افيقوا يرحمكم الله.. زواج بناتكم ليس مزاداً!
بقلم: د.أسامة بدير
يقيني يزداد يوماً بعد يوم، أن المغالاة في متطلبات زواج الفتيات، خاصة في القرى، أصبحت واحدة من أخطر العادات الاجتماعية التي تُهدد تماسك مجتمعنا واستقرار أُسرنا، بل وتُغلق أبواب الأمل في وجه آلاف الشباب والفتيات الذين يحلمون فقط بحياة كريمة تبدأ بزواج مبني على التفاهم والمودة، لا على قائمة طويلة من الأثاث والأجهزة والمُهور والذهب والطلبات التي لا تنتهي.
إنها أزمة صامتة، لكنها مدمّرة. لقد بات الزواج حلماً مؤجلاً وربما مستحيلاً، ليس فقط بسبب ظروف الشباب الذكور الذين لا ذنب لهم في الفقر أو البطالة أو تدهور فرص العمل في الريف، بل بسبب طوفان من العادات الموروثة التي لا تراعي لا الدين ولا العقل ولا الواقع.
أؤكد أن المشكلة ليست قاصرة على الريف فقط، بل إنها تفاقمت أيضاً في المدن، حيث صارت تكاليف المعيشة ناراً تلتهم كل شيء، ومعها ارتفعت نسب العنوسة والطلاق، وانفتحت أبواب الجريمة والانحراف، من اغتصاب وبيوت دعارة وزواج سري، وربما ما هو أبشع، وكل ذلك نتيجة مباشرة لإغلاق الأبواب في وجه الزواج الشرعي السهل النظيف.
يا سادة، أفيقوا يرحمكم الله. لا تجعلوا من زواج بناتكم مزاداً لمن يدفع أكثر، فوالله ما نفع الذهب إن غاب الحُب، ولا أغنت الأجهزة الكثيرة عن رجل يخاف الله ويُكرم زوجته. نحن أمام خطر اجتماعي لا يقل عن أي أزمة اقتصادية أو سياسية. نحن نواجه تهديداً لقيمنا وأخلاقنا وأمننا النفسي.
أخاطب الأسر، أباء وأمهات العرائس، سهلوا ولا تعسّروا، لا تقتلوا أحلام بناتكم بتعنتكم. وأخاطب أهل العريس أيضاً، فليكن بينكم وعي وتفاهم على ضرورة ترشيد نفقات الزواج، والاكتفاء بالضروريات، فالبركة في القليل.
وأناشد من يكررون أداء العمرة والحج كل عام وقد أدوا الفريضة بالفعل: بالله عليكم، وجهوا جزءاً من هذه النفقات في تزويج شاب أو شابة، فإن ذلك من أعظم القربات، والله أعلم بنياتكم.
ورسالتي أيضاً إلى رجال الأعمال وأصحاب الشركات الكبرى: من باب المسؤولية الاجتماعية، ساهموا في تيسير الزواج، أنشئوا صناديق أو جمعيات لدعم زواج غير القادرين، فما أكثر من ينتظر فقط مساعدة بسيطة ليبدأ حياته!
أخيراً، أقسم أن هناك آلاف الفتيات والشباب في مصر ينتظرون فقط رحمة المجتمع. ينتظرون من يرحمهم من سيف العادات والتقاليد، من يحنو عليهم في هذا الزمن الصعب، من يمد يد العون بدلاً من أن يزيد الحِمل عليهم.
فلنتقِ الله جميعاً، ولنعد إلى جوهر الدين والإنسانية والعقل، فما من بيت قام على الستر والرحمة إلا وكان بيتاً سعيداً، ولو فرش بأبسط الأثاث وعلّق على جدرانه نور الحب فقط.
🔹 تابعونا على قناة الفلاح اليوم لمزيد من الأخبار والتقارير الزراعية.
🔹 لمتابعة آخر المستجدات، زوروا صفحة الفلاح اليوم على فيسبوك.
صدقت مقال مفيد