رئيس التحرير

الحقوق الضائعة

د/أسامة بدير

بقلم: د. أسامة بدير

نتج عن توحش النظام الاقتصادى العالمى أن استطاعات الشركات عابرة القارات أن تُحكم قبضتها على إدارة الاقتصاد العالمى، وازدادت أرباح هذه الشركات فى الوقت الذى تزايدت فيه معدلات الفقر والجوعى فى العالم.

أكد تقرير الأمم المتحدة للشؤون الاقتصادية والاجتماعية (UN – DESA) عن الحالة الاجتماعية في العالم سنة 2015 أن العالم يعانى أزمة اجتماعية خطيرة باتت تهدد أمنه بشكل كبير، وأوضح التقرير أن العديد من الحكومات لا تولي اهتماما كافيا للآثار الاجتماعية على شعوبها، وأن السياسات الاقتصادية التي لا تنظر إلي العواقب الاجتماعية غالبا ما تخلق نتائج وخيمة على الصحة والتغذية والتعليم لمواطنيين، والتي بدورها تؤثر عكسيا على النمو الاقتصادي علي المدي الطويل.

وفى هذا السياق أشار تقرير التنمية البشرية فى العالم عام 2015 إلى أن هناك أكثر من 100 مليون شخص فقير يسكنون المناطق الريفية ويعيشون على أقل من دولار واحد فى اليوم، منهم حوالى 800 مليون شخص فى فقر مدقع ومهددين بالموت جوعا، وأكثر من 2,7 مليون شخص فى العالم يعيش على أقل من دولارين فى اليوم، تتدهور أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية والصحية والتعليمية.

ويستمر مسلسل إهدار كرامة بنو البشر وتدنى مستوى معيشتهم وتعرضهم للإصابة بالإمراض وجميع أشكال التلوث فى ظل غياب كاسح لحقوقهم الصحية تحت تأثر سياسات اقتصاد السوق الحر التى لم ترعى البعد الاجتماعى فى حياة الناس، حيث كشفت بيانات صادرة عن منظمة الصحة العالمية عام 2015 أن ما يقرب من 2,9 مليار نسمة في جميع أنحاء العالم لا يستفيدون من مراحيض في بيوتهم، ما جعلهم عرضة لمجموعة من المخاطر الصحية، وأشار البرنامج المشترك بين منظمة الصحة العالمية واليونيسيف لرصد إمدادات المياه ومرافق الصرف الصحي إلى أن65% من الأفارقة لا يستفيدون من مرافق مُحسنة من مرافق الصرف الصحي، تُمكن من فصل الفضلات البشرية عن المساحات التي يلمسها الإنسان.

وأكدت منظمة الصحة العالمية أيضا على أن مرفق الصرف الصحي يعد حجر الزاوية الذي تستند إليه الصحة العامة، وأن تحسين تلك المرفق من الأمور التي تساهم كثيرا في تحسين صحة الناس، لاسيما الفتيات والنساء، لأنه من الممكن عبر اتخاذ تدابير بسيطة يمكن تطبيقها الحد من مخاطر الإصابة بأمراض الإسهال بنسبة الثلث.

الشاهد أن عدم توافر مرافق الصرف الصحي أضحت من الأمور التي تُؤثر بشكل وخيم في الصحة والتنمية الاجتماعية والاقتصادية لحياة الناس، لآن ذلك مرهون بمدى قدرة الفرد على تحمل تبعات التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

لقد بات من المؤكد أن هذه الأرقام المرتفعة كانت مصاحبة للتطبيق الخاطىء لسياسات اقتصاد السوق الحر مع مطلع القرن العشرين التى أطلقتها المنظمات الرأس مالية العالمية والدول الكبرى التى تحكم العالم.

إذن كيف يمكن مواجهة تلك السياسات العولمية المتوحشة التى أفرزت هذا الواقع الأليم فى حياة ملايين البشر عالميا وخاصة فى مناطيقه الريفية؟

أعتقد أن بداية تلك المواجهة ستكون حتما العمل على تقليل معدلات الفقر الذى يُحتم تعديل هذه السياسات بحيث تُراعى تحسين أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وتمكينهم من العيش بكرامة وبصحة جيدة من أجل عالم أفضل أكثر عدلا وانسانية ومساواة.

للتواصل مع الكاتب
[email protected]

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى