دولى

«التغيرات المناخية» تسبب متاعب صحية على مستوى العالم

متابعات نظرا لما شهده العالم خلال العام الماضي من ارتفاعٍ في درجات الحرارة بشكل قياسي، وانتشار حرائق الغابات، ونوبات الجفاف الشديد، والفيضانات الهائلة، والعواصف المدمرة، لم تكن أي منطقة محصنة ضد علامات ارتفاع درجة حرارة المناخ.

تابعونا على قناة الفلاح اليوم

تابعونا على صفحة الفلاح اليوم على فيس بوك

هذا هو وضعنا الطبيعي الجديد؛ فحتى في ظل أكثر السيناريوهات تفاؤلا، بما في ذلك القرار التاريخي الصادر عن الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ، أو كوب 28، بالتوقف التدريجي عن استخدام الوقود الأحفوري، سنستمر في رؤية المزيد من الأزمات المتعلقة بالمناخ بمزيد من التواتر والشدة.

تغير المناخ يسبب لنا الكثير من المتاعب الصحية

يمكن الشعور بالآثار الصحية لتغير المناخ بشكل مباشر وغير مباشر، حيث يتسبب في تغيير أنماط انتقال الأمراض المعدية، مما يزيد من وتيرة تفشي الأمراض والجوائح المُميتة، وزيادة خطر الإصابة بالأمراض المرتبطة بارتفاع الحرارة، وتفاقم الإصابة بالأمراض غير السارية، وتدهور الصحة العقلية والنفسية، بالإضافة إلى التأثير السلبي على صحة الأمهات والأطفال.

ويؤدي الجفاف إلى تفاقم مشكلة انعدام الأمن الغذائي وخطر الإصابة بسوء التغذية، حيث نشهد صعوبات متزايدة في الحصول على الاحتياجات الصحية الأساسية للإنسان مثل الهواء النقي ومياه الشرب وخدمات الصرف الصحي والغذاء وغيرها. وتمتد آثار تغير المناخ لتشمل زيادة التفاوتات، وتقويض النمو الاقتصادي طويل الأجل، ودفع الهجرة وانعدام الأمن، كما أنها تسهم في الوقت نفسه في استمرار دورات الفقر وأحوال عدم الاستقرار في البلدان الأكثر تعرضًا للمخاطر، وكلها أمور تقوض التقدم نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة.

التقاعس عن العمل يعني العودة للوراء

تقول منظمة الصحة العالمية إن تغير المناخ هو أكبر تهديد يواجه البشرية، وإذا لم تُتخذ الإجراءات المناسبة لمواجهته، فإن 21 مليون شخص على الأقل سيلقون حتفهم جراء الآثار المترتبة عليه بحلول عام 2050. وتظهر تقديرات البنك الدولي أن تغير المناخ سيدفع 132 مليون شخص آخرين إلى براثن الفقر المدقع بحلول عام 2030، منهم 44 مليونًا على الأقل – أو ثلثهم – بسبب الآثار الصحية السلبية للظواهر المناخية.

ببساطة، تؤدي أزمة المناخ إلى حالة طوارئ صحية عامة على مستوى العالم، مع تداعيات تتجاوز بكثير مجرد التأثير على أحوالنا الصحية.

ويجب أن يكون إدراك العمل المتعلق بتغير المناخ والصحة مترابطًا وأن يكون أساسياً لبناء مستقبلنا. لذلك شهدت الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ في دبي عقدَ اليوم الأول للصحة على الإطلاق. وكانت هذه خطوة أولى حاسمة لتسريع وتيرة القرارات والاستثمارات المنقذة للحياة. ولكنه يتطلب إجراءات جريئة من جانب القادة والممولين والشركاء لتغيير الطريقة التي نمارس بها أعمالنا، حيث يجب أن تتسم بالسرعة والطموح.

التحول العادل نحو الطاقة النظيفة لحماية صحة الناس

يقع التزام المجتمع الدولي بالتحول العادل نحو الطاقة النظيفة في صميم أي تقدم ملموس لحماية صحة الناس ورفاهيتهم وسبل كسب أرزاقهم. ويجب علينا تلبية الاحتياجات الفورية وبناء القدرة على الصمود على المدى المتوسط إلى الطويل، وخاصة بالنسبة للفئات الأكثر احتياجاً التي تتضرر أكثر من غيرها. وفيما يلي أربعة من المجالات التي تساهم في ضمان تحقيق التحول العادل في مجال الطاقة الذي يضع الصحة في صميم الاستجابة لأزمة المناخ:

1ـ الخطط التي تقودها البلدان

يجب أن ندعم الخطط التي تقودها البلدان لاتباع نهج شامل لتقوية الأنظمة الصحية لضمان قدرتها على الاستجابة لتغير المناخ وقدرتها على الصمود وأن تكون منخفضة الانبعاثات الكربونية وأفضل استعدادا للتصدي للتهديدات الجديدة.

ولا يقتصر أثر إعطاء الأولوية لإستراتيجيات التكيف والتخفيف على إنقاذ الأرواح الآن فحسب، بل يتجاوزه ليعزز أيضا دفاعاتنا عن طريق الحد من أوجه عدم المساواة المتزايدة وضمان قدرة المجتمعات المحلية على الصمود، والبنية التحتية للرعاية الصحية، ورفاهية الناس في نهاية المطاف.

2ـ تعبئة الموارد الجديدة

يجب علينا تعبئة موارد جديدة ومؤثرة من أجل إحداث تحول في النظم الصحية وما يرتبط بها من نواتج. وفي الوقت الحالي، لا يُوجه سوى 0.5% من تمويل الأنشطة المناخية إلى قطاع الصحة. وعلى الرغم من التعهد بتقديم مليار دولار لأنشطة المناخ والصحة في مؤتمر المناخ الثامن والعشرين، فإن هذا المبلغ يقل كثيرًا عن الاستثمارات المطلوبة لأنشطة التكيف.

وهناك دور حيوي وتكاملي يقع على عاتق جميع الشركاء، بما في ذلك الجهات المسؤولة عن الصحة وبنوك التنمية والمؤسسات الخيرية والقطاع الخاص. فعلى سبيل المثال، تعمل مجموعة العمل التابعة لبنوك التنمية والمعنية بتمويل أنشطة الصحة والمناخ على الجمع بين مؤسسات التمويل الإنمائي متعددة الأطراف وبنوك التنمية الحكومية لمواءمة نُهُج عملها والتنسيق فيما بينها بشكل أكثر فعالية وتوسيع نطاق فرص الاستثمار المشترك.

ويعمل البنك الدولي والصندوق العالمي لمكافحة الإيدز والسل والملاريا على توسيع تعاونهما على المستوى القُطري من خلال وضع خطط استثمارية مشتركة لزيادة تمويل الأنشطة الصحية والمناخية وتسريع وتيرة حصول المجتمعات المحلية على ما يلزمها من موارد.

بالمثل تعمل منظمة الصحة العالمية والبنك الدولي على إزالة العقبات التي تعترض تمويل الأنشطة المناخية والصحية من خلال التحالف من أجل العمل التحويلي بشأن المناخ والصحة. ويمكن لمؤسسات العمل الخيري القيام بدور حيوي في سرعة تعبئة الأموال وأن تكون جسراً إلى التمويل العام واسع النطاق وضمان الابتكار والتعلم.

3ـ تعبئة موارد القطاع الخاص

يجب إشراك القطاع الخاص والمساعدة في تعبئة موارده ليكون جزءا من الحل، بما في ذلك دعم السلطات الوطنية لدمج القطاع الخاص بشكل كامل في أنشطة الاستجابة المناخية والصحية.

تجمع معظم البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل بين تقديم الخدمات الصحية العام وتلك التي يقدمها القطاع الخاص. ويمكن أن يؤدي تحسين السياسات واللوائح التنظيمية إلى تمكين القطاع الخاص من توسيع نطاق الحصول على تلك الخدمات، وتدعيم القدرة على الصمود، وتوفير حلول مبتكرة للرعاية الصحية، فضلاً عن تعزيز سلاسل الإمداد و”تخضيرها”. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للقطاع الخاص المساعدة في زيادة الطلب على خدمات ومنتجات أكثر اخضرارا ومراعاة للبيئة عبر الالتزام بممارسات أكثر استدامة في أنشطة الأعمال.

4ـ تسريع وتيرة العمل

أخيرا، يجب أن نتصرف بشكل أسرع وأكثر جرأة؛ ففي قلب العلاقة بين المناخ والصحة هناك حقيقة مفادها أن هناك أرواحاً تُزهق أو أنها تعيش حياة بائسة بصورة يومية. والتقاعس عن العمل يعني معاناة المزيد من الناس أو فقدان حياتهم. لذلك يُعد القرار الذي اتخذ في مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين بالتوقف التدريجي عن استخدام الوقود الأحفوري أمراً مُهماً. لكن، هناك الكثير الذي يجب عمله.

من أجل ضمان كوكبٍ صالحٍ للعيش فيه، يجب أن تكون الصحة في صميم المناقشات المتعلقة بتغير المناخ. ومن خلال توسيع نطاق العمل الجماعي لتقوية النظم الصحية في جميع أنحاء العالم، يمكن إنقاذ ملايين الأرواح وتقوية الاقتصادات والحد من أوجه عدم المساواة.

من شأن الخيارات التي نتخذها الآن أن تحدد ما إذا كانت الأجيال الحالية والمستقبلية ستبقى على قيد الحياة وتزدهر – أو ستستمر في معاناتها من تحديات صحية أكثر فتكاً وتكلفةً بسبب تغير المناخ.

(نقلا عن مدونة البنك الدولي)

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى