هموم الفلاحين

سؤال تطرحه الدكتورة شكرية المراكشي: أريد جواباً.. لماذا التغافل عن الكينوا؟

بقلم: د.شكرية المراكشي

الخبير الدولي في الزراعات البديلة ورئيس مجلس إدارة شركة مصر تونس للتنمية الزراعية

في عالم يتجه نحو تحسين الأمن الغذائي وتقديم حلول زراعية مستدامة، أصبحت الكينوا محط اهتمام عالمي. تعكف الدول على تعزيز زراعتها وإدراجها في خططها الزراعية نظرا لقيمتها الغذائية العالية وقدرتها على التكيف مع الظروف المناخية القاسية. ورغم ذلك، نجد أنفسنا في هذا البلد ما زلنا نتجاهل هذا المحصول الهام، مما يدعو إلى طرح سؤال مُلح: لماذا هذا التغافل عن الكينوا؟

تابعونا على قناة الفلاح اليوم

تابعونا على صفحة الفلاح اليوم على فيس بوك

أهمية الكينوا

تعتبر الكينوا من الأغذية الغنية بالعناصر الغذائية، فهي تحتوي على جميع الأحماض الأمينية الأساسية، مما يجعلها بروتينا كاملاً. بالإضافة إلى ذلك، فهي مصدر جيد للألياف، الفيتامينات (مثل فيتامين B و E)، والمعادن (مثل المغنيسيوم، الحديد، والزنك). علاوة على ذلك، الكينوا خالية من الغلوتين، مما يجعلها خيارا ممتازا للأشخاص الذين يعانون من حساسية القمح.

من ناحية زراعية، الكينوا تتميز بقدرتها على النمو في ظروف بيئية قاسية، سواء كان ذلك في الأراضي الجافة أو ذات الملوحة العالية. هذه الخاصية تجعلها مناسبة جدا للمناطق التي تعاني من نقص المياه أو التي تعاني من تدهور التربة.

تعتبر الكينوا من المحاصيل ذات الأهمية الغذائية والاقتصادية العالية، والتي يمكن أن تساهم بشكل كبير في تحسين الأمن الغذائي والتنمية الزراعية المستدامة. تتميز الكينوا بعدة جوانب تجعلها محصولا استراتيجيا في العالم، وهنا نستعرض أهميتها بالتفصيل:

القيمة الغذائية العالية

– بروتين كامل: تحتوي الكينوا على جميع الأحماض الأمينية الأساسية، مما يجعلها مصدرا ممتازا للبروتين الكامل، وهو ما يندر وجوده في النباتات.

– غنية بالفيتامينات والمعادن: الكينوا غنية بالفيتامينات مثل فيتامين B وE، والمعادن مثل المغنيسيوم، الحديد، الزنك، والبوتاسيوم.

– خالية من الغلوتين: الكينوا تعتبر خيارا مثاليا للأشخاص الذين يعانون من حساسية القمح أو الذين يتبعون نظاما غذائيا خاليا من الغلوتين.

2ـ التكيف البيئي

– تحمل الظروف القاسية: الكينوا قادرة على النمو في بيئات متنوعة وصعبة، بما في ذلك الأراضي الجافة وذات الملوحة العالية، وكذلك في المناطق المرتفعة والمنخفضة.

– تنوع الأنواع: هناك أنواع متعددة من الكينوا يمكن زراعتها في ظروف مناخية مختلفة، مما يجعلها محصولا مرنا يمكن أن يتكيف مع التغيرات المناخية.

الاستدامة الزراعية

– مقاومة الجفاف: الكينوا تحتاج إلى كميات أقل من الماء مقارنة بالكثير من المحاصيل التقليدية، مما يجعلها خيارا مستداما في المناطق التي تعاني من نقص المياه.

– تنويع المحاصيل: زراعة الكينوا تساهم في تنويع المحاصيل الزراعية، مما يقلل من الاعتماد على المحاصيل الرئيسية ويساعد في مكافحة الأزمات الغذائية.

الأهمية الاقتصادية

– مصدر دخل: زراعة الكينوا يمكن أن تكون مصدر دخل جيد للمزارعين، خصوصا في المناطق الريفية والهامشية.

– فرص التصدير: الطلب العالمي على الكينوا يتزايد، مما يوفر فرصا للتصدير وزيادة العوائد الاقتصادية.

دعم الصحة العامة

– تعزيز الصحة: بفضل محتواها الغذائي الغني، يمكن أن تساهم الكينوا في تحسين الصحة العامة وتقليل مخاطر الإصابة بالأمراض المزمنة مثل أمراض القلب والسكري والسمنة.

– تحسين التغذية: استخدام الكينوا في برامج التغذية المدرسية والمساعدات الغذائية لتحسين نوعية الغذاء المقدم للسكان في المناطق الفقيرة.

التعاون مع مركز بحوث الصحراء

كنت قد شرفت خلال السنوات الماضية بالتعاون مع مركز بحوث الصحراء لنشر ثقافة زراعة هذا النبات في الدروب المختلفة من الصحراء والأراضي الهامشية. أتوجه بالشكر للباحثين الذين اجتهدوا خلال السنوات الماضية في تسليط الضوء عليه، واخص بالذكر منهم الدكتور ايمن بدران الذي لم يبخل بوقت ولا بعلم ونحن نجوب الصحراء المصرية والاراضي الهامشية بزراعة  الكينوا لتجربة انتاجها  في كل تلك المناطق وأسأل متعجبة: لماذا لا يكون هذا المحصول  ضمن الخريطة الزراعية؟

لا أنكر أن هناك من الباحثين اجتهدوا كثيرا في هذا المسار دون دعم حقيقي، اعتمادا على وطنيتهم وإيمانهم بأهمية الكينوا. ومن الباحثين من حصلوا علة الدكتوراه في زراعة الكينوا. أين الدعم لهؤلاء الباحثين؟

من منبري هذا، أتوجه لكل مسؤول بدعم هؤلاء الباحثين لنشر هذا المحصول الواعد في سد فجوة استهلاكية كبيرة.

ولا أنسى دور مركز بحوث الصحراء في دعم هذا النبات، خصوصا في ظل الظروف البيئية القاسية. أطالبهم باستمرار هذا الدعم في ظل أزمة المياه المشرفة.

تجارب شخصية وإسهامات عملية

في ظل الإمكانيات التي تتمتع بها الكينوا، ما السبب وراء عدم إدراجها في الخطط الزراعية الوطنية رغم تسليط الضوء عليها من قبل بعض الباحثين؟ وما قمت به شخصيا من زراعات ومن مؤتمرات في الفنادق حيث كان البرنامج الغذائي يعتمد على الكينوا وحيث نقلت أحد الفنادق إلى وزارة الزراعة في احد مؤتمراتها بطاقمها بعد أن جهزت كل المأكولات من الكينوا وكان ذالك على حسابي الخاص ولم يحرك كل هذا ساكنا لنجعل منه محصولا استراتيجيا.

بينما بصورة لرغيف عيش  طري من الكسافا، جعلت منها موضوعا لمناقشات عدة وتحركات واجتماعات، بينما رغيف العيش لا يمكن ان يكون رغيفا بدقيق الكسافا لوحده كون ان يكون دقيق القمح معه بنسبة اقلها 85% ليكون طريا.

كانت الكينوا في المؤتمرات التي عقدناها هي الوجبات الأساسية، مع جميع أنواع العيش من الكينوا والدقيق والكسافا والدخن. متى يبدأ المسؤولون في وضع خريطة لهذا المحصول؟ ألم يلاحظوا أنه في يوم من الأيام كان هناك مؤتمر خاص في أحد الفنادق حيث كانت كل الوجبات من الكينوا إلى جانب العيش بجميع أنواعه. لماذا هذا التجاهل إذن؟

دعم الكسافا كنموذج

أنا لست ضد زراعة الكسافا، فقد زرعتها لسنتبن في إحدى المزارع وكتبت عنها منذ عام 2018، وكل سنة أعيد الكتابة عنها والترويج  لها. وقد أصدر رئيس الجمهورية في عام 2019 قرارا بزراعة 500 ألف فدان كسافا لأهميتها الكبيرة في تعويض النشا المستخرج من الذرة، مما يتيح استخدام الذرة لاستخراج الزيوت التي نستورد أكثر من 96% منها كل سنة لتأمين احتياجاتنا. الى جانب فوائدها العديدة الاخرى والتي ذكرتها في مقالات سابقة على المواقع مثل الفلاح اليوم.

مناشدة لصاحب القرار الأعلى

من منبري هذا، أتوجه لفخامة الرئيس للنظر في أسباب هذا التجاهل لهذا المحصول الواعد. إن تجاهل الكينوا ليس مجرد إغفال لنبتة ذات قيمة غذائية عالية، بل هو إهدار لفرصة ثمينة لتحقيق تنمية زراعية مستدامة وتعزيز الأمن الغذائي. يجب على أصحاب القرار التحرك بجدية واتخاذ الخطوات اللازمة لوضع الكينوا على الخريطة الزراعية الوطنية. إن الإجابة على هذه الأسئلة والتعامل مع هذه التحديات بجدية تفتح آفاقا جديدة لمستقبل زراعي مشرق.

أسئلة لأصحاب القرار ولرئيس الجمهورية اتمنى الاجابة عنها:

لماذا لا يتم إدراج الكينوا في الخطط الزراعية الوطنية؟

ـ في ظل الإمكانيات التي تتمتع بها الكينوا، ما هو السبب وراء عدم إدراجها في الخطط الزراعية الوطنية رغم تسليط الضوء عليها من قبل بعض الباحثين؟

ما السياسات الزراعية التي تعيق زراعة الكينوا؟

ـ هل هناك سياسات أو تشريعات تعيق إدخال الكينوا في الدورة الزراعية؟ وما الخطوات اللازمة لتعديل هذه السياسات؟

بعد ان تم إجراء دراسات كافية حول إمكانيات زراعة الكينوا محليا، ما النتائج التي توصلت إليها الأبحاث المحلية حول زراعة الكينوا؟ وهل كانت هناك توصيات محددة تم تجاهلها؟

ما دور الجهات البحثية والجامعات في دعم زراعة الكينوا؟

ـ كيف يمكن للجهات البحثية والجامعات أن تساهم في دعم وتطوير زراعة الكينوا؟ وهل هناك شراكات محتملة مع جهات دولية للاستفادة من خبراتها؟

5ـ ما الاستراتيجيات المستقبلية لتطوير زراعة الكينوا؟

ـ هل هناك خطط مستقبلية واضحة لتطوير زراعة الكينوا في البلاد؟ وما هي الأهداف الزمنية لتحقيق ذلك؟

كيف يمكن ادراج مساهمة الكينوا في تعزيز الأمن الغذائي امام  الدور الذي تلعبه في تعزيز الأمن الغذائي الوطني، خاصة في ظل التحديات المناخية والمائية التي تواجهنا؟

7ـ ما الخطوات العملية لدعم المزارعين في زراعة الكينوامن حيث التوعية، التدريب، وتوفير البذور والمعدات اللازمة؟   

8ـ هل هناك برامج تعاون دوليجديدة يمكن الاستفادة منها في هذا المجال؟

برامج التعاون الدولي وتجربتي الفاو واكبا

كان هناك تعاون مع الفاو ومركز البحوث الزراعية ومع إكبا ومركز بحوث الصحراء، استمر لسنوات. ولكن، مع الأسف، عند انتهاء البرنامج، يقفل الملف. لماذا لا نستمر في هذه البرامج ونستفيد من الخبرات العالمية لتعزيز زراعة الكينوا محليا؟ يجب أن نعمل على تحويل هذه البرامج إلى سياسات مستدامة تدعم زراعة الكينوا على المدى الطويل.

إن التغافل عن الكينوا هو إهدار لفرصة ثمينة لتحقيق تنمية زراعية مستدامة وتعزيز الأمن الغذائي. يجب على أصحاب القرار التحرك بجدية واتخاذ الخطوات اللازمة لوضع الكينوا على الخريطة الزراعية الوطنية.

واخيرا تحية لكل من أضاء الطريق لهذا المحصول ليحتل مكانته المناسبة في الخريطة الزراعية.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى