رأى

الآثار الضارة للمضادات الحيوية على صحة الإنسان والبيئة

د.سالم صالح

يقلم: د.سالم صالح

 تسود دول العالم حالة من الرعب والفزع بسبب اللحوم والأعلاف الملوثة نتيجة استخدام المضادات الحيوية فى تغذية الحيوانات والدواجن والتي تؤكد التقارير الطبية أنها تعد واحدة من أسباب إصابة الإنسان بـالسرطان.

وقد دعت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) دول العالم إلى سحب المضادات الحيوية واتخاذ خطوات جادة لمنع استخدامها فى المنتجات الغذائية.

وجاءت الضجة العالمية حول اثنين من المضادات الحيوية المستخدمة بكثرة في تغذية الحيوانات والدواجن، هما الكلورامفينكول والنيترافيوران.

1- الكلورامفينكول: هو مضاد حيوى يستخدم فى علاج كثير من الأمراض التى تصيب الحيوان والإنسان على السواء مثل الجمرة الخبيثة والتيفويد.

وقد أكدت تقارير الفاو ومنظمة الصحة العالمية أن مادة الكلورامفينكول سامة جينياً، وربما تؤدى إلى الإصابة بـالسرطان.

 2- النيترافيوران: هو مضاد حيوى آخر أثبتت تقاريره منظمة الأغذية والأدوية الأمريكية ومنظمة الفاو أنه يسبب السرطان، فقد اكتشفوا أن 50% من اللحوم والدواجن في ماليزيا ملوثة بـالنيتروفيوران وأن مستوى التلوث زاد بنسبة مرعبة عن المستوى المسموح به عالمياً.

إن المضادات الحيوية تستخدم فى الحيوانات لهدفين إما كعلاج أو كمنشط للنمو وزيادة الوزن وتحسين الكفاءة الإنتاجية للتحويل الغذائى الحيوى فى الحيوانات ولكن الإستخدام العشوائى لها يتسبب فى العديد من المشكلات يمكن حصرها فى الأتى:

1- المشكلة تكمن فى عدم التزام الجهات الإنتاجية بفترة الأمان (تخلص الجسم من المضاد الحيوى) التى تقتضى عدم السماح ببيع الحيوان أو منتجاته حتى يتم التخلص من متبقيات المضاد الحيوى أو فضلاته.

فهناك أنواع من المضادات الحيوية لها آثار متبقية، وهناك أنواع أخرى ليس لها آثار متبقية، وهناك قوانين تمنع ذبح الحيوان الذى تعاطى مضادات لها آثار متبقية قبل مرور أسبوعين من التوقف عن استخدام هذه المضادات وأسبوع للمضادات التى ليس لها آثار متبقية.

أما الدواجن فإنها غالباً ما تتخلص من الآثار المتبقية للمضادات خلال ثلاث أيام فقط من التوقف عن الاستخدام لأن الدواجن أسرع من الحيوانات فى التخلص من بقايا المضادات الحيوية (اختلافات تشريحية).

2- المشكلة تكمن فى الآثار غير المرغوبة للمضاد الحيوى نتيجة لتأثيره فى القناة الهضمية للحيوان الذى يعطى الفرصة لتكوين البكتريا المانعة فى أمعائه مما يؤدى إلى تلوث لحوم الحيوان ومنتجاته وانتشار هذا النوع من البكتريا فى البيئة.

3- مشكلة بقاء المضادات الحيوية فى جسم الحيوان أو الدجاج تمنح البكتريا مناعة وقدرة على المقاومة لتأثير المضادات، والذى ينتقل فى النهاية إلى الإنسان، ويتراكم داخل جسمه مما يجعله يصاب بتلك البكتريا، والتى اكتسبت قدرة على المقاومة، وبالتالى يستحيل العلاج وقد يصاب الإنسان بأمراض خطيرة مثل تليف الكبد والأورام السرطانية.

4- إن مربى الدواجن فى مصر يستخدمون العقاقير البيطرية بعشوائية بسبب غياب الرقابة وغياب الضمير عند الذين يشرفون على هذه المزارع، رغم إمكانية إبقاء الحيوانات أو الدواجن لفترة قصيرة قبل الذبح حتى يتم سحب بقايا المضادات الحيوية من أجسامها وتجنب مخاطر الإصابة بأمراض عديدة.

إن المربى يريد أن يعمل على نمو الحيوان وزيادة وزنة وأن يحصل على أقصى ربح ممكن باستخدام المضادات الحيوية والهرمونات، ولكن هذا قد يؤدى إلى إصابة الإنسان بأمراض مثل الفشل الكلوى وارتفاع الضغط، ولذلك وجب علينا عدم التهويل فى هذه المشكلة وفى نفس الوقت عدم التهوين من أهميتها وضرورة دعم الأجهزة الرقابية والالتزام بفحص اللحوم ومنتجاتها والأعلاف وإضافاتها فحصاً معملياً ومختبرياً وعدم الاكتفاء بفحص الأوراق والشهادات وملفات المستندات والمرافقة للشحنة.

وتعتبر التنمية وتلوث البيئة وجهان لعملة واحدة، ومن الأهداف الرئيسية للتنمية وجود بيئة خالية من التلوث والبحث دائم للتوصل إلى أفضل الصيغ لأحداث تنمية بأقل أضرار بيئية ممكنة وليس عوادم ونتائج التنمية الصناعية هى وحدها المسئولة عن تلوث البيئة فهناك العديد من المستحضرات الكيماوية التى يتم تداولها على مستوى العالم فى كافة الأنشطة الصناعية والزراعية، وتزداد هذه المستحضرات سنوياً وتشمل مذيبات وأحماض ومعادن وأملاحا ومبيدات حشرية ومبيدات حشائش ومخصبات ومعظم تلك المستحضرات لها تأثير سام على الإنسان والحيوان والنبات، ويمكن لهذه الكيماويات أن تتسبب فى إحداث أعراض مرضية غير ميكروبية بمعنى ألا يعزل مسبب مرضى لتلك الظواهر المرضية، كما أن لها تأثيراً سلبياً على الجهاز المناعى بتهيأته للإصابة بالسرطانات والاضطرابات التناسلية.

وخلاصة القول أن استخدام المضادات الحيوية في الطب البيطري قد يكون أمر جوهري وضروري في بعض الأحيان وخصوصا فيما يتعلق بمعالجة مجموعة من الأمراض البكتيرية المنتشرة في هذا القطاع، غير أن ترشيد الاستخدام وتحديد الطرق المثلى للاستخدام أمر لابد منه من اجل الحد من الآثار الضارة للمضادات الحيوية على صحة الإنسان، لذا يجب على الجهات الرقابية في الدول المختلفة، الاهتمام بشكل أكبر بتوفير منتجات حيوانية ووصولها إلى المستهلك بحالة صحية كاملة وخالية من كل مسببات الأمراض والملوثات والمتبقات الدوائية والمبيدات الحشرية والهرمونات ومنشطات النمو والاشعاعات ، وذلك من خلال سن القوانين الصارمة والتشريعات المناسبة لمنع وصول هذه المتبقيات إلى للمستهلكين، وذلك من خلال تفعيل العمل ببنود المواصفات المتعلقة بمتبقيات هذه الملوثات في الاغذية، ومن خلال دعم الأجهزة الرقابية بالكوادر المؤهلة والتجهيزات التقنية العالية، والالتزام بفحص اللحوم ومنتجاتها والأعلاف وإضافاتها فحصاً معملياً ومختبرياً وعدم الاكتفاء بفحص الأوراق والشهادات وملفات المستندات والمرافقة للشحنات المستوردة والمحلية.

*كاتب المقال: باحث بمعهد بحوث الإرشاد الزراعى والتنمية الريفية ـ مركز البحوث الزراعية.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى