رأى

الزراعة المصرية تتوسع في إفريقيا عبر شراكات استراتيجية ومحاصيل عابرة للحدود

الجمعية الوطنية لمنتجي الجوجوبا

إعداد: أ.د.علي إبراهيم

أستاذ بمعهد بحوث البساتين – مركز البحوث الزراعية

في ضوء التوجهات الاستراتيجية للدولة المصرية لتعميق التعاون مع الدول الإفريقية، تبرز الزراعة كأحد أهم مجالات الشراكة الواعدة، لا سيما مع الانخراط المتزايد في تحالفات إقليمية ومبادرات تنموية عابرة للحدود.

مصر وإفريقيا: تاريخ من التعاون واستراتيجية متجددة

تمتلك مصر سجلًا طويلًا من العلاقات التاريخية مع القارة الإفريقية، كونها من الدول المؤسسة لمنظمة الوحدة الإفريقية، التي تطورت لاحقًا إلى الاتحاد الإفريقي. وتُولي السياسة الخارجية المصرية اهتمامًا خاصًا لدول حوض النيل والقرن الإفريقي ووسط القارة، مركزة على مجالات حيوية مثل البنية التحتية، التعليم، الصحة، والزراعة.

وقد شهدت السنوات الأخيرة توسعًا ملحوظًا في الاستثمارات المصرية داخل إفريقيا، شملت مشروعات تنموية كبرى في السودان، أوغندا، زامبيا، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، لا سيما في القطاع الزراعي الذي يمثل حجر الزاوية في الأمن الغذائي والتنمية المستدامة.

تحالفات إقليمية تفتح آفاقاً جديدة للزراعة المصرية

تؤدي مصر دورًا نشطًا في عدد من التحالفات الإفريقية التي أسهمت في توسيع فرص التعاون الزراعي:

ـ الكوميسا (السوق المشتركة لشرق وجنوب إفريقيا): تُمكّن مصر من تصدير منتجاتها الزراعية بحرية أكبر إلى دول الأعضاء، ما يعزز انسياب السلع ويخفض التكلفة الجمركية.

ـ منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية (AfCFTA): تتيح لمصر الوصول إلى سوق يضم أكثر من مليار مستهلك، ما يعزز فرص تصدير المنتجات الزراعية المصنعة، ويرفع من قدرة القطاع على النمو والربحية.

ـ مبادرات المياه والزراعة مثل “حوض النيل”: تعزز هذه التحالفات التعاون في إدارة الموارد المائية، مما ينعكس إيجابًا على كفاءة الزراعة المصرية، ويتيح فرصًا جديدة لاستغلال الأراضي والمياه في دول الجوار.

فوائد اقتصادية ملموسة وتحديات قائمة

التقارب المصري الإفريقي في المجال الزراعي يوفر العديد من الفرص، منها:

ـ الوصول إلى أراضٍ زراعية خصبة خارج الحدود، كما هو الحال في مشروعات استصلاح الأراضي بالسودان والكونغو.

ـ فتح أسواق جديدة للمنتجات الزراعية المصرية مثل البطاطس والفراولة والمحاصيل البستانية.

ـ نقل التكنولوجيا الزراعية المصرية للدول الإفريقية، ما يعزز الطلب على المعدات والخبرات المصرية.

ـ الاستفادة من الموارد المائية الإفريقية لتوسيع الرقعة الزراعية خارج الأراضي المصرية.

لكن في المقابل، لا تزال هناك تحديات تواجه هذه الجهود، أبرزها ضعف البنية التحتية في بعض الدول الإفريقية، والمنافسة من دول مثل تركيا والصين والهند، إضافة إلى الاضطرابات السياسية والأمنية في بعض المناطق.

نماذج ناجحة من التعاون الزراعي

تجسدت الشراكة الزراعية المصرية الإفريقية في مشروعات ملموسة على الأرض، مثل:

ـ المزرعة النموذجية في الكونغو الديمقراطية التي تهدف لتعليم المزارعين المحليين تقنيات الزراعة الحديثة.

ـ استصلاح أراضٍ في السودان وأوغندا لصالح شركات مصرية تعمل في إنتاج محاصيل استراتيجية.

ـ إنشاء مزارع مشتركة لإنتاج الذرة والقمح والمحاصيل الزيتية، في إطار تبادل المنافع والخبرات.

توصيات لتعزيز الشراكة الزراعية

لتحقيق أقصى استفادة من هذه الشراكات، يُوصى بما يلي:

ـ دعم الدبلوماسية الزراعية من خلال تفعيل دور الملحقين الزراعيين في السفارات المصرية بإفريقيا.

ـ زيادة التمويل للمبادرات المشتركة بين مصر والدول الإفريقية في المجال الزراعي.

ـ تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في مشروعات الزراعة العابرة للحدود.

ـ تطوير برامج بحثية مشتركة لمقاومة الآفات وتحسين جودة البذور.

في النهاية، تمثل العلاقات المصرية الإفريقية رافعة حقيقية للنهوض بالاقتصاد الزراعي المصري، وركيزة لتعزيز الأمن الغذائي في القارة، إذا ما جرى استثمارها بذكاء واستدامة.

🔹 تابعونا على قناة الفلاح اليوم لمزيد من الأخبار والتقارير الزراعية.
🔹 لمتابعة آخر المستجدات، زوروا صفحة الفلاح اليوم على فيسبوك.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى