تقارير

«التين الشوكي» ثروة الغذاء ومواجهة التغيرات المناخية

إعداد: د.شكرية المراكشي

رئيس مجلس إدارة شركة مصر تونس  للتنمية الزراعية واستصلاح الأراضي

أصدرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة “فاو” مؤخراً بياناً دعت فيه إلى إعطاء التين الشوكي (أو الصبار أو التين الهندي) مكانة هامة كسلاح لمجابهة التغيرات المناخية في المستقبل بفضل ما يتميز به من قيمة غذائية للإنسان والحيوان، إضافة إلى كونه مصدراً للماء.

تابعونا على قناة الفلاح اليوم

تابعونا على صفحة الفلاح اليوم على فيس بوك

التين الشوكي يمثل ثروة طبيعية هامة يمكن اللجوء إليه في فترات الجفاف. فما فوائد هذه النبتة؟ وما واقعها في الوطن العربي؟

الوصف النباتي للتين الشوكي

الصبار أو التين الشوكي هو شجيرة يتراوح طولها في المتوسط بين 1,5 ـ 3 أمتار، وتكون فروعه (الألواح أو “المجاذيف”) مسطحة وذات لون أخضر. يتراوح لون ثماره بين الأصفر والأحمر والأرجواني ويحتوي على بذور صغيرة. يتكاثر بواسطة البذور ولكن يمكن أيضا أن يتكاثر بسهولة نسبيا بغرس فروع منفصلة منه.

اقرأ المزيد: 10 فوائد لثمرة التين الشوكي

الموطن الأصلي للتين الشوكي

يعود الموطن الأصلي لهذه النبتة إلى المكسيك وتنتشر اليوم في العديد من البلدان كدول أمريكا الجنوبية ودول حوض البحر الأبيض المتوسط. ويحصي العلماء أكثر من 1600 صنفا من الصبار. يعد صن Opuntia ficus-indica المتواجد في أكثر من 20 بلدا من بينها البلدان العربية، أحد أكثر الأصناف انتشارا.

اقرأ المزيد: التين الشوكي .. الوصف النباتي والعوامل المناخية والبيئية المناسبة للزراعة

“فاو” يؤكد أهمية التين الشوكي

جاء بيان “فاو” الأخير ليسلط الضوء على أهمية هذه النبتة في المستقبل اعتماداً على نتائج بحوث علمية قدمت في مؤتمر علمي حول الصبار نظم في الشيلي في أواخر شهر مارس الماضي بالتعاون مع المركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة (إكاردا IRCADA).

وحسب خبراء “فاو” فإن التين الشوكي له القدرة على توفير غذاء للإنسان والحيوان إضافة إلى كونه مصدرا للماء، فإضافة إلى ثماره المعروفة بطعمها اللذيذ وفوائده الجمة فإن أوراقه يمكن أن تكون علفا ذو قيمة غذائية عالية بالنسبة للحيوانات. بينت دراسات علمية أولية أن استخدام التين الشوكي كعلف من شأنه خفض كميات الميثان المنبعثة من فضلات الحيوانات وهو ما سيساهم في خفض انبعاث الغازات المسببة للاحترار العالمي، إضافة لدوره الغذائي، حيث يخزن التين الشوكي كمية هامة من الماء في فروعه (الألواح).

اقرأ المزيد: فوائد زيت بذور التين الشوكي.. وكيفية استخدامه

دراسات

تؤكد الدراسات أن هكتارا واحدا من هذه النبتة يمكنه احتواء ما يقارب 180 طنا من الماء، كما أن زراعة التين الشوكي لها انعكاس إيجابي على بقية أنواع الزراعات في محيطه، إذ يستخدم كأسيجة للبساتين وحقول الأشجار لحمايتها من التقلبات الحادة للطقس ومن زحف الرمال في المناطق الصحراوية.

يقول الباحث التونسي علي النفزاوي من معهد اركادا أن المخاطر التي تهدد مصادر المياه في المستقبل بسبب التغيرات المناخية تجعل من التين الشوكي أحد أهم الزراعات في القرن الواحد والعشرين، وهي بالتالي نبتة لها أهمية كبيرة في المستقبل في المناطق التي تهددها هذه المخاطر.

إن كانت نبتة الصبار تحتمل الجفاف وارتفاع الحرارة إلا أنها لا تحتمل البرودة الشديدة، وتعتبر درجات الحرارة في فصل الشتاء البارد العائق الرئيسي لزراعة الصبار في المناطق ذات الشتاء البارد. إذ يبلغ الحد الحراري للأنواع الحساسة من الصقيع مثل الأوبونتيا فيكوس – إنديكا Opuntia ficus-indica عن طريق متوسط درجة الحرارة الدنيا اليومية في أبرد شهر حوالي 1,5 – 2,0 درجة مئوية.

