رأى

مقال رائع لـ«أحمد إبراهيم».. «قاهرة الظلام» أول كفيفة تحصل على الدكتوراه في الأدب الإنجليزي

بقلم: أحمد إبراهيم

مدير عام التنسيق والمتابعة بالإذاعة المصرية والمستشار الإعلامي لوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي

تاريخ الثقافة على مستوى العالم، قديمه وحديثه، لم يعرف رجلا في قامة وقيمة الراحل الكبير الدكتور طه حسين، عميد الأدب العربي، الكفيف الذي فقده بصره مبكرا فلم يفتّ ذلك في عضده أبدا، بل على العكس، أطلق شعاره الشهير “التعليم كالماء والهواء حق لكل مواطن”، وأضاء بهذا الشعار حياة ملايين المُبصرين في مصر والوطن العربي.

طه حسين كان أول خريج من الجامعة المصرية واول كفيف وزيرا للمعارف وقبلها عميدا لكلية الآداب.

بالامس فقط تأتي “رنا حامد” بنت المنصورة لكي تذكرنا بالعملاق وتقهر الظلام وتكون أول كفيفة تحصل على الدكتوراه في الأدب الإنجليزي عام 2003.

كانت “رنا” أول الثانوية العامة للمكفوفين وحلمها كان الالتحاق بكلية الآداب جامعة المنصورة قسم اللغة الإنجليزية ولكن إدارة الكلية رفضت لأنه كان الطلب الاول من نوعه والكلية تعتبر قسم اللغة الإنجليزية للمبصرين فقط، وهنا تدخل صديقنا الكاتب الصحفي المحترم حازم نصر ومن خلال مقاله في جريدة الأخبار ناشد وزير التعليم العالي وقتها “د.مفيد شهاب” الذي قرر السماح لها ولكل المكفوفين الالتحاق في أي قسم يريدونه.

واصلت “رنا” رحلة التفوق وعقب تخرجها حصلت على دبلوم عام في التربية ثم على الماجستير في الأدب الانجليزي ثم على دبلوم مهني في التربية الخاصة وأمس حصلت على درجة الدكتوراه في الأدب الانجليزي ‏من جامعة المنصورة ‏بمرتبة الشرف الأولى مع التوصية بطبع رسالتها على نفقة الجامعة وتبادلها مع الجامعات الأجنبية وهو أعلى تقدير للحصول على الدكتوراه محليا وعالميا.

‏ “رنا” لم تستسلم اطلاقا لليأس أو الإحباط أو لتعنت الجهاز الإداري وعمي بصيرة بعض الموظفين أحيانا مثلما كان يحدث مع “طه حسين”.

 فحينما تم تعيينها مدرسة للغة الإنجليزية بوزارة التربية والتعليم وزعتها على محافظة الإسكندرية رغم أنها مقيمة في الدقهلية واضطرت إلى تأجير شقة هناك وانتقل معها والديها إلى أن تولى الوزير المحترم د.الهلالى الشربيني المسئولية ونقلها إلى الدقهلية.

‏كل التحية والتقدير لها ولأسرتها التي تحملت كل الصعاب معها وأتمنى أن تجد “رنا” فرصة في التدريس بالجامعة حتى تواصل مسيرتها العلمية ربما تصبح أول وزيرة مصرية كفيفة.

‏هذا النموذج يستحق أن يتصدر المشهد الإعلامي حتى يعلم الشباب أن البلد فيها أبطال ونجوم حقيقية محترمة تحتذى أهم من لاعبي كرة القدم والفنانين.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى