كيف يحمي البحث العلمي صغار المزارعين من آثار التغير المناخي؟

بقلم: د.أسامة بدير
يشكل التغير المناخي أحد أكبر التحديات التي تواجه الزراعة في مصر والعالم. ارتفاع درجات الحرارة، تقلب الأمطار، ونقص المياه أصبحت تهدد الإنتاج الزراعي، وتضع صغار المزارعين في مواجهة مباشرة مع الخسائر المحتملة. من هذا المنطلق، أرى أن وزارة الزراعة، ممثلة في مركزي البحوث الزراعية والصحراء، إضافة إلى كليات الزراعة، تقع على عاتقها مسؤولية استراتيجية لدعم هؤلاء المزارعين وتمكينهم من مواجهة هذه التحديات من خلال حلول علمية وعملية متكاملة.
الشاهد بالنسبة لي أن كليات الزراعة والمراكز البحثية الزراعية تمثل قلب الابتكار الزراعي، حيث تساهم في تطوير أصناف مقاومة للجفاف والحرارة، واستخدام تقنيات الري الحديث. ومع ذلك، المعرفة وحدها لا تكفي؛ فالتركيز يجب أن يكون على نقل هذه الحلول للمزارعين عبر برامج تدريبية وورش عمل ميدانية، تمكنهم من تطبيقها عملياً في حقولهم، وتحقيق إنتاجية مستدامة.
غالباً ما يواجه صغار المزارعين صعوبة في استخدام التكنولوجيا الحديثة بسبب التكلفة أو التعقيد. لذلك، يجب على وزارة الزراعة تقديم أدوات بسيطة وميسرة، مثل أنظمة الري بالتنقيط منخفضة التكلفة، وتطبيقات الهاتف الذكي لمتابعة الطقس، وخدمات الإرشاد الزراعي المباشر، لضمان الاستفادة الحقيقية من التطور التقني.
يقيني أنه لا يمكن للمزارع الصغير مواجهة التحديات بمفرده. وهنا يأتي دور التعاونيات الزراعية، التي توفر الشراء الجماعي للمستلزمات، وتسويق المحاصيل، وخدمات التأمين الزراعي. كما يمكن للوزارة تقديم حزم تمويلية ودعم مباشر لشراء تقنيات مقاومة للجفاف أو مبيدات آمنة، لضمان استدامة الإنتاج وتقليل المخاطر على صغار المزارعين.
إن تأهيل الشباب والمرأة في الريف على أساليب الزراعة المستدامة والتكيف مع التغير المناخي يمثل استثماراً طويل الأمد. الورش التدريبية، المناهج العملية، وزيارات الحقول التعليمية التي تنظمها كليات الزراعة، تمكنهم من التعلم العملي وتطبيق الحلول العلمية، ما يعزز قدرتهم على الإنتاجية والتكيف مع التغيرات المناخية.
من الضروري وجود حلقة تواصل مستمرة بين البحث العلمي والسياسات الحكومية والمزارعين. تبادل البيانات والمعلومات حول المحاصيل، الموارد المائية، والتوقعات المناخية يساعد على وضع خطط واضحة للزراعة المستدامة، وتقليل الخسائر المحتملة، وضمان استقرار المجتمع الريفي.
وأخيراً، إن دعم صغار المزارعين لمواجهة التغير المناخي ليس خياراً بل ضرورة لضمان الأمن الغذائي واستقرار المجتمعات الريفية. من خلال نقل المعرفة العلمية، تبسيط التكنولوجيا، دعم التعاونيات، وتمكين الشباب والمرأة الريفية، يمكن للوزارة وكليات الزراعة بناء منظومة زراعية قوية ومرنة، قادرة على مواجهة تحديات المستقبل، وتحقيق إنتاجية مستدامة تصون حقوق المزارعين وتضمن استقرار الاقتصاد الزراعي.
🔹 تابعونا على قناة الفلاح اليوم لمزيد من الأخبار والتقارير الزراعية.
🔹 لمتابعة آخر المستجدات، زوروا صفحة الفلاح اليوم على فيسبوك.



