الأجندة الحيوانية

النعام والإيمو بدائل واعدة لسد فجوة البروتين الحيواني في مصر

إعداد: د.محمد حامد عاشور

باحث أول رعاية الدواجن بمعهد بحوث الإنتاج الحيواني – مركز البحوث الزراعية

النعام والإيمو طائران رعويان في الأصل ينتميان لنفس المجموعة، والتي تعرف بالراتيتس Ratites، وهي أكبر أنواع الطيور الداجنة المعروفة على الأرض.

استحدثت تربيتهما في الأسر لأغراض إنتاج اللحم والجلد والريش وبعض المنتجات الأخرى مثل زيت الغدة النخامية. وقد تصدرت جنوب إفريقيا قائمة المنتجين لفترة طويلة كونها المنتج المسيطر على سوق منتجات النعام العالمي، حتى بدأ تزايد تربيته في أوروبا وشمال أمريكا مع منتصف الثمانينيات من القرن العشرين، حيث حدثت طفرة ملحوظة في إنتاج النعام بهذه الدول، مسببة توسعًا مطردًا للإنتاج. إلا أنه مع محدودية فرص التسويق لهذه المنتجات حينها، وعدم الاهتمام بتطوير وخلق فرص تسويقية جديدة، أدى ذلك إلى انحسار تلك المزارع مرة أخرى بها.

يعد النعام أكبر الطيور في مجموعة الراتيتس Ratites، مع وزن قد يصل إلى 150 كجم للطائر البالغ، ومعدل إنتاج بيض يتراوح بين 20-40 بيضة/دجاجة، مع متوسط وزن البيضة حوالى 1.25 كجم، وذات لون أبيض مماثل للون بيض الدجاج والرومي.
بينما يكون حجم الإيمو نصف حجم النعام تقريبًا من حيث الوزن، إلا أنه يتشابه مع النعام في معدل إنتاج البيض تقريبًا، مع متوسط وزن البيضة في الإيمو حوالى 600 جم وذو لون أرجواني (أي تقريبًا نصف وزن بيضة النعام)، مع تميز الإيمو عن النعام بكونه أكثر انصياعًا وأسهل في التداول عند تربيته في الأسر.

يختلف التركيب التشريحي للجهاز الهضمي للنعام عن الدواجن التقليدية، فالنعام لا يحتوي على حوصلة لتخزين العلف، علاوة على أن حجم الأمعاء الغليظة يصل إلى ثلاثة أضعاف الأمعاء الدقيقة، مع فترة مرور للغذاء بالقناة الهضمية تستغرق 40 ساعة. لذلك، يمتاز الجهاز الهضمي للنعام بكونه مهيأ للتعامل مع كميات كبيرة من مواد العلف الخشنة، مما يسمح له بالحصول على كميات أعلى معنويًا من الطاقة من خلال عمليات تخمر الألياف بالأمعاء الخلفية.

بينما يختلف الجهاز الهضمي للإيمو عن النعام، فهو أكثر شبها بالجهاز الهضمي للدواجن الأخرى، مع مدة مرور للغذاء خلاله قد تستغرق 5-6 ساعات. وبالرغم من محدودية مناطق التخمر به، إلا أن الإيمو له القدرة على هضم الألياف بصورة أكبر مما هو عليه الحال بأنواع الدواجن التجارية الأخرى.

لا يحتوي النعام على حويصلة، لذلك فإن أي تراكم للغذاء في المعدة الغدية قد يعرض الطائر لحدوث انسداد معوي بمكونات الأعلاف طويلة الألياف.

تغذية النعام والإيمو

يجب أن تحتوي أعلاف النعام على نسبة بروتين تتراوح بين 15-23%، تختلف بما يتفق مع عمر الطائر والغرض من التربية، ونسبة ألياف بين 6-15%، وطاقة ممثلة تتراوح بين 2650-2750 ك.ك/كجم. أحيانًا قد تخفض الطاقة إلى 2300 ك.ك/كجم، حيث يستطيع النعام تمثيل زيادة 30-40% من الطاقة الممثلة بالعلف مقارنة بالكمية التي تمثلها الأنواع الأخرى من الدواجن. وهو ما أدى إلى حدوث مشاكل زيادة السمنة للنعام للمربين الذين اعتمدوا في تغذيته على أعلاف الدواجن التقليدية، وهو ما يعزز ميزة النعام النسبية في قدرته الأعلى على هضم الألياف الموجودة في مكونات العلف.

ويعاني كل من النعام والإيمو من مشاكل الأقدام الناتجة عن نقص الإمدادات من فيتامين هـ وعنصر السيلينيوم في الأعلاف، لذلك يجب الاهتمام بتوفير كميات كافية من الفيتامينات والأملاح المعدنية، خاصة عند استخدام نسب عالية من الأعلاف والبرسيم المجفف. ويوصى ألا يقل معدل إضافة فيتامين هـ عن 80 وحدة دولية/كجم علف، مع ضمان توفر عنصر السيلينيوم بالكميات التي تفي باحتياجات الطائر.

التربية الاقتصادية للنعام والإيمو

يجب أن تؤدي التغذية السليمة لكتاكيت النعام إلى الوصول للوزن المأمول (1 كجم) عند عمر أسبوع، ثم 3 كجم عند عمر 4 أسابيع. بعد الأسبوع الرابع يمكن الاعتماد على إتاحة الأعلاف الخضراء بصورة حرة، سواء بتقديمها جاهزة إلى الطيور بالمزرعة أو برعي النعام حول المراعي الطبيعية المتاحة.
يُراعى عند وصول الطيور لعمر 6 أسابيع خفض مستوى بروتين العليقة ليصبح بين 13-15% مع طاقة ممثلة تتراوح بين 2700-2800 ك.ك/كجم، وبمجرد التأكد من قدرة النعام الفسيولوجية على التعامل مع الألياف، يمكن استخدام أعلاف بنسبة ألياف تصل إلى 20%، مما يتيح تغذيته على كميات مفتوحة من الأعلاف الخضراء والبرسيم دون مشاكل.

ولا يمكن للإيمو التعامل مع زيادة نسبة الألياف بنفس طريقة النعام، لذلك يجب ألا تزيد نسبة الألياف في أعلافه عن 10-15% كحد أقصى.
وبسبب كمية الألياف العالية المأكولة، يُنصح بإمداد الطيور بوجبات من الحصى الصغير مرة واحدة أسبوعيًا لضمان إتمام عملية طحن العلف بنجاح.

للكتاكيت الصغيرة نزعة غريزية للنقر والتقاط أي مواد صغيرة أمامها، مما قد ينتج عنه مشاكل نتيجة التقاط أجسام غريبة مثل المسامير أو القطع الخشبية الموجودة بالفرشة في وحدات الإنتاج التجارية. ولتجنب ذلك، يُنصح بداية استقبال الكتاكيت في مساكن التحضين على طبقة من الكرتون الخشن أو فرشة من الخيش، مع العناية بعدم استقبال الكتاكيت على أسطح ناعمة لمنع حدوث انزلاقات الغضاريف للأرجل، وهي أحد أشهر مشاكل الأرجل في النعام.

في الفترة الأولى من التحضين (الأيام 7-10) يكون معدل نمو الكتاكيت بطئًا وغير ثابت على خلاف أنواع طيور اللحم الأخرى. وبعد تجاوز هذه الفترة، يبدأ معدل النمو في التزايد المطرد حتى يصل لأعلى معدل عند عمر 6 شهور، يتبعه انخفاض تدريجي حتى مرحلة النضج عند عمر 30 شهرًا.

عادة ما تعاني كتاكيت النعام من مشاكل الأرجل، خصوصًا في مرحلة بداري التسمين، نتيجة الحجم النسبي الضعيف للأرجل مقارنة بالجسم. وتوفير إمداد كافٍ للكالسيوم عبر إضافات الأعلاف مثل محلول بوروجليكونات الكالسيوم يعد أحد الحلول العملية لهذه المشكلة، لذلك يُنصح دائمًا بمراقبة مستويات الكالسيوم خصوصًا الكميات المتاحة بالعليقة بما يلبي الاحتياجات حسب العمر والغرض من التربية.

تميل إناث النعام إلى خفض كميات العلف المأكولة، كما هو الحال في سلالات الرومي، لذلك يجب التأكد دائمًا من حصول الإناث على كافة احتياجاتها الغذائية من بروتين وطاقة وأملاح معدنية وفيتامينات.

أهم المشاكل والمعوقات التي تواجه مربّي النعام وحلولها

من أكثر المشاكل التي تواجه سوق النعام في مصر العشوائية وعدم التنظيم سواء في الإنتاج أو التسويق:

1ـ عدم وجود مصادر موثوقة للحصول على مستلزمات الإنتاج من كتاكيت وأعلاف ذات جودة عالية وخالية من مسببات الأمراض، مما يضع المربّي المستجد تحت وطأة الاستغلال.

2ـ عدم وجود مظلة منظمة للعاملين في هذا المجال يعطي بيانات وإحصائيات مضللة وغير دقيقة لحجم الإنتاج والاستهلاك والفرص التسويقية المتاحة، مما يزيد عدم اليقين في الجدوى الاقتصادية للاستثمار.

3ـ وجود عوائق في الإجراءات والتراخيص الخاصة بهذه الأنشطة، الناتج عن عدم فهم طبيعة المشاريع المبدئية، مما يخلق انطباعًا بعدم الاستقرار ويزيد مخاطرة الاستمرارية.

4ـ محدودية الفرص التسويقية المتاحة للمبتدئين تعرضهم لخسائر وتباطؤ نمو رؤوس أموالهم، مما قد يدفعهم للتراجع عن الاستمرار في النشاط.

الحل العملي لكل هذه المشاكل يكمن في أن تتفهم الجهات المسؤولة عن نشاط الإنتاج الداجني أن نجاح المشاريع الواعدة يعتمد على الإتاحة وليس المنع، وأن تكون الاشتراطات مرنة بحيث تكون الرقابة على هذه المشاريع للتجويد والتحسين داخل المنشأة، مع السماح لها بالتسجيل رسميًا مهما صغر حجمها أو كان موقعها، طالما توافرت جودة الإنتاج.

وبالتالي، سيخلق ذلك مجالًا للتنافس وفرصًا أكبر للتسويق، وتطوير وتنمية رؤوس الأموال المستثمرة طالما أن المشروع أصبح رسميًا مهما بدأ حجمه صغيرًا.

🔹 تابعونا على قناة الفلاح اليوم لمزيد من الأخبار والتقارير الزراعية.
🔹 لمتابعة آخر المستجدات، زوروا صفحة الفلاح اليوم على فيسبوك.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى