رأى

اُحذر من إلغاء الدعم.. والبُونص يُنهي الإهدار

بقلم: د.شكرية المراكشي

رئيس مجلس إدارة شركة مصر تونس  للتنمية الزراعية واستصلاح الأراضي

قرأت مقال منشور في موقع الفلاح اليوم بعنوان “رغيف العيش وأنا ذاهب إلى عملي بمركز البحوث الزراعية!!“.. تواصلت مع الموقع في محاولة لنشر تعليق لي على المقال.. وافق المسئول، وإليكم تعليقي على المقال..

تابعونا على قناة الفلاح اليوم

تابعونا على صفحة الفلاح اليوم على فيس بوك

لقد ناقش المقال الموضوع من زاوية رد فعل الفقراء والغلابة الذين يهدرون رغيف الخبز ويتعاملون معه بشكل مهين ويؤدي إلى خسارة الدولة ملايين الدولارات التي تنفق على استيراد القمح سنويا، وهذا شيىء جيد كونه ألقى الضوء على رد فعل المستفيدين من منظومة الخبز المدعم، محذرا من عواقف ذلك الفعل.

أيضا طالب المقال في الخاتمة ضرورة إعادة النظر في تلك المنظومة التي نتج عنها رد فعل المستفيدين منها، لان ما تقدمه لهم يعد قليل القليل من وجهة نظرهم.. ممثلا في نقاط التموين من 5 قروش إلى 10 قروش.

لكن في الحقيقة المقال لم يبحث في الأسباب والدوافع الحقيقية التي جعلت هذه الطبقة من السواد الأعظم من عموم المصريين المستفيدين من رغيف الخبز المدعم يشترونه ليقدموه كعليقة للطيور وحيوانات المزرعة.

قرأت تصريح لمعالي وزير التموين الدكتور علي المصيلحي، في بيان أكد فيه أننا نستهلك نحو 10 مليون طن قمح للعيش التمويني سنويا وان الاحتياطي للقمح سيكفي لـ5 شهور مقبلة، وهذا يفسر ان رسالة القمح المستورد  العشرة مليون طن او اكثر على مسافة 3 شهور من الزمن لتكون في مصر للتغذية مما يكلف الحكومة ميزانية ومبالغ طائلة من الأموال بالعملة الصعبة في ظل الظروف الاقتصادية والسياسية التي يمر بها العالم وغالبية المواطنين من الفئة البسيطة وعن احساس بان اخذ نصيبهم من العيش حق مكتسب حتى ولو قدموه غذاءا للدواجن او للخرفان .

أعتقد أولا أن المصيبة الكبرى في الجهات المعنية التي دفعت الغالبية العظمى من المواطنين إلى الاستهتار باستخدام رغيف الخبز بالشكل الصحيح وهو ما يؤكد على الفشل الذريع لهذه المنظومة والقائمين عليها من مسؤولين، فلابد من فكر جديد وعقول مستنيرة يتوافر لديها البصيرة الاجتماعية والرؤية التكاملية لكافة أبعاد المشكلة لتضع منظومة جيدة تثير “الغلابة” والطبقة البسيطة على الاقتصاد في استخدام والاقبال على رغيف الخبز المدعم بدلا من إهداره.

لقد تغافل عن عمدا أو عن غير عمد واضع هذه المنظومة، ولا ابالغ إذا ما قلت أنه جهل بأبسط قواعد وأصول علم الاجتماع.. فمن المفترض قبل إقرار أي إجراء أو قرار أو قانون أو تطبيق منظومة ما جديدة تخص المواطنين لابد من خضوعهم للدراسة والتحليل والتنبوء والتوقعات بردة فعل المفعول بهم… هذا يحدث في كل دول العالم المتقدم.. لكن مع الأسف غائب تماما عن دولنا النامية.. فالمسئول يحلم بشىء يطبقه على الفور من غير دراسة أو توقع نتائجه على المواطنين البسطاء  أو ردة فعلهم.. وهكذا يكون المصير الفشل.

أنا لا ألوم البسطاء على ما يفعلون جراء بُعد الحكمة عن هذه المنظومة فهم يفكرون بمثل هذه الطريقة الهمجية في التعامل مع رغيف الخبز المدعم التي تدل على غل متراكم عندهم منذ سنين عاشوها تحت وطأة قيادات فاشلة استخدمتهم كحقل تجارب في كثير من اللوائح والتشريعات التي اثبتت فشلها لاحقا، وليس ذلك فحسب بل أنها دمرت اقتصاد البلد الذي يعمل فخامة الرئيس عبدالقتاح السيسي منذ تولى الحكم بكل طاقته البشرية على تحسينه لمواكبة الدول المتقدمة لتصبح مصرنا الحبيبة على ما هي عليه الان قوية ومُهابة أمام العالم أجمع.

الغريب أنه في دولنا النامية ومنها مصر  تجد الحكومة كعادتها عند كل أزمة اقتصادية تحاول أن تأخذ من الفقير قبل الغني.. إما زيادة في الضرايب أو غلاء في المعيشة أو حذف كروت تموين لمن يستحقها ومن لا يستحقها، وأخيرا حذف نقاط اذا تخلف عن اخذ نصيبه من التموين.

كل هذا كان سببا في تراكم كمية لا نهائية من الحقد والكراهية للحكومة وكل من يمثلها لدى المواطن البسيط الذي يحاول أن يجد منفذا للأخذ من الحكومة ما هو في غنى عنه لا لشيء إلا للتشفي والأخذ بالثأر من القهر والظلم والحرمان والفقر المدقع الذي بات يعاني منه ملايين المواطنين جراء الغلاء الذي سببه الرئيسي يرجع إلى سوء الإدارة وسوء قيادة بعض المسؤولين لأن المسؤول الناجح يجمع موظفبه أو مواطنيه حوله بطرق بسيطة تشعرهم بالانتماء والغيرة على الوطن ومصالحه.

فمثلا نجد المواطن في الدول المتقدمة في ظل هذه الظروف القاهرة العامة على العالم باكمله أصبح يشتري ما يلزمه من غذاء حتى لا يهدر الباقي… لأنه تربى اجتماعيا وسياسيا على ذلك، ولديه من الوعي ما يجعله يريد مساعدة بلاده للخروج من هذه الأزمة الاقتصادية التي تمر بها غالبية دول العالم، حتى هؤلاء المشردين الذين يعيشون على كاهل حكوماتهم أراهم يقتصدون لأن حكوماتهم كانت ترعاهم.. فوقفوا جانبها في هذه الأزمة.

لا اريد سرد ما يحدث من بعض المشاكل  فقط  ولكني اقترح لضمان نجاح منظومة الخبز المدعم أن يتم عمل بونص لمن لا يستعمل نقطة الخبز ويوفره بأن يكون ذلك أعلى بكثير مما هو متاح الآن.. المواطن الذي يوفر رغيف يحصل عليه بـ5 قروش والحكومة تقول تكلفته تتراوح بين 100 ـ 110 قرشا، أن تعطي له 80% من هذه التكلفة الحقيقية أو كلها ولو تم تقييمها محاسبيا نجد انها لا تساوي 1% مما ستوفره الحكومة من الكميات الكبيرة للغاية من ارغفة الخبز، وبالتالي من الدقيق المصنوع منه والعملة الصعبة التي أرهقت ولا زالت ترهق الاقتصاد الوطني.

لا أوافق مطلقا على إلغاء دعم الخبز والسلع التموينية على الطبقة الفقيرة التي تقدر بالملايين او المساس بها لاعتبار هذا الشيء من اقدس ما يملك من حق مكتسب منذ امد بعيد وكل نقص فيه يعتبره المواطن سلب حق اكتسبه من قديم الازل، وهذا ما يجب أن يتفهمه المسؤولون على منظومة التموين.

اقترح ان تفكر الحكومة خارج الصندوق في هذا المجال بالذات وهو مجال رغيف العيش كما فعلت الكثير من الدول المتقدمة، وهو خلط هذا الرغيف “المقدس” بنوع جديد من المحاصيل المستقبلية غير التقليدية والتي اعيد واكرر انها ستكون الغذاء الاساسي في العالم في ظل هذه التغيرات المناخية بكل تأثيراتها السلبية التي يعيشها العالم بأكمله، وان تفكر حكوماتنا العربية في التوسع الزراعي لهذه المحاصيل التي بدات تنتشر في كل الدول المتقدمة، خاصة انها تتحمل الجفاف ولا تستهلك كميات كبيرة من المياه.

منذ سنوات عديدة مرت قبل هذه الازمات التي نعيشها الان وانا انادي بإدخال الكينوا والدخن والشعير والحنطة والكسافا في منظومتنا الغذائية. كل هذه المحاصيل صحية وينفع خلطها بالدقيق الذي منه يصنع رغيف العيش المقدس بنسبة 40%، وهي النسبة التي يتم استيرادها بعملة انهكت كاهل حكوماتنا في دولنا النامية وخصوصا في مصر التي تعتير من اكبر مستوردي القمح في العالم.

هذا اقتراحي الذي ابقى الح عليه مادمت على قيد الحياة، ولن اتوقف عن المناداة به لمعرفتي الجيدة بنجاح هذه العملية التي اعلمها حق العلم.

ارجو من الله اولا، ثم من فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي البطل المغوار رئيس الجمهورية، أن يتبنى هذه المنظومة لانه الوحيد في هذا البلد الذي يستطيع ان يقوم بتنفيذها بكل جرأة لمعرفته بما يحصل في العالم  ولحبه الشديد لشعبه الصغير منهم قبل الكبير.

وأخيرا، حما الله مصر وشعبها وقائدها المخلص الرئيس عبدالفتاح السيسي الذي اناشده ضرورة التغيير لبعض اساليب القيادات التي أثبتت فشلها وأدت إلى كم من الغل والحقد والكره للحكومة وجميع ممثلي الدولة الرسميين الذين استغلوا المواطنين أشبع استعلال لجباية الأموال تحت بند رسوم ومصاريف وضرائب وخلافه ولا يفكرون خارج الصندوق في كيفية تعظيم موارد مصر الطبيعية والبشرية التي لا حصر لها ورعايتها والحفاظ عليها حتى تنهض وتكون في مصاف الدولة المتقدمة.

تحيا مصر ويحيا رئيسها ويحيا شعبها حرا ابيا..

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى