رأى

أعلاف الحيوان.. الثوابت التى يجب أن يعرفها الجميع يا فخامة الرئيس

توفير اللحوم والألبان الرخيصة لشعب مصر

بقلم: أ.د.عبدالعزيز نور

أستاذ بكلية الزراعة جامعة الاسكندرية

رسالة علمية تطبيقية مهمة.. كنا نعمل على بعض نقاطها وقت المسؤولية خاصة فيم يتعلق بأعلاف الحيوان.

فخامة الرئيس… نفسى كمتخصص فى الانتاج الحيوانى ان احقق حلمك ولتحقيق هذا الحلم فلابد ان نتوقف اولا على الثوابت التى قد لا يدركها البعض….

الثوابت التى يجب ان يعرفها الجميع يافخامة الرئيس هى:

ـ ان مصر منذ ستينات القرن الماضى تعانى من نقص شديد فى الاعلاف الحيوانية وكل عام بعد ذلك تتفاقم المشكلة نتيجة للزيادة السكانية ولدخول الانسان كمنافس للحيوان على مساحة الارض المحدودة ليزرع القمح كغذاء مباشر له بدلا من البرسيم والفول فى موسم الزراعة الشتوية بل ويصبح الفول هو الطبق الرئيسى للشعب ويحرم منه الحيوان ويتم خلط الاذرة (علف الحيوان) مع الدقيق عند صناعة رغيف العيش .وكانت الحلول التى شاركت من خلال المدرسة العلمية التى انتمى اليها بجامعة الاسكندرية العريقة منذ سبعينات القرن الماضى ترتكز على الاستفادة من 30 مليون طن مخلفات زراعية كعلف للحيوان والتوسع فى عمل السيلاج وتحسين آداء الميكروبات فى كرش الحيوان وبإعداد الموازنة العلفية للحيوانات المصرية عام 1985 اتضح ان لدينا عجز فى الطاقة وليس فى البروتين وواجهنا مشكلة ارتفاع نسبة البروتين فى محصول العلف الرئيسى وهو البرسيم شتاءا من خلال الاغذية مخلوطا بقش الارز او الاتبان او الاحطاب بدلا من حرقها وتلويث البيئة بها وصنعنا الاعلاف المتكاملة التى تدخل فيها الاعلاف المالئة والمركزة وعلمنا الفلاح الصغير فى قرى ونجوع محافظة البحيرة كيف ينتج اعلافة بنفسة ويدبر موارده العلفية على مستوى زراعاته المحدودة حيث يعتبر ان تربية الابقار والجاموس صمام امان لدعمة الاقتصادى.

ـ ندرك جيدا ان حيواناتنا المصرية لم يطرأ عليها تحسين وراثى بالقدر الكافى لان برامج التحسين الوراثية تحتاج الى خطط طويلة الامد واستثمارات كبيرة لم تقدر الدولة المنهكة فى حروب 1956 واليمن 1961 و1967 و1973 على توفير موازناتها للبحث العلمى ولكن حيواناتنا تملك اصول وراثية جيدة يمكن البناء عليها وليس التخلص منها فهى اكثر مقاومة للامراض وتتحمل الحرارة والجفاف وتعيش على اقل كميات اعلاف تقدم لها (مخلفات المحاصيل والحطب وحشائش برية فى بعض الاحيان)، ومن المؤكد انه لو اهتمت الجامعات ومراكز البحوث بهذا الامر لحققت الانتفاضة التى تحقق حلم فخامة الرئيس… من الامثلة الواضحة لنا عيانا برامج التحسين المعتمدة على التلقيح الصناعى ولقد كان لوزارة الزراعة فى ثمانينات وتسعينات القرن الماضى دورا بارزا فى التحسين بالخلط مع الفريزيان والطلائع الفرنسية وتضاعفت بها معدلات النمو وانتاجيات الالبان لدى المزارع الصغير.

ـ الجاموس المصرى هو حيوان اللبن الاول فى مصر واخذته ايطاليا واجرت عليه التحسين وتستورد مصر الجاموس الايطالى المحسن بأسعار مرتفعة اليوم فأين برامج تحسين الجاموس فى سخا وخلافه… تم تصفية القطعان وتوقفت البرامج لعدم كفاية الميزانيات.

ـ ولادات ذكور الجاموس (عجول البتلو) فى مصر حوالى نصف مليون رأس سنويا ويتخلص منها المربي عند عمر صغير ووزن 60 كيلوجرام بالذبح لتوفير الالبان وصرفت الدولة المليارات لإعادة احياء مشروع تسمين عجول البتلو فاين ذهبت هذه الاستثمارات ومن المستفيد؟.

ـ مقولة ان نفس الحيوانات تأكل نفس الاكل وتشرب نفس كميات الماء وتعطى 700 ـ 800 جرام فى اليوم مقارنة بالمستورد الذى يزيد بمعدل 1500 جرام فى اليوم هى مقولة يجب التعامل معها بحذر شديد، حيث ان كميات العلف اقل ونوعياته ادنى وبالتالى لا تصلح المقارنة …. تجاربنا المنشورة توضح ان تغذية العجول البقري بمقررات غذائية سليمة بدون اشراف او تبذير تعطى ما لايقل عن كيلو جرام نمو فى اليوم.

لى تجربة اخرى منشورة اجريتها فى احد المزارع بدولة باراجواى ومفادها ان مجموعة الرعى على علف الفيل فقط اعطت 550 جرام زيادة فى الوزن فى اليوم وعندما قدمنا لمجموعة اخرى مع العلف المالئ قوالب المولاس واليوريا والملح المعدنى اعطت زيادة 850 جرام فى اليوم والمجموعة الثالثة غذيت على العلف المالئ والمركز فاعطت 1050 جرام فى اليوم وهذا دليل قاطع على ان الاهتمام بالتغذية وتوفير الاحتياجات اليومية يحقق النمو الامثل من الحيوانات المحلية دون الحاجة للاستيراد والنقل واستيراد الاعلاف ونحن ندرك ما يعانيه العالم باسره من جراء كوفيد 19 وحرب روسيا اوكرانيا.

ـ فى ستينات وسبعينات القرن الماضى استوردت مصر بعض السلالات النقية ووزعتها على الفلاحين وللاسف نفقت جميعها لان هناك مبدأ مهم جدا وهو ان الحيوانات المحسنة تكون اكثر حساسية من غير المحسنة للاصابة بالامراض والاوبئة والتغيرات المناخية والظروف المعيشية البيئية وخاصة التغذية… واخشى ما اخشاه هو ان نواجه نفس المشكلة وفى ظروف غير مواتية لاننا مستوردين حاليا لحوالى 12 مليون طن اذرة و4 ملايين طن صويا ولم تعد مساحات الاراضى الحالية كافية لتوفير المزيد من الأعلاف.

ـ توجد فى مصر شركات عملاقة لإنتاج الألبان تعتمد على السلالات الأوروبية وتنتج الكميات الوفيرة من الألبان ولديها مصانع لتصنيع منتجات متنوعة منها…

إذا كانت هذه هى الثوابت فاسمح لى يافخامة الرئيس ان انتقل إلى الحلول وذلك بإيجاز شديد:

1ـ من واقع خبراتى الميدانية عندما كنت مديرا عاما لاحد الشركات المتخصصة فى الانتاج الحيوانى فى دولة باراجواى فى ثمانينات القرن الماضى اقول بأنه يوجد فى العالم وخاصة فى امريكا الجنوبية مناطق بها مراعى طبيعية واعلاف رخيصة للغاية (الهكتار٢٠ دولار كثمن وايجار المرعى للرأس ثلث دولار فى الشهر يزيد فيها الحيوان 15 كيلو قائم فى الشهر بقيمة ثلث دولار تكاليف التغذية فى الشهر)، وهى مناطق مثالية لتربية الحيوانات والحرارة بها 28 درجة مئوية وثابتة طوال العام صيفا وشتاء، والامطار تسقط ثلاث مرات اسبوعيا على مدار العام والارض عالية الخصوبة ومن الممكن تشجيع شركاتنا الوطنية على شراء مئات الالاف من الافدنة واقامة شركات عملاقة للانتاج الحيوانى ومزودة بالمجازر والمسالخ وتنقل اللحوم ومشتقاتها مجمدة بالمراكب او مبردة بالطائرات لمصر بل والعالم اجمع ونكتفى باللحوم من المصادر المحلية وشركاتنا الاجنبية وكذلك يمكن انتاج الحبوب ومختلف الخامات العلفية وتصديرها لمصر.

2ـ التوسع فى تطبيق برامج التلقيح الصناعى فى جميع المحافظات من طلائق محسنة للحيوانات المحلية واستكمال عمليات تحسين السلالات المحلية.

3ـ التوسع فى انشاء مزارع الالبان العملاقة فى الاراضى الجديدة باستخدام السلالات عالية الانتاجية (هولندا بها افراد تنتج 100 لتر لبن فى اليوم فالبقرة الواحدة بمثابة مصنع ولكن يحتاج الى رعاية فائقة لا يقدر عليها صغار المربين).

4ـ فض الاشتباك بين خريجى اقسام الانتاج الحيوانى بكليات الزراعة وخريجى كليات الطب البيطرى ليعود المهندس الزراعى مشرفا على التغذية والرعاية والطبيب البيطرى معالجا للامراض وبرامج الوقاية منها.

5ـ تطبيق نتائج البحوث العلمية والتى لم ترى النور منذ اكثر من اربعة عقود من الزمان وبها كل حلول الأزمة العلفية من خلال الاستفادة القصوى من المخلفات وكافة الموارد العلفية المتاحة، وتوفير موازنات مناسبة لاستكمال هذه البحوث.

6ـ التوسع فى مشروعات استزراع الطحالب على المياه العادمة حول المدن والمياه المالحة بالصحراء لإنتاج موارد علفية جديدة.

7ـ التوسع فى اقامة مصانع انتاج يرقات الجندى الاسود على المخلفات الصلبة لمختلف مواقع الصرف الصحى بالبلاد لتوفير البروتين الحيوانى اعلى الجودة والقيمة واستخدامها كبديل للصويا المستوردة.

8ـ منع دخول الحيوانات الاجنبية لحماية الثروة الحيوانية المحلية ومنع انتشار الامراض الوبائية المنقولة للانسان من الحيوان.

9ـ تعميم خدمات الإرشاد الزراعى ووحدات الطب البيطرى لحماية ثروتنا الحيوانية.

فخامة الرئيس ….اعتقد بأنه من خلال هذا العرض المختصر يمكن تحقيق حلمكم الجميل فى توفير اللحوم والألبان الرخيصة لشعب مصر.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى