رئيس التحرير

الحكم على وزير الزراعة بـ”اللوم”

بقلم: د.أسامة بدير

رغم تأكيدى أكثر من مرة على أن وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى هى أخطر وأهم وزارة بمصر، ومنوط لها ضمان الحد الأدنى من الأمن الغذائى حفاظا على الأمن الوطنى المصرى فى إطار التنمية الشاملة والمستدامة من خلال زيادة معدلات أداء إنتاج القطاع الريفى وفى القلب منه الزراعة، إلا أن الشاهد وما يحدث فى ديوان عام وزارة الزراعة لهو بحق يحتاج إلى وقفة مع النفس الإنسانية للتأمل والتدبر بكل حكمة فيما يتخذ من قرارات من جانب أعلى سلطة بالوزارة.

وأعنى هنا الدكتور عز الدين أبوستيت وزير الزراعة، بصفته السياسية كوزير أولا، ثم المهنية وأخيرا الإنسانية.

لست من أنصار الإدعاء على أحد، ولا أنتمى إلى مدرسة التشكيك فى إنجازات أحد أو التهويل أو التضخيم فى أعمال أو إنجازات أى قيادة من قيادات الوزارة، إنما الشواهد ونتائج الأعمال هى التى تتحدث عن الشخص ذاته، ما له وما عليه.

يقينى أن تناولى الدكتور عز الدين أبوستيت، فى مقالى الأسبوعى على موقع “الفلاح اليوم“، بشكل دائم فيما يفعله أو يدور حوله أو يتخذه من قرارات لهو بحق يشير إلى أننى لا أبغى إلا نجاحه فى عمله على الصعيد الرسمى من أجل تحقيق نهضة زراعية كبرى يشعر بها ملايين المزارعين فى طول مصر وعرضها، وتنمية أبناء المجتمع الريفى اقتصاديا واجتماعيا وحضاريا.

أقدر سعة صدر وزير الزراعة لما أتناوله فى مقالى الأسبوعى، وأعلم أنه يتابع ويقدر كل ما ينشر على موقع “الفلاح اليوم“، دون غيره، لما يتسم به الموقع من مصداقية وشفافية ومهنية عالية، فضلا عن تحرى الدقة فيما ينشر خاصة من الناحية العلمية التى تخص مجالات الزراعة، وأهدافه النبيلة التى تضمن وتصون حوكمة الحكم الرشيد دون مغالاة أو تزييف للحقائق أو التشهير بالوزارة وقطاعاتها وقياداتها.

ومن هذا المنطلق، أوجه لوزير الزراعة حكم المحكمة الإنسانية – الذى يأتى سياق جميع أشكال المسؤولية السياسية والمهنية والإنسانية التى يتمتع بها الدكتور عز الدين أبوستيت – وهو عقوبة اللوم بسبب ما صدر منه مؤخرا بحق أحد قيادات وزارة الزراعة.

لست هنا مدافعا عن أشخاص ضد وزير الزراعة إنما فقط أنا نصير الحقوق الإنسانية وأبرزها الحق فى الكرامة الإنسانية التى بدونها لا يستطيع أن يعيش الإنسان بشكل طبيعى ويمارس حياته المهنية بكفاءة عالية.

لقد تعامل الدكتور عز الدين أبوستيت، بصفته السياسية التى أعطت له الحق فى اتخاذ ما يعتقد أنه مناسبا للصالح والمنفعة العامة، فقرر تغيير الدكتور ممدوح السباعى رئيس الإدارة المركزية لمكافحة الآفات، وهذا قرار فى ظاهره طبيعى للغاية.

لكن ما ليس طبيعى ويمثل انتهاك صارخ وصادم لكل المواثيق والأعراف الدولية الخاصة بمبادىء حقوق الإنسان، أن يتخذ وزير الزراعة هذا القرار بشكل غريب كل الغرابة على سلوكيات ومعتقدات ما تربى عليه وتعلمه أبوستيت فى بيت وأسرة عريقة فى أقصى صعيد مصر.

فى الوقت الذى كان يمارس فيه الدكتور ممدوح السباعى، عمله على أكمل وجه فى مكافحة الحشرة الجياشة بـمحافظة الأقصر فى هذا الطقس شديد الحرارة تاركا أسرته خلال شهر رمضان من أجل حبه لعمله بهدف مكافحة هذا العدو الغاشم المتمثل فى تلك الحشرة اللعينة التى تهدد الزراعة المصرية، ومن غير مقدمات تأتى له طعنة قاتلة من ربان قيادة الزراعة بمصر، عبر قرار مفاجىء بتغييره يعلم به أثناء ممارسة عمله من وسائل الإعلام.

وهنا أقول لوزير الزراعة، أى إهانة هذه، إنها طعنة غادرة لم تكن لتأتى من شخصكم الكريم المعروف عنه امتلاك سمات شخصية حميدة، وإبن بار من أبناء الصعيد يحفظ عادات وتقاليد ومكارم أخلاقيات الصعايدة، يكره الغدر ويحترم جميع البشر.

لذلك من واجبى، أن أشير من خلال قلمى الحر على الخطأ الفادح الذى وقع فيه وزير الزراعة بحق قيادة شابة شغلت هذا المنصب الرفيع عن حق وجدارة، وفقا لما شهد به القاصى والدانى فى أروقة ديوان الوزارة وبعض المعاهد البحثية التابعة لـمركز البحوث الزراعية.

لقد ضرب وزير الزراعة بالجانب الإنسانى عرض الحائط بقرار تغيير “السباعى” الذى ربما اتخذه على عجل مستغلا تواجده بعيدا عن مقر الوزارة، فما السبب؟ ولماذا جاء هذا القرار فى مثل هذا التوقيت؟ وهل الأسباب التى ساقتها وزارة الزراعة على لسان متحدثها الرسمى فى اتخاذ القرار محل اقناع وإجماع؟ جميعها أسئلة باتت مشروع لكل صاحب عقل يرغب فى معرفة حقيقة ما يدور داخل جدران ديوان عام وزارة الزراعة بحى الدقى بالجيزة، ما يفتح الباب لتأكيد بعض ما يقال وفقا لمصادر مطلعة من داخل الوزارة بشأن صراعات زادت حدتها الفترة الأخيرة وربما وصلت إلى التناحر على منصب وزارة الزراعة.

وأقول معاتبا الدكتور عز الدين أبوستيت، رافضا مثل هذا السلوك فى اتخاذ القرار بحق أستاذ باحث يمثل قامة وقيمة علمية وبحثية فى أكبر صرح بحثى بمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وهو مركز البحوث الزراعية.. فكان من الأولى أن يتم استدعاء “السباعى” ويوجه له الشكر على رئاسته للإدارة المركزية لمكافحة الآفات التى استمرت عامين، ويتم إعلامه بقرار تغييره بشكل يحفظ لجميع الأطراف كرامتها.

وأخيرا، أشدد على أننى لا أتحدث بلسان أحد أو أدافع عن شخص “السباعى” أو غيره، إنما فقط ما أكتبه ما استقر عليه ضميرى مؤكدا على أن وزير الزراعة له مبرراته فى اتخاذ القرار، وللسباعى وغيره وللرأى العام الزراعى أن يقتنع بها أو لا، فالمهم عندى هى آلية اتخاذ مثل هذا القرار الذى يجب أن يتم وفقا لمبادىء احترام حقوق الإنسان، لذلك كان الحكم الصادر من محكمة الإنسانية على الدكتور عز الدين أبوستيت وزير الزراعة واستصلاح الأراضى، بتوجيه “اللوم” له.

والسؤال الذى بات يطرح نفسه: هل يعالج وزير الزراعة الخطأ الذى وقع فيه باتخاذه قرار تغيير رئيس الإدارة المركزية لمكافحة الآفات بشكل مهين للكرامة الإنسانية؟ عموما فـالمحكمة الإنسانية فى حالة انعقاد دائم لعل وزير الزراعة يقدم التماس لها بالعفو عنه من عقوبة اللوم عقب إجراء ما..

للتواصل مع الكاتب

[email protected]

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى