زراعة الكرفس: نبات طبي متعدد الاستخدامات من الحقل إلى الزيت العطري

إعداد: أ.د.ربيع مصطفى
أستاذ النباتات الطبية والعطرية بمعهد بحوث البساتين بمركز البحوث الزراعية، وكيل وزارة الزراعة الأسبق بالفيوم – (خبير في زراعة وإنتاج النباتات الطبية والعطرية للتواصل: 01010490336 – 01224982537)
زراعة الكرفس Celery
Apium graveolens Mill.
Fam. Apiaceae (Umbelliferae)
نبات طبي يستخدم جميع أجزائه وله فوائد عديدة، ويقاوم الملوحة إلى حد ما حتى 8.7 PH.
الأسماء الشائعة:
الكرفس – كرفس الساقي – الكرافس – الكرفس النبطي – الكرفس البري – القنم. بينما يُطلق عليه في الإنجليزية celery وله أيضًا أسماء محلية أخرى في مناطق مختلفة مثل أجمودا في السنسكريتية وسلري في لغات أخرى.
الموطن الأصلي:
يُعتقد أن الموطن الرئيسي لهذا النوع هو وسط وجنوب أوروبا، بالرغم من وجوده بريًا في مساحات شاسعة في آسيا الصغرى وشمال إفريقيا، وانتشرت زراعته في معظم المناطق الباردة والمعتدلة والحارة. أهم البلدان المنتجة له هي: ألمانيا – السويد – فرنسا – إيطاليا – إسبانيا – الجزائر – الهند – مصر.
الوصف النباتي:
نباتات عشبية ثنائية الحول في وسط وجنوب أوروبا، وحولية في المناطق الحارة وشبه الحارة. وهي نباتات ذات نمو خضري قوي وغالبية النباتات عديمة التفرع، ويصل ارتفاعها إلى حوالى 50 سم أو أكثر.
-
الأوراق: مركبة مقسمة إلى وريقات قلبية الشكل أو بيضاوية، عددها يتراوح بين 3 – 7 في الجزء الأخير الطرفي من عنق الورقة الطويل الذي يصل إلى 40 سم، والوريقات مفصصة إلى عدة فصوص حافتها مسننة بأسنان عريضة نوعًا، ولون الورقة أخضر فاتح.
-
الأزهار: بيضاء صغيرة، محمولة على نورات خيمية مركبة ذات حامل نوري طوله حوالى 35 سم.
-
الثمار: صغيرة مزدوجة، شكلها بيضاوي مستدير، ولونها بني فاتح.
أنواع الكرفس:
يوجد عدة أنواع من الكرفس تختلف في شكلها ونكهتها، وتشمل:
-
الكرفس الأصفر أو “الورقي”: شائع في الماضي، يتميز بسيقان مرة وجوفاء.
-
الكرفس الأخضر (باسكال): النوع الأكثر شيوعًا في الولايات المتحدة، بسيقان وأوراق خضراء باهتة ونكهة خفيفة وحلوة.
-
كرفس اللفت (الجذري): يُزرع من أجل جذره المستدير والكبير، ويُسمى أيضًا “عقدة الكرفس”.
-
الكرفس البري: النوع الأصلي، ويُطلق عليه أيضًا “الكرفس الصغير”.
-
الكرفس الصيني: يتميز بنكهته القوية.
الظروف البيئية:
-
نباتات الكرفس من النباتات العطرية، وتزرع في المناطق الباردة والمعتدلة حراريًا، تتحمل درجات الحرارة المنخفضة بين 10 – 15 م° خلال فترة النمو الخضري، ومقاومة للصقيع لفترات قصيرة. درجات الحرارة العالية (25 – 35 م°) تؤدي إلى إنتاج ورقي قليل وزيت عطري منخفض.
-
من أهم العوامل المناخية: درجة حرارة منخفضة (15 – 20 م°) وطول الفترة الضوئية نهارًا (13 – 15 ساعة) خلال النمو الخضري، للحصول على أكبر محصول ورقي وأعلى إنتاج للزيت العطري.
-
تنمو النباتات بغزارة في الأراضي الصفراء الغنية بالمادة العضوية، جيدة الصرف والتهوية، ولا تتحمل الحموضة المرتفعة للتربة، مقاومة إلى حد ما للملوحة حتى 8.7 PH.
الزراعة:
-
ميعاد الزراعة: يختلف حسب المناطق والظروف الجوية.
-
في المناطق الباردة: تزرع البذور داخل الصوب الزجاجية في يناير، وتنقل البادرات بعد ذوبان الجليد وتحسن الطقس، ويشترط شتل البادرات بعد 2 – 2.5 شهر.
-
في المناطق المعتدلة: يمكن زراعة البذور على عدة عروات داخل المشتل أو في العراء، وتنقل الشتلات بعد 1.5 – 2 شهر.
-
يمكن الزراعة طوال العام مع طقس مناسب وخالٍ من السحب، باستثناء الحرارة العالية صيفًا والمنخفضة شتاءً.
-
في المساحات الكبيرة: يمكن الزراعة المباشرة دون الحاجة إلى مشتل للحصول على الزيت العطري من الأوراق أو الثمار.
-
-
التكاثر: بالبذرة. بذور الكرفس صغيرة وبطيئة الإنبات (تستغرق حوالي 3 أسابيع)، تحتاج إلى دفء ورطوبة مستمرة، ويُنصح بإجراء المعاملات التالية قبل الزراعة:
-
نقع ثمار الكرفس في ماء دافئ لمدة 4 أيام في وجود الضوء إن أمكن.
-
أو لف الثمار في خيشة مبللة بالماء حتى ظهور الجذور، ثم تعرض للهواء الجاف ساعتين قبل الزراعة.
-
للتبكير في الإزهار ونضج الثمار: نقع الثمار الجافة في ماء جاري لعدة ساعات، ثم وضعها في كيس قماشي داخل ثلاجة عند 2 – 5 م° لمدة 2 – 3 أسابيع، بعدها تزرع.
-
-
معدل الزراعة:
-
الزراعة شتلاً: 200 جم بذور للفدان → 30 – 35 ألف شتلة.
-
الزراعة مباشرة: 350 – 450 جم بذور للفدان.
-
-
طرق الزراعة:
-
للزراعة الشتلية: الخط بعرض 60 سم، المسافة بين النباتات 15 سم (للمحصول الورقي). خطوط بعرض 70 سم والمسافة بين الجورة والأخرى 30 سم (للمحصول الثمري).
-
للزراعة المباشرة: توضع 2 – 3 بذور في كل جورة على نفس المسافات، وتخف النباتات إلى نباتين لكل جورة.
-
الري:
نباتات الكرفس تحتاج إلى كميات معتدلة من الماء على فترات متقاربة للنمو الخضري، وفترات متباعدة أثناء التزهير والنضج الثمري. يُنصح بالري مرة كل عشرة أيام شتاءً وكل أسبوع صيفًا.
التسميد:
-
تحتاج إلى كميات عالية من النيتروجين (80 كجم) لزيادة المحصول الورقي والثمري.
-
يضاف 25 م³ سماد عضوي + 300 كجم سوبر فوسفات + 50 كجم كبريت زراعي قبل الزراعة.
-
التسميد الازوتي والبوتاسي حسب الغرض:
-
للمحصول الورقي: 300 كجم سلفات أمونيوم + 50 كجم سلفات بوتاسيوم.
-
للمحصول الثمري: 200 كجم سلفات أمونيوم + 50 كجم سلفات بوتاسيوم، تُضاف بعد شهر ونصف وبعد العزقة الأولى.
-
الحشائش:
الحشائش غير مرغوبة، خاصة لمحصول الأوراق. في المساحات الصغيرة: إزالتها يدويًا أو بالعزيق. في المساحات الكبيرة: استخدام مبيدات الحشائش الآمنة وفق توصيات وزارة الزراعة.
الآفات والأمراض:
-
الأمراض الحيوية:
-
الأمراض الفيروسية:
-
موزايك: يظهر بأصفرار الأوراق وتبرقشها والتواء نصلها وتقزم النبات.
-
الأصفرار الفيروسي: تقزم النبات واصفرار الأوراق والتواء نصلها.
-
الوقاية: القضاء على الحشرات الناقلة (المن)، إنتاج أصناف مقاومة.
-
-
التبقع الورقي: بكتيريا Pseudomonas apii، بقع حمراء بنية محاطة بهالة صفراء باهتة، الوقاية بالرش أو التعفير بالمركبات النحاسية.
-
اللفحة المبكرة: فطر Cercospora apii، بقع بنية مصفرة تتحول للبني الداكن، الوقاية بنقع البذور بالماء الساخن أو رش المركبات النحاسية.
-
اللفحة المتأخرة: فطر Septoria apii var. graveolens أو C. apiicola، الوقاية بالمركبات النحاسية.
-
الفيوزاريم: فطر Erwinia carotovora، تقزم النباتات وتعفن الساق والمجموع الجذري، الوقاية بالسلالات المقاومة أو الدورة الزراعية الطويلة.
-
-
الأمراض الفسيولوجية:
-
القلب الأسود: نقص الكالسيوم، تظهر الأعراض بأطراف الأوراق، الوقاية بإضافة نترات أو كلوريد الكالسيوم 15 كجم/فدان أو الرش 0.01%.
-
الساق المتشقق: نقص البورن، تظهر التشققات، الوقاية بإضافة البوراكس 5 كجم/فدان أو الرش 0.1%.
-
الإصفرار: نقص المغنيسيوم، وقاية برش كبريتات المغنيسيوم 0.1 – 0.2% وإضافتها للتربة 2.5 – 3 كجم/فدان مع الأسمدة الأخرى.
-
ثالثًا: الأمراض الحشرية:
توجد بعض الحشرات التي تهاجم نبات الكرفس مسببة نقصًا في المحصول، وأهمها:
-
حشرة الكرفس (Philosphylla heracleid): تُقاوم هذه الحشرة بالمركبات النحاسية أو حسب توصية وزارة الزراعة.
-
حشرة الجزر: تهاجم البادرات الصغيرة لتغذيتها على الجذور الصغيرة، وتقاوم بعمل شبكة رقيقة تغطي مراقد الشتلات أثناء وجودها بالمشتل.
-
حشرة بق اللفت: تتغذى على عصارة أعناق الأوراق مسببة تلونها باللون الأسود، وتقاوم بأحد المبيدات الحشرية الآمنة.
جمع المحصول:
-
المحصول الورقي:
يتوقف جمع النباتات حسب الغرض من الزراعة. في حالة الإنتاج الورقي للاستهلاك الطازج، تُحَصَّد النباتات من جذورها خلال موسم النمو الخضري وقبل التزهير لزيادة الإنتاج، على أن يتم التقليع خلال النهار من الصباح حتى المساء، أو تُؤخذ عدة حشات على مدار الموسم الزراعي، بحيث يُستفاد من النموات الخضرية قبل دخولها مرحلة التزهير. ويعطي الفدان الواحد حوالي 4 – 5 طن من العشب الطازج قبل التزهير. -
المحصول الثمري:
-
إذا كان الهدف الحصول على ثمار الكرفس، تُترك النباتات في الطور الخضري لاستكمال نموها، وتحش عند اكتمال الثمار ولونها بني فاتح قبل أن تتحول للون الغامق. تُجمع النباتات في الصباح الباكر حينما تكون رطبة لتجنب سقوط الثمار، وتنقل إلى أماكن التجفيف على مشمعات بلاستيكية لتجنب فقد الثمار، وتترك عدة أيام حتى تمام الجفاف، ثم تُدرس وتُغربل لفصل الثمار الجيدة، وتُعبأ في أجولة من الجوت وتُخزن في أماكن جيدة التهوية وخالية من الرطوبة المرتفعة. ويعطي الفدان حوالي 350 – 450 كجم من الثمار الجافة.
-
في حالة إنتاج الزيت من هذه الثمار، يمكن تقطيع وجمع النباتات عندما تكون ثمارها ملونة باللون الأخضر المصفر، والمجموع الخضري ذو لون أخضر، على أن تُحَصَد على ارتفاع حوالي 5 سم فوق سطح الأرض قبل شروق الشمس، ثم تُنقل مباشرة إلى أجهزة التقطير لإنتاج الزيت، بزيادة تصل إلى 25% مقارنة بتقطير الثمار فقط. ويعطي الفدان حوالي 10 – 12 طن من المجموع الخضري والمثمر.
-
محصول الزيت:
-
بعد حش النباتات المثمرة في الطور اللبني أو جمع الثمار، يُقطر الزيت العطري باستخدام التقطير بالبخار المباشر، ولا تقل مدة تشغيل الأجهزة عن 3 ساعات. الطن الواحد من العشب المثمر قد يعطي حوالي 1.5 – 2 كجم من الزيت العطري. كما يمكن استخلاص الزيت من ثمار الكرفس باستخدام المذيبات العضوية مثل الهكسان والإيثر البترولي.
-
نسبة الزيت العطري في نباتات الكرفس:
-
في الأوراق خلال مرحلة النمو الخضري: 0.3%، مرحلة العقد: 0.55%، مرحلة الإثمار: 0.62%، ثم يقل الزيت بالأوراق خلال تكوين الثمار ونضجها إلى حوالي 0.45%.
-
كمية الزيت العطري في الثمار الخضراء: ترتفع بعد العقد وتصل لأقصى قيمة في طورها اللبني (2.55%)، ثم تقل في الثمار البنية وعند النضج والجفاف (1.86%).
-
المكونات الكيميائية:
تحتوي نباتات الكرفس الخضرية سواء أوراقًا أو ثمارًا على الزيت العطري كما يلي:
-
0.25 – 0.68% في الأوراق، ولون الزيت أبيض مصفر.
-
1.8 – 2.3% في الثمار، ولون الزيت أصفر باهت.
الزيت العطري الناتج من أوراق الكرفس يحتوي على مركبات تربينية قليلة، بينما الثمار تحتوي على مركبات أعلى مسؤولة عن الرائحة، بجانب مركب Apiin ومركبات فلافونية أخرى. ويحتوي الزيت الناتج من الثمار على مركبات أساسية تربينية:
-
الليمونين (Limonene): 60 – 80%
-
السيلينين (Selinene): 3 – 5%
-
مركبات الفثاليدات (Phthalides): 2 – 3%
-
ويحتوي الزيت على مركبات قليلة من السنتانول (Santalol)، والفا-بيتا-ايدسمول، وداي هيدروكرفون، مع بعض الأحماض الدهنية مثل باليتيك، بيتروسيلنك، والأوليك.
أوراق الكرفس غنية بـ:
-
الأحماض العضوية (45 – 52%)، مكونة من حامض الماليك، الستريك، السكسنيك، المالونيك، الأكساليك، والجاليكوليك.
-
تحتوي أوراق الكرفس الطازجة على فيتامين C عالي التأثير البيولوجي، ونسبة منخفضة من حمض الأكساليك والجليوليك (0.6 – 0.8% من مجموع الأحماض العضوية غير المتطايرة).
-
البروتينات: 26 – 29%
-
الأحماض الأمينية الهامة: 20 حمضًا أمينيًا
-
الدهون: 1.3 – 2.3%
الفوائد والاستخدامات:
-
تضاف أوراق الكرفس الطازجة إلى السلطات والحساء والخضار المطبوخ لإضفاء الطعم والرائحة وفتح الشهية وتقوية الجسم.
-
تضاف الثمار الجافة ومسحوقها إلى بعض المنتجات الغذائية مثل الخبز والبسكويت ومنتجات الألبان والحلويات والمخللات لإكسابها الطعم والرائحة المميزة.
-
يضاف الزيت العطري الناتج من الأوراق والثمار إلى بعض الصناعات الغذائية مثل المشروبات الكحولية والحلويات ومنتجات الألبان والشيكولاتة والجيلي.
-
تناول أوراق الكرفس في العلاج الشعبي يساعد على التخلص من الغازات والانتفاخات المعوية، منشط للرغبة الجنسية، مفيد لإدرار البول والدورة الشهرية، ومنشط لإفرازات المعدة وتقويتها.
-
يُنصح بعدم إعطاء الكرفس وأعضائه للسيدات الرضع، لأنه يقلل إدرار اللبن نتيجة تثبيط فعالية الغدد اللبنية.
-
يفيد الكرفس وأعضاؤه في علاج تضخم الطحال، احتباس البول، المساعدة في نزول الحصى عبر الحالب، وتخفيف آلام الخصية وعضلات الأطراف والضعف الجنسي.
-
تناول عصير أوراق الكرفس قد يخفض ضغط الدم العالي عند خلطه بالعسل أو الشراب المسكر، ويؤخذ بمعدل 40 سم³ ثلاث مرات يوميًا لعدة أيام متتالية.
-
الزيت الناتج من أوراق وثمار الكرفس يُستعمل كمادة مسكنة ومقوية وطاردة للغازات، ويُستخدم في صناعة الصابون الطبي والكريمات ومستحضرات التجميل والعطور.
🔹 تابعونا على قناة الفلاح اليوم لمزيد من الأخبار والتقارير الزراعية.
🔹 لمتابعة آخر المستجدات، زوروا صفحة الفلاح اليوم على فيسبوك.



