أخبار الزراعة

ممثلو «فاو» يفترشون الأرض ويشاركون الفلاحين جلسات المدرسة الحقلية بالمنيا

في أولى جولات أسبوع الشراكة بين مصر والأمم المتحدة.. وزيرة التعاون الدولي: تعزيز الاستثمار في رأس المال البشري والعمل المناخي وبناء الشراكات

متابعة: هيثم خيري 25 فلاحا بإحدى قرى مركز العدوة بالمنيا النائية، يتربعون الأرض ويفترشون الحصير، في حلقة نصف دائرية، يهمهمون ويثرثرون عن الزيارة المرتقبة لـ”الحكومة”.. بعد دقائق من شرب الشاي المغلى ستأتي عشرات السيارات من جهات عديدة بالأمم المتحدة ووزيرة التعاون الدولي ونائب محافظ المنيا والشرطة لتأمين الحدث..

هيثم خيري

تابعونا على قناة الفلاح اليوم

تابعونا على صفحة الفلاح اليوم على فيس بوك

لكنهم الآن لا يشغلهم غير مخرجات مشروعهم في المدرسة الحقلية التي خاضوها لأول مرة..

الفلاحون يتحدثون ببساطة عن أنهم لأول مرة يتنازلوا ويتبادلوا المعلومات بشأن آفات الثوم، في جلسات تشاورية استمرت عدة أشهر، قادت النقاشات فيها منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة “فاو”، حيث يبدو أن محصولهم لأول مرة سيشهد إنتاجية عالية لم يروها من قبل.

في “الغيط” المقابل للمكان المهيأ لمجلسهم، يظهر محصول الثوم بصحة جيدة للغاية، بحسب محسن جيلاني، القيادي بالـ”فاو” في محافظة المنيا، وهو الذي تولى دور “ميسر” المدرسة الحقلية وقاد النقاشات بين المزارعين.

صحيح لم يكن يشغل بال المزارعين ما الذي سيدور بعد دقائق، لكنهم فوجئوا بوزيرة التعاون الدولي، الدكتورة رانيا المشاط، وممثلو الأمم المتحدة، وهم يتركون الكراسي المعدنية المعدة سلفا لهم، وافتراشهم جميعا الأرض ليكملوا نصف الدائرة الفارغ الذي تركه الفلاحون استقبالا لمسئولي الحكومة.

انطلقت أولى فعاليات “أسبوع الشراكة بين مصر والأمم المتحدة” من هذه الأرض الطيبة بالمنيا، حيث شهدت خلالها التوقيع على الإطار الاستراتيجي للشراكة من أجل التنمية المستدامة بداية من العام الجاري وتستمر حتى عام 2027، والذي يعد الوثيقة الشاملة والإطار المنظم للعمل المشترك بين الجانبين من أجل دعم الأولويات الوطنية وتنفيذ أهداف التنمية المستدامة.

تضمن أسبوع الشراكة بين مصر والأمم المتحدة عدد من الزيارات الميدانية للمشروعات التنموية المنفذة من خلال وكالات وبرامج الأمم المتحدة في محافظات الجمهورية، لتسليط الضوء على الأثر التنموي للعمليات والأنشطة المشتركة بالتعاون مع الجهات الوطنية والأطراف ذات الصلة من القطاع الخاص والمجتمع المدني والمؤسسات البحثة والفكرية وشركاء التنمية الثنائيين ومتعددي الأطراف، وذلك لدفع جهود التنمية الشاملة والمستدامة.

استهلت الدكتورة رانيا المشاط، والسيدة إيلينا بانوفا، المنسق المقيم لمكتب الأمم المتحدة في مصر، الزيارات الميدانية بتفقد عدد من برامج المشروعات التنموية بمحافظة المنيا، بمشاركة ممثلي المحافظة وعدد من الجهات الوطنية وممثلي مجلس النواب، إلى جانب الممثلين القطريين لكل من الصندوق الدولي للتنمية الزراعية ومنظمة الأغذية والزراعة وصندوق الأمم المتحدة للطفولة ومنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية وهيئة الأمم المتحدة للمرأة.

مخرجات المشروعات

جمعة نصر، أحد المزارعين المشاركين في المدرسة الحقلية، يوضح أعمال المدرسة قائلا إنه لأول مرة يشارك المعلومات التي يملكها بشأن محصول الثوم، ولأول مرة يبحث عن الحلول بطريقة تشاركية مع زملائه من المزارعين الآخرين في نفس المحصول، وأن هناك فجوة كبيرة كانت بينه وبين جيرانه في الغيطان المجاورة، إلا أنهم الآن لديهم روابط زمالة تجعلهم أكثر ثقة في بعضهم البعض.

ويضيف قائلا: عرفنا من زملائنا أفضل الممارسات الزراعية، وأعدنا التسميد مجددا بسبلة الكتكوت والسباخ البلدي بدلا من اليوريا والكيماوي، ونجحنا في الزراعة والري اعتمادا على المياه الجوفية وليس الغمر كما كان الأمر في السباق، مشددا على أن أهم المشكلات التي يعانيها مزارعو المنيا حتى الآن هي التعديات على الترع الرئيسية والتعدي على مياه الري بشكل عام.

وخلال جولتنا في المحافظة، تظهر الكثير من الترع المبطنة وهي خاوية تماما، تظهر قيعانها وتنمو عليها الحشائش والأعشاب، وبدلا من المياه فلا يوجد غير التراب والرمال الزاحفة عليها، وهي ظاهرة تعكس تدهور مياه الري النيلية وكثرة التعديات على بدايات الترع من قبل المزارعين أنفسهم.

رضا محمود، أحد المشاركين في المدرسة الحقلية، يشرح الأمر أكثر فيقول إنه عرف من خلال المزارعين جيرانه أنفسهم أفضل الممارسات لاستخدام المبيدات الفعالة لرش محصوله دون أن يضر بالمحصول أو يؤذي المستهلكين، موضحا أن آفات الثوم كثيرة ويصعب حصرها، لكن يمكن مواجهتها بشكل جماعي بعد معرفة أفضل الوسائل الفعالة لذلك.

الدكتور حسين رأفت، مدير مشروع تحسين سبل العيش والتغذية والتمكين الاقتصادي للمرأة الريفية بالفاو، يؤكد أن المشروع المنفذ في المنيا يهدف لتحقيق أربع نتائج أساسية، الأولى تخفيض وقت الزراعة وجهد وتكاليف الإنتاج، وزيادة الأرباح والفرص المتاحة للتسويق، مضيفا أن تخفيض الوقت يعني زراعة المحصول في الوقت المناسب حتى يتم إنتاجه في الوقت المناسب و”يقابل السوق” في الوقت المناسب أيضا، وتخفيض الجهد يعني تغيير تكنولوجيا العمليات الزراعية بحيث لا نقوم بمجهود ليس من ورائه عائد.

وأضاف إن التسميد العضوي يقلل من التسميد الكيميائي، وقد كانت الزراعة العضوية هي الأصل وأصبح الفلاح “يستسهل” التسميد الكيماوي، مما تسبب في خروج مصر من السوق العالمي.

ويشرح الأمر أكثر فيقول إن الممارسات القديمة في التسميد العضوي كانت قيام الفلاح بتسميد أرضه بالسماد العضوي بمجرد جلبه، لكنه الآن يتم كمره والتخلص من الأمراض والحشائش التي قد تنتقل من تربة إلى تربة، وإضافة بكتريا للتحلل وإضافة الكبريت أيضا، ثم يقوم المزارعون بعد ذلك بإدارة مخلفاتهم من عروض الثوم وإنتاج الكمبوست في نهاية الدورة الإنتاجية.

مشروعات إنتاجية

من حقول الثوم إلى “الجمعية التسويقية” بالمنيا، حيث يستعرض مجموعة من المزارعين والمزارعات المشروعات التي خاضوها بدعم من وكالات الأمم المتحدة ومحافظة المنيا في إطار برنامج “حياة كريمة”.

إحدى السيدات المشاركات في البرنامج تقول إنها عانت ظروفا شديدة الصعوبة بعد مرض زوجها المزمن، واضطرارها لأن تعول عائلتها بالكامل جنبا إلى جنب مع زوجها. تؤكد ز. م. أنها نجحت في التقدم إلى دورة تدريبية جعلتها تنتج “دراسة جدوى” مبسطة لإنشاء “رياشة” في قريتها، حيث صارت تبيع الدواجن المذبوحة وتنمي تجارتها مع الوقت.

تقول عفاف محمد، إحدى المستفيدات من مشروعات الجمعية التسويقية، إنها تفضل العمل في تربية الماشية، ونجحت في إدارة مشروع صغير لبيع الخراف والماعز في حدود قريتها.

تم تفقد العديد من المشروعات التي نفذتها الوكالات والبرامج المتخصصة التابعة للأمم المتحدة في محافظة المنيا في قطاع التنمية الزراعية والريفية والتعليم والرعاية الصحية والعناية بالأطفال والأمهات، إلى جانب مساهمة الوكالات التابعة للامم المتحدة في مبادرة حياة كريمة وجهود تمكين المرأة.

شركاء التنمية لمصر

قالت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي، إن جمهورية مصر العربية تعتز بشراكتها مع كافة شركاء التنمية متعددي الأطراف والثنائيين، وإن الشراكة مع منظومة الأمم المتحدة هي شراكة تاريخية وثيقة وممتدة لعقود من الزمن وتشمل العديد من القطاعات التنموية ذات الأولوية، حيث تعد مصر عضوا مؤسسا في منظومة الأمم المتحدة منذ عام 1945 وأحد الدول الرائدة في العديد من المبادرات الإقليمية والدولية الهامة التي تعزز من قيمة العمل الإنمائي الفعال وفقا لميثاق الأمم المتحدة وأهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة.

تعتبر الأمم المتحدة هي أحد أهم شركاء التنمية متعددي الأطراف للحكومة المصرية، حيث وضعت الحكومة المصرية أهدافا واضحة ورؤية إنمائية تستهدف في مقدمتها الفئات الأولي بالرعاية والأكثر احتياجا، وقد مثلت الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة حجر الزاوية في العديد من الاستراتيجيات والأنشطة الإنمائية المشتركة نظرا لما تتميز به من خبرات واسعة في كافة المجالات ذات الصبغة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.

وأوضحت “المشاط”، أن وزارة التعاون الدولي، وفي إطار التكليفات الرئاسية، أطلقت منذ منتصف عام 2021 خارطة طريق واضحة للمشاورات المشتركة بين الأمم المتحدة والحكومة المصرية وأصحاب المصلحة من القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني وشركاء التنمية، من أجل وضع إطار الشراكة الجديد للفترة من حتى عام 2027، والذي يمثل الوثيقة العامة المنظمة للتعاون بين الطرفين للخمس سنوات المقبلة ويضع في اعتباره الأولويات الإنمائية الوطنية في مختلف القطاعات بهدف تعزيز الاستثمار في رأي المال البشري والعمل المناخي وتحفيز العمل متعدد الأطراف وبناء الشراكات والاستثمارات المستدامة بما يدعم مسيرة تنفيذ أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة وأجندة 2030.

ونوهت وزيرة التعاون الدولي، بأن الزيارات الميدانية التي يتم تنظيمها بالتعاون مع الأمم المتحدة، تستهدف التعرف عن قرب على بعض إنجازات تلك المشروعات وأثرها الإنمائي علي المجتمعات والمستفيدين، وذلك من أجل عرض التقدم المحرز في العلاقات المشتركة مع الأمم المتحدة، كما أنها تأتي في ضوء الدور الذي تضطلع به الوزارة لمتابعة المشروعات المنفذة مع شركاء التنمية، للتأكد من تحقيق الاستفادة المُثلى من مشروعات الشراكة.

تحديات التنمية

قالت السيدة إيلينا بانوفا، المنسق المقيم للأمم المتحدة في مصر، “المنيا هي محطتنا الأولى في أسبوع التعاون بين مصرو الأمم المتحدة، الذي ننظمه بالتعاون مع وزارة التعاون الدولي قبل إطلاق إطارنا الجديد للتعاون الإنمائي المستدام حتى عام 2027، والذى صمم من أجل التعرف على برامجنا المشتركة مع الحكومة وشركاء التنمية وأصحاب المصلحة لمعالجة الحلول المستدامة لتحديات التنمية الرئيسية – بدءا من الفقر وعدم المساواة بين الجنسين إلى تغير المناخ.

وأضافت: “نظرا لأن مصر تقود مجموعة من مبادرات أهداف التنمية المستدامة، فإن برامج الأمم المتحدة في مصر في المنيا تعكس الأولوية في تمكين الفئات الضعيفة التي لا تترك أحدا وراء الركب – بما في ذلك الأطفال والنساء والمزارعين والشباب وغيرهم.

منذ منتصف عام 2021 بدأت وزارة التعاون الدولي، ومكتب المنسق المقيم للأمم المتحدة، للإعداد لخارطة طريق تدشين الإطار الاستراتيجي للشراكة من أجل التنمية المستدامة 2023-2027، والجدير بالذكر أن الحكومة قد اتبعت العديد من المفاهيم العلمية المتعارف عليها دوليا في إعداد وصياغة الاستراتيجيات القطرية، حيث اتبعت الحكومة نهج تشاركي موحد يتبني رؤية وطنية موحدة من خلال مفهوم الحكومة المتكاملة في صياغة وتصميم وثيقة إطار الشراكة الاستراتيجي، حيث شارك ما يقرب من 40 وزارة ووجهة وطنية ونحو 28 من الوكالات والبرامج التابعة للأمم المتحدة، ونحو 125 ممثلا من شركاء التنمية والقطاع الخاص والمجتمع المدني والأكاديمي ومراكز الفكر والأبحاث، من خلال ورش عمل ومشاورات مشتركة وتخصصية بهدف الخروج بوثيقة تعكس في طيها أولويات التنمية الوطنية والرؤية الوطنية الموحدة من أجل مستقبل أفضل لكافة الفئات التي تعيش علي أرض مصر.

يضع الإطار الاستراتيجي للشراكة من أجل التنمية المستدامة، 5 أولويات لتحقيقها بنهاية عام 2027، هي تعزيز رأس المال البشري من خلال المساواة للحصول على خدمات متميزة، والحماية الاجتماعية والعدالة الاجتماعية التي تكفل الجميع، تعزيز التنمية الاقتصادية المستدامة الشاملة مدفوعة بنمو الإنتاجية، وفرص العمل اللائقة، ودمج الاقتصاد غير الرسمي، تعزيز القدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ وكفاءة إدارة الموارد الطبيعية في بيئة مستدامة، تحقيق العدالة الشاملة في الوصول الآمن والعادل إلى المعلومات، وفقا لإطار حوكمة يتسم بالشفافية والمسؤولية والكفاءة والفاعلية والمشاركة، التمكين الشامل للنساء والفتيات سياسيا واجتماعيا واقتصاديا.

قال أحمد رزق، ممثل منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية في مصر «يونيدو»: نستهدف تعزيز دور الشركات الصغيرة والمتوسطة كجزء من تنمية سلاسل القيمة في مختلف الصناعات، ونعمل على تعزيز كفاءة صغار الموردين والمصنعين، وتعزيز الآداء العام والقدرة التنافسية للصناعات المختلفة.

وأضاف رزق، تركز منظمة “يونيدو”، في ضوء تنفيذ برنامج “رابحة”، على ضمان حصول الشركات الصغيرة التي تقودها السيدات، على الخدمات المالية وتلبية متطلبات سوق العمل والتدريب الفني، إلى جانب شركائنا من الحكومة لضمان استمرار نهج النمو المستدام.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى