وهي أن كل منتج يستهلك كمية مياه بمقدار معين منذ بداية زراعته حتى وصوله إلى المستهلك، ومعظم صادراتنا من الخضار والفاكهة تهدر ماء بمئات المليارات المكعبة خارج مصر ونشكو من وجود عجز مائي، وبالتالي يجب الوضع في الاعتبار الاهتمام بتوفير الاستهلاك المائي بقدر المستطاع، وزراعة بعض المحاصيل على حساب البعض الآخر التي لا تستهلك كثيرا من الماء.

وهناك أيضا بعض الحلول للتغلب على ندرة المياه، وتتمثل فيما يلي:

ـ حلول على مستوى سياسية للدولة، بمعنى أن وزارة الزراعة بدأت العمل في مشروعات تهدف إلى تحسين نظم الري الحالية مثل المشروعات الممولة من جهات خارجية (الجايكا) وكذلك المشاريع التابعة لهيئة المعونة الألمانية التي تحول الطرق التقليدية للري بالغمر إلى طرق الري المغطاة لتوفير البخر من الترع والقنوات والتحكم في كمية المياه التى يتم إستخدامها في الري، وكذلك قيام وزارة الري بعمل برامج إرشادية للتوعية بأهمية المياه.

ـ وهناك فكرة أخرى تتمثل في مشروعات روابط المياه التي تحث المزارعين على التعاون من أجل التحكم الأمثل في كميات المياه المستهلكة، وهذا تمهيد لأن تتبنى الحكومة إعادة التسعير للمياه المستهلكة في الري.

ـ كما أن هناك مشروعات أخرى لإستنباط سلالات وأصناف تستهلك مياه قليلة مثل الأرز صنف سخا 7 الذي يستهلك كميات أقل من الماء ويعطي إنتاجية أعلى وكذلك بعض أصناف القمح التي تروى بـمياه البحر.

ـ وهناك بعض الأبحاث لإصطياد بخار الماء من الجو وتكثيفه إلى ماء سائل.

ـ تحلية المياه وهي تكنولوجيا موجودة في كثير من دول العالم، ويعوق استخدام ذلك في مصر التكلفة العالية مما يجعلها غير قابلة للاستخدام.

س: هل يمكن أن تنجح محطات معالجة مياه الصرف الصحي في إنتاج مياه آمنة تصلح لإعادة استخدامها في الزراعة، وما رأيك فى جدوى التوجه صوب معالجة مياه البحر اقتصاديا على الموازنة العامة للدولة وميزانية المزارع والمنتج الزراعى؟ وما محددات نجاح أو فشل ذلك؟

لو تكلمنا عن فكرة التحلية فهي موجودة على مستوى العالم ونجحوا فيها ولكن في مصر الوضع أصعب فهي سوف تستهلك المليارات لكي تستورد هذه التكنولوجيا والمشكلة الأكبر ليس في هذا فقط ولكن في استدامة هذه التكنولوجيا من صيانة وإحلال ومصاريف وضرورة وجود كوادر فنية لتشغيلها بالإضافة، إلى رقابة الجودة التي تضمن أن مخرجات هذه المحطة آمنة للاستخدام البشري أو الزراعات … فوجهة نظري الشخصية أنى لا أحبذ معالجة مياه الصرف الصحي، ولكن الأفضل التركيز على تكنولوجيا التحلية والأهم تقليل الفاقد لأنه عن طريقه يمكن توفير كميات مياه تعادل الكمية التي يمكن جلبها من محطات التحلية أو تدوير مياه الصرف، وبذلك وفرنا مياه ووفرنا المصاريف المرتفعة والاستثمارات المستخدمة في تكنولوجيا الصرف.

س: هل ترى أن تحديد مساحات زراعة الأرز يساهم فى توفير المياه بغض النظر عن آثاره الإقتصادية على المزارعين خاصة والمواطنين عامة؟

الأرز محصول لابد أن يزرع في شمال الدلتا لأنه بالإضافة أنه يوفر الاحتياجات الغذائية من المحصول على مستوى مصر إلا أنه يقوم بوظيفة أخرى وهى غسيل التربة والتخلص من الملوحة نتيجة الزحف الخاص بـمياه البحر على الأراضي في الدلتا، فهناك محافظات مثل كفر الشيخ ودمياط لابد أن يكون بها مساحات تزرع بـالأرز، وحتى الآن لم نستطع تقليل المساحة المنزرعة من الأرز، فقد حددت الحكومة حوالي 750 ألف فدان ثم عادت ورفعت المساحة المخصصة من الأرز إلى مليون فدان لأن الناتج لا يكفي الاستهلاك المحلي إذا تم تقليل المساحة المنزرعة حتى لا نضطر إلى الاستيراد من الخارج، وبذلك نضحى بكميات كبيرة من المياه مقابل عدم الوقوع في أزمه اقتصادية خاصة في ظل أزمة الدولار وعدم وجود عملة صعبة، بالإضافه أن الأرز المصري مواصفاته أعلى من الأرز المستورد، لذلك نحن مضطرين لزراعته حتى في ظل أزمة شح المياه ولكن بظوابط وقوانين وإعطاء مخالفات للمتجاوزين عن المساحة التي تحددها الدولة.

س: مصر تخسر سنويا آلاف الأفدنة بسبب التعديات على الأراضي الزراعية إما بالبناء أو التبوير أو التجريف … ما رأيك، وهل من حل؟

يصل متوسط نصيب الفرد من الأراضي الزراعية في مصر إلى  أقل من المعدلات على مستوى العالم، ورغم ذلك حدث تعديات وتعرضت الأراضي الزراعية رغم أهميتها إلى تعديات خاصة بعد فترة الثورة، وبلغت حالات التعدي على الأراضي الزراعية نحو 1,5 مليون حالة بإجمالي مساحة قدرت بنحو 65 الف فدان، وتم إزالة حوالي 278 ألف حالة فقط بمساحة 16 ألف فدان الأمر الذي يعكس زيادة الطلب على الأراضي الزراعية في الاستخدامات المختلفة وضرورة دراسة تلك الظاهرة ومعالجتها لما لها من تأثير على مشكلة الأمن الغذائي ولا أتوقع أن تحل في المستقبل، وترجع أهمية المحافظة على رقعة مصر الزراعية والحفاظ عليها وتنميتها إلى النقاط التالية:-

ـ يمثل الإنتاج الزراعي نحو 14% من الناتج المحلي الإجمالي.

ـ الصادرات الزراعية تشكل نحو 20% من إجمالي قيمة الصادرات الكلية.

ـ 30% من القوى العاملة في مصر تعمل في أنشطة زراعية.

س: هل سيظل محصول القمح أزمة مزمنة فى مصر؟ وكيف يمكن علاج تلك الأزمة؟

يجب أن نعلم أننا لا يمكن أن نصل إلى الاكتفاء الذاتي من محصول القمح … فمثلا في السعودية من خمس سنوات فكروا في زراعته بدل من استيراده من الخارج ولكن مع الوقت اتضح لهم أنهم يستهلكوا عنصر هام جدا وهو عنصر الماء الذي يعتبر أغلى من البترول فى الوقت الحالي بالنسبة لهم ويستنزفوا جزء كبير من المياه لكي ينجح شىء يمكن استيراده من الخارج، فتوقفوا عن الفكرة وبدءوا في استيراده طالما لديهم وفرة في النواحي المالية … ولكن السياسة الحالية في مصر قائمة على زراعة الحد الأدنى الذي يؤمن إحتياجات الناس، أي حوالي 55% اكتفاء ذاتي والنسبة الباقية نستوردها من الخارح، ويمكننا أن نقول أنه ليس لدينا مشكلة كبيرة في القمح لوجود منتجين بأعداد كبيرة على مستوى العالم، ومستويات مختلفة للجودة ومستويات مختلفة للأسعار، وبالتالي تقوم الدولة بعمل عقود مع أكثر من طرف تأمينا لها إذا حدث خلاف سياسي أو خلاف نتيجة طريقة الدفع أو الشحن أو مشاكل مثل مشكلة الأرجوت مع روسيا التي كانت تهددنا، فكان ليس لدينا مشكلة وقتها لأننا بإمكاننا استيراده من دول أخرى مثل الولايات المتحدة أو فرنسا أو دول الكتلة الشرقية … وعلى ذلك لابد أن نظل نستورد القمح، فمن الناحية الاقتصادية لا يصلح أن نقوم باكتفاء ذاتي 100% من القمح لأننا سنتحمل مصاريف كثيرة يمكن توفيرها لو صدرنا أشياء متميزين في إنتاجها وإستوردنا أشياء ليس لدينا ميزة فى إنتاجها.

س: أعلن وزير الزراعة مؤخرا عن إرتفاع حجم الصادرات الزراعية المصرية بقيمة 2.2 مليار دولار وفتح 12 سوقا جديدا … هل من تعليق؟

وفقا لبيانات التجارة الخارجية الزراعية سنة 2016-2017 حجم الصادرات لدينا تعدى 2,2 مليار دولار، هذا الرقم رغم أنه كبير ولكن ليس هو المأمول في ظل الهدف والقرار الجرئ وهو تحرير سعر الجنيه مقابل الدولار، فهذا القرار المفروض ينعكس على صادراتنا الزراعية لأن المنتج الزراعي الذي يدخل الأسواق الأوربية والأمريكية سعره رخيص جدا … ومعنى ذلك أنه لابد أن يتضاعف حجم الطلب على المنتج الزراعي على الأقل عشر مرات وفقا لسعر الصرف الذي تغير مثلا من 8 جنيه إلى 18 جنيه، ومعنى ذلك أن صادراتنا تدخل الأسواق العالمية بأسعار زهيدة بالنسبة للمشاركين، وتحرير الصرف بمفرده ليس هو الإعاقة الوحيدة ولكن هناك عوائق أخرى وهي أن معظم المحاصيل الزراعية لا تنتج للتصدير وليس لدى المزارع فكر التصدير وشهادات الاعتماد، وبالتالي لابد من وجود خطوات أخرى مع تحرير سعر الصرف أهمها تحديد مساحات زراعية للتصدير على غرار محصول البطاطس، وبالتالي نحسن سمعة المحاصيل المصرية بشكل كبير، ولابد أن يقوم الإعلام بدوره في عدم تشويه سمعة صادراتنا بأيدينا والتحدث عن أن معظم الصادرات تروى بـمياه الصرف الصحي، أو أن صادراتنا رفضت من دولة مثل السودان، أو أن الفراولة المصرية توقف تصديرها في سوق الولايات المتحدة الأمريكية عندما ظهر عندهم مشكلة فيروس سى … فيظل في يقين المستهلك الخارجي أن الصادرات المصرية سيئة السمعة رغم تكذيبنا بعد ذلك للخبر وخاصة أن المستهلك الأوروبي الشريك الأساسي لنا لا يفرق معه السعر ولكن يفرق معه المواصفات الجيدة فأهم عنده المحافظة على صحته ولو دفع أضعاف أضعاف السعر … فلابد أن يعرف المزارع المصري معنى منتج تصدير، ولابد من عمل برامج للترويج للمحاصيل ودعاية جيدة للمنتجات، بالإضافة إلى اهتمام الدولة بتجديد وصيانة المواني مثل ميناء سفاجا الذي صرف عليه مليارات، وأصبح حلقة الوصل لنا مع أسواق الخليج والدول العربية المطلة على البحر الأحمر، وهناك ميناء يقام في العين السخنة سوف يسهل لنا الوصول إلى دول الاتحاد الأوروبي، وينبغي لنا كذلك الاهتمام بالشحن الجوي لوجود بعض المحاصيل لا يناسبها النقل عن طريق الشحن في البحر لأنها تحتاج نقل سريع مثل الفراولة التي تتميز بإنتاجها ولكن العقبة في نقلها وشحنها، وبذلك يمكن أن تزيد حجم الصادرات إلى خمسة أضعاف هذا الرقم.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. قد يكون اقتراح زيادة سعر المياه كاحد حلول ترشيد الاستهلاك اقتراحا صادما فى ظل غلاء المعيشة وارتفاع اسعار معظم السلع والخدمات فى الاونه الاخيرة . ولكن يوجد فى النظرية الاقتصادية ما يؤيد ذلك الاقتراح وعلى سبيل المثال قدم ادم سميث الاب الروحى لعلم الاقتصاد ما يعرف بنظرية اليد الخفية والتى تشير ببساطة الى تدخل الحكومة او الدولة من خلال دورها التنظيمى لضبط ايقاع الاستهلاك والانتاج وغيرهما من الانشطة الاقتصاد ية من خلال الاسعار او الضرائب وياتى بعد ذلك مفهوم المنفعة والمنفعة الحدية والتى تزداد(المنفعة الحديه) مع زيادة سعر السلعة وليس العكس .امامن ناحية الواقع الذى نعيشه نرى العديد من الامثلة التى تشير الى زيادة الترشيد مع ارتفاع سعر الخدمة مثلما حدث فى المعدلات المنزلية فى استهلاك الكهرباء حيث استجاب الافراد بشكل اكبر لزيادة السعر وقاموا بتخفيض الاستهلاك .والشاهد ان استهلاك المياه فى غير اغراضها كرش الشوارع وغسيل السيارات وغيرها من الانشطة المستهلكة لمياه الشرب بشكل كبير علما بان تكلفة المتر المكعب من مياه الشرب تتزايد مع ارتفاع اسعار الطاقة وارتفاع اسعار الكلور والشبه المستخدمة فى معالجة المياه وعلى هذا الاساس فان المواطن لن يستجيب لنداء الترشيد طالما لا يشعر بقيمة المياه التى يستهلكها والتى تلتهم جزء كبير من ميزانية الدولة ويجب ان يتوازى موضوع التسعير ورفع اسعار الخدمة المقدمة مع العدالة فى تحديد الكميات الفعلية للاستهلاك وعدم وضع تقديرات جزافية كما هو الحال الان ولحل هذا الجدل سيتم فى المستقبل تركيب عدادات كودية للمياه مماثلة لعدادات الكهرباء

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى