تقارير

إدارة الصوب الزراعية في فصل الصيف وحماية النباتات في ظل التغيرات المناخية

إعداد: د.رضا دهشور عبد الغني، باحث بقسم بحوث الأرصاد الجوية الزراعية بالمعمل المركزي للمناخ الزراعي – مركز البحوث الزراعية.

د.دعاء أبو بكر محمد جاد، باحث أول بقسم بحوث الأرصاد الجوية الزراعية بالمعمل المركزي للمناخ الزراعي – مركز البحوث الزراعية.

تعتبر البيوت المحمية مصدرًا لحماية النباتات من الظروف الجوية والبيئية غير الملائمة، والحماية من الآفات الحشرية المنتشرة خارج الصوب، وإنتاج الخضر في غير موسمها.
تستخدم الصوب المدفأة في المناطق الباردة خلال فصل الشتاء للمحاصيل الصيفية، والصوب المبردة في المناطق شديدة الحرارة صيفًا. وتختلف في أشكالها وفي المواد التي يُصنع منها الهيكل والأغطية المستخدمة فيها، وقد تكون مزودة أو غير مزودة بأجهزة التبريد ووسائل التحكم في نسبة ثاني أكسيد الكربون.

حققت الصوب البلاستيكية نجاحًا كبيرًا في مجال الزراعات المحمية لإنتاج الخضر في كل من المناطق الحارة والباردة، وعائدًا اقتصاديًا مرتفعًا بالرغم من ارتفاع تكاليفها. وبلغ عدد الصوب المزروعة في جمهورية مصر العربية نحو 69.8 ألف صوبة، طبقًا لبيانات قطاع الشئون الاقتصادية التابع لوزارة الزراعة لموسم 2024، بمساحة تقدر بنحو 37.9 مليون متر مربع.

يناقش هذا المقال العلاقة بين البيوت المحمية (الصوب) الزراعية وغازات الاحتباس الحراري، وكيف تُسهم تكنولوجيا الصوب الزراعية في مواجهة التحديات البيئية العالمية.

تُستخدم الصوب في الأغراض الآتية:

  1. توفير الحماية من الظروف البيئية غير الملائمة والحماية من الآفات الحشرية المنتشرة صيفًا.

  2. زراعة وإكثار البذور والأجزاء النباتية التي تحتاج درجات حرارة محددة ومستوى معين من الرطوبة.

  3. إنتاج المحاصيل عالية القيمة في غير مواعيد زراعتها.

  4. رفع إنتاجية محاصيل الخضر بالتوسع الرأسي من خلال الاستفادة بالهجن الزراعية.

  5. تأقلم النباتات الناتجة من زراعة الأنسجة وإنتاج شتلات جيدة قبل نقلها إلى المكان المستديم أو تسويقها.

  6. مواجهة المناخ المتغير وتأثيره السلبي على المحاصيل الزراعية المكشوفة، والمساهمة في توازنها داخل أسواق محاصيل الخضر، وعدم تكرار أزمات نقص المعروض، خاصة في فاصل العروات، وخدمة المستهلك بتقديم منتج “نظيف” خالٍ من متبقيات المبيدات، ويقضي على الآفات الزراعية.

وبناءً على ما سبق، لابد من معرفة كيفية التحكم بالظروف المناخية المتغيرة وذلك من خلال أحد الطريقيتين:

أولًا:

  1. تأثير الاحتباس الحراري: تعمل الصوب الزراعية بشكل أساسي على حبس الحرارة داخلها، وهو المبدأ الأساسي لتأثير الاحتباس الحراري.

  2. تخفيف الانبعاثات: من الضروري تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري من خلال طرق بديلة لتخصيب ثاني أكسيد الكربون لا تعتمد على الوقود الأحفوري، واستخدام تقنيات لامتصاص الغازات والانبعاثات، وتحسين إدارة الأسمدة والنفايات الحيوانية.

  3. العلاقة بين البيوت المحمية والغازات المسببة للاحتباس الحراري: في إطار الجهود العالمية لمكافحة تغير المناخ، تتزايد أهمية العلاقة بين البيوت المحمية الزراعية وغازات الاحتباس الحراري. فالبيوت الزجاجية الزراعية ليست أساسية للإنتاج الزراعي فحسب، بل تلعب أيضًا دورًا فعالًا في الحد أو التقليل من غازات الاحتباس الحراري، مما يخفف آثار تغير المناخ.

  4. ما هي الغازات المسببة للاحتباس الحراري؟
    غازات الدفيئة (GHG) هي غازات موجودة في الغلاف الجوي تمتص الإشعاع من سطح الأرض وتعكسه إليه. وتشمل الغازات الرئيسية: ثاني أكسيد الكربون (CO2)، الميثان (CH4)، أكسيد النيتروز (N2O)، الغازات المفلورة وغازات أخرى. تساهم هذه الغازات في الاحتباس الحراري من خلال ما يُعرف بـ “تأثير الاحتباس الحراري”، وهي العوامل الرئيسية المؤثرة على تغير المناخ الحالي.

  5. العلاقة بين غازات الاحتباس الحراري والزراعة: تُعد الزراعة أحد المصادر الرئيسية لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وخاصةً غازي الميثان وأكسيد النيتروز، ويأتي هذان الغازان بشكل رئيسي من الماشية، وحقول الأرز، واستخدام الأسمدة، وإدارة التربة. ومع ذلك، فإن البيوت الزجاجية الزراعية لا تُسهم في الانبعاثات فحسب، بل لديها أيضًا القدرة على تقليلها من خلال تحسين استخدام الموارد وعمليات الإنتاج.

كيف تساعد تكنولوجيا البيوت المحمية الحديثة في تقليل الانبعاثات؟

  • أنظمة إدارة الطاقة الذكية: تستخدم الصوبات الزراعية الحديثة مصادر طاقة متجددة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، مما يقلل الاعتماد على الوقود الأحفوري ويخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. وتضبط أنظمة التحكم الذكية درجة الحرارة والرطوبة والضوء وفقًا لاحتياجات النباتات، مما يعزز كفاءة استخدام الطاقة.

  • أنظمة إدارة المياه: تساعد أنظمة الري بالتنقيط وإعادة تدوير المياه المتقدمة على تقليل هدر المياه داخل البيوت الزجاجية، مما يقلل بدوره من الانبعاثات الكربونية غير المباشرة من الطاقة التي تستخدمها المضخات والمعدات الأخرى.

  • تقنية احتجاز الكربون: يمكن للبيوت الزجاجية الحديثة تطبيق تقنية احتجاز الكربون وتخزينه (CCS) باستخدام ثاني أكسيد الكربون الناتج خلال العملية لتعزيز نمو النباتات، مما يُسهم في الحد من انبعاثات غازات الدفيئة.

  • تقليل استخدام المبيدات والأسمدة: باستخدام الأسمدة العضوية وطرق المكافحة البيولوجية للآفات، يمكن للبيوت الزجاجية خفض انبعاثات أكسيد النيتروز من الأسمدة النيتروجينية بشكل ملحوظ. كما أن البيئة الدقيقة المُتحكم بها في البيوت الزجاجية تُقلل الحاجة إلى المدخلات الكيميائية، مما يُقلل الانبعاثات المصاحبة لها.

  • إمكانيات البيوت المحمية في تحقيق الحياد الكربوني: في المستقبل، تتمتع الزراعة في البيوت المحمية بإمكانيات هائلة لدفع عجلة تحقيق الحياد الكربوني، وهو تحقيق التوازن بين انبعاثات الكربون وامتصاصه من الغلاف الجوي، حيث يتم تعويض الانبعاثات عن طريق إزالة كمية مماثلة من الكربون من الغلاف الجوي أو عبر مشاريع لخفض الانبعاثات. من خلال ممارسات إنتاج وإدارة فعّالة، يمكن للبيوت المحمية خفض انبعاثاتها بشكل كبير، بل وامتصاص ثاني أكسيد الكربون محققةً بذلك “انبعاثات سلبية” في العملية الزراعية. على سبيل المثال، تستكشف بعض المشاريع المبتكرة دمج الزراعة في البيوت المحمية مع تقنيات احتجاز الكربون لخلق دورة مستدامة.

  • دورها في تخزين الكربون: يمكن أن تساعد أنواع معينة من أغطية الدفيئة، مثل المصنوعة من المواد العضوية، في زيادة تخزين الكربون في التربة، مما يساهم في الجهود المبذولة للتخفيف من تغير المناخ. ويختلف ذلك بناءً على نوع الغطاء والممارسات الزراعية المستخدمة. وتعد الأغطية البلاستيكية من أفضل الأغطية، حيث إنها ميسورة التكلفة وجيدة التحكم في درجة الحرارة، بينما الأغطية الشبكية توفر حماية من الآفات.

  • تحسينات تصميمية: تشير بعض الأبحاث إلى أن تصميمات الصوب المحمية الحديثة والمُحسّنة، مثل الصوب الزجاجية النانوية أو المصممة على السطح، قد تقلل من إجمالي بصمة الاحتباس الحراري مقارنة بالصوب التقليدية.

ثانيًا: اتخاذ أساليب التبريد الممكنة للمحافظة على نمو النباتات بصورة جيدة

  1. غطاء البيوت المحمية: تتعدد أشكال وأنواع الصوب، ومنها الصوب البلاستيكية الشائعة في مصر. وتختلف كسوتها تبعًا للغرض من الإنتاج والإمكانيات الاقتصادية. ونظرًا لظروف التغير الحادث في المناخ من ارتفاع درجة الحرارة وشدة الإشعاع الشمسي، كان لابد من خفض هذه العوامل خلال فصل الصيف عن طريق التظليل بشبك تظليل (سيران)، لتقليل الآثار السلبية لها، مما ينعكس إيجابًا على نمو وجودة الثمار، بتقليل الفاقد من النباتات عن طريق النتح، وخفض استهلاك الماء، وأيضًا تقليل استخدام الأسمدة والمبيدات، وبالتالي الزراعة النظيفة في الصوب الزراعية.

  2. التهوية: تتم عملية التهوية بطريقتين: الطبيعية وهي فتح فتحات التهوية بالصوبة مع ارتفاع الصوبة من 3–5 م، وفتح الأبواب، أو الصناعية باستخدام الشفاطات. ويراعى عند إجراء التهوية بالصوبة الآتي:
    أ. تجديد الهواء الداخلي للصوبة وإعادة توازن ثاني أكسيد الكربون، حيث يدخل ثاني أكسيد الكربون في عملية التمثيل الضوئي.
    ب. خفض معدل الرطوبة النسبية.
    ج. المحافظة على توزيع الرطوبة بفعل مرور الهواء.
    د. خفض درجة الحرارة المرتفعة.

  3. التبريد:

  • الرذاذ أو الضباب (Mist): يتم ضخ الماء تحت ضغط مرتفع لا يقل عن 42 كجم/سم² في أنابيب مثبتة أعلى مستوى النباتات، حيث يخرج الماء من فوهات خاصة على هيئة رذاذ دقيق يشبه الضباب، فيتبخر بسهولة، وتنخفض درجة الحرارة بينما ترتفع الرطوبة النسبية.

  • مبردات الهواء (التبريد الصحراوي): يعتمد على تبخر الماء من وسائد مبتلة باستخدام المروحة، لتقليل درجة الحرارة.

  1. استخدام بعض المركبات المغذية لتحمل الحر الشديد: تعمل هذه المركبات على تخطي الفترة غير الملائمة لنمو النباتات مع الوصول لأفضل إنتاجية وجودة للمحاصيل البستانية بدون أي ضرر. وتشمل بعض المستخلصات العضوية (الهيوميك، مستخلصات الكمبوست، المستخلصات النباتية)، وبعض المستحضرات الحيوية (البكتيريا، الطحالب، الخميرة)، وبعض المركبات الكيميائية (العناصر الصغرى، السليكات، الأحماض الأمينية، السلساليك، الهرمونات، ومنتجات النانو).

  2. التحميل: يقصد به إنتاج محصولين أو أكثر من نفس الأرض في موسم واحد للاستخدام الأمثل للأرض الزراعية والأسمدة المضافة، وتقليل استهلاك المادة العضوية، وزيادة العائد من وحدة المساحة، وتعظيم استثمار الظروف البيئية. وهو مشابه للتكثيف الزراعي في تعظيم الإنتاج لوحدة المساحة من الأرض أو وحدة المتر المكعب من الماء أو كليهما، إلا أنه في بعض الحالات يعتبر تكثيف إنتاجية.

الخلاصة
بناءً على ما سبق، فإن علاقة غازات الاحتباس الحراري بالصوبة الزراعية تعتمد على طريقة إدارة الموارد داخل الصوبة. تزداد الانبعاثات في حالة الصوب التقليدية التي تستخدم الطاقة غير المتجددة في التسخين أو إذا لم يتم التحكم الجيد في إدارة الأسمدة. أما في حالة استخدام الطاقة المتجددة للتسخين والإدارة الجيدة من الري والتسميد والتهوية، فإن ذلك يقلل من الانبعاثات، مما يساهم في تخفيف آثار التغيرات المناخية.

🔹 تابعونا على قناة الفلاح اليوم لمزيد من الأخبار والتقارير الزراعية.
🔹 لمتابعة آخر المستجدات، زوروا صفحة الفلاح اليوم على فيسبوك.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى