بحوث ريفية

دراسة تؤكد.. قانون تحرير العلاقة الإيجارية ساعد علي صيانة التربة الزراعية

كتب: أسامة بدير كشفت دراسة علمية أن استعادة الملاك لأراضيهم الزراعية طبقا للقانون رقم 96 الخاص بتحرير العلاقة الإيجارية، وقيامهم باستغلالها بأنفسهم سبب حفزاً هائلا لتجديد خصوبتها والمحافظة عليها كمورد يعطى إنتاجا أوفر.

وأضافت الدراسة، التى أعدها الدكتور رفعت محمد سلطان، أستاذ الاجتماع الريفى بـمعهد بحوث الإرشاد الزراعى والتنمية الريفية التابع لـمركز البحوث الزراعية، إلى أن جزءا كبيرا من ملاك تلك الأراضى قاموا بتوجيه استثماراتهم نحو صيانة أراضيهم.

وأكدت الدراسة، على أن الافتراض بان ملاك تلك الأراضى بحكم غيابهم مدة طويلة عن استغلالها وزراعتها وانصرافهم عن العمل بها قد جعلهم غير واعيين او متكاسلين عن تحسينها لم يصدق.

و”الفلاح اليوم” ينفرد بنشر الدراسة بعد موافقة معدها ويحتفظ بكامل حقوق الملكية الفكرية..

صيانة التربة الزراعية لدى الملاك من الزراع فى

احدى قرى محافظة المنيا بمصر

المستخلص

المقدمة والمشكلة

سيظل قطاع الزراعة على مر السنين ركيزة لمصر لما يمتلكه من طاقات إنمائية خلاقة ومجالات رحيبة تتسع لكل جهد صادق بناء لتنمية المناخ الملائم للانطلاق التنموى والاستفادة بأحدث ما يتوافر من تكنولوجيا لإنجاز أهداف السياسات والإستراتيجيات المعاصرة فى ضوء الإصلاح الاقتصادى.

وتقرر استراتيجية الزراعة مستهدفات عديدة لـتنمية الزراعة من أهمها تنمية وصيانة الموارد الأرضية الزراعية المصرية (1 : ص ص 15-16)

ويقرر علماء الزراعة انه وعبر التاريخ لا توجد محددات وعقبات حادة أمام إنتاج الغذاء من زاوية وفرة الموارد الطبيعية، وهذا هو الحال خلال القرن الواحد والعشرين ايضا على الرغم من ظاهرة الندرة الحادة للموارد الطبيعية والغذاء. ويقررون أيضا ان المستقبل لا يحتاج لتكرار الماضى فليس هناك ضمانات لان تكون نتائج التفاعل المعقد بين الموارد والتكنولوجيا والاقتصاديات والمؤسسات ورأس المال البشرى والمحددة للتدهور هى نفس النتائج السابقة فى القرن الحادى والعشرين.

وهناك على الأقل ثلاث مجموعات رئيسية من العلاقات تحكم استدامة وتواصل التنمية الزراعية هى: الطلب المستقبلى على الموارد الطبيعية لاغراض الزراعة، والطلب المستقبلى على الموارد الطبيعية لأغراض غير الزراعة، وعرض Supply الموارد الطبيعية والتكنولوجيا المكملة أو البديلة عنها، وان كل هذا المعقد أو المركب وغير المتيقن يحتاج الى عناية خاصة عند تناوله بالتنفيذ. (2 :  pp 16-17).

أ.د/رفعت محمد سلطان

وربما تختلف نظرة الاقتصاديين للارض عن نظرة علماء الاجتماع، حيث يرى الاقتصاديين فى الارض المورد الذى ينتج الغذاء والكساء ويعتمد فيه على عمل فئات من السكان ومايرتبط بذلك من انتاج واستهلاك وتوزيع وادخار واستثمار، ومن ثم فقد ركزت جميع النظريات الاقتصادية المعاصرة والتقليدية على الارض (3: ص 128)، (4 : ص 255).

أما علماء الاجتماع وعلى رأسهم عبد الرحمن ابن خلدون فيرون فى الارض الشرط الضرورى لقيام المجتمعات، وقد تضمنت تعريفات العديد من علماء الاجتماع عند تعريفهم للمجتمع على انه بقعة مساحية واحدة يتفاعل عليها الناس وتنصهر وتصنع الابنية أو التراكيب الاجتماعية والثقافية ومايرتبط بها من عناصر مختلفة حتى ان حدود تلك الارض هى حدود ومماسات للتفاعل بين المجتمعات والخبرات المختلفة وموضوعا  للامن والاستقرار (5 : ص ).

ويروى التاريخ الاجتماعى على لسان رتان (6 : ص ص 70-73) تأثر الناس سلبا أو ايجابا بالارض من حيث الموقع والمساحة والتضاريس والسلوك والهجرة والاستيطان والاستعمار الاجنبى. فقد روى التاريخ ان وراء اى استعمار توسع فى مساحة الارض الزراعية، وان الجهود الضخمة فى تكثيف استخدام الاراضى ترتبط ارتباط وثيق بتكثيف الاستيطان، وان هناك سلسلة مضادة من الهجرة الخارجية كانت ناتجة من شيوع تبوير الاراضى الزراعية، ومتى كانت ظروف التربة ملائمة حول الانهار والسهول تنمو القرى الجديدة، والعكس عندما تفقر هذه التربة فى خصوبتها فانه يتم ترك هذه الاراضى ويتم البحث عن اراضى جديدة بها الخصوبة المطلوبة، وبالطبع ينعكس هذا على نمط الانتاج الزراعى او الرعى، ومع انتهاء عقد الستينات فان مفتاح التنمية تحول من الاراضى واستصلاحها الى رفع انتاجية التربة والمحافظة عليها فظهر نموذج صيانة الموارد المائية والارضية واسهم فى ذلك العلماء فى كافة المجالات، مؤكدين على ان حفظ وصيانة هذه الموارد هو سلسلة من نظم الزراعة المعقدة التى تعتمد على الاستخدام الكثيف للارض والعمل وراس المال الذى يعتمد على الفن الانتاجى كثيف العمل، واقامة مشروعات لرفع المياه والرى لزيادة الانتفاع بمصادر الارض والمياه، وقد اثبتت التجارب على مر القرن العشرين ان هذا النموذج هو الاسلوب الوحيد المتاح لمعظم فلاحى العالم لتكثيف الانتاج الزراعى، مثال ذلك تطوير نظم زراعة الارز فى جنوب وشرق اسيا، ونظم زراعة المحاصيل وتربية الحيوان المتكاملة، وان مدخلات هذا النموذج هى التسميد النباتى والحيوانى وطاقة الحيوان والتحسينات الارضية (التربة).

وقد حافظ هذا النموذج كما يقول “كارل اتشر، وجون استانيز” ( 5 : ص 74) على معدلات النمو فى الانتاج الرزاعى بما لايقل عن 1% سنويا لفترة طويلة من الزمن، ومع ان معدلات النمو الحديثة فى الطلب على المنتجات الزراعية وصلت الى 3-5% فى الدول الاقل نموا الا ان نموذج صيانة الموارد يعتبر مصدرا هاماً لنمو الانتاجية فى معظم الاقطار الفقيرة، ومصدر الاسهام للراديكالية الزراعية وحركة الزراعة العضوية فى الاقطار المتقدمة.

وبالتالى فتأثر علاقة الإنسان بالأرض من خلال تنظيم استغلالها واحدة من المؤثرات الأساسية التى توفر مستوى تنمية وصيانة هذه الارض والمرتبطة ايضا بأعراف وقواعد المجتمع وقوانينه للملكية والاستئجار للاستغلال الزراعى (6 : p 103).

ويعتبر Moseman (7 : pp 8-9) ان العلاقة بين المالك والمستاجر احد المؤسسات التى تشكل مثل مشكلات التنمية فى الدول النامية والمثبطة لدوافع نموها.

وقد لعبت الارض فى وضع علاقتها بالمالك والمستاجر والدولة الدور التاريخى الرئيسى لصناعة الانتاج الزراعى وهياكله من ايام العصر الحديث “اسرة محمد على” وحتى ثورة 23 يوليو 1952 كما ذكر عبد الفضيل ( 8 : ص9)، وايضا بيير ( 9 : ص115).

ومع تطبيق ثورة 23 يوليو لقوانين الاصلاح الزراعى والتى سادت حتى قبل 92 حيث جاء القانون 96 لسنة 92 تصحيحا وتنظيما للعلاقة الايجارية ووفقا للقوانين المدنية. ومع صدور هذا القانون سادت بعض صيحات الافتراض بان الارض بعودتها لملاكها الاصليين سوف تنخفض انتاجيتها، فقد كانوا عائق عن تكثيف راس المال فى تنمية صيانة اراضيهم من جهة، واستخدام مدخلات عالية للحصول على افضل انتاج ممكن، فى حين كانت الافتراضات المضادة ترى ان الحافز لديهم سيكون قويا لزيادة الانتاج وتنمية الموارد الارضية وصيانتها ( 10 : ص ص 115-148).

وتشكل الموارد الأرضية والموارد المائية اكثر العناصر ندرة فى الزراعة المصرية، وان العمل على زيادتها وحسن ترشيد استغلالها مع زيادة كفاءة استعمال هذين العنصرين أو الموردين ضرورة قومية. وتقدر الرقعة الزراعية بمصر عام 1994 حوالى 7.7 مليون فدان منها  5.400 مليون فدان أراضى الوادى القديم (النيل والدلتا)، 1.9 مليون فدان أراضى مستصلحة، 200 ألف فدان مناطق أمطار (1  : ).

وتدل دراسات حصر الأراضى فى المساحات المنزرعة ان ما لا يقل عن نصف الأراضى قد تدهور بشكل خطير بسبب تعرضها لعدد من المشكلات تتلخص فى ارتفاع الماء الأرضى وانتشار الملوحة والقلوية وتدهور البناء وعدم كفاية نظام الصرف وسوء استخدام مياه الرى وتعاقب زراعة المحاصيل فى دورات مكثفة وخدمة التربة بأسلوب تقليدى غير كفء. وزاد من حدة التدهور ظاهرة تجريف الأرض الزراعية والتى يترتب عليها عدم صلاحية الأرض الخصبة للزراعة فضلا عن انكماش المساحة الخضراء وتناقصها لاستقطاع مساحات تقام عليها المساكن والمصانع والمخازن وغيرها لأغراض غير الزراعة.

وقد قدرت وزارة الزراعة حتى 1990 ان اكثر من 40% من الأراضى الزراعية وصلت إلى الدرجة الثالثة والرابعة والخامسة، ومن الفترة 91 – 1995 فان هذه النسبة وصلت الى حوالى 32%، الأمر الذى يعنى أن تصبح مشكلة تدهور الأراضى الزراعية فى مصر ستكون هى المعوق الأول لكل محاولات الارتفاع الراسى فى الإنتاج، بل وان المعنى الأهم هو أن كل أو معظم الاستثمارات التى تبذل فى مجال تحسين الرقعة الزراعية بالوادى هى استثمارات مكانها الأول هو حل مشكلة التدهور فى الأراضى الزراعية الحالى وذلك قبل أى أولوية لاستثمارات فى استصلاح أراضى جديدة.(  :18)

وينطوى ذلك التدهور على وصول اكثر من 2.3 مليون فدان إلى الإنتاجية المتوسطة والمنخفضة فى عدد من محافظات شمال الدلتا وأسوان وسوهاج والمنيا والفيوم.

وأشارت البيانات ( : ص 4) الى انه منذ عام 1983 وحتى عام 1990 تم تبوير حوالى 27011 فدان ن، وتجريف حوالى 8949 فدان، وإهدار حوالى 5464 فدان باستخدامها فى بناء قمائن الطوب. بينما أشار مصيلحى (  : ص97) ” الى ان استمرار الزحف العمرانى على الأراضى الزراعية قد تسبب فى فقدان 30-70 الف فدان سنويا، وقد ادى ذلك الى انخفاض نصيب الفرد من الأراضى الزراعية، حيث بلغ حتى الان 0.13 فدان”. فعلى سبيل المثال بلغت مساحات الأراضى الزراعية التى تحولت لمختلف الأغراض غير الزراعية بمحافظة الشرقية خلال الفترة من 1990-1996 حوالى 4204 فدان ( : ص5)، اى بمعدل فقد سنوى قدره 600 فدان.

ولاشك أن تآكل الرقعة الزراعية ذات الخصوبة العالية مع انخفاض إنتاجية الأراضى الجديدة ينعكس أثره على الإنتاج الزراعى ومن ثم الدخل القومى، ولهذا فقد صدر الامر العسكرى فى 11/5/1996 بمنع البناء على الأراضى الزراعية للمحافظة الزراعية للمحافظة عليها من الفقد والاستنزاف ( : ص186). ولذلك اتجهت الدولة الى تعبئة الموارد الزراعية وتخصيصها بصورة تحقق صيانة الموارد الارضية وتنميتها.

ويعرف “العضيمى” (  : ص ص 231-232) مفهوم صيانة الموارد الأرضية بأنه” عملية حفظ وصيانة خصوبة وكفاءة التربة على مدى فترة زمنية طويلة وهذا لا يتأتى بطبيعة الحال بغير الاستعمال الحكيم والمعقول للمورد الأرضى باعتباره مورداً اقتصادياً على مر الزمن.

ويعنى التعريف السابق أن صيانة المورد الأرضى تتم باتخاذ إجراءات وعمليات تمكن من المحافظة على الطاقة الإنتاجية للأرض مثل عدم التجريف أو إقامة مساكن عليها.

أما تنمية المورد الأرضى فكما يقرر “الشحات” ( : ص ص –2) أنها “العملية التى عن طريقها يمكن إضافة للطاقة الإنتاجية للمورد الأرضى مثل إقامة مشروعات الرى والصرف بما يعمل على زيادة الإنتاج بطريقة غير مباشرة ( : 1-2).

من هنا فان أساليب تنمية وصيانة التربة ترتكز على ما يلى على الاقل: ترشيد أساليب ومقننات الرى، وعلاج سوء الصرف الحقلى والمغطى وتطوير أساليبه، وتحسين التربة الزراعية سواء بشبكات الصرف المكشوفة وعمليات الحرث العميق، وإضافة الجبس الزراعى.

وعلى وجه التفصيل فان الدراسة الحالية قد حددت من التراث السابق الأساليب التالية لدراسة لدراسة صيانة وتنمية المورد الأرضى: التوقف عن تجريف التربة، والامتناع عن تبوير الأرض، وإقامة منشات للسكن وللأغراض الاخرى، والحرث العميق بمحراث تحت التربة، وإضافة الجبس الزراعى، وإضافة السماد البلدى المتحلل، والتخلص من الحشائش، وتجنب استخدام طين تطهير المصارف فى تسوية الأرض، واتباع دورة زراعية سليمة، ومنع استخدام أية آلات لتفتيت التربة، وتجنب حرق بقايا المحصول السابق فى الأرض، وتنفيذ توصيات الإرشاد الزراعى فى إعداد الأرض الزراعية، وترشيد استخدام المياه.

ومع انطلاق مصر ووزارة الزراعة نحو سياسة الإصلاح الاقتصادى بما يتضمنه من التغيير الهيكلى والموائمة والتكيف المؤسسى مع عام 1987 فقد توجهت بشكل مباشر إلى النظر إلى العلاقة بين الأرض والإنسان لتحريرها من أخطاء تطبيقات قوانين الإصلاح الزراعى، وتنظيم العلاقة الايجارية بين المالك والمستأجر.  فأصدرت القانون 96 لعام 1992، ووضعت مهلة  لتنفيذه الفعلى وضمن ما يتضمنه ان الأرض تعود لملاكها،  وان التأجير للاخرين حق مباشر للمالك فى ضوء قيمة ابجارية محددة المدة تصل الى أكثر من 20 مثل الضريبة.

وساد اعتقاد خلال الفترة من عام 1992 وحتى 1997 مؤداه ان الملاك بحكم انصرافهم السابق عن زراعة أراضيهم ومباشرتهم للاستثمار فيها، فقد يتناقص الإنتاج ويسود اهمال فى صيانة وتنمية الأرض (عبد العال : ص ). ومن هنا فهل ثبت صحة هذا الافتراض لدى الملاك وبعد مرور اربعة سنوات على تطبيق القانون؟ وماهو مستوى صيانة وتنمية الملاك لأراضيهم؟ وما هى المتغيرات التى ارتبطت بمستوى تنفيذ اساليب تلك الصيانة والتنمية؟

كل تلك التساؤلات السابقة طرحتها مشكلة البحث سعيا وراء الاجابة الموضوعية عنها فى احدى قرى محافظة المنيا، حبث تحتل هذه المحافظة المركز الاخير بين المحافظات المصرية فى مستوى التنمية البشرية وان نسبة الفقد فى الأراضى الى إجمالى الأراضى الصالحة للزراعة تصل الى حوالى 0.4%. (  : 82) وهذه القرية وهى التوفيقية تصل بها نسبة الأراضى ذات الجدارة الإنتاجية الثالثة فاكثر الى حوالى 16.5% من إجمالى مساحة الأرض المنزرعة والبالغة حوالى 438 الف فدان.(  : ).

أهداف البحث

نوجز أهداف البحث الأساسية فيما يلى:

أولا: تحديد الفرق بين مستويات تنفيذ صيانة التربة للملاك من الزراع المبحوثين.

ثانيا: تحديد العلاقة بين درجة تنفيذ الملاك من الزراع المبحوثين لصيانة التربة الزراعية كمتغير تابع وبين كل من المتغيرات المستقلة التالية: 1- العمر، 2- عدد سنوات الخبرة بـالزراعة، 3-الحيـــازة الأرضية بالقيراط، 4- درجة استخدام الآلات الزراعيــة، 5- المساهمة فى مشروعات محلية غير رسمية، 6- درجة التعرض لوسائل الإعلام ، 7- درجة اتصال المبحوث بوكلاء التغيير، 8-درجة اتصال وكلاء التغيير بالمبحوث، 9- درجة التعاون والمزاملة مع الأخرين فى العمليات الزراعية، 10- درجة عضوية المنظمات الأهلية بالقرية، 11- درجة المسايرة لأساليب الجيران الزراعية.

ثالثا: تحديد نسبة إسهام المتغيرات المستقلة مجتمعة فى تفسير تباين درجة تنفيذ الملاك من الزراع المبحوثين لصيانة التربة الزراعية.

الفروض البحثية

الفرض البحثى الأول: “هناك فرق بين مستويات تنفيذ صيانة التربة الزراعية لدى الملاك من الزراع المبحوثين”.

الفرض البحثى الثانى: “هناك علاقة بين درجة تنفيذ الملاك من الزراع المبحوثين لـصيانة التربة الزراعية كمتغير تابع وبين كل من المتغيرات المستقلة المدروسة”.

الإجراءات البحثية

تضمنت الإجراءات البحثية اللازمة لتحقيق أهداف البحث ما يلى:

منطقة البحث: تم اختيار مركز سمالوط باعتباره اهم مركز فى محافظة المنيا فى برامج وزارة التعمير واستصلاح الأراضى فى المنطقة الوسطى وبه مناطق غرب سمالوط.

شاملة البحث: تشكلت شاملة المبحوثين من إجمالى الزراع الملاك بقرية التوفيقية مركز سمالوط، والقائمين بزراعة أراضيهم بانفسهم والبالغ إجمالى عددهم 1100 حائز مالك.

عينة البحث: تم اخذ عينة عشوائية منتظمة من كشوف الحائزين بـالجمعية التعاونية الزراعية عام 2000 بقرية الدراسة بنسبة 13% ليصل بذلك حجم العينة الى 150 مبحوثا.

قياس المتغيرات: فيما يتعلق بالمتغير الرئيسى فى البحث وهو درجة تنفيذ الملاك من الزراع  لتنمية وصيانة التربة الزراعية، فقد تم قياسه من خلال أحد عشر بندا هى: تجريف الأرض الزراعية، وتبوير جزء من الأرض للبناء عليها، واجراء الحرث العميق تحت التربة، وإضافة الجبس الزراعى، وإضافة السماد البلدى المتحلل، والتخلص من الحشائش، واستخدام ردمة تطهير المصارف فى تسوية الأرض، واتباع دورة زراعية سليمة، واستخدام المهاريس لتفتيت التربة، وحرق بقايا المحصول السابق فى الأرض، وتنفيذ توصيات الإرشاد الزراعى فى إعداد الأرض الزراعية، وترشيد لاستخدام المياه. وتتم استجابة المبحوث على متصل من 4 نقاط دائما / أحيانا/ نادرا/ لا، وتعطى القيم الدرجة 4، 3، 2، 1 على الترتيب وذلك للممارسات الموجبة وتعطى العكس فى حالة الممارسات غير المرغوبة.

وفيما يتعلق بالمتغيرات المستقلة فقد تم قياسها كما يلى: العمر وقيس بالدرجة الخام لأقرب سنة ، وعدد سنوات الخبرة فى الزراعة بالدرجة الخام لأقرب سنة، وحجم الحيازة الأرضية الملك المستغلة بنفسه بالقيراط، ودرجة استخدام الآلات الزراعية، وفيها تم سؤال المبحوث عن عدد مرات استخدام لـتسعة من الآلات الزراعية ويصل الحد الأدنى لقيمها الدرجية (1) درجة وبحد أقصى (18) درجة، وبالنسبة لدرجة الاسهام فى مشروعات محلية غير رسمية فتم سؤل المبحوث عن مشاركته بالمال أو الجهد فى مشروعات محلية بالقرية بلغ عددها (7) مشروعات منها تطهير الترع، توصيل مياه الشرب، توصيل الصرف الصحى، رصف الطرق 000 وذلك على متصل من اربعة نقاط قرين كل مشروع هى L دائما / أحيانا / نادرا / لا)، ويعطى القيم الدرجية (4 ،3 ،2 ، 1 ) على الترتيب. وفيما يتعلق بدرجة التعرض لمصادر المعلومات الجماهيرية عن صيانة وتنمية الأراضى فقد تم سؤال المبحوث عن تعرضه لخمسة مصادر  هى: الاستماع لبرامج الاذاعة، ومشاهدة البرامج الريفية بالتليفزيون، وقراءة الصحف او قراءة الآخرين له، وقراءة نشرات الإرشاد الزراعى أو قراءة الآخرين له، وقراءة مجلة الإرشاد الزراعى الشهرية أو قراءة الآخرين له، وذلك على متصل من اربعة نقاط يقيس شدة هذا التعرض: (دائما / أحيانا/ نادرا / لا)، ويعطى القيم الدرجية (4 ،3 ،2 ، 1) على الترتيب. وبذا يبلغ الحد الأدنى (5)درجات والحد الأقصى (20) درجة. وتم قياس متغير درجة اتصال المبحوث بوكلاء التغيير بسؤال المبحوث عن قيامه خلال العام الماضى بطلب المعلومات او المشورة من (7) مصادر رسمية ويحدد المبحوث درجة اتصاله فى فئات (دائما / أحيانا/ نادرا / لا) ويعطى القيم الدرجية لكل مصدر (4 ،3 ، 2 ، 1 ) على الترتيب، فيصبح الحد الأدنى 7 درجات والحد الأقصى (28) درجة. وبالنسبة لدرجة اتصال وكلاء التغيير بالمبحوث وفيها يسأل المبحوث عن قيام المصادر والوكلاء بالذهاب الى المبحوث فى منزله أو حقله لمناقشة موضوعات زراعية تهمه وذلك على متصل قرين كل مصدر أو وكيل: (دائما / أحيانا / نادرا / لا )ويعطى القيم الدرجية( 4 ،3 ،2 ، 1) على الترتيب وبذا يصبح الحد الأدنى للدرجة (7) درجات والحد الأقصى (28) درجة. وفيما يتعلق بمتغير درجة التعاون (المزاملة) مع الأخرين فى العمليات الزراعية تم سؤال المبحوث ليحدد درجة قيامه بالتعاون مع جيرانه فى عدة عمليات زراعية عددها (10 ) عمليات على متصل قرين كل عملية من أربعة نقاط ( دائما/ أحيانا/ نادرا/ لا) ويعطى القيم الدرجية (4 ، 3 ، 2 ، 1 ) على الترتيب ويكون الحد الأقصى 40درجة والحد الأدنى (10 )درجات. وفيما يتعلق بمتغير درجة عضوية المبحوث بالمنظمات الأهلية بالقرية فقد حدد البحث (7) منظمات لسؤال المبحوث عن نوع العضوية ( عادى / مجلس ادارة / رئيس مجلس ادارة ) ويعطى على الترتيب الدرجات ( 1 ، 2 ، 3 ) وقرين نفس المنظمة يسأل ايضا عن درجة حضوره ( دائما / أحيانا / نادرا )ويعطى الدرجات (3 ، 2 ،1 ) على الترتيب ويكون الحد الأدنى لعضويته وحضوره درجتان، والحد الأقصى (6 ) درجات وتكون الدرجة الإجمالية هى حاصل العضوية والحضور لكل المنظمات التى يذكرها، وبذلك بلغ الحد الأدنى (14) درجة، والحد الأقصى (42) درجة. أما فيما يتعلق بمتغير درجة مسايرة  المبحوث لجيرانه فى أساليب الزراعة، فقد تم قياسه من خلال أربعة بنود عن تأثير الجيران فى انصياع المبحوث لأساليبهم الزراعية يجيب المبحوث على أحد فئات المتصل ( موافق / سيان / غير موافق ) لكل بند ( 3 ،2 ،1) على الترتيب فى حالة العبارات المثبتة ، و(1، 2 ،3 ) فى حالة العبارات المعكوسة وتصبح درجة المبحوث هى إجمالى درجاته على الأربعة بنود وتتراوح بين حد أدنى (4) درجات وبين حد أقصى قدره (12) درجة.

جمع البيانات: تم جمع البيانات من خلال استمارة استبيان بالمقابلة اشتملت على المقاييس السابقة لقياس المتغير التابع وكل من المتغيرات المستقلة .وقد تم ذلك بمعرفة عدد من زملاء العمل بمعهد بحوث الإرشاد الزراعى والتنمية الريفية خلال شهر سبتمبر عام 2000.

التحليل الاحصائى: لاختبار صحة الفرض الأول استخدم لتحليل البيانات اختبار كا2، كما استخدم معامل ارتباط بيرسون لاختبار صحة الفرض الثانى بفروضة الاحصائية الاحـدى عشر، كما استخدم الانحدار والارتباط المتعـدد بأسـلوب الخطوة المتدرجة الرشيدة Step- Wise لاختبار صحة الفرض البحثى الثالث.

الفروض الاحصائية:

الفرض الاحصائى الاول: “لا يوجد فرق بين مستويات تنفيذ صيانة التربة الزراعية لدى الملاك من الزراع المبحوثين”.

الفرض الاحصائى الثانى ” لا توجد علاقة بين درجة تنفيذ الملاك من الزراع المبحوثين لـصيانة التربة الزراعية كمتغير تابع وبين كل من المتغيرات المستقلة المدروسة”.

النتائج ومناقشتها

أولا: تحديد مستوى الملاك من الزراع المبحوثين فى تنفيذ صيانة التربة الزراعية:

توضح بيانات البحث ان نسبة الزراع ذوى المستوى المرتفع فى تنفيذهم لصيانة التربة هى 40.67%، وان نسبة من ذوى المستوى المتوسط حوالى 49.33% أما الباقون (10%) فقد كانوا من ذوى المستوى المنخفض. ويشير ذلك الى ميل المبحوثين للتنفيذ المرتفع والمتوسط (جدول 1).

وبحساب قيمة كا2 للفرق بين مستويات التنفيذ اتضح انها 108.44 وهى تفوق قيمة نظيرتها الجدولية عند درجات حرية (2) ومستوى معنوية 0.01 . ومن ثم فالفرق معنوى وبذلك تم رفض الفرض الاحصائى الأول وبالتالى تم قبول الفرض البحثى الأول.

وتعنى هذه النتائج ان استعادة الملاك لأراضيهم الزراعية طبقا للقانون 96 وقيامهم باستغلالها بانفسهم سبب حفزاً هائلا لتجديد خصوبتها والمحافظة عليها كمورد يعطى إنتاجا أوفر، وان جزءا كبيرا من استثمارتهم قد وجه لهذا الهدف، هذا من ناحية، ومن ناحية اخرى فان الافتراض بان الملاك بحكم غيابهم مدة طويلة عن استغلال الأراضى وزراعتها وانصرافهم عن العمل بها قد جعلهم غير واعيين او متكاسلين عن تحسينها لم يصدق.

وربما تشير هذه النتائج الى توقع تغيير الزراع للارتقاء بمستويات تنفيذ أعلى فى صيانة التربة، والمعروف ان أساليب صيانة التربة الزراعية يمكن تنفيذ غالبيتها بقليل من الجهد والأموال مثل التخلص من الحشائش، ولكن قد يكون مكلفا مثل استخدام محراث تحت التربة، وآلات تفتيت التربة. وهناك من اساليب صيانة التربة ما يقتضى تغييرا فى معارف واتجاهات الزراع مثل استخدام الجبس الزراعى، واتباع دورة زراعية سليمة، وتجنب حرق بقايا المحصول السابق فى التربة، واستخدام تراب التطهير للمصارف فى تسوية الأرض، واستخدام تزحيفة الأرض فى عمل الطوب، وهناك السماد البلدى – هذا الاخير – ويقتضى زيادة فى أعداد الماشية وفهم جيد للأسلوب الصحيح لعمل السماد البلدى الجيد.

جدول رقم (1): التكرار والنسبة المئوية للمبحوثين بحسب مستويات تنفيذ اساليب تنمية وصيانة التربة

مستويات تنفيذ صيانة التربة

تكرار %
منخفض (اقل من 25 درجة) 15 10.00
متوسط ( من 25 – 34 درجة) 74 49.33
مرتفع  (اكثر من 34 درجة) 61 40.67

إجمالى

150 100

قيمة كا2 المحسوبة = 108.44

قيمة كا2 الجدولية عند درجات حرية (2) ومستوى معنوية 0.01 =

ثانيا: العلاقة بين درجة تنفيذ الملاك الزراع المبحوثين لاساليب تنمية وصيانة التربة كمتغير تابع وبين كل من المتغيرات المستقلة المدروسة

 أسفرت بيانات البحث عن  وجود علاقة إرتباطية بسيطة موجبة ومعنوية عند مستوى 0.01 بين المتغير التابع وبين متغيرات: حجم الحيازة المستغلة، درجة استخدام الآلات الزراعية، درجة الاسهام فى مشروعات محلية غير رسمية، درجة التعرض لوسائل الإعلام، درجة آلاتصال بوكلاء التغيير، درجة اتصال وكالات التغيير بالمبحوث، درجة التعاون (المزاملة) مع الأخرين فى العمليات الزراعية، درجة عضوية المنظمات الأهلية بالقرية، حيث تفوقت قيمة “ر” المحسوبة عن نظيرتها الجدولية (جدول2) ومن ثم فقد تم رفض الفروض الاحصائية الرابع والخامس، والسادس، والسابع، والثامن، والتاسع، والعاشر، والحادى عشر وبالتالى فقد أمكن قبول الفرض البحثى الثانى عن تلك المتغيرات.

 اما العلاقة فكانت موجبة غير معنوية بين درجة تنفيذ الملاك الزراع لاساليب تنمية وصيانة التربة وبين كل من العمر، وعدد سنوات الخبرة فى الزراعة. وكانت العلاقة عكسية سالبة غير معنوية مع المتغير المستقل: درجة مسايرة المزارع لأساليب الزراعة من الجيران ولذلك لم نتمكن من رفض كل من الفرض الإحصائى الثانى والثالث والثانى عشر التى تختبر هذه الاجزاء فى الفرض البحثى الثانى ولم يتسنى قبول الفرض البحثى الثانى عن هذه المتغيرات.

وتعنى هذه النتائج أن قيام الزراع بتنفيذ اساليب تنمية وصيانة التربة ليس مرتبطا بحالة عمرية (كبير / متوسط / صغير) فليست قضية تدهور التربة وفقد خصوبتها تقتضى حكمة الكبار أو حماساً من الصغار، وإنما هى أمر داهم وخطر مؤرق، كما انها لم ترتبط معنويا بعدد سنوات الخبرة فى الزراعة، فحجم مشكلة تدهور الأراضى لا تصنع فارقا بين الزراع بحسب عدد سنوات خبرتهم فى الزراعة، فأصحاب الخبرات الطويلة رأوا آثار عدم درايتهم وصمتهم الطويل إزاء تدهور التربة باعتقادهم الخاطىء بعدم حاجتها للتجديد والصيانة، وأصحاب الخبرات الحديثة فى الزراعة يستشرفون من التوجهات الاقتصادية المعاصرة ومن نظام السوق الحر دافعا لمزيد من الإنتاجية لاى وحدة مساحة أرضية وذلك رغبة فى البقاء أو رغبة فى التفوق.

ومن هنا فان العلاقة المعنوية الطردية مع كل من حجم الحيازة ودرجة استخدام الآلات الزراعية تشير إلى أثر زيادة القدرة الاقتصادية والسعة الحيازية لدى الملاك المبحوثين فى زيادة درجة القيام بالصيانة للتربة، كما أن متغيرات التعرض لوسائل الإعلام، والاتصال بوكلاء التغيير، واتصال وكلاء التغيير بالمبحوث كلها تشير إلى تآزر البعد الاقتصادى بالاتصال والاعلام بما يتيحه ذلك من فرص التغيير المعرفى المتعدد والمتنوع فى السلوك الفعلى والمرغوب فى الزراعة، فالمعرفة ستظل المفتاح الأول للتغيير السلوكى وان القدرة الاقتصادية هى المحددة لتنفيذ قرار التغيير.

ومن جانب أخر فان متغيرات الاسهام فى مشروعات محلية غير رسمية، ودرجة التعاون (المزاملة) مع الأخرين فى العمليات الزراعية، وعضوية المنظمات الأهلية، هى متغيرات فى “عامل” أو “بعد اجتماعى” يروى آليات التفاعل الاجتماعى بالقرية وعملياته الأساسية وأهمها التعاون كما تشير إلى بعض وظائف النسق الاجتماعى. بالإضافة إلى انه يرتبط بعضوية المنظمات الأهلية مزيد من فرص المعرفة والدراية وتبادل الرأى والخبرة والمشاركة فى اتخاذ القرارات بالمجتمع المحلى بخلاف إشباع كثير من الدوافع النفسية والتعبير عن المكانة والقيادية.

أما فيما يتعلق بالمتغير الوحيد ذو العلاقة العكسية وغير المعنوي مع درجة تنفيذ الزراع الملاك لاساليب تنمية وصيانة التربة وهو درجة مسايرة المبحوث للجيران فى أساليب الزراعة فمن الجدير بالذكر ان المسايرة تميل لان تكون نقدية فى ضوء الصالح الفردى اكثر من ان تكون “أمعية” على طريقة المثل الشائع ” بحبك نعم بس مش أكثر من نفسى” والتربة تختلف من حيازة لأخرى، بل ومن بقعة لبقعة أخرى، والمزارع “الخبير” يعرف أرضه كمعرفته لنفسه ومن ثم فان قراره بصيانة تربة أرضه الزراعية هو قرار فردى فى سياق اجتماعى وان اشتراك الآخرين فيه أو ممارسة الآخرين لأساليب الاستحسان أو الاستهجان الاجتماعى من جيرته ذو تاثير قليل أو ضعيف.

جدول رقم (2): قيم معامل الارتباط البسيط بين درجة تنفيذ الزراع لصيانة التربة وبين كل من المتغيرات المستقلة المدروسة

المتغيرات المستقلة

قيمة معامل الارتباط البسيط

1-العمر بالسنة 0.0151
2- عدد سنوات الخبرة بالزراعة 0.0188
3-سعة الحيازة الأرضية المستغلة بالقيراط 0.3663**
4- درجة استخدام الآلات الزراعية 0.6541**
5- الاسهام فى مشروعات محلية غير رسمية 0.6537**
6- درجة التعرض لوسائل الاعلام 0.6164**
7-درجة اتصال المبحوث بوكلاء التغيير 0.6693**
8-درجة اتصال وكلاء التغيير بالمبحوث 0.618**
9-درجة التعاون والمزاملة مع الأخرين فى العمليات الزراعية 0.6313**
10- درجة عضوية المنظمات الاهلية بالقرية 0.3493**
11-درجة المسايرة لأساليب الجيران الزراعية. -0.0994

قيمة “ر” الجدولية عند مستوى معنوية 0.01 ، ودرجات حرية 148 = 0.208

قيمة “ر” الجدولية عند مستوى معنوية 0.05 ، ودرجات حرية 148 = 0.159

ثالثا: اسهـام المتغيـرات المستقلة مجتمعــة فى تفسير تباين المتغير التابع وهو درجة تنفيذ ملاك الأراضى الزراعية المبحوثين لصيانة التربة

اتضح من تحليل الارتباط والانحدار المتعدد أن ثلاثة فقط من المتغيرات قد دخلت إلى التحليل على ثلاث خطوات قد فسرت مجتمعة حوالى 55% من تباين المتغير التابع، احتل المتغير الأول وهو درجة آلاتصال بوكلاء التغيير مكانة هامة كمتغير فريد فى نسبة تفسيره للتباين فى تنفيذ صيانة التربة الزراعية (44.8%)، أما المتغير الذى يليه وهو درجة استخدام الآلات الزراعية فقد فسر وحده حوالى 7.4% اما المتغير الأخير وهو الاسهام فى مشروعات محلية غير رسمية فقد فسر حوالى 2.6% جدول(3). ومع ذلك فان هناك متغيرات أخرى لم يتم دراستها تلعب دورا فى تفسير النسبة الباقية (45%).

ومعنى ذلك ان السعى الإيجابى من الزراع لطلب الرأى والنصيحة والاستشارة من وكلاء التغيير المحترفين بالقرية وغيرها وراء زيادة معرفتهم وممارستهم لصيانة التربة حفاظا عليها من التدهور وتنمية خصوبتها مما يرفع كفاءة استخدام هذا المورد الحيوى.

ومن الطبيعى ان نسلم بان الزراع حين يطلبون المعرفة والاستشارة إنما هم مدفوعون بالحاجة إلى تغيير أوضاع قائمة تسبب لهم توترا ألا وهى التدهور وفقد الخصوبة وقلة الإنتاجية. ومن ناحية أخرى فان هذه النتيجة تؤكد حقيقة هامة هى انحسار مشروعات صيانة التربة على اساليب عمل فوقية  UP- down تخلو من تعليم وارشاد الزراع الى مايجب عليها عمله فى تقديم الرأى والنصيحة والاستجابة لمطالب وحاجات الزراع من اسفل لأعلى down –to – top وهذا الاسلوب الأخير يؤكد على ضرورة قيام اجهزة تحسين وصيانة الأراضى والارشاد الزراعى بالتوعية والاعلام والتعليم لما يجلبه تدهور التربة على الزراع ثم ليؤكدوا على مشاركته الفعالة فيما يعقد لهم من برامج ومشروعات لصيانة وتنمية الأراضى.

ويشير المتغير الثانى فى مجموعة المتغيرات المفسرة وهو درجة استخدام الآلات الزراعية الى عدة معان هامة منها تمركز مقومات كفاءة إدارة المزرعة وتنفيذ العمليات الزراعية المختلفة من رى وتسوية وحفر تحت التربة، وتثبيت التربة، وحصاد، ومقاومة الآفات، والتسطير لوضع البذرة، وغيرها من اساليب صيانة التربة على استخدام الالات الزراعية، وان التكثيف المحصولى لا يمنح وقتا كافيا لإجراء هذه العمليات يدويا أو بأساليب تقليدية بقوى الحيوان، وقد لا تعطى نفس النواتج الجيدة التى تمنحها الآلات والميكنة الزراعية. وقد لا يكون فى درجة استخدام الآلات الزراعية إشارة إلى سعة الحيازة بقدر ما يشير إلى الدافع لرفع الكفاءة الإنتاجية بالدقة والسرعة تحت أى ظروف من حجم الحيازة خاصة حتى فى ضوء وفرة العمالة المؤجرة وانخفاض أجورها الحادث حاليا بعد تطبيق القانون 96 لسنة 1992.

أما المتغير الثالث وهو درجة الاسهام فى مشروعات محلية غير رسمية فقد فسر نسبة قليلة مع غيره من المتغيرات، ولكن البحث يوليه رؤية خاصة وهامة هى أن صيانة التربة لدى المزارع ليست عملا فرديا فقط ولكنها عمل له جذوره الاجتماعية، فصيانة التربة الزراعية وتنميتها ليست نفعا فرديا فقط ولكنه للجماعة والمجتمع المحلى ايضا، ومن ناحية أخرى فان كثيرا من إجراءات صيانة التربة يقتضى اتفاقا وقبولا وإجماعا من الجيران حتى لا يفسد ما يجريه أحدهم من إصلاح وصيانة نتيجة خطأ أو سوء ممارسة لدى جاره، فضلا عن بعضا من أساليب صيانة التربة تقل تكلفة القيام بها متى سارع الكثير من الجيران إلى اتفاق جمعى على إجرائها. وهذا المتغير يتضمن خبرات سابقة للمزارع فى مشاركته وإسهامه فى مشروعات جمعية للنفع العام فى القرية لتطهير ترع ومصارف، أو رصف وتنظيف الطرقات وبناء المساجد أو المدارس … فقيمة هذه المشاركة أو المساهمة لا تكمن فى بذل الجهد  او المال ولكن فى امتلاك الروح الاجتماعية البناءة. فالمشاركة ثقافة كاملة تنصهر خلالها اختيارات الناس لصنع قرارات التنمية والتقدم لانفسهم ومجتمعاتهم.

ومن هنا فان الخلاصة تقرر إلى أن هناك ثلاثة من المتغيرات المتفاعلة تفسر وتنبؤ بالتنفيذ لاساليب تنمية وصيانة التربة؛ الأول يشير إلى السعى الايجابى للمعرفة والمدفوع لتحصيلها من المصادر الاحترافية والمهنية، والثانى يشير الى كفاءة الإدارة المزرعية والقدرة الاقتصادية بالتوجه نحو الميكنة، والثالث هو التوجه للإحساس “بالنحن الاجتماعية” وهى ايضا قد تشكل ثالوثا للتقدم والتنمية الزراعية الحقيقية بصفة عامة.

ومن ثم فانه يوصى بدعم الأجهزة الفنية والهيئات المنوطة بـالإرشاد الزراعى وتحسين وصيانة التربة بمحافظة المنيا وغيرها من المحافظات لتكون دائما على أهبة الاستعداد لتقديم الجديد من الرأى والمشورة والتعليم وعلى أجهزة الحكم المحلى والمنظمات غير الحكومية ان تدعم وتنمى مشاركة الأهالى فى برامج التنمية المحلية مع استمرار تشجيع الدولة لتوفير الميكنة الزراعية عبر مؤسسات الإئتمان التعاونى المصرية.

جدول رقم (3): ملخص نتائج التحليل الارتباطى والانحدارى المتعدد للعلاقة بين درجة تنفيذ صيانة التربة الزراعية  وبين المتغيرات المستقلة المدروسة

خطوات التحليل المتغيرات معامل الارتباط المتعدد معامل التحديد % للتباين المفسر للمتغير التابع معامل الانحدار قيمـة “ف”
الأولى
الاتصال بوكلاء التغيير
0.669 0.448 44.8 0.319 120.1**
الثانية استخدام الآلات الزراعية 0.725 0.525 7.70 0.640 81.4**
الثالثة الاسهام فى مشروعات محلية غير رسمية  

0.743

 

0.5516

 

2.7

 

0.221

 

59.9**

الثابت = 14.394 معنوى عند مستوى 0.01

** معنوى عند مستوى 0.01

 المراجع

1ـ الادارة المركزية للاقتصاد الزراعى ،(1999) وزارة الزراعة واستصلاح الاراضى ، بيانات غير منشورة.

2ـ الشحات، محمود ( ).

3ـ العضيمى، محمود ( 1974)، اقتصاديات الموارد الارضية.

4ـ المصيلحى، أحمد فؤاد عبد العزيز ن (1982)، الاحتياجات الارشادية لزراع مشروعات تحسين الاراضى بمحافظة الشرقية بجمهورية مصر العربية، (رسالة ماجستير)، قسم الارشاد الزراعى، كلية الزراعة، جامعة الازهر، القاهرة.

5ـ النجفى، سالم توفيق، والقريسى، محمد صالح ترك (1988)، مقدمة فى اقتصاد التنمية، وزارة التعليم العالى والبحث العلمى، جامعة الموصل، العراق.

6ـ بيير، ادنولد ( 1977)، تطور الملكية الزراعية فى مصر، ترجمة محمود عبد الفضيل، دار التعاون للنشر والتوزيع، القاهرة.

7ـ حسون، ظافر حميد (1988)، التخطيط الزراعى، وزارة التعليم العالى والبحث العلمى، جامعة البصرة ، العراق.

8ـ رتان ، فرتون دبليو (1989) التنمية الزراعية فى العالم الثالث ، تحرير كارل اتشر وجون ستاتز، ترجمة سمير عبد الرحيم الجلبى، الجزء الاول، دار الشئون الثقافية العامة، بغداد.

9ـ عبد العال، محمد حسن ( 1998)، فقر البيئة وبيئة الفقر، وقائع مؤتمر مشترك بين جامعة المنيا والجامعة الامريكية وبعض الهيئات الاجنبية، المنيا.

10ـ عبد الفضيل، محمود (1978)، التحولات الاقتصادية والاجتماعية فى الريف المصرى (1952-1970)، دراسة فى تطور المسألة الزراعية فى مصر، لبهيئة المصرية العامة للكتاب.

11ـ مديرية الزراعة بالشرقية، (1997)، اجمالى المساحات المستقطعة من الاراضى الزراعية، بيانات غير منشورة.

12ـ معهد التخطيط القومى، (1995)، تقرير التنمية البشرية فى مصر، القاهرة.

13ـ مهدى، السيد حسين، ودراز، أحمد عبد العزيز، (1999)، دراسة تحليلية لجهود ومعوقات التنمية الريفية فى محافظة الشرقية فى الفترة من 74-1996، المجلة المصرية للعلوم التطبيقي بالشرقية، الزقازيق.

14ـ نصار، سعد زكى، وآخرون (1995)، دراسة اقتصادية عن التنمية الاقتصادية والاجتماعية لمشروعات برنامج الغذاء العالمى فى الزراعة والتعمير، الادارة العامة للدراسات الدولية، قطاع الشئون الاقتصادية، وزارة الزراعة واستصلاح الاراضى، القاهرة.

15ـ والى، يوسف أمين، (1996)، استراتيجية التنمية الزراعية خلال الفترة 97/1998 – 16/2017، وزارة الزراعة واستصلاح الاراضى.

  • Kolb, John H. & Edmound des Bruner, (1952) , A Study of Rural Society, Houghton miffin compny, The Pirersi press Combridge, USA
  • Moseman, Elbert ed, (1964), Agricultural Sciences for the Developing Nations, Published by Radha Krishna Prakashan. Dilhi.
  • Rosenblum, John, W. (ed.). (1983). Agriculture in the twenty-first Century, John Wiley & Sons Inc. New York.

ملحق (1) المتغيرات المستقلة المدروسة بحسب المتوسط الحسابى والانحراف المعيارى والمدى ومعامل الاختلاف

المتغيرات المتوسط الحسابى الانحراف المعيارى المدى معامل الاختلاف النسبى
1-العمر بالسنة 47.53 14.22 25-78 29.92
2- عدد سنوات الخبرة بالزراعة 33.17 14.24 10-65 42.93
3—سعة الحيازة الأرضية الملك المستغلة بالقيراط 50.05 39.22 1-216 78.36
4- درجة استخدام الآلات الزراعية 13.81 2.75 9-18 19.91
5- المساهمة فى مشروعات محلية غير رسمية 15.70 6.75 7-28 42.99
6- درجة التعرض لوسائل الاعلام 13.69 4.73 5-20 34.55
7-درجة اتصال المبحوث بوكلاء التغيير 17.67 5.88 7-28 33.28
8-درجة اتصال وكلاء التغيير بالمبحوث 15.15 5.83 7-28 35.51
9-درجة التعاون والمزاملة مع الأخرين فى العمليات الزراعية 24.73 9.5 7-40 38.41
10- درجة عضوية المنظمات الاهلية بالقرية 4.99 5.56 14-42 111.4
11-درجة المسايرة لأساليب الجيران الزراعية. 9.2 7.47 6-12 81.196

 

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى