رأى

إعادة استخدام المياه الرمادية

أ.د/علاء البابلي

بقلم: أ.د/علاء البابلي

مدير معهد بحوث الأراضي والمياه والبيئة بمركز البحوث الزراعية وخبير المياه الدولي

يشير مصطلح المياه الرمادية إلى مياه الصرف المنزلية المستخرجة من المصادر المائية الأقل عرضة للتلوث كأحواض الغسل في المطابخ، وغسالات الملابس والأطباق، وأحواض الغسيل اليدوي، ومياه الاستحمام؛ والمياه الرمادية  التي تبلغ  من 50% الى 70% من مياه الصرف المنزلي  تُصنف كأداة محتملة للحفاظ على المياه، وإدارة الطلب عليها. ويمكن على غرار جمع الأمطار – توليدها في داخل المنزل، كي يتجنب منتجها مشكلة الثقة في مصدرها التي تعد من العقبات الكبيرة في معالجة مياه الصرف وإعادة استخدامها في المنطقة العربية.

وتتميز معالجتها بالبساطة، لأن عِدّة المياه الرمادية تتكون من أربعة براميل متصلة، وتتدفق المياه من المنزل إلى البراميل بفعل الجاذبية حيث تجري المعالجة على مراحل، ثم يتلقى البرميل الرابع المياه المُعالجة والنظيفة والمهيأة للاستخدام مجددا. ولا يشمل نطاق المستهلكين للمياه الرمادي المنزلية المنازل الخاصة فقط، بل يمتد إلى المساجد، ورياض الأطفال، والحدائق. وفي الآونة الخيرة، أدمج وزير الطاقة والمياه اللبناني المياه الرمادية ضمن خطة العشر سنوات المائية.

وللبحث في إمكانية استخدام المياه الرمادية في المنطقة، يؤيد مركز بحوث التنمية الدولية الكندي فكرة معالجة المياه الرمادية في الأردن، ولبنان، وفلسطين، واليمن عبر تجهيز أكثر من  2000 منزل بنظم معالجة المياه الرمادية في الفترة بين 1998 – 2008.

ولم تكشف هذه المشاريع فقط عن الاحتمال القوي لاستخدام هذه الأنواع من مياه الصرف المعالجة في المنطقة، بل أظهرت أيضا خلوها من المخاطر الصحية. وتحقق هذه المياه ادخارا اقتصاديا سنويا يزيد على 300 دولار لكل أسرة، ولكن الاستخدام الناجح يتطلب تشجيعا من الحكومة، ومتابعة مستمرة لجودة المياه، وتطبيق المعايير واللوائح التنظيمية المحلية.

الإدارة التنظيمية لمياه الصرف الصحي في البلدان العربية

تحتاج البلدان العربية إلى صياغة الإرشادات والتعليمات المتعلقة بإعادة استخدام مياه الصرف المعالجة – بدءا من محطة المعاجلة حتى حقل الاستخدام – وذلك لضبط عنصري الوضوح والشفافية وتحقيقهما من إنتاج المياه حتى إعادة استخدامها. وتحتاج أيضا إلى المعايير والقوانين القابلة للتنفيذ من أجل كفالة استدامة عملية معالجة مياه الصرف وإعادة استخدامها. ولدى معظم البلدان العربية معايير لحماية الصحة العامة والبيئة، ولكن العنصر الرئيسي الذي يقود استراتيجيات إعادة استخدام مياه الصرف هو تكلفة عملية المعالجة والرصد. ففي حالات عديدة لا تتوفر في مياه.

الصرف المُعالجة معايير الجودة المحددة نظرا للانحراف عن مسار تطبيق الإجراءات المحددة أو للتجاوز في تنفيذها بسبب نقص العمالة المؤهلة. ويعاني رصد نظم إعادة استخدام مياه الصرف وتقييمها في بلدان عربية عديدة من الاضطراب والتأخر الناتجين عن ضعف المؤسسات، ونقص العمالة المدربة، والافتقار إلى معدات الرصد، وكلفة الرصد المرتفعة.

وتنقسم البلدان العربية إلى ثلاث فئات كبيرة من حيث ممارسات التخلص من مياه الصرف:

الفئة الأولى: تضم هذه الفئة البحرين، والكويت، وعمان، وقطر، والسعودية، والإمارات العربية المتحدة. وتنتهج جميع دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية أساليب متشابهة للتخلص من مياه الصرف. ويُعاد استخدام نسبة عالية من المياه المُعالجة في عمليات الري، بينما يتم تصريف النسبة المتبقية في البحار بعد العديد من مراحل المعالجة المتطورة. وتراعي هذه الدول معايير الجودة الدقيقة قبل عملتي التخلص وإعادة الاستخدام، ولكن يمكن التخفيف من بعض المعايير من أجل تحقيق الاستخدام الكامل للكمية المتزايدة دائما من المياه المُعالجة ثانويا.

الفئة الثانية: تضم هذه الفئة مصر، والعراق، والأردن، والمغرب، وسورية. وتعمل هذه البلدان وفقا للوائح متوسطة الصرامة في التخلص من المياه الخارجة من محطات معالجة مياه الصرف، ولكن الممارسة الفعلية لا تطابق المعايير المحلية أو الدولية. وقد يرجع ذلك إلى عجز محطات المعالجة على التعامل مع كميات كبير من مياه الصرف الصحي الخام. ويتم التخلص من نسبة كبيرة من مياه الصرف في التجمعات المائية السطحية بهدف استخدامها لاحقا في أعمال الري وفقا للوائح التي تنظم نوع المحاصيل التي يمكن ريّها بـمياه الصرف.

وقد تُستخدم هذه المياه أيضا في ري الحدائق والأغراض الصناعية. ولا تسمح الحكومات بالتخلص من مياه الصرف الخام في الوديان أو عبر التصريف الأرضي. وقد تقع مُخالفات في المناطق الريفية غير المتصلة بشبكة الصرف أو التجميع.

الفئة الثالثة: تضم هذه الفئة لبنان، والضفة الغربية، واليمن، حيث يجرى التخلص من مياه الصرف في الوديان، ثم تُروى المحاصيل الزراعية بـالمياه دون معالجة. وتتخلص الضفة الغربية من مياه الصرف الخام في الوديان، حيث تُستخدم في ري جميع أنواع المحاصيل والخضروات. وليس هناك أي ضوابط بيئية أو بشرية لحماية العمال، أو المنتجات، أو التربة، أو المياه، أو لمنع تلوث المياه الجوفية. وتستخدم في اليمن مياه الصرف الخام في عمليات الري دون معالجة.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى