تحقيقات

علماء يبحثون في أصناف للقمح عمرها 300 عاماً يمكن زراعتها في أي منطقة

BBC هل يمكن أن يكون مفتاح إطعام العالم في ظل التغير المناخي كامناً في مجموعة عمرها 300 عام معروضة في متحف؟

هذا هو أحد آمال العلماء الذين يقومون بتمشيط 12 ألف عينة من القمح وأنواع ذات صلة محفوظة في أرشيف متحف التاريخ الطبيعي.

الأسرار الوراثية لأصناف القمح

ويجري وضع جينومات العينات الواعدة في تسلسل، في محاولة لتحديد الأسرار الوراثية لأصناف القمح الأكثر تحملا.

ويضع تغير المناخ والآفات والأمراض إنتاج المحاصيل تحت الضغط.

الأنواع القديمة من القمح مخزنة في مئات الملفات القديمة من الورق المقوى، مصطفة بدقة، صف تلو الآخر، في خزائن المتحف. كل واحدة تحتوي على أوراق مجففة أو جذوع أو سنابل من الحبوب، وأحيانا الثلاثة، من قرون مضت.

وتُكتب التصنيفات بعناية، والكثير من التصنيف يُكتب بخط اليد، مع تفصيل أين ومتى عُثر عليها بالضبط. كل ذلك يوفر معلومات مفيدة.

تقول لاريسا ويلتون: “تعود المجموعة إلى عام 1700، بما في ذلك عينة جُمعت في رحلة الكابتن كوك الأولى إلى أستراليا”. وويلتون عضو في فريق رقمنة الأرشيف بغرض إتاحته عبر الإنترنت.

عينة جيمس كوك هي نبات قمح بري. ويبدو شكله كالمغزل وشبيه بالعشب – وهو ما يختلف تماماً عن الأصناف التي تنمو في الحقول اليوم. لكن هذه الاختلافات هي التي يهتم بها الفريق.

وأضافت ويلتون “لدينا عينات من قبل إدخال تقنيات زراعية مختلفة، لذا يمكنها إخبارنا بشيء عن كيفية نمو القمح البري أو قبل أشياء مثل الأسمدة الاصطناعية”.

أهمية محصول القمح

القمح هو واحد من أهم المحاصيل في العالم – فهو يستخدم في العديد من الأطعمة، من الخبز والمعكرونة، إلى حبوب الإفطار والكعك، وهو جزء أساسي من نظامنا الغذائي.

الحرب في أوكرانيا، حيث يزرع قدر كبير من الحبوب، وضعت الإمدادات العالمية تحت التهديد.

تحديات تواجه زراعة القمح

لكنها ليست المشكلة الوحيدة: فإن تغير المناخ، والطقس القاسي الذي يسبّبه، له تأثير، حيث يحسب العلماء أن ارتفاع درجة الحرارة العالمية بمقدار 1 درجة مئوية يمكن أن يسبب انخفاضاً يصل إلى 6,4٪ في الكمية التي يمكننا زراعتها في جميع أنحاء العالم.

كما تشكل الآفات والأمراض تحديات كبيرة، حيث تقلل من العائد السنوي المتوقع بنحو الخمس كل عام.

وهناك كفاح لإنتاج محاصيل القمح الحديثة. فقد أدت الثورة الخضراء في الخمسينيات والستينيات إلى قيام المزارعين بزراعة الأصناف التي تنتج الكمية الأكبر من الحبوب. لكن هذا السعي لإنتاج أكبر المحاصيل يعني أن الأصناف الأخرى قد تم إهمالها – بما في ذلك المحاصيل القادرة على التعامل مع الطقس المتطرف – وتم تقليل تنوع القمح.

ويوضح ماثيو كلارك، عالم الوراثة في متحف التاريخ الطبيعي، بالقول “نريد أن نكون قادرين على معرفة ما إذا كانت هناك بعض الأشياء التي فقدناها، والتي يمكننا التقاطها بشكل أساسي وإعادتها إلى الأصناف الحديثة”.

أصناف للقمح عمرها 300 عاماً

وهذا أمر مهم: سيحتاج العالم إلى المزيد من القمح مع نمو عدد السكان – ما يقدر بنحو 60٪ بحلول عام 2050. لذلك يحتاج العلماء إلى العثور على أصناف القمح التي يمكن أن تنمو في الأماكن التي لا يمكن زراعتها حالياً – وكذلك المحاصيل التي يمكنها تحمل بيئة متغيرة.

ويقول كلارك: “على سبيل المثال، من خلال النظر إلى المحاصيل التي تمكنت من البقاء على قيد الحياة في المناطق الأكثر هامشية – الأماكن ذات المناخ الحار والجاف – يمكن أن تساعد المزيد من البلدان النامية على زيادة إمداداتها الغذائية”.

ويوضح أنه يمكن القيام بذلك من خلال تربية النباتات التقليدية أو التعديل الوراثي أو تحرير الجينات، وهي تقنية يمكن من خلالها إضافة الجينات أو إزالتها أو استبدالها بدقة شديدة.

ويبحث أيضاً العلماء في مركز جون إينيس في نورويتش عن عيّنات القمح القديمة.

يعود تاريخ أرشيفهم، المسمى مجموعة واتكينز لاندريس، إلى مئة عام ويحتوي على أصناف من جميع أنحاء العالم. وهي مخزنة عند أربع درجات مئوية، وبالتالي فإن البذور لا تزال قابلة للحياة، ما يعني أنه يمكن زراعتها وإنماؤها.

ويشرح سايمون غريفيث وهو يبحث في المجموعة قائلاً “ما نريد القيام به هو البحث عن تباين جيني جديد ومفيد… (من قبيل القدرة على) مقاومة الأمراض، ومقاومة الإجهاد، وزيادة الغلة، وزيادة كفاءة استخدام الأسمدة”.

أخذ الفريق في جون إينيس بعض الأصناف القديمة وقام بتهجينها مع الأصناف الحديثة – وقد حقق بعض النجاح.

يقول غريفيث: “هناك مرض مهم جدا للقمح، وهو مشكلة عالمية، يسمى الصدأ الأصفر، وكان من الصعب بشكل متزايد السيطرة عليه”.

إضافة مزايا جديدة في أصناف القمح القديمة

ويضيف “ضمن هذه المجموعة من القمح القديم، هناك مقاومة جديدة لهذا المرض، ويتم نشرها من قبل المزارعين في الوقت الحالي للتصدي لهذا التهديد المهم حقاً لإنتاج القمح”.

يهتم الفريق أيضاً بالعثور على المزيد من أصناف القمح المغذية.

ويقول “ماذا عما يوجد في القمح؟ نحن نعلم أنه يمكننا زيادة محتوى الألياف، المحتوى المعدني للقمح”.

“هناك الكثير من التنوع الذي لم يتم استغلاله بالكامل بعد من قبل زارعي القمح الحديثين، ونعتقد أنه يمكننا تحقيق ذلك لهم”.

ينبغي على القمح الذي نزرعه أن يتغير. ويأمل العلماء أن يكون النظر في ماضينا وإعادة اكتشاف الأصناف المفقودة أفضل طريقة للمضي قدماً.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى