رأى

الزراعة العضوية نقمة أم نعمة

د.محمد يوسف

بقلم: د.محمد يوسف

كثير يعتقد أن الزراعة النظيفة والزراعة العضوية نفس الشيء ولكن هناك اختلافات جوهرية بين النوعين، فـالزراعة النظيفة هي أحد أنواع الزراعة التي يطبق فيها استخدام الكيماويات في الحدود المسموح بها من قِبل توصيات لجنة المبيدات التابعة لـوزارة الزراعة وهذا النوع هو المتبع في أغلب المزارع حالياً.

أما الزراعة العضوية فهي عبارة عن نظام متكامل يسمح باستخدام الأسمدة الحيوية والمخصبات العضوية والمركبات الحيوية والمستخلصات النباتية بالإضافة للطفليات والمفترسات الحشرية النافعة بهدف إنتاج غذاء نظيف صحي  دون الإخلال بالنظام البيئي  بحيث يكون للنظام جدوى اقتصادية.

ويعتبر قدماء المصريين أول من وضعوا أسس الزراعة العضوية منذ سبعة آلاف سنة، فكانت الزراعة تعتمد على التسميد بالمواد العضوية والطمي الناتج عن فيضان النيل، واستمرت هي الزراعة المتبعة في مصر إلى عام ألف وثمان مائة من الميلاد، إلا أنه بسبب زيادة السكان وتناقص الرقعة الزراعية في ظل الطلب المتزايد على المنتجات الزراعية فكان من الضروري التوسع الرأسى في الإنتاج الزراعي حتى لا تحدث مجاعات فبدأ الاستخدام المكثف للمبيدات والأسمدة الكيماوية فضلاً عن استخدام الهرمونات المصنعة ومنظمات النمو حتى أصبحت الصبغة الكيماوية من سمات الزراعة المصرية.

ونتيجة الاستخدام غير الرشيد لتلك الكيماويات ظهرت مشاكل لاحصر لها باتت تدق ناقوس الخطر على البيئة المصرية.

إلى أن جاء دور وزارة الزراعة في إنشاء المعمل المركزي للزرعة العضوية في عام ألفين واثنين، واعتبر خبراء الزراعة هذا القرار بمثابة خروج الزراعة المصرية من الظلمات إلى النور.

فهل تنفيذ هذا القرار هو الحل الأمثل مثلما يعتقد البعض؟ وما هي الثمار التى حققتها الزراعة العضوية حتى الآن؟ وإلى أي مدى تعتبر الزراعة العضوية هي الحل الأمثل لأغلب المشاكل الصحية والبيئية؟

للإجابة على كل هذه التسؤلات فلابد معرفة مميزات وعيوب الزراعة العضوية حتى نستطيع الحكم على مقدار جدوى الزراعة العضوية.

فتتميز الزراعة العضوية بأنها تلعب دور إيجابي على الصعيد الاقتصادي من حيث قلة التكليف وعلى الصعيد الصحي من حيث الحفاظ على صحة المستهلك من خلال تقليل استعمال المبيدات والأسمدة الكيماوية.

كما تتميز بتقديم منتجات ذات طعم ونكهة مميزة، يسهل حفظها وتخزينها لفترات طويلة دون تلف أو فساد لانها زرعت بمعايير جودة عالية تراعى سلامة الغذاء.

ومن الناحية البيئية  تساهم الزراعة العضوية في تقليل ظاهرة الاحتباس الحراري مع توفير المياه فهي  تحتاج لكميات مياه أقل ومن حيث الفائدة العائدة على التربة فـالزراعة العضوية تعطي فرصة لزيادة أعداد الكائنات الحية الدقيقة النافعة للتربة وتعطى الفرصة لنمو ونشاط الطفيليات والمفترسات الحشرية، كما أنها لا تضر الحشرات البرية ولا المياه الجوفية.

ومن الجهة الاقتصادية فإنها  تعمل على زيادة الدخل القومي لزيادة انتاجية الفدان كما أن المنتج يكون ذو قيمة غذائية عالية ولا يحتوي على عناصر ثقيلة أو سامة بالإضافة إلى أن الفاقد من المنتج العضوي قليل جداً مقارنة بالمنتج غير العضوي.

من الجهة الأخري فـالزراعة العضوية أضرار قد تكون عوائق أمام تنفيذها ومنها ارتفاع مستلزمات الإنتاج العضوي والحاجة لوجود عمالة مدربة ومهندسين مختصين بالإضافة الى الحاجة لكميات كبيرة من الكومبوست مع توافر معامل تجهيز المسببات المرضية مثل الفطريات والبكتريا والفيروسات الممرضة للحشرات التي تستخدم في المكافحة الحيوية كبديل عن المبيدات الكيماوية وهناك حرب دائرة بين خبراء الزراعة العضوية وشركات تصنيع وتداول المبيدات تلعب دور كبير في إيقاف تنفيذها، حيث تم تاسيس الجمعية المصرية للزراعة المستدامة والتى تسعى لتحقيق اهداف لا حصر لها واهم هذه الاهداف إنتاج غذاء نظيف صحي.

وبعد عرض المميزت والعيوب نستطيع الآن الحكم على الزراعة العضوية هل ستكون نعمة أم نقمة؟

*كاتب المقال: أستاذ المكافحة الحيوية والاستخدام الامن للمبيدات بكلية الزراعة جامعة الزقازيق.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى