رأى

كورونا ثورة سلوكية غيرت العالم

د. تغريد السيد عبدالحميد عيسي                                   ا.د.سهام السيد عبدالحميد عيسي  

 باحث بمركز البحوث الزراعية                                            أستاذ الاثار المصرية المساعد

   معهد  بحوث البساتين                                                 كلية الأداب – جامعة كفر الشيخ

طبقا لـمنظمة الصحة العالمية فإن فيروسات كورونا هي سلالة واﺳﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﻔﻴﺮوﺳﺎت اﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﺗﺴﺒﺐ اﻟﻤﺮض ﻟﻠﺤﻴﻮان واﻹﻧﺴﺎن وﻣﻦ اﻟﻤﻌﺮوف أن ﻓﻴﺮوﺳﺎت ﻛﻮروﻧﺎ ﺗﺴﺒﺐ ﻟﺪى اﻟﺒﺸﺮ أﻣﺮاض ﺗﻨﻔﺴﻴﺔ ﺗﺘﺮاوح ﺣﺪﺗﻬﺎ ﻣﻦ ﻧﺰﻻت اﻟﺒﺮد اﻟﺸﺎﺋﻌﺔ إﻟﻰ اﻷﻣﺮاض اﻷﺷﺪ وﺧﺎﻣﺔ ﻣﺜﻞ ﻣﺘﻼزﻣﺔ اﻟﺸﺮق اﻷوﺳﻂ اﻟﺘﻨﻔﺴﻴﺔ (ﻣﻴﺮس) واﻟﻤﺘﻼزﻣﺔ اﻟﺘﻨﻔﺴﻴﺔ اﻟﺤﺎدة (ﺳﺎرس) وﻳﺴﺒﺐ ﻓﻴﺮوس ﻛﻮروﻧﺎ اﻟﻤكتشف مؤخرا ﻣﺮض ﻛﻮﻓﻴﺪ -19.

ﻣﺮض ﻛﻮﻓﻴﺪ-19: ﻫﻮ ﻣﺮض ﻣﻌﺪ ﻳﺴﺒﺒﻪ آﺧﺮ ﻓﻴﺮوس ﺗﻢ اﻛﺘﺸﺎﻓﻪ ﻣﻦ ﺳﻼﻟﺔ ﻓﻴﺮوﺳﺎت ﻛﻮروﻧﺎ وﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻫﻨﺎك أي ﻋﻠﻢ ﺑﻮﺟﻮد ﻫﺬا اﻟﻔﻴﺮوس اﻟﺠﺪﻳﺪ وﻣﺮﺿﻪ ﻗﺒﻞ ﺑﺪء ﺗﻔﺸﻴﻪ ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ووﻫﺎن اﻟﺼﻴﻨﻴﺔ ﻓﻲ دﻳﺴﻤﺒﺮ 2019 وقد تحول هذا الفيروس اﻵن إﻟﻰ ﺟﺎﺋﺤﺔ ﺗﺆﺛﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺑﻠﺪان اﻟﻌﺎﻟﻢ.

أﻋﺮاض ﻣﺮض ﻛﻮﻓﻴﺪ-19 ﺗﺘﻤﺜﻞ اﻷﻋﺮاض اﻷﻛﺜﺮ ﺷﻴﻮﻋﺎ ﻓﻲ اﻟﺤﻤﻰ واﻟﺴﻌﺎل اﻟﺠﺎف واﻟﺘﻌﺐ وﻗﺪ ﻳﻌﺎﻧﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺮﺿﻰ ﻣﻦ اﻵﻻم ًواﻷوﺟﺎع، أو اﺣﺘﻘﺎن اﻷﻧﻒ أو أﻟﻢ اﻟﺤﻠﻖ، أو اﻹﺳﻬﺎل وﻋﺎدة ﻣﺎ ﺗﻜﻮن ﻫﺬه اﻷﻋﺮاض ﺧﻔﻴﻔﺔ وﺗﺒﺪأ ﺗﺪرﻳﺠﻴﺎ وﻳﺘﻌﺎﻓﻰ ﻣﻌﻈﻢ اﻟﻨﺎس ﻣﻦ اﻟﻤﺮض دون اﻟﺤﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﻋﻼج ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻰ (80%) وﺗﺸﺘﺪ ﺣﺪة اﻟﻤﺮض ﻟﺪى ﺷﺨﺺ واﺣﺪ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎ  من كل 5 اشخاص يصابون  بعدوى ﻣﺮض ﻛﻮﻓﻴﺪ-19، حيث ﻳﻌﺎﻧﻮن ﻣﻦ ﺻﻌﻮﺑﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻨﻔﺲ وﺗﺮﺗﻔﻊ ﻣﺨﺎﻃﺮ اﻹﺻﺎﺑﺔ ﺑﻤﻀﺎﻋﻔﺎت وﺧﻴﻤﺔ ﺑﻴﻦ ﻛﺒﺎر اﻟﺴﻦ، واﻷﺷﺨﺎص اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﺎﻧﻮن ﻣﺸﺎﻛﻞ طبية أصلا ﻣﺜﻞ ارﺗﻔﺎع ﺿﻐﻂ اﻟﺪم أو أﻣﺮاض اﻟﻘﻠﺐ واﻟﺮﺋﺘﻴﻦ، أو داء اﻟﺴﻜﺮي، أو اﻟﺴﺮﻃﺎن وﻟﻜﻦ أي ﺷﺨﺺ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳصاب ﺑﻌﺪوى ﻛﻮﻓﻴﺪ-19 اﻟﻤﺼﺤﻮﺑﺔ ﺑﺄﻋﺮاض ﺷﺪﻳﺪة وﺣﺘﻰ اﻷﺷﺨﺎص اﻟﻤﺼﺎﺑﻴﻦ ﺑﺄﻋﺮاض ﻛﻮﻓﻴﺪ 19– الخفيفة جدا يمكن أن ينقلوا عدوي اﻟﻔﻴﺮوس إﻟﻰ ﻏﻴﺮﻫﻢ وﻳﺠﺐ ﻋﻠﻰ ﺟﻤﻴﻊ اﻷﺷﺨﺎص اﻟﻤﺼﺎﺑﻴﻦ ﺑﺎﻟﺤﻤﻰ واﻟﺴﻌﺎل وﺻﻌﻮﺑﺔ اﻟﺘﻨﻔﺲ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻨﺎﻳﺔ اﻟﻄﺒﻴﺔ مهما ﻛﺎﻧﺖ أﻋﻤﺎرﻫﻢ.

كان لـفيروس ﻛﻮروﻧﺎ اﻟﻤﺴﺘﺠﺪ، COVID-19 دورا فى تغير اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﻴﺔ واﻟﻤﻮروث اﻟﺸﻌﺒﻲ لعدد ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﺠﺘﻤات  حيث أدركوا أﻫﻤﻴﺔ اﻟﻨﻈﺎﻓﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ واﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻈﺎﻓﺔ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﻟﺘﺠﻨﺐ اﻟﻤﻴﻜﺮوﺑﺎت واﻟﻔﻴﺮوﺳﺎت.

وﺳﻮاء ﻛﺎن اﻟﺴﺒﺐ وراء  إنتشار جائحة كورونا اﻟﺨﻔﺎش أو اﻟﺜﻌﺒﺎن، أم ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺗﺴﺮب ﻏﺒﺎر إﺷﻌﺎﻋﻲ ﻟﺘﺠﺎرب ﻏﻴﺮ أﺧﻼﻗﻴﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻄﻮﻳﺮ ﻓﻴﺮوس ﻓﻲ ﺳﺮادﻳﺐ ﻣﻌﺎﻣﻞ، أم ﻛﺎن من اﻟﻌﻠﻮم اﻟﺤﺮﺑﻴﺔ اﻟﺤﻴﻮﻳﺔ إﻟﻰ ﻣﻦ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﻣﻦ ﺗﻜﻬﻨﺎت ﻓﻲ ﺳﺒﺐ اﻟﺠﺎﺋﺤﺔ، ﻓﻲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ اﻟﺴﺒﺐ يعود ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺒﺎﺷﺮ ﻟﺴﻠﻮك اﻹﻧﺴﺎن.

ﻓﻲ اﻟﻤﻘﺎﺑﻞ ﻳﺮﺟﻊ ﺗﻔﺸﻲ اﻟﻔﻴﺮوس وﺗﻮﺳﻊ رﻗﻌﺔ ﺣﺪوده ﻟﺴﻠﻮك اﻹﻧﺴﺎن، ﻧﻘﻠﻪ اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻦ ﺑﺪاﻳﺔ ﺑﺆرة اﻧﺘﺸﺎره ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ «ووﻫﺎن اﻟﺼﻴﻨﻴﺔ”، ﻟﻴﺘﻌﺪى ﺣﺪود اﻟﺼﻴﻦ، ﻟﻴﺸﻤﻞ ﻛﺎﻓﺔ أنحاء العالم، لتعلن عنة ﻣﻨﻈﻤﺔ اﻟﺼﺤﺔ اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ أﻧﻪ أﺻﺒﺢ وﺑﺎء ُ عالمى «Pandemic».

ولقد أوﺻﻰ اﻟﻨﺒﻲ ﻣﺤﻤﺪ ﷺ ﺑﺎﻟﻨﻈﺎﻓﺔ واﻟﺤﺠﺮ اﻟﺼﺤﻲ ﻟﻤﻮاﺟﻬﺔ اﻟﻮﺑﺎء منذ أكثر من 1400 عام عن أسامة بن ذيد رضى الله عنه قال عن النبى ﷺ قال: إذَا سمِعْتُمْ الطاعُونَ بارْضٍ، فَلاَ تَدْخُلُوهَا، وَإذَا وقَعَ بارْضٍ، وانْتُمْ فِيهَا، فَلاَ تَخْرُجُوا مِنْهَا”،      متفقٌ عليهِ: البخاري ومسلم.

كانت النظافة من أهم ملامح حضارتنا المصرية القديمة حيث حرصوا على النظافة الشخصية بدءاً من الاغتسال وتقليم الاظافر وتمشيط الشعر والتعطر بالعطور، وتنظيف البيوت بمقشات مصنوعة من اعواد النباتات وجريد النخيل، وكذلك  تبخير البيوت لاسباغ عليها الروائح العطرة ولطرد الشياطين، وكان التطهر مهماً جداً في الديانة المصرية القديمة فكان من الضرورى لكل من يقترب من الإله أن يكون طاهرا، وذلك بالاغتسال بالماء الطاهر، وكان التطهر البدني يتم بصب الماء الذي كان عنصراً رئيسياً في اى طقس ديني بل أضحى هذا الطقس أمراً مطلوباً للملك والكاهن وللعامة والموتى أيضا.

وبالرغم من ذلك فقد عانى المصريين القدماء من العديد من الامراض والاوبئة الا انهم تصرفوا بحكمة وذكاء منقطعى النظير فقد عرفوا العزل المنزلى قبل ان يعرفه العالم اجمع، ورد فى بردیة المتحف  المصري رقم 86637 ان البلاد تعرضت لوباء بسبب غضب الالهه سخمت فحرم على المصريين الخروج فى هذا اليوم فورد النص التالى:

وﻣﻦ ﺟﻬﺔ أﺧﺮى، خلف ﻛﻮروﻧﺎ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻌﻮاﻗﺐ اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻛﺎﻟﻘﻠﻖ واﻟﻬﻠﻊ واﻻﻛﺘﺌﺎب، ﺳﻮاء ﻟﻤﻦ اﺻﻴﺐ ﺑﻪ أو اﻟﻤصاحبين له ﻓﺈن اﻟﻨﻔﺲ اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﺗﻌﺸﻖ اﻟﺤﺮﻳﺔ ﺑﻄﺒﻴﻌﺘﻬﺎ، وﻟﻢ ﺗﺘﻌﻮد اﻟﻌﺰل واﻹﺑﻌﺎد واﻻﺑﺘﻌﺎد، وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﺗﻈﻬﺮ ﻫﻨﺎك ﻋﻮارض ﻧﻔﺴﻴﺔ ﻣصاحبة مثل اﺿﻄﺮاﺑﺎت اﻟﻘﻠﻖ واﻟﻬﻠﻊ  والوساوس المتعلقة ﺑﺎﻟﻌﺪوى.

إن ﺟﺎﺋﺤﺔ ﻛﻮروﻧﺎ ﻏﻴﺮت أﺳﻠﻮب ﺣﻴﺎة اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻌﺮب ﺑﻼ اﺳﺘﺜﻨﺎء، ﺣﻴﺚ إن اﻟﺸﻌﻮب اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ تميل الى التجمعات اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻋﻤﻮﻣﺎ ﻟﺪﻳﻬﻢ ارﺗﺒﺎﻃﺎت ﻗﻮﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻷﺳﺮة واﻷﺻﺪﻗﺎء ﺑﺨﻼف اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ واﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ، وﻓﻲ ﻇﻞ ﻣﻮاﺻﻠﺔ ﻣﻨﻈﻤﺔ اﻟﺼﺤﺔ اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ اﻟﺘﺸﺪﻳﺪ ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻤﺮار اﺗﺒﺎع اﻹﺟﺮاءات اﻻﺣﺘﺮازﻳﺔ وﻋﺪم اﻟﺘﻬﺎون ﺑﺸﺄﻧﻬﺎ، ﻓﻘﺪ ﺑﺎت أﻛﻴﺪا ﻣﻊ اﺳﺘﻤﺮار ﺣﻈﺮ اﻟﺘﺠﻮال ﻫﺬا اﻟﻌﺎم، حيث علقت اﻟﺼﻠﻮات ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ ﻟﺘﺸﻤﻞ اﻟﺘﺮاوﻳﺢ واﻟﻘﻴﺎم ﻓﻲ ﻇﻞ اﺳﺘﺤﺎﻟﺔ ﺘﻮﻗﻊُ ﻋﻮدة اﻟﺤﻴﺎة إﻟﻰ ﻃﺒﻴﻌﺘﻬﺎ ﺧﻼل شهر رمضان، وﻫﻮ اﻟﻮﺿﻊ اﻟﺬي إﺴﺘﻤﺮ إﻟﻰ ﻋﻴﺪ اﻟﻔﻄﺮ،  ويحضرنى قول الشاعر المتنبي  “عيدٌ بأية حالٍ عُدتَ يا عيد، بما مضى أم بأمْرٍ فيكَ تجْديدُ، أما الأحِبّةُ فالبَيْداءُ دونَهُمُ فَليتَ، دونَكَ بِيداً دونَهَا بِيدُ”.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى