معهد بحوث الإرشاد الزراعي والتنمية الريفية: ركيزة علمية نحو نهضة الزراعة المصرية

بقلم: د.أسامة بدير

منذ نشأته في يناير عام 1977، ظل معهد بحوث الإرشاد الزراعي والتنمية الريفية في قلب الحركة الزراعية في مصر، مُعبراً عن الأمل في تطوير القطاع الزراعي بما يتماشى مع التحديات الحديثة، ويُعزز من دور المُزارع كعنصر أساسي في تحسين الإنتاجية الزراعية.

يُعتبر المعهد الجهة البحثية الوحيدة التابعة لوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي التي تركز على المزارع كإنسان، ما يجعله الجسر الذي يربط بين العلم والتطبيق الزراعي على أرض الواقع. وفي وقت تواجه فيه الزراعة المصرية تحديات ضخمة، يأتي دور المعهد ليس فقط في تقديم حلول علمية، بل في تبني نهج شامل يضمن تحسين حياة المزارعين والمساهمة في إحداث التنمية الريفية المُستدامة.

لقد كان للمعهد دور حيوي في تطوير مفاهيم الإرشاد الزراعي وتوظيفها لتحسين حياة الفلاح المصري. إرثه العلمي مليء بالإنجازات التي سطرها علماء وباحثون تركوا بصمات واضحة على جدران العلم الزراعي في مصر. من بين هؤلاء العلماء – الذين على قيد الحياة – الدكتور أحمد جمال الدين وهبة، الدكتور فؤاد سليم، الدكتور عبدالحميد إبراهيم، الدكتورة ليلى حماد، الدكتور مجدي أنور، الدكتور حسن شرشر، الدكتور يسري عبدالمولي، الدكتور حسن مصطفى، الدكتور صابر الصباغ، والدكتور محمد قاسم، الذين أحدثوا تحولاً حقيقياً في كيفية التعامل مع التحديات الزراعية والاجتماعية في الريف المصري. إسهاماتهم لم تقتصر على الأبحاث والدراسات التطبيقية فقط، بل كانت نقطة انطلاق لتطوير الفكر الإرشادي الزراعي في مصر وأثروا بشكل عميق في وضع الأسس العلمية للإرشاد الزراعي.

أما بالنسبة لجيل الوسط من العلماء في المعهد، فقد تميزوا بإعادة التفكير في أساليب الإرشاد الزراعي بما يتناسب مع متطلبات العصر الحديث. فقد قدمت الدكتورة جيهان المنوفي، الدكتور أشرف سليمان، الدكتورة ليلى الهباء، والدكتور معمر جاد، وغيرهم من الباحثين، إضافات كبيرة للإرشاد الزراعي والتنمية الريفية، حيث طوروا استراتيجيات مُبتكرة لمواجهة التحديات المُتزايدة في الزراعة المصرية، وابتكروا طرقاً جديدة لتحسين مستوى معيشة المزارعين من خلال تطبيقات علمية قابلة للتنفيذ.

اليوم، يحمل جيل جديد من الباحثين في المعهد راية المستقبل في مجال الإرشاد الزراعي والتنمية الريفية. هؤلاء الباحثون الجُدد، مثل الدكتورة مروة عبدالعزيز، الدكتورة مروة عبدالرحيم، الدكتور سالم عبدالحميد، الدكتورة حنان مكرم، الدكتورة ميرفت صدقي، الدكتورة إنجي خيري، الدكتور فكري كمال، والدكتورة رحاب رخا، يقودون معركة تطوير القطاع الزراعي في مصر بأساليب وبرامج إرشادية وتدريبية مُتقدمة تُساهم بشكل فعال في رفع كفاءة الإنتاج الزراعي، وتحسين استخدام الموارد الطبيعية، ما يحقق التنمية الريفية المُستدامة.

يقيني أن معهد بحوث الإرشاد الزراعي أصبح اليوم بمثابة بيئة خصبة للابتكار والبحث العلمي، حيث يُسهم علماؤه وباحثوه في تطوير حلول تطبيقية تواكب التحديات المعاصرة. بفضل جهود هؤلاء الباحثين في دمج التكنولوجيا المتقدمة، ومعالجة المشكلات الزراعية بشكل عملي وفعال، ما يُعزز استدامة الزراعة المصرية ويُسهم بشكل مباشر في تحسين جودة حياة المزارعين.

الآن، وفي ظل هذا التطور الذي تشهده الزراعة المصرية والرغبة الجادة في تحقيق طفرات هائلة في الإنتاج كماً ونوعاً بفضل المزارع الإنسان، جاء الدور الفاعل الذي يُقوده الدكتور ياسر حيمري، مدير المعهد، بقيادته الديناميكية الذي يعمل على تجميع وتوجيه هذه الطاقات العلمية المُتميزة في اتجاه واحد، وهو استعادة قيادة المعهد لجميع الأنشطة الإرشادية والتدريبية التي تعزز من تحقيق تطلعات صناع القرار في التنمية الشاملة والمستدامة.

أعتقد أن المعهد يشهد حالياً حراكاً نشطاً على الصعيدين المركزي ومن خلال فروعه المنتشرة في المحطات البحثية الزراعية في مختلف محافظات الجمهورية. يتم هذا الحراك بتناغم كامل لتحقيق أهداف سامية أولها الارتقاء بالمزارع الإنسان على كافة الأصعدة، سواء في سلوكه أو فكره أو حياته بشكل عام.

وأخيراً، أود أن أوجه كلمة شكر واعتذار لكل العلماء والباحثين الذين لم يتم ذكرهم في هذا المقال، فهم جزء أساسي من نجاح معهد بحوث الإرشاد الزراعي. لا يمكن لي أن أنسى هؤلاء الذين قدموا علمهم وعملهم بكل تفانٍ وإخلاص. إن كل واحد منهم هو حجر الزاوية في نجاحات هذا المعهد، ولا شك أن تقديري لهم هو ما يستحقونه. معهد بحوث الإرشاد الزراعي والتنمية الريفية هو منارة مُضيئة، ولا يمكن لأي نجاح أن يتحقق دون دور هؤلاء العلماء والباحثين الأفذاذ الذين وضعوا العلم في خدمة الزراعة المصرية. نحن مدينون لهم بالفضل، ونشجعهم على الاستمرار في العمل الجاد، جنباً إلى جنب مع زملائهم في باقي المعاهد والمعامل البحثية في مركز البحوث الزراعية، لضمان مستقبل زراعي مُشرق ومستدام لمصر.

🔹 تابعونا على قناة الفلاح اليوم لمزيد من الأخبار والتقارير الزراعية.
🔹 لمتابعة آخر المستجدات، زوروا صفحة الفلاح اليوم على فيسبوك.