حوار

أستاذ بزراعة عين شمس: نصيب الفرد بمصر من عسل النحل ملعقتين سنوياً

■ تغذية النحل على السكر في الشتاء لا يعتبر غش 

■ العلاج بسم النحل أحد مدارس الطب التقليدي

■ استخدام النحل في الكشف عن الألغام والمتفجرات

حوار أجرته: جيهان رفاعي

قال الدكتور محمود عبدالسميع، أستاذ الحشرات الاقتصادية وتربية النحل بكلية الزراعة جامعة عين شمس وخبير وإستشاري تربية النحل لدى المنظمة العربية للتنمية الزراعية، ليس لدينا اكتفاء ذاتي من عسل النحل فى مصر، مشيرا إلى أن نصيب الفرد حوالي ملعقتين عسل سنويا.

وأكد عبدالسميع، فى حوار مع “الفلاح اليوم“، أن إضافة محلول السكر لتغذية النحل يعتبر أحد أنواع الغش التجاري، ويعطي منتج غير جيد، لافتا إلى أن التغذية بهذا المحلول وقت الشتاء والخريف وعند عدم وجود المحاصيل المزهرة لا يعتبر غش نظرا لضرورة تغذية النحل فى تلك الظروف على المحلول السكرى حتى لا يتعرض النحل للموت.

وإلى نص الحوار..

س: ما الجدوى الاقتصادية من تربية نحل العسل، وما عوامل نجاح المشروع؟

يعتبر مشروع تربية نحل العسل من المشاريع الاقتصادية المفيدة جدا لعدة أسباب، هي أنها لا تحتاج رأس مال كبير مقارنة بالمشاريع الزراعية الأخرى، ودورة رأس المال في النحل سريعة جدا، فيمكن إنشاء منحل وتغطية تكاليفه في نفس السنة، كذلك نجد أن النحل ينتج منتجات عديدة مثل العسل وشمع النحل وسم النحل وغذاء ملكات وحبوب اللقاح والبروبوليس، وهذه أشياء عليها طلب عالي جدا وتفيد في علاج كثير من الأمراض المنتشرة حاليا لدرجة أن هناك أمراض لا تعالج إلا بهذه المنتجات، وأن مشاريع النحل لا تحتاج تفرغ كامل، فهي مشاريع إضافية حيث يمكن متابعة المشروع بجانب عملي الأساسي، إلى جانب أنها مهنة سهلة التعلم ويمكن لكل أفراد الأسرة تعلمها وممارستها بسهولة ويسر، كما يمكن إستغلاله لجلب عائد اقتصادي إضافي لـمصر بإنتاج ملكات نحل سواء عزارى أو ملقحة أو أخذ منه طرود نحل، وأيضا النحل يزيد إنتاجية المحاصيل نتيجة التلقيح الخلطي حيث أكدت بعض الدراسات أن نحل العسل يزيد كمية وجودة المحاصيل بنسبة قد تصل بين 40-50% على بعض المحاصيل.

س: ما أهم معوقات مشروع تربية نحل العسل؟  

تتمثل معوقات مشروع تربية نحل العسل فى الغطاء النباتي وبعضها يتعلق بالخبرة، ومن أهم هذه المعوقات، عدم وجود الخبرة، فلابد أن يكتسب النحال خبرة حتى لو كانت بسيطة عن طريق حضوره للندوات والدورات التدريبية والحلقات الإرشادية والتعلم، فكلما كان هناك نحال جيد لديه خبرة بـتربية النحل كلما نجح المشروع.

كما أن سلالة النحل نفسه، فكلما كانت السلالة جيدة منتخبة كلما ساعدت على نجاح المشروع. والإصابة بالأمراض، وهي من العوائق الهامة، فكلما كانت لدي خبرة بمتابعة ومكافحة آفات النحل كلما ساعد ذلك على نجاح المشروع. وعدم توفر الكساء النباتي المناسب (المحاصيل المزهرة) ، فالنحال الجيد يختار المكان المناسب الذي يتوفر فيه الزراعات المناسبة لتغذية النحل.

س: ما شروط اختيار مكان المنحل، وهل يمكن إنتاج العسل في المنزل؟ 

تتمثل شروط اختيار المكان الجيد في أنه لابد أن يتم اختيار مكان تتوافر فيه الزراعات المناسبة لتغذية النحل، فكلما كان المكان يتوسط زراعات محصول البرسيم والقطن والموالح والحمضيات ودوار الشمس والموز والسدر وبعض الأشجار مثل الأكسيات كلما ضمنت محصول بكمية وجودة عالية.

كما أن المكان لابد أن يسهل الوصول إليه وبعيد عن الطريق العام حتى لا يؤذي المارة، وإذا أضطررت إلى إقامته على الطريق العام يجب عمل سور يفصل بينه وبين الطريق العام.

كذلك اختيار المنحل بعيد عن أماكن الفيضانات وأماكن الحرائق مثل الغابات والأماكن التي بها أصوات مزعجة مثل شرائط السكك الحديدية حتى لا يهجر النحل المكان.

ويمكن كسر هذه القواعد إذا طبقنا نظام النحالة المرتحلة أي نقل النحل فيمكن وضعه في جانب من إحدى المزارع وتأجير المكان أو في حديقة تحت الأشجار في مكان غير مستغل أو يمكن أن يوضع فوق سطح المنزل أو في حظيرة أو يمكن وضعه في البلكونة، وتقدر كمية الخلايا التي يمكن وضعها في المكان حسب الكثافة السكانية، فلابد أن تكون هناك نسبة وتناسب بين عدد النحل الطاير والسارح والموجود في الخلية، والكثافة السكانية العالية تعيق ذلك، ويمكن عمل خلية نحل في غرفة من غرف المنزل أو عملها في بيت زجاجي ووضعها في غرفة النوم.

س: هل النحل لا يؤذي السكان؟

حسب السلالة، فهناك سلالات قياسية مثل الكاربنولي والإيطالي والقوقازي، وهذه سلالات هادئة والنحل لا يؤذي الأشخاص إلا إذا عبث به أو ضايقه أو إذا استشعر النحل بخوف الإنسان نتيجة إفراز هرمون الأدرينالين.

س: هل مصر لديها اكتفاء ذاتي من إنتاج النحل والعسل بحيث يمكن تصديره؟  

مشكلتنا أننا نصدر نحل لأن تصدير النحل أثر بالسلب على إنتاج منتجات النحل من عسل وغذاء ملكات إلى آخره، ودول الخليج تستورد منا نحل، وبكميات كبيرة جدا لأن أرخص مصدر ممكن أن يشتروا منه النحل رغم أنه ليس مصري بل سلالة عالمية قياسية قمنا بتربيتها، فنحن نصدر لمعظم دول الخليج مثل السعودية والإمارات وعمان والكويت، وهذا يدخل عملة صعبة للبلد ومصدر رزق للنحالين، ولكني أناشد النحالين بأن يحافظوا على هذه النعمة ويحافظوا على جودة الطرود والمواصفات القياسية لها.

أما النقطة الثانية من السؤال فنحن ليس لدينا اكتفاء ذاتي من العسل، فلو نظرنا إلى إنتاجنا من العسل وقسمناه على عدد سكان مصر فيصبح نصيب كل فرد حوالي ملعقتين عسل سنويا، لذلك هناك من يلجأ إلى الغش لتعويض النقص في الكمية، فنحن ليس لدينا اكتفاء ذاتي من كمية العسل الأصلية غير المغشوشة.

ولكن كيف نصل إلى الاكتفاء الذاتي، وذلك بالاهتمام بمشاريع النحل ونشر الوعي بـتربية النحل ونشر مشاريع النحل الصغيرة والتجارية فلدينا شباب ليس لديهم فرصة عمل، فيمكن بذلك حل مشكلة البطالة، كما يمكن تأجير النحل وإقامة مشاريع لتلقيح المحاصيل، الاهتمام بالدورات التدريبية وتثقيف النحال، والمحافظة على الدورة الزراعية والمحافظة على المراعي، توفير السلالات الجيدة.

س: هل يوجد رابطة للعاملين في منتجات نحل العسل؟  

نعم يوجد روابط أهلية متعددة، فهناك رابطة أهل أم مقرها كلية الزراعة جامعة عين شمس وتسمى رابطة مملكة النحل المصرية، وهي من أقدم الروابط التي أقيمت لخدمة النحالين، ولكنها في الآونة الأخيرة غير مفعلة لسبب أو لآخر، وكانت تجتمع دائما في الأحد الأول من كل شهر تنقل إليهم نتائج البحوث التطبيقية وهم يقومون بنقل خبرتهم في التربية، وهناك بعض الروابط الأهلية الفرعية الأخرى، وكل محافظة بها رابطة أو إثنين ولكنها غير مفعلة وتحتاج إلى تكاتف الجهود وتكاتف الجهات المسؤلة، وهناك اتحاد النحالين العرب ومقرها في مصر، وهو مكان خصب لتجمع ذوي الخبرة وأساتذة الجامعات مع النحالين، وهو ملتقى يعقد كل سنتين.

س: هل تقام معارض محلية ودولية في مصر والوطن العربي للاهتمام ببعض السلالات وتنميتها؟

المعرض الزراعي في أرض المعارض، المعرض الزراعي، وهناك معارض تنظم للنحالين.

س: هل تغذية النحل على السكر يعطي نفس النتائج للحصول على العسل الطبيعي؟

لا يعطي نفس الجودة، فهذا يعتبر أحد أنواع الغش التجاري، فلا يعطي منتج بنفس الجودة ولكن يمكن تغذيته بنفس المحلول وقت الشتاء وعند عدم وجود المحاصيل المزهرة لأنني لو لم أغذي النحل سوف يؤدي إلى موتها، فالغش هو أن أغذي النحل عليه وقت التزهر ولكن يمكن استعماله وقت الشتاء والخريف بحيث أنشط النحل.

س: ما هي فوائد غذاء الملكات وشمع النحل؟

أحد الشرابات المختلفة ألوانه فيه شفاء للناس، فمن المعروف أن الله أنزل سورة بإسم النحل في كتابه العزيز، وقد ورد ذكر نحل العسل في كل الأديان السماوية ونزلت في القرآن سورة بإسمه سميت سورة النحل “وأوحى ربك إلى النحل أن إتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذللا يخرج من بطونها شراب مخلتف ألوانه فيه شفاء للناس إن في ذلك لأية لقوم يتفكرون”، وهنا شراب مختلف ألوانه ليس المقصود به العسل فقط كما نعتقد ولكن الشراب المختلف ألوانه هو خمس أنواع عسل النحل أحد هذه الشرابات وغذاء الملكات وشمع النحل وسم النحل، وهو ليس سام إلا في حالة وجود أشخاص لديهم حساسية، فلابد أن يكون تحت إشراف طبي، وهناك أيضا حبوب اللقاح والبروبلير.

ولو تكلمنا عن غذاء الملكات، فهو سائل كثيف القوام يشبه الزبادي لونه أبيض كريمي تفرزه النحلة من غدد خاصة موجودة في رأس النحلة تسمى الغدد الجبهية أو غدد الغذاء الملكي، وأهميته لخلية النحل أنه يحدد الجنس في النحل، فعلى أساسه تصنع الملكة الخصبة في سنوات ولديها القدرة على وضع البيض بعدد كبير وجودة عالية فتتمكن بعد تغذيتها جيدا على غذاء الملكات أن تضع حوالي 2000 بيضة في اليوم الواحد في موسم النشاط، أما الأنثى العقيمة وهي الشغالة لا تتغذى على هذا الغذاء وهي يرقة إلا ثلاث أيام فقط وتعيش 40 يوم أو شهرين، أما الذكور تأكل أيضا ثلاث أيام غذاء ملكات، أما الكنسة فلا تأخذ طوال فترة نموها سواء في طور اليرقة أو بعد ذلك، ويعتبر غذاء ملكات النحل مفيد جنسيا للنحل، ومن فوائده الأخرى الطبية فهو فاتح للشهية ويعالج النحافة ويعالج أمراض الصدر والربو ويرفع مناعة الجسم ويعالج بعض أنواع القرح مثل قرحة المعدة والإثنى عشر والأمراض الجلدية، ويستعمل في صناعة الكريمات ويستخدم كماسك للوجه فهو ينشط الدورة الدموية السطحية فيمنع الشيخوخة المبكرة.

أما الشمع في الخلية فهو يصنعه لنفسه من غدد خاصة لعمل العيون السداسية سواء ضيقة لتربية الشغالات أو واسعة لتربية الذكور أو بيوت ملكية، أما إستخدامه خارج الخلية فهو يعالج كل مشاكل الأنف والأذن والحنجرة بمضغه عدة مرات في اليوم، ومن فوائده الأخرى معالجة حمى البحر الأبيض المتوسط وحمى الدريس كما يبيض الأسنان، ويمكن أن نعمل منه أشكال وحيوانات ويعلق في المنزل، وأيضا يستخدم في صناعة أجود أنواع الشموع.

س: هل وجود الشمع في العسل دليل على جودته؟

ليس وجود الشمع في العسل دليل على جودته.

س: ترميل العسل وتجميده هل دليل على أنه أصلي؟

ليس معنى ترميل العسل أنه سىء وليس معنى تحببه أنه مغشوش، فهذه صفة طبيعية مرتبطة بتركيب العسل، فكل الأعسال لدينا في القطر المصري ترمل ولكن تختلف في سرعة ترميلها، فهناك أنواع سريعة الترميل وأخرى بطيئة الترميل، وهناك أنواع ترمل ترميل متجانس وحبيباتها صغيرة، وهناك أنواع أخرى ترميلها غير متجانس وحبيباتها خشنة، وهذه الصفة مرتبطة أيضا بدرجة الحرارة، فدرجة الحرارة المناسبة للتحبب من 10 :12 درجه مئوية، والأفضل استخدام العسل كما هو بالترميلة ولا أفكه، ويسمى هنا العسل القشدي وهو تجاريا وإقتصاديا أعلى لأنني لم أقوم بتسخينه لفك الترميلة، فالأفضل هو إستخدام العسل كما هو محبب أو وضعه في حمام مائي لفك الترميلة فلا أقوم بذلك إلا في حالة لو غير مستساغ الطعم للبعض.

س: هل يتناول مرضى السكر العسل بأمان؟

نعم يتناولوه بأمان ولا يؤثر عليهم بل مفيد بالنسبة لهم وهو مضمون وليس به غش، فيمكن تناول ملعقة واحدة يوميا صباحا ولكن الأشخاص المحظورين هم من أصيبوا بمرض السكر منذ طفولتهم لأن المرض لديهم غير منتظم، ويمكن إضافه غذاء الملكات للمرضى لأنه يعالج آثار المرض من هشاشة عظام وجروح وغيرها وينشط الغدد المفرزه للأنسولين فى البنكرياس.

س: ما أهم الأمراض التي تعالج بلسع النحل، وكيف يم ذلك، وهل سم النحل آمن؟

الاستشفاء بـالنحل موضوع هام، ولو أستخدم تحت مظلة علمية وإشراف طبي سوف يثبت نجاحه بدرجة كبيرة مع بعض الأمراض وخصوصا أمراض المناعة مثل الروماتيزم والروماتويد والزئبة الحمراء والصدفية والإجهاض المتكرر عند النساء ومرضMs وهو التصلب الرباعي المتعدد وهو منتشر فى الآونة الأخيرة، ولقد ثبت نجاح سم النحل في علاج هذا المرض ولكنه يحتاج وقت طويل، والعلاج بسم النحل هو إحدى المدارس للعلاج فى الطب  التقليدي أو الشمولي، وهناك محظورات الاستشفاء بسم النحل فهناك أشخاص لا يناسبهم العلاج بسم النحل مثل مرضى القلب والقلب المفتوح ومرضى الضغط والربو والأشخاص الذين لديهم حساسية للنحل أيضا، فلابد للمعالج أن يكون لديه فكرة بالإسعافات الأولية عند العلاج لأنه يمكن لنحله واحدة أن تؤدى بحياة مريض إذا كان لديه حساسية من النحل، لذلك فالخبرة مطلوبة، وكلما كان لدينا يقين بالله وما ورد ذكره فى الأديان السماوية ختاما بالقران كلما زادت نسبة الإستشفاء.

س: كيف نشجع الشباب على الاهتمام بمشروع إنتاج العسل، وما التكلفة الاقتصادية لاقامته؟

من المشاريع الناجحة جدا لأنها لا تحتاج رأس مال كبير ودورة رأس المال سريعة، فمثلا مشروع تجاري به خمسين خلية تكاليف إنشاءه حوالى 20 ألف جنيه وهذا لا يعتبر مبلغ كبير بالمقارنة بالمشاريع الزراعية الأخرى، ولدينا كثير من الخبراء في مجال تربية النحل وسهل إكتساب الخبرة منهم والشباب من الجنسين يمكن أن ينجحوا في هذا المشروع لأنها مهنة سهلة التعلم وتبدأ صغيرة وتكبر مع الوقت ومنتجاته عديدة والإقبال عليه متزايد.

س: ما إجمالي الناتج القومي من العسل، وكيف يمكن تطويره وزيادة كميته؟

من وجهة نظري لا يتعدى 50%، فليس لدينا اكتفاء ذاتي من العسل.

س: هل يمكن تبني فكرة قومية عن إمكانية نشر الخلايا فوق الأسطح؟

الفكرة موجودة وخطط الدولة موجودة ولكن هناك الأولوية في تبني المشاريع، وواجبنا العمل على نشر هذه المهنة والتوعية والتثقيف بها وإقامة الدورات التدريبية والندوات.

س: سمعت عن أبحاث تقام لاستغلال النحل للكشف عن وجود الألغام والمتفجرات، ما حقيقة ذلك؟ 

حدثت اختبارات لاستخدام تقنية النحل في تتبع أثر الألغام والمواد المتفجرة الخطيرة المنتشرة في باطن الأراضي وذلك عن طريق أن المتفجرات والألغام تصدر رائحة معينة تأتي من ماده “تى . إن . تى” وتقلب هذه الرائحة في المحلول السكري الذي يتغذى عليه النحل، وتجرى تكييف النحل حاليا للتعرف على غذائه عبر استخدام رائحة مادة “تى . إن . تى” والوصول إليها، وتغطية النحل الحقل بكامله في حالة إكتشاف لغم فى الأرض.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى