دراسة دولية تُعيد الاعتبار للدورة الزراعية متنوعة المحاصيل
وكالات أظهرت دراسة جديدة أن تنويع النظم الزراعية وتجنب الاقتصار على مجموعة محدودة من المحاصيل يؤديان إلى تحسين النظام البيئي مع الحفاظ على رفع مردودية الإنتاج أو المحافظة عليها على الأقل.
لكن الباحثين يقولون إن بعض اعتبارات التسويق والسياسة الزراعية يجب أن تتغير حتى يتبنّى المزارعون ممارسات التنويع تلك على نطاق أوسع.
ووفقا لبيان صحفي لجامعة “ولاية آيوا” (Iowa State University)، قام الباحثون في الدراسة الجديدة المنشورة في دورية “ساينس أدفانسز” (Science Advances) في الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني، بفحص نتائج 5188 دراسة منفصلة تضمنت 41 ألفا و946 مقارنة بين الممارسات الزراعية المتنوعة والمبسطة.
منافع التنويع الزراعي
في هذه الدراسة، أجرى الفريق الدولي من الباحثين تحليلا معمقا لكميات هائلة من البيانات تم جمعها في دراسات ميدانية سابقة. وأظهرت النتائج أنه في 67% من الحالات التي تم فحصها عزز تنويع النظم الزراعية النظام البيئي مع الحفاظ على إنتاجية المحاصيل وتحسينها في كثير من الحالات.
ولاحظ الفريق أن خصوبة التربة ودورة المغذيات كانتا الأكثر تأثرا بالعوامل الإيجابية لتنويع النظم الزراعية، وهو ما يجعل اعتماد هذا النمط من الزراعة يحقق نتائج إيجابية على أصعدة عدة يكون فيها الكل مستفيدا.
يقول أستاذ الهندسة الزراعية مات ليبمان “إن الاستنتاج العام هو أن هناك الكثير الذي يمكن اكتسابه من تنويع ممارسات الزراعة”.
ويضيف المؤلف المشارك في الدراسة “عبر العديد من البلدان المختلفة في المناخات والترَب، ومع وجود العديد من المحاصيل المتنوعة، فإن الاتجاه العام هو أنه مع التنويع يمكنك الحفاظ على غلة المحاصيل أو زيادتها مع اكتساب الفوائد البيئية”.
أجريت الدراسة في مناطق الغرب الأوسط الأميركي حيث يهيمن على الزراعة، مثلها مثل العديد من المناطق في العالم، عدد قليل من المحاصيل، خاصة الذرة وفول الصويا.
لكن فريق البحث قام باختبار مجموعة من الممارسات الزراعية التي تهدف إلى إدخال مزيد من التنوع على أراضي المحاصيل. وتشمل ممارسات التنويع هذه اعتماد الدورات الزراعية، وتركيز مناطق عشبية داخل الحقول وعلى طولها، وإنشاء موائل للحياة البرية بالقرب من الحقول، وتقليل الحرث وإثراء التربة بالمواد العضوية.
وتعمل مثل هذه التدابير -وفقا للباحثين- على تحسين جودة المياه وزيادة فرص التلقيح النباتي ودعم التوازن البيئي وتقليل التأثيرات المناخية السلبية عن طريق عزل الكربون في التربة.
من جانبه، يقول جيوفاني تامبوريني -من “الجامعة السويدية للعلوم الزراعية” (Swedish University of Agricultural Sciences) و”جامعة باري” (University of Bari)- “إن الاتجاه الحالي هو أننا نبسط أنظمة المحاصيل الرئيسة في جميع أنحاء العالم. فنحن نزرع الزراعات الأحادية في الحقول الموسعة في المناظر الطبيعية المتجانسة”.
ويضيف المؤلف الرئيس للدراسة أن “نتائج دراستنا تشير إلى أن التنويع يمكن أن يعكس الآثار السلبية التي نلاحظها في أشكال مبسطة من المحاصيل على البيئة وعلى الإنتاج نفسه”.
خصوبة التربة هي الأكثر تأثرا بالعوامل الإيجابية لتنويع النظم الزراعية (بيكساباي)
المطلوب تغيير السياسات
يقول الباحثون إن الحواجز المتعلقة بالسياسات الحكومية في مجال الزراعة، واعتبارات السوق، تثني المزارعين عن تبني العديد من ممارسات التنويع التي تم اختبارها في هذه الدراسة. لكن إظهار أن مثل هذه الممارسات لا تقلل الإنتاج، بل تعززه في بعض الحالات، قد يشجع المزارعين على التفكير في تنويع المحاصيل.
يذكر أن العديد من الدول حول العالم تنتهج سياسة تحفيزية لإنتاج محاصيل معينة، كما تدفع ظروف السوق الحالية المزارعين إلى التركيز على عدد قليل من المحاصيل عالية الإنتاجية والربحية. ففي ولاية آيوا الأميركية يؤدي ذلك -وفقا للباحثين- إلى زراعة الذرة وفول الصويا في غالبية الأراضي المستغلة للزراعة.
لكن الباحثين يؤكدون أنه بالإضافة إلى العمل مع المزارعين لنقل المعرفة التي تسمح لهم باكتساب الثقة من خلال التنويع، فإن إعادة التفكير في هذه الاعتبارات يمكن أن تؤدي إلى استخدام أوسع للممارسات.