يمكن للصبار تحمل الجفاف وأن يبقى على قيد الحياة بأقل من 50 مم من الأمطار في سنة معينة، ولكن بدون نمو ولا إنتاج. ويمثل متوسط هطول الأمطار السنوي الذي يتراوح بين 100 و150 ملم الحد الأدنى المطلوب للنجاح في إنشاء مزارع الصبار البَعلي، بشرط أن تكون التربة رملية وعميقة. وهذه الظروف المناخية تتوفر في معظمها في الدول العربية لذلك ينتشر الصبار في الكثير منها كدول المغرب العربي وسوريا والأردن ولبنان وفلسطين ومصر,، بينما تسعى دول الخليج العربي واليمن إلى توطين هذه النبتة.

اقرأ المزيد: زراعة التين الشوكي.. التربة والمناخ المناسب

زراعة التين الشوكي في المغرب العربي

تاريخيا تذكر بعض المصادر أن إدخال الصبار في منطقة شمال أفريقيا تم في القرن السادس عشر وهي الفترة التي شهدت احتلال اسبانيا لبعض المناطق وهجرة الموريسكيين إلى المغرب العربي بسبب الاضطهاد الديني، وتذكر مصادر أخرى أن هذه النبتة أُدخلت إلى المنطقة في القرن الثامن عشر.

في تونس تم إدخال زراعة الصبار تدريجيا ابتداء من عشرينيات القرن الماضي بالاعتماد أساسا على صنف أوبونتيا فيكوس-إنديكا Opuntia ficus-indica. وفي أوائل الثلاثينيات من القرن العشرين، وفي ظل تخصيص الأراضي الاستعمارية في سيدي بوزيد (وسط تونس) حيث يبلغ متوسط هطول الأمطار 250 مم، لم تمنح الحكومة ملكية الأراضي إلا بشرط أن يكون التعاقد مع المستفيدين، زرع 10% من الأراضي المخصصة بالصبار باعتباره احتياطيا لمحاصيل العلف في حالات الطوارئ.

كما وقع التوسع في الزراعة المروية في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، وتبلغ المساحة الحالية التي يغطيها الصبار حوالي 600 ألف هكتار في أشكال مختلفة كالتحوط الدفاعي، والبساتين المحيطة بالمنازل الريفية، وتدعيم هياكل مكافحة التعرية، وانتاج الفاكهة المكثف.

تقع معظم هذه المزارع في المناطق القاحلة التي يقل فيها هطول الأمطار عن 300 مم ويخصص الإنتاج للأعلاف والفاكهة. وفي العقد الماضي، تمت زراعة حقول من الصبار من صنف سكوزالاتوراscozzolatura وأصناف أخرى مستخدمة في صقلية (روساRossa وجيالا Gialla وبيانكا Bianca) بهدف إنتاج الفاكهة.

أما في المغرب، فقد تطورت زراعة الصبار نتيجة للجفاف تطورا كبيرا في العقدين الماضيين لتصل المساحة المزروعة إلى 120 ألف هكتار في الوقت الحاضر، وتعود هذه الزيادة إلى عمليات الزراعة المكثفة التي يقوم بها المزارعون بدعم من الحكومة كجزء من البرامج الوطنية لمكافحة الجفاف. وفي كل عام تُزرع أكثر من 4000 هكتار في وسط المغرب وجنوبه.

اقرأ المزيد: لمزارعي التين الشوكي.. توصيات إرشادية لزيادة الإنتاجية

في الجزائر كان إدخال الصبار مشابها لما تم في المغرب وتونس، وتمتد اليوم المساحة المخصصة لزراعة صنف الأوبونتيا فيكوس-إنديكا O. ficus-indica إلى أكثر من 30 ألف هكتار و60% منها في منطقة سيدي-فريدي (شرق الجزائر) في إطار خطة لوقف تقدم رمال الصحراء نحو المناطق الزراعية. وفي شمال الجزائر يستخدم الصبار كسياج حول المنازل والبلدات الصغيرة.

تستخدم نباتات السياج أيضا لإنتاج الفاكهة، وفي موسم الجفاف كمصدر للأعلاف. ويستخدم الصبار في الجنوب كعلفِ تغذيةٍ للحيوانات المجترة والجمال. وقد نشأت في العقدين الماضيين في تونس والجزائر والمغرب صناعة تحويلية لمنتجات الصبار وتصدير فواكه الصبار، ومستحضرات التجميل (زيت البذور والصابون والشامبو) والأطعمة (المربى والعجينة المجمدة والعصير) والدقيق المجفف المصنوع من ألواح الصبار.

اقرأ المزيد: 13 توصية لورشة عمل نظمها معهد البساتين حول التين الشوكي زراعة وصناعة 

زراعة التين الشوكي في بلاد الشام

في الأردن، بدأت مزارع الصبار الشوكي قبل 60 عاما كسياجات حول المنازل والبساتين، وقد تم في وقت لاحق إدخال الصبار اللامع وزرعه على نطاق واسع في المناطق شبه القاحلة في وسط الأردن. بالإضافة إلى صبار الشوكي المنتشر في الأردن يتم استيراد العديد من الأصناف الأخرى، وتبلغ المساحة الحالية للصبار حوالي 300 هكتار، وتتألف من نظم إنتاج واسعة النطاق وتحوطات ومزارع مختلطة.

توجد نظم إنتاج واسعة النطاق في مادبا أساسا، حيث يُنمي المزارعون الصبار لإنتاج الفاكهة في الصفوف باستخدام الري التكميلي. ويُزرع الصبار أيضا في نظم المزروعات المختلطة التي تتداخل مع أشجار الفاكهة الأخرى مثل التين والزيتون.

في لبنان، تم إدخال الصبار منذ فترة طويلة في المناطق الساحلية والداخلية على ارتفاعات دون 900 متر. وتعتبر مزارع الصبار شائعة في نظم المزارع المختلطة التي تنمو جنبا إلى جنب مع أشجار الفاكهة الأخرى، وكذلك في الحدائق الأسرية للاستهلاك الذاتي.

ينتشر في لبنان صنف (الصبار الشوكي) المعروف بالبلدي إضافة إلى أصناف أخرى مستوردة من أوروبا والبرازيل وغيرها. وتشمل الأصناف المستوردة: الصبار الشوكي وغير الشوكي. وفي سوريا، كما في الأردن ولبنان، يزرع الصبار منذ فترة طويلة، على نطاق واسع في المناطق الريفية في دمشق في الغالب لإنتاج الفاكهة.

تم في مرحلة لاحقة إدخال العديد من الأصناف من بلدان شمال أفريقيا. في السنوات الأخيرة ومع تفاقم الأزمة السورية ونقص الأعلاف، زادت الفائدة في زراعة الصبار في أجزاء مستقرة نسبيا من البلاد، مثل السويداء وحمص والمناطق الساحلية.

اقرأ المزيد: التين الشوكي.. فاكهة تنمو في المناطق الجافة وتستخدم صناعياً وتجارياً

زراعة التين الشوكي في الخليج العربي واليمن

في إطار برنامجها الإقليمي في شبه الجزيرة العربية، أدخل المركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة 38 حمولة من الصبار من تونس في عام 2005، وأنشأ محضنة – أم لها في عمان، وأجريت دراسات عن أداء الإنتاج والتكيف مع الظروف الزراعية الإيكولوجية في شبه الجزيرة العربية في عمان وقطر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة واليمن.

ـ في عام 2016، اعتمد ما مجموعه 47 مزارعا الصبار كزراعة أساسية منهم 15 في قطر و10 في عمان و9 في اليمن و7 في السعودية و6 في الإمارات العربية المتحدة.

اقرأ المزيد: مزارع: تجربتي في زراعة التين الشوكي باستخدام تركيبة التحجيم

التزهير والإثمار في التين الشوكي

ـ تبدأ الأشجار فى التزهير والإثمار من السنة الثالثة بعد الزراعة وتستمر فى الإثمار لفترة طويلة تصل إلى 20 سنة.

ـ التلقيح خلطى بالحشرات حيث يفرز رحيق من غدد عند قواعد الأسدية تجذب الحشرات التى تقوم بعملية التلقيح حيث يصعب انتقال حبوب اللقاح بالرياح وذلك لكبر حجمها ولزوجتها.

اقرأ المزيد: أهم 5 عمليات لخدمة نبات التين الشوكي

 ـ يتكاثر التين الشوكى إما جنسىاً بالبذرة أو خضرياً بالألواح وهو الشائع ويكون كالتالي:

1ـ يتم فصل الألواح لنقلها للمزرعه الجديدة في شهر مارس وسبتمبر حيث تكون الظروف البيئية مناسبة لتشجيع تكوين الجذور على الألواح بعكس فترة الشتاء حيث تنخفض درجة الحرارة وتصبح غير ملائمة لتكوين الجذور.

2ـ نقع الألواح فى بعض منظمات النمو مثل الإندول بيوتيريك أسيد أو النفثالين أسيتك أسيد، أو مزيج مهما ،وتعطي تلك المعاملة زيادة فى نسبة تكوين الجذور الأصلية والثانوية.

3ـ تصل كمية الإنتاج للفدان من 15 ـ 22 طن وذلك فى مناطق الإنتاج القديمة ويعطى النبات فى عمر 15 سنة حوالى 22 ـ 34 كجم ثمار.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